اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > منتدى الثقافة العامة
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-04-2012, 03:18 AM   رقم المشاركة : 1
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

الفضيل بن عياض ~ قروب " فوق هام السحب "

[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.alraidiah.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/28.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


من هو ... الفُـضيـــل؟؟!

احببت ان تتعرفون معي على شخصية من شخصيات عالمنا الأسلامي الكبير .........قد يكون هنالك من بينكم من يعرفه او من سمع به ولكن لا حرج لو تعرف على شيئ من المعلومات المفيدة عن هذه الشخصية العظيمة التي كانت من اشد الناس ظلماً حتى أصبحت اشد الناس احقاقا للحق ونشراً للدعوة الأسلامية فتعالوا نتعرف على شخصية


كانت تأتي المرأة بطفلها في الليل تسكته لكي ينام فتقول له: اسكت وإلا أعطيتك للفضيل!! كان قاطع طريق، ولص، ثم أصبح بعد ذلك من الصالحين و.......ولكن من هو الفُضيــــل أولاً؟؟؟!!


نحن اليوم بصدد الحديث عن شخصية تاريخية( الفُضيل بن عياض) تلك الشخصية التي تحمل كل القصص والعبر للناس لكل من ألقى السمع وهو شهيد.




فتعالوا نتعرف على هذا الشيخ الصالح الفُضيــــل عن قرب أكثر:


الحقبة107 هـ - 187 هـ
المولد107 هـ سمرقند
الوفاة187 هـ
العقيدة أهل السنة

اسمه ونسبه: الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر أبو على التميمى اليربوعى الخراسانى المروزىالمجاور بحرم الله.

أحد أعلام التصوف في القرن الثاني الهجري
لقب بـ "عابد الحرمين" (107 هـ - 187 هـ).


مولده: ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد وكان مولده فى السنة السابعة بعد المائة تقريبا.




حدث عنه : ابن المبارك ، ويحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وابن عيينة ، والأصمعي ، وعبد الرزاق ، وعبد الرحمن بن مهدي بن هلال ، شيخ واسطي ، وحسين الجعفي ، وأسَدُ السُّنة والشافعي ، وأحمد بن يونس ، ويحيى بن يحيى التميمي ، وابن وهب ، ومسدد ، وقتيبة ، وبشر الحافي ، والسري بن مغلّس السقطي ، وأحمد بن المقدام ، وعبيد الله القواريري ، ومحمد بن زنبور المكي ، ولُوين ، ومحمد بن يحيى العدني ، والحميدي ، وعبد الصمد بن يزيد مردويه ، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي ، ومحمد بن أبي السري العسقلاني ، ومحمد بن قدامة المصّيصي ، ويحيى بن أيوب المقابري ، وخلق كثير ، آخرهم موتا الحسين بن داود البَلْخي .

جلس للمناظرة وله نحو ثمان وعشرين سنة. وولي القضاء وله خمس وثلاثون، حتى وصل إلى قضاء سبتة ثم غرناطة، فذاع صيته وحمد الناس سيرته.


توبته:
روى ابن عساكر بسنده عن الفضيل بن موسى قال: كان الفضيل شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينما هو يرتقى الجدران إليها سمع تاليا يتلو " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" قال: يارب قد آن فرجع فآواه الليل إلى خربة فاذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل وقال قوم: حتى نصبح فان فضيلا على الطريق يقطع علينا قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصى وقوم من المسلمين ههنا يخافوننى وما أرى الله ساقنى إليهم الا لأرتع اللهم انى قد تبت إليك وجعلت توبتى مجاورة البيت الحرام.
http://www.youtube.com/watch?v=iJYOXBNh1PM

و في روايه اخرى:

