للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 141
عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى أم حرام , فأتيناه بتمر وسمن فقال : " ردوا هذا في وعائه وهذا في سقائه فإني صائم " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 219 :
( عن # أنس بن مالك # ) :
قال : ثم قام فصلى بنا ركعتين تطوعاً , فأقام أم حرام وأم سليم خلفنا , وأقامني عن يمينه , - فيما يحسب ثابت - قال : فصلى بنا تطوعاً على بساط , فلما قضى صلاته , قالت أم سليم : إن لي خويصة : خويدمك أنس , ادع الله له , فما ترك يومئذ خيراً من خير الدنيا والآخرة إلا دعا لي به ثم قال : اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه , قال أنس : فأخبرتني ابنتي أني قد رزقت من صلبي بضعاً وتسعين , وما أصبح في الأنصار رجل أكثر مني مالاً , ثم قال أنس : يا ثابت , ما أملك صفراء ولا بيضاء إلا خاتمي ! " .
قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وقد أخرجه أبو داود ( 608 ) حدثنا موسى ابن إسماعيل حدثنا حماد به , دون قوله " فلما قضى صلاته .... " ثم أخرجه أحمد ( 3 / 193 - 194 ) ومسلم ( 2 / 128 ) وأبو عوانة ( 2 / 77 ) والطيالسي ( 2027 ) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت به . دون قوله " فأخبرتني ابنتي ... " وزاد : " قال : فقال : قوموا فلأصل بكم في غير وقت صلاة " .
طريق ثالثة : قال أحمد ( 3 / 108 ) : حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس به بتمامه , إلا أنه لم يذكر الإقامة عن يمينه وزاد . " ثم دعا لأم سليم ولأهلها " . وقال : قال : " وذكر أن ابنته الكبرى أمينة أخبرته أنه دفن من صلبه إلى مقدم الحجاج نيفاً على عشرين ومائة " .
قلت : وهذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الشيخين , وشرحه السفاريني في " نفثات صدر المكمد " ( 2 / 34 طبع المكتب الإسلامي ) . وقد أخرجه البخاري ( 1 / 494 ) من طريقين آخرين عن حميد به , صرح في أحدهما بسماع حميد من أنس .
من فوائد الحديث وفقهه :
في هذا الحديث فوائد جمة أذكر بعضها باختصار إلا ما لابد فيه من الإطالة للبيان :
1 - أن الدعاء بكثرة المال والولد مشروع . وقد ترجم البخاري للحديث " باب الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة " .
2 - وأن المال والولد نعمة وخير إذا أطيع الله تبارك وتعالي فيهما .
3 - تحقق استجابة الله لدعاء نبيه صلى الله عليه وسلم في أنس , حتى صار أكثر الأنصار مالاً وولداً .
4 - أن للصائم المتطوع إذا زار قوماً , وقدموا له طعاما أن لا يفطر , ولكن يدعو لهم بخير , ومن أبواب البخاري في الحديث : " باب من زار قوماً ولم يفطر عندهم " .
5 - أن الرجل إذا أئتم بالرجل وقف عن يمين الإمام , والظاهر أنه يقف محاذياً له لا يتقدم عليه ولا يتأخر , لأنه لو كان وقع شيء من ذلك لنقله الراوي , لاسيما وأن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم من أفراد الصحابة قد تكرر , فإن في الباب عن ابن عباس في الصحيحين وعن جابر في مسلم وقد خرجت حديثيهما في " إرواء الغليل " ( 533 ) , وقد ترجم البخاري لحديث ابن عباس بقوله : " باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء , إذا كانا اثنين " .
قال الحافظ في " الفتح " ( 2 / 160 ) : " قوله : سواء " أي لا يتقدم ولا يتأخر , وكأن المصنف أشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه عن ابن عباس فلفظ : " فقمت إلى جنبه " وظاهرة المساواة . وروى عبد الرزاق عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : الرجل يصلي مع الرجل أين يكون منه ? قال : إلى شقه الأيمن , قلت : أيحاذي به حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر ? قال : نعم قلت : أتحب أن يساويه حتى لا تكون بينهما فرجة ? قال : نعم .
وفي " الموطأ " عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : دخلت على عمر ابن الخطاب بالهاجرة فوجدته يسبح , فقمت وراءه , فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه " .
