اليوم - الرياض
يرعى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب رئيس المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الثلاثاء القادم، المؤتمر العلمي (دور العلماء في الوقاية من الإرهاب والتطرف) الذي تنظمه جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في مقر بالرياض، ويستمر ثلاثة أيام.
وأوضح معالي رئيس الجامعة الدكتور جمعان رشيد بن رقوش في تصريح صحفي حول ذلك المؤتمر، أن الجامعة دأبت على عقد الندوات واللقاءات العلمية وإجراء الدراسات والبحوث وتنظيم الدورات التدريبية التي تتصدى للقضايا والتحديات الأمنية الملحة التي تواجه المجتمعات العربية، ومن أبرزها ظاهرة الإرهاب المثيرة للقلق على المستوى الإقليمي والدولي، التي أدت إلى تغيرات واضحة على مستوى الأمن الفردي والجماعي، وهو ما يتطلب إيجاد وسائل فعالة للتعامل مع هذه الظاهرة الإجرامية والحد من انتشارها، مؤكداً أن الجامعة دأبت على هذا النهج منذ العام 1983م، منوهاً بدورها الريادي في مكافحة الإرهاب، الذي جعلت منه أحد أبرز شواغلها.
وبين معاليه أن المؤتمر يأتي بتوجيه من سمو ولي ولي العهد، استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ــ رحمه الله ـ، خلال كلمة توجيهية له قبيل وفاته لعلماء الأمة شدد فيها على ضرورة أن يقوموا بواجبهم وأمانتهم تجاه مكافحة التطرف الفكري والإرهاب.
وأفاد أن دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - لعلماء الأمة، جاءت مواكبة لجهود الجامعة التي بذلتها وتبذلها للتصدي لظاهرة الإرهاب بأبعادها الدينية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية والسياسية، وهو الأمر الذي جعل سمو ولي ولي العهد يوجه في حينها الجامعة بالإعداد لهذا المؤتمر ليكون ضمن أجندة الجامعة في هذا الشأن، وامتداداً لحرص سموه لاتخاذ كل ما يلزم لحماية المواطن العربي من خطر الإرهاب، ما جعل هذه الجهود نماذج يحتذى بها عالمياً، سواء من ناحية المكافحة الأمنية أو الاجتماعية أو الفكرية.
وأبان الدكتور بن رقوش أن المملكة انتهجت تجاه ظاهرة الإرهاب سياسية متوازنة تركزت في شقها الأول على المواجهة الميدانية والأمنية الحازمة في حين ركز شقها الآخر على الجانب الفكري في التعامل مع المغرر بهم من خلال المناصحة الفكرية لتصحيح مفاهيمهم وفق برنامج متكامل وإستراتيجية بناءة لاستنقاذهم من براثن هذا الفكر المنحرف . وبحمد الله وتوفيقه أثبتت هذه التجربة نجاحها وشهد بذلك الكثير من أجهزة مكافحة الإرهاب العالمية.
وسعت المملكة وبجهود حثيثة لكي يكتسب الأمن الفكري أولوية منهجية في مكافحة الإرهاب فلقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ أن الأمن الفكري ركيزة أساسية من ركائز الأمن الشامل الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل الجماعي على مختلف الأصعدة وبتضامن جميع قطاعات المجتمع كل وفق اهتماماته وقدراته وتخصصه. فكلما تكاملت الجهود وتضاعف التنسيق كلما زادت فرص تحقيق الأمن، الأمر الذي يعني تماسك المجتمع ومتانة بنائه الاجتماعي، وهذا هو المدخل الراجح لمحاربة الفكر المنحرف والأنشطة الإرهابية.
ولعل من أبرز ما يوضح اهتمام الأجهزة المعنية في هذه البلاد الطاهرة بمكافحة الإرهاب، والتعامل معه بجميع الأشكال الممكنة للتضييق عليه وتجفيف منابعه، تحقيقها للأمن الفكري المتمثل في إنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي استفاد من خدماته الكثير ممن انزلقوا في هاوية الانحراف الفكري، وكذلك إنشاء إدارة للأمن الفكري في العام 1427هـ بوزارة الداخلية، لتتولى مهام تعزيز الأمن الفكري وفق إستراتيجيات علمية وأمنية محكمة.
ونوه مدير جامعة نايف بالجهود القيمة التي يقوم بها كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري، الذي قام بوضع إستراتيجية وطنية شاملة للأمن الفكري في العام 1431هـ، وكذلك مبادرات كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الوحدة الوطنية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الداعمة للوحدة الوطنية وبث روح المواطنة الصالحة بين أفراد المجتمع، واستضافة المملكة للمكتب العربي للأمن الفكري التابع لمجلس وزراء الداخلية العرب .
