أما سؤال الأخ العزيز / أبو رائد :
عن كتاب بن سيرين في تفسير الأحلام المنسوب إليه وصحة هذا الكتاب الذي يكاد لا يخلو منه بيت من حيث نسبته له ومن حيث صدق وحقيقة وتطبق ماهو موجود فيه على الواقع :
أقول وبالله التوفيق :
إن كتب المعاجم والقواميس الخاصة بالرؤى والأحلام لا يعتد بها ..ففي نظري القاصر أني أشبه الرؤى والمنامات للناس بالطعام الذي يأكله الناس ..فطعامنا حالياً يختلف عما مضى من الأزمنة .
ثم إن الناظر في هذه الكتب يجد أنها لم تجمع أشياء أستجدت أو ستستجد بين حين وآخر كجهاز الحاسوب , والجوال , والسيارة , والقطار , والإنترنت , وغيرها ...فلا يتصور ممن مضى هذا أن يرجع لكتاب كذا في صفحة كذا ...أبداً ...لا يتصور هذا .. وقد مر معنا بيان هذا .
وأما كتاب( تفسير الأحلام )أو مايسمى أحياناً ( التفسير الكبير ) او ( تفسير بن سيرين ) المنسوب لإبن سيرين ( ت:110)هـ , فهو غير صحيح وليس من تأليفه ولا يثبت أنه من تأليفه وذلك لإسباب وأمور منها:
أولاً : أنه كان ينهى - رحمه الله - عن الكتابة عنه والتأليف ولهذا قال :
( لو كنت متخذاً لتخذت رسائل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) , وهذا من ورعه الشديد رحمه الله تعالى .
ثانياً : ثبت عن ( بن خلدون ) أنه كان يقول :
( إن هذا العلم - أي الرؤى والمنامات - مازالت الأمة تتناقله شفويا ً)...ففي هذا دليل واضح على أن هذا العلم لم يؤلف ويوصنف فيه خاصة في القرون الأولى .
ثالثا ً : أن جميع الذين ترجموا لإبن سيرين خلال القرون الأولى لم يذكروا له كتاباً أصلاً في هذا العلم أو غيره , مع ذكرهم براعة وإيتيانه بالعجائب لهذا الباب .
رابعاً : بنظرة سريعة فيه تدل على أن الكتاب لم يكتب بلغة القرون المتقدمة بل المتأخره لضعف وركاكة أسلوبه .
خامساً : ينقل في هذا الكتاب عن ابن سيرين عن أناس لم يعاشرهم ماتوا قبله أو بعده .
سادساً : ينقل في الكتاب عن ( أبي سعيد الواعظ ) وهو : خليل ابن شاهين الظاهري وهو مختلف أيضاً فيه ...وهل أدرك ابن سيرين أو كان قبله أو بعده.
فكان الكتاب كما قيل من جمع تلاميذ ابن سيرين هو الأقرب لصواب من تأليفه.
والله تعالى أعلم .