قلت : وهذا الأثر في " الموطأ " ( 1 / 154 / 32 ) بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه , فهو مع الأحاديث المذكورة حجة قوية على المساواة المذكورة , فالقول باستحباب أن يقف المأموم دون الإمام قليلاً , كما جاء في بعض المذاهب على تفصيل في ذلك لبعضها - مع أنه مما لا دليل عليه في السنة , فهو مخالف لظواهر هذه الأحاديث , وأثر عمر هذا , وقول عطاء المذكور , وهو الإمام التابعي الجليل ابن أبي رباح , وما كان من الأقوال كذلك فالأحرى بالمؤمن أن يدعها لأصحابها , معتقدا أنهم مأجورون عليها , لأنهم اجتهدوا قاصدين إلى الحق , وعليه هو أن يتبع ما ثبت في السنة , فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 142
" على المؤمنين في صدقة الثمار - أو مال العقار - عشر ما سقت العين وما سقت السماء , وعلى ما يسقى بالغرب نصف العشر " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 222 :
أخرجه ابن أبي شيبة ( 4 / 22 ) والدارقطني ( 215 ) والبيهقي ( 4 / 130 ) من طريق ابن جريج : أخبرني نافع عن # ابن عمر # قال : " كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن إلى الحارث بن عبد كلال ومن معه من معافر وهمدان ... " فذكره .
قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , وقد أخرجه البخاري وأصحاب السنن الأربعة وغيرهم من طريق سالم عن ابن عمر مرفوعاً نحوه .
وورد من حديث جماعة آخرين من الصحابة كجابر وأبي هريرة ومعاذ بن جبل , وعبد الله بن عمرو , وعمرو بن حزم , وقد أخرجت أحاديثهم في " إرواء الغليل " ( 790 ) .
( الغرب ) بسكون الراء الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور .
فقه الحديث :
وإنما أوردت هذه الرواية بصورة خاصة لقوله في صدرها : " على المؤمنين " ففيه فائدة هامة لا توجد في سائر الروايت .
قال البيهقي :
" وفيه كالدلالة على أنها لا تؤخذ من أهل الذمة " .
قلت : وكيف تؤخذ منهم وهم على شركهم وضلالهم , فالزكاة لا تزكيهم وإنما تزكي المؤمن المزكي من درن الشرك كما قال تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها , وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) .
فهذه الآية تدل دلالة ظاهرة على أن الزكاة إنما تؤخذ من المؤمنين , لكن الحديث أصرح منها دلالة على ذلك ...
وإن من يدرس السيرة النبوية , وتاريخ الخلفاء الراشدين وغيرهم من خلفاء المسلمين وملوكهم يعلم يقيناً أنهم لم يكونوا يأخذون الزكاة من غير المسلمين من المواطنين , وإنما كانوا يأخذون منهم الجزية كما ينص عليها الكتاب والسنة .
فمن المؤسف أن ينحرف بعض المتفقهة عن سبيل المؤمنين باسم الإصلاح تارة . والعدالة الاجتماعية تارة , فينكروا ما ثبت في الكتاب والسنة وجرى عليه عمل المسلمين بطرق من التأويل أشبه ما تكون بتأويلات الباطنيين من جهة , ومن جهة أخرى يثبتون , ما لم يكونوا يعرفون , بل ما جاء النص بنفيه . والأمثلة على ذلك كثيرة , وحسبنا الآن هذه المسألة التي دل عليها هذا الحديث وكذا الآية الكريمة , فقد قرأنا وسمعنا أن بعض الشيوخ اليوم يقولون : بجواز أن تأخذ الدولة الزكاة من أغنياء جميع المواطنين على اختلاف أديانهم مؤمنهم وكافرهم , ثم توزع على فقرائهم دون أي تفريق , ولقد سمعت منذ أسابيع معنى هذا من أحد كبار مشايخ الأزهر في ندوة تلفزيونية كان يتكلم فيها عن الضمان الاجتماعي في الإسلام , ومما ذكره أن الاتحاد القومي في القاهرة سيقوم بجمع الزكاة من جميع أغنياء المواطنين وتوزيعها على فقرائهم ! فقام أحد الحاضرين أمامه في الندوة وسأله عن المستند في جواز ذلك فقال : لما عقدنا جلسات الحلقات الاجتماعية اتخذنا في بعض جلساتها قراراً بجواز ذلك اعتماداً على مذهب من المذاهب الإسلامية وهو المذهب الشيعي . وأنا أظن أنه يعني المذهب الزيدي .
