الهـــــــــــــــــدى .......................؟
الهدى
الهدى بلاد الجمال الرائع والخضرة الدائمة والمياه الوفيرة ليست بنت اليوم أو الامس ... بل تضرب بجذورها وشهرتها وجمالها في اعماق التاريخ . ولقد اختلف في كتاباتها ، اذ كتبها شكيب "الهدى" بتشديد الدال ولكن غلب عليها التخفيف ، بينما ذكر ياقوت لثلاثة مواضع هي "الهدى" المقصور، قال "الهدى" بالفتح منقول عن الفعل الماضي من هدى يهدي اذا أرشد موضع في نواحي الطائف . و"الهدى" بالفتح ثم التشديد وهو الخسفة في الارض والهد-الهدم-وهو موضع بين مكة والطائف والنسبة اليه هدوى "الهدة" بتخفيف الدال من الهدى او الهدى بزيادة هاء بأعلى من الظهران يمرره اهل مكة ... والشائع اليوم بين اهالي الطائف وسكانها وغيرهم "الهدى" بالقصر والتصريف .
ويقول شكيب : الهدة قرية من اشهر قرى الحجاز تعلو 1760 م عن سطح البحر وفيها جنان ومناره وبعض مصايف لأهل مكة المكرمة ، ولها منظر على وادي نعمان لا مثيل له في بلاد العرب لأن الناظر يشرف منها على شفير الوادي المسمى "الكرا الكبير" ذي العقبة الشهيرة التي تأخذ ثلاث ساعات على الصاعد وهي من الوقوف في مثل الحائط واذا اشرف الرائي على حافة هذا الشفير لم يكن امامه العمق الهائل فقط بل العمق الهائل والعرض المدهش فالنظر هناك مد ليس له حده . (( يقام الان في هذه المنطقة مشروع التليفريك )) . اما خير الدين الزر كلي فقد ذكر في رحلته الى الطائف ماراً بالهدى : ولما بلغنا قمة كرا ظهرت امامنا قرى الهدة فاتجهنا الى احداها على غير تعيين فنزلنا للراحة وتناول الطعام ، واجلنا النظر في ذلك السهل المرتفع فاذا سكانه من متحضرة البدو يعمل بعضهم في زراعة ارضه وبعض يؤجر نفسه لنقل اكياس الحبوب وغيرها . وقرى الهدة سبع على عدد القبائل النازلة فيها وتسمى بأسماء قبائلها ... والهدة مرتفعة عن سطح البحر 6500 قدم وفي المرحلة الحجازية 1760 م ولاعتدال مناخها يكثر فيها شجر التين والرمان والسفرجل والصبير (ويسمونه البرشومي وهو التين الشوكي) واللوز وفيها كثير من الورود يستخرجون ماءه على طريقة التقطير ، وماؤها عذب بارد لم نشرب مثله في مكة ولا جدة ، وامطار قرى الهدة قليلة جداً فقد عرنا عند نزولنا بها أن السماء لم تمطرها من عامين الا رذاذاً او رشاشاً ... وفي جوار الهدة جبلان شاهقان يسمون احدهما "الخبل" والثاني "شقاراً" ويؤكد الخبيرون أن البحر الاحمر يرى بالعين المجردة من "سقار" صباحاً وكذلك سهول تهامة ، وبين البحر الاحمر وسقار مسيرة يومين ونصف . وذكر الاستاذ احمد علي في كتابه "ذكريات" من مطبوعات نادي الطائف الادبي يصف اشتداد البرد بالهدى : " وكل ساعة تمر من الليل تكون اخف برداً من الساعة التي تأتي بعدها ... وبعد الساعة الثالثة كان البرد قد اشتد وهجم علينا النوم هجوماً فاستسلمنا له ... " ويقول الدكتور محمد حسين هيكل عندما صعد وصحبه الى جبل الهدا بعد أن امتطوا الحمير : وخيل الي اننا سنصعد في هون حتي نبلغ غايتنا ، فما راعني الا الجبل وقد انبعثت صعداً في السماء امامنا ولم يدع لنا طريقاً نسلكه الا نقباً احمر يلتوى صاعداً على الجبل بين صخور كانها صهرت في آتون خلع عليها لون النار .
آخر تعديل ابو عبد العزيز يوم 03-06-2004 في 01:45 AM.
|