وقال بن رقوش : لقد عضدت الأوامر الملكية الكريمة التي صدرت مؤخراً من جهود مكافحة الإرهاب محلياً وإقليمياً، كونها تضمنت تجريم المشاركة في أعمال قتالية خارج المملكة، أو الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية متطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت"، مؤكداً أن هذه الأوامر وما يتبعها من تشريعات وأنظمة ستسهم في تعزيز الأمن الفكري ومكافحة الأفكار الضالة والهدامة، التي تستهدف فئة الشباب الذين تم استغلالهم وتضليلهم من قبل الجماعات الإرهابية.
ورفع معاليه الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله -، على دعمهم ورعايتهم للجامعة، لتقوم بواجبها على الوجه الأكمل في سبيل تحقيق الأمن بمفهومه الشامل ، كما وجه معاليه الشكر لأعضاء الهيئة العلمية للمؤتمر وفي مقدمتهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية.
وعن المؤتمر أوضح رئيس جامعة نايف أنه يهدف إلى تشخيص الواقع المعاصر لدور العلماء في الوقاية من الإرهاب والتطرف, وإبراز أهمية ذلك الدور في دعم الجهود المبذولة لمعالجة الإرهاب والتطرف, وصولاً إلى تقديم تصورات مستقبلية لدور العلماء بما يعزز قيم الاعتدال والوسطية، مبيناً أنه سيشهد مشاركة العاملون في وزارات الداخلية والإعلام والأوقاف والشؤون الدينية في الدول العربية والأجهزة الأمنية والكليات الأمنية في الدول العربية، والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، والجامعات والمؤسسات التعليمية، ومؤسسات الإنتاج الإعلامي والقنوات الفضائية والإذاعات العربية، والصحف الورقية والالكترونية.
ولفت النظر إلى أن الجامعة وجهت الدعوة لجميع السفراء العرب والأجانب المعتمدين في الرياض لحضور فعاليات المؤتمر، نظراً لأهميته وقدرته على تصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام والمسلمين، حيث تناقش الأوراق العلمية المطروحة فيه جملة من المحاور التي يتقدمها دور العلماء في ظل التحولات المجتمعية والدولية الراهنة، الذي يتضمن تحديات الخطاب الديني، ودور العلماء بين الأصالة والمعاصرة، والأبعاد الاجتماعية والإنسانية والسياسية لدور العلماء، والخطاب الديني بين الشمولية والاختزال، والخطاب الديني وآليات الحوار مع الآخر، ووسائل الاتصال الحديثة والتطرف الديني.
وبين بن رقوش أن المحور الثاني من محاور المؤتمر سيتناول المجالات الوقائية لدور العلماء في الوقاية من الإرهاب والتطرف، على المستوى الديني، والاجتماعي، والثقافي والتربوي، فيما سيسلط المحور الثالث الضوء على الوسائل الوقائية لدور العلماء في الوقاية من الإرهاب والتطرف، حيث سيناقش المؤتمرون في هذا المحور الإفتاء بين المرجعيات الفقهية والاجتهادات الفردية، والدعوة والإرشاد، والخطاب الديني والأمن الفكري، ووسائل الاتصال الحديثة.
ونوه معاليه بالمحور الرابع والأخير الذي سيتطرق للآفاق المستقبلية لدور العلماء في عدد من المجالات، مثل دورهم في تعزيز مفهوم المواطنة، وفي مجابهة التحديات المجتمعية، وفي تعزيز ثقافة الحوار والتعايش.
وأشار إلى أن أهمية المؤتمر تكمن في طبيعة المحاور التي سيستعرضها ويناقشها المؤتمرون وشموليتها، لاسيما وأن أوراق العمل والبحوث والدراسات المقدمة، وسيتناوب على تقديمها المتحدثون، خضعت لمتابعة واطلاع وإجازة من الهيئة العلمية للمؤتمر التي تضم نخبة من علماء الأمة، الذين يأتي في مقدمتهم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، ومعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، ومعالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، ومعالي أمين عام مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الدكتور عبدالله بن محمد المطلق، ومعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، ومعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند.
وأضاف أن المؤتمر سيشارك فيه معالي قاضي القضاة بالأردن وإمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد محمد هليل، ومعالي خطيب المسجد الأقصى المبارك وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق الدكتور يوسف جمعة سلامة، ومعالي وزير الثقافة التونسي السابق الدكتور مهدي بلقاسم مبروك، ومفتي جمهورية أوغندا الدكتور شعبان رمضان موباجي، وأمين عام هيئة كبار العلماء فهد الماجد، ورئيس جامعة الأزهر بمصر عبد الحي عزب عبد العال، ورئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد الدكتور أحمد بن يوسف الدريوش، ورئيس الجامعة الإسلامية بجمهورية أوغندا الدكتور أحمد كويسا سنغندو، ورئيس الجمعية الأوروبية العربية للمحامين والقانونيين بباريس الدكتور الهادي محمد شلوف، والعديد من أصحاب الفضيلة العلماء من مختلف دول العالم.