وهنا موضع العبرة , لقد أعرض هذا الشيخ ومن رافقه في تلك الجلسة عن دلالة الكتاب والسنة واتفاق السلف على أن الزكاة خاصة بالمؤمنين , واعتمد في خلافهم على المذهب الزيدي ! و هل يدري القارىء الكريم ما هو السبب في ذلك ? ليس هو إلا موافقة بعض الحكام على سياستهم الاجتماعية والاقتصادية , وليتها كانت على منهج إسلامي إذن لهان الأمر بعض الشيء في هذا الخطأ الجزئي ولكنه منهج غير إسلامي , بل هو قائم على تقليد بعض الأوربيين الذين لا دين لهم !
والإعراض عن الاستفادة من شريعة الله تعالى التي أنزلها على قلب محمد صلى الله عليه وسلم لتكون نوراً وهداية للناس في كل زمان ومكان , فإلى الله المشتكى من علماء السوء والرسوم الذين يؤيدون الحكام الجائرين بفتاويهم المنحرفة عن جادة الإسلام , وسبيل المسلمين , والله عز وجل يقول : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) .
هذا , وفي الحديث قاعدة فقهية معروفة وهي أن زكاة الزرع تختلف باختلاف المؤنة والكلفة عليه , فإن كان يسقى بماء السماء والعيون والأنهار فزكاته العشر , وإن كان يسقى بالدلاء والنواضح ( الاترتوازية ) ونحوها فزكاته نصف العشر .
ولا تجب هذه الزكاة في كل ما تنتجه الأرض ولو كان قليلاً , بل ذلك مقيد بنصاب معروف في السنة , وفي ذلك أحاديث معروفة .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 143
" أشد الناس بلاء الأنبياء , ثم الأمثل فالأمثل , يبتلى الرجل على حسب ( وفي رواية : قدر ) دينه , فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه , فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 225 :
رواه الترمذي ( 2 / 64 ) وابن ماجه ( 4023 ) والدارمي ( 2 /320 ) والطحاوي ( 3 / 61 ) وابن حبان ( 699 ) والحاكم ( 1 / 40 , 41 ) وأحمد ( 1 / 172 , 174 , 180 , 185 ) والضياء في " المختارة " ( 1 / 349 ) من طريق عاصم بن بهدلة حدثني # مصعب بن سعد عن أبيه # قال : " قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أشد بلاء ? قال : فقال : الأنبياء ثم ... ? " الحديث .
وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
قلت : وهذا سند جيد رجاله كلهم رجال الشيخين , غير أن عاصماً إنما أخرجا له مقروناً بغيره , ولم يتفرد به , فقد أخرجه ابن حبان ( 698 ) والمحاملي ( 3 / 92 / 2 ) والحاكم أيضاً من طريق العلاء بن المسيب عن أبيه عن سعد به , بالرواية الثانية .
والعلاء بن المسيب وأبوه ثقتان من رجال البخاري . فالحديث صحيح . والحمد لله وله شاهد بلفظ : " أشد الناس بلاء الأنبياء , ثم الصالحون , إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر , حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة التي يحويها , وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 144
" أشد الناس بلاء الأنبياء , ثم الصالحون , إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر , حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة التي يحويها , وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 226 :
أخرجه ابن ماجه ( 4024 ) وابن سعد ( 2 / 208 ) والحاكم ( 4 / 307 ) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن # أبي سعيد الخدري # قال : " دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك , فوضعت يدي عليه , فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف , فقلت : يا رسول الله ! ما أشدها عليك ! قال : إنا كذلك , يضعف لنا البلاء , ويضعف لنا الأجر . قلت : يا رسول الله ! أي الناس أشد بلاء ? قال : الأنبياء , قلت : يا رسول الله ! ثم من قال : ثم الصالحون , إن كان ... " . الحديث .
وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي , وهو كما قالا .
وله شاهد آخر مختصر وهو : " إن من أشد الناس بلاء الأنبياء , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 145
" إن من أشد الناس بلاء الأنبياء , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 226 :
رواه أحمد ( 6 / 369 ) والمحاملي في " الأمالي " ( 3 / 44 / 2 ) عن أبي عبيدة بن حذيفة عن عمته # فاطمة # أنها قالت : " أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم , نعوده في نسائه , فإذا سقاء معلق نحوه يقطر ماؤه عليه من شدة ما يجد من حر الحمى , قلنا : يا رسول الله لو دعوت الله فشفاك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره .
وإسناده حسن رجاله كلهم ثقات غير أبي عبيدة هذا فلم يوثقه غير ابن حبان ( 1 / 275 ) , لكن روى عنه جماعة من الثقات .
وفي هذه الأحاديث دلالة صريحة على أن المؤمن كلما كان أقوى إيماناً , ازداد ابتلاءً وامتحاناً , والعكس بالعكس , ففيها رد على ضعفاء العقول والأحلام الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببلاء كالحبس أو الطرد أو الإقالة من الوظيفة ونحوها أن ذلك دليل على أن المؤمن غير مرضي عند الله تعالى ! وهو ظن باطل , فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو أفضل البشر , كان أشد الناس حتى الأنبياء بلاء , فالبلاء غالباً دليل خير , وليس نذير شر , كما يدل على ذلك أيضاً الحديث الآتي : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء , وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم , فمن رضي فله الرضا , ومن سخط فله السخط " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 146
" إن عظم الجزاء مع عظم البلاء , وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم , فمن رضي فله الرضا , ومن سخط فله السخط " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 227 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 64 ) وابن ماجه ( 4031 ) وأبو بكر البزاز بن نجيح في " الثاني من حديثه " ( 227 / 2 ) عن سعد بن سنان عن # أنس # عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " .
قلت : وسنده حسن , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن سنان هذا وهو صدوق له أفراد كما في " التقريب " .
وهذا الحديث يدل على أمر زائد على ما سبق وهو أن البلاء إنما يكون خيراً , وأن صاحبه يكون محبوباً عند الله تعالى , إذا صبر على بلاء الله تعالى , ورضي بقضاء الله عز وجل . ويشهد لذلك الحديث الآتي : " عجبت لأمر المؤمن , إن أمره كله خير , إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير , وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 147
" عجبت لأمر المؤمن , إن أمره كله خير , إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير , وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير , وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 228 :
أخرجه الدارمي ( 2 / 318 ) وأحمد ( 6 / 16 ) عن حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن # صهيب # قال : " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك , فقال : ألا تسألوني مم أضحك ? قالوا : يا رسول الله ! ومم تضحك ? قال : " فذكره .
قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وقد أخرج في " صحيحه " ( 8 / 227 ) من طريق سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت به المرفوع فقط نحوه . وهو رواية لأحمد ( 4 / 332 , 333 , 6 / 15 ) .
وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعاً نحوه . أخرجه الطيالسي ( 211 ) بإسناد صحيح . وله شاهد آخر مختصر بلفظ : " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 148
" عجباً للمؤمن لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 228 :
رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه ( 5 / 24 ) وأبو الفضل التميمي في " نسخة أبي مسهر ... " ( 61 / 1 ) وأبو يعلى ( 200 / 2 ) عن # أنس بن مالك # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
قلت : سنده صحيح رجاله كلهم ثقات غير ثعلبة هذا وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 8 ) وكناه أبا بحر مولى أنس بن مالك وقال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 464 ) عن أبيه " صالح الحديث " .
وله طريق أخرى عند أبي يعلى ( 205 / 2 ) والضياء في " المختارة " ( 1 / 518 ) .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 149
" ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 229 :
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 112 ) والطبراني في " الكبير " ( 3 / 175 / 1 ) والحاكم ( 4 / 167 ) وكذا ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان " ( 189 / 2 ) والخطيب في " تاريخ بغداد " ( 10 / 392 ) وابن عساكر ( 9 / 136 / 2 ) والضياء في " المختارة " ( 62 / 292 / 1 ) عن عبد الملك بن أبي بشير عن عبد الله بن مساور قال : سمعت # ابن عباس # ذكر ابن الزبير فبخله , ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
قلت : ورجاله ثقات غير ابن المساور فهو مجهول كما قال الذهبي في " الميزان " ولم يرو عنه غير عبد الملك هذا كما قال ابن المديني , وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 1 / 110 ) , وكأنه هو عمدة المنذري في " الترغيب " ( 3 / 237 ) ثم الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 167 ) في قولهما : " رواه الطبراني وأبو يعلى ورجاله ثقات " .
وقال الحاكم " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي .
كذا قالا ! نعم هو صحيح بما له من الشواهد , فقد روي من حديث أنس وابن عباس وعائشة .
أما حديث أنس , فيرويه محمد بن سعيد الأثرم : حدثنا همام حدثنا ثابت عنه مرفوعاً بلفظ : " ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع بجنبه وهو يعلم به " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 66 / 1 ) , وقال الذهبي في كتابه " حقوق الجار " ( ق 17 / 1 ) : " الأثرم ضعفه أبو زرعة , وهذا حديث منكر " .
قلت : وضعفه أبو حاتم أيضاً , لكن قال الهيثمي : " رواه الطبراني والبزار , وإسناد البزار حسن " .
وكذا في " الترغيب " ( 3 / 236 ) إلا أنه قال : " وإسناده حسن " فهذا يحتمل أن الضمير يعود إلى الحديث , ويحتمل أنه يعود إلى البزار , ولعله مراد المنذري بدليل عبارة الهيثمي فإنها صريحة في ذلك .
قلت : فهذا يشعر أنه لم يتفرد به الأثرم هذا .
والله أعلم .
وأما حديث ابن عباس , فيرويه حكيم بن جبير عنه مرفوعاً به .
أخرجه ابن عدي ( ق 89 / 1 ) . وحكيم بن جبير ضعيف كما في " التقريب " . وأما حديث عائشة , فعزاه المنذري ( 3 / 237 ) للحاكم نحو حديث ابن " عباس " ولم أره في مستدرك الحاكم الآن بعد مراجعته في مظانه .
قلت : وفي الحديث دليل واضح على أنه يحرم على الجار الغني أن يدع جيرانه جائعين , فيجب عليه أن يقدم إليهم ما يدفعون به الجوع , وكذلك ما يكتسون به إن كانوا عراة , ونحو ذلك من الضروريات .
ففي الحديث إشارة إلى أن في المال حقاً سوى الزكاة , فلا يظنن الأغنياء أنهم قد برئت ذمتهم بإخراجهم زكاة أموالهم سنوياً , بل عليهم حقوق أخرى لظروف وحالات طارئة , من الواجب عليهم القيام بها , وإلا دخلوا في وعيد قوله تعالى : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم , فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم , هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 150
" إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض , وعنقه منثن تحت العرش وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربنا , فيرد عليه : ما يعلم ذلك من حلف بي كاذباً " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 231 :
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 156 / 1 ) : حدثنا محمد بن العباس بن الأخرم حدثنا الفضل بن سهل الأعرج حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن # أبي هريرة # مرفوعاً . وقال : " لم يروه عن معاوية إلا إسرائيل تفرد به إسحاق " .
قلت : وهو ثقة من رجال الشيخين وكذا سائر الرواة ثقات أيضاً من رجال البخاري غير ابن الأخرم وهو من الفقهاء الحفاظ المتقنين كما في " لسان الميزان " فالحديث صحيح الإسناد . وقال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 180 - 181 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ورجاله رجال الصحيح " .
وفي هذا الاطلاق نظر لا يخفى , لاسيما وقد قال في مكان آخر ( 8 / 134 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ورجاله رجال الصحيح إلا أن شيخ الطبراني محمد بن العباس عن الفضل بن سهيل الأعرج لم أعرفه " .
قلت : وقد عرفناه والحمد لله , وأنه ثقة متقن , فصح الحديث , والموفق الله تعالى . على أنه لم يتفرد به , فقد أخرجه أبو يعلى ( 309 / 1 ) من طريق أخرى عن معاوية بن إسحاق به نحوه بلفظ :
" والعرش على منكبيه وهو يقول : سبحانك أين كنت , وأين تكون " .
ثم إن في قول الطبراني : " تفرد به إسحاق " نظراً , فقد تابعه عبيد الله بن موسى أنبأ إسرائيل به . أخرجه الحاكم ( 4 / 297 ) وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . ووقع في " المستدرك " " عبد الله " مكبراً وهو خطأ مطبعي . والحديث قال المنذري ( 3 / 47 ) : " رواه الطبراني بإسناد صحيح , والحاكم وقال : صحيح الإسناد " .