قصة توبة الفضيل بن عياض


الفضيل بن عياض هو أحد الصالحين الكبار كان يسرق ويعطل القوافل في الليل، يأخذ فأساً وسكيناً ويتعرض للقافلة فيعطلها، كان شجاعاً قوي البنية، وكان الناس يتواصون في الطريق إياكم والفضيل إياكم والفضيل ! والمرأة تأتي بطفلها في الليل تسكته وتقول له: اسكت وإلا أعطيتك للفضيل .
وقد سمعت قصةً من رجل تاب الله عليه لكن تحدث بأخبار الجاهلية، قال: كنت أسرق البقر -وهو شايب كبير أظنه في المائة- قال: فنزلنا في تهامة ، فأتت امرأة ودعت على بقرتها وقالت: الله يسلط عليك فلاناً، وهو صاحب القصة، قال: فلما حلبت البقرة أخذت البقرة برباطها وطلعت الحجاز ، أي: وقعت الدعوة مكانها، فيشتهر -والعياذ بالله- بعض الناس حتى يصبح يضرب به المثل، فالمرأة كانت تقول للولد: اسكت وإلا أخذك الفضيل .
أتى الفضيل بن عياض فطلع سلماً على جدار يريد أن يسرق صاحب البيت، فأطل ونظر إلى صاحب البيت فإذا هو شيخ كبير، وعنده مصحف، ففتحه واستقبل القبلة على سراج صغير عنده ويقرأ في القرآن ويبكي -انظر الفرق بين الحياتين: هذا يقطع السبل، لا صلاة ولا صيام ولا عبادة ولا ذكر ولا إقبال، وهذا يتلو آيات الله أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الرعد:19] وقال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9].

جلس الفضيل ووضع يده على السقف وظل ينظر إلى ذلك الرجل العجوز الذي يقرأ القرآن ويبكي، وعنده بنت تصلح له العشاء، وأراد أن يسرقه وهو بإمكانه؛ لأن ذلك الرجل قوي، وهذا الشيخ لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، فمر الشيخ بقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد:16]

فنظر الفضيل إلى السماء وقال: يا رب! أني أتوب إليك من هذه الليلة، ثم نزل فاغتسل ولبس ثيابه وذهب إلى المسجد يبكي حتى الصباح، فتاب الله عليه، فجعله إمام الحرمين في العبادة، هذا السارق أولاً أصبح إمام الحرمين.




توبة علي بن الفضيل بن عياض

"أخبرنا الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر الأصبهاني في كتابه أنا عبد الرزاق بن محمد بن الشرابي ، أنا سعيد بن محمد بن سعيد الولي ، أنا علي بن أحمد بن علي الواقدي ، أنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهم بن محمد ابن يحيى قال : سمعت أبي يقول : سمعت محمد بن إسحاق السراج يقول : سمعت محمد بن خلف يقول : حدثني يعقوب بن يوسف ، قال :
كان الفضيل بن عياض إذا علم أن ابنه علياً خلفه ـ يعني في الصلاة ـ مر و لم يقف و لم يخوف ،

و إذا علم أنه ليس خلفه تنوق في القرآن و حزن و خوف . فظن يوماً أنه ليس خلفه ، فأتى على ذكر هذه الآية : ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا قوماً ضالين . قال : فخر علي مغشياً عليه . فلما علم أنه خلفه و أنه قد سقط ، تجوز في القراءة . فذهبوا إلى أمه فقالوا : أدركيه . فجاءت فرشت عليه ماء ، فأفاق . فقالت لفضيل : أنت قاتل هذا الغلام علي فمكث ما شاء الله . فظن أنه ليس خلفه ، فقرأ : وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون . فخر ميتاً و تجوز أبوه في القراءة . و أتيت أمه فقيل لها : أدركيه . فجاءت فرشت عليه ماء ، فإذا هو ميت رحمه الله . كتاب التوابين لابن قدامة
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]






التوقيع :










.
.
آخر تعديل دانة الكون يوم 13-04-2012 في 03:41 AM.

رد مع اقتباس
قديم 09-04-2012, 09:57 AM   رقم المشاركة : 2
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.alraidiah.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/28.gif');"][cell="filter:;"][align=center]


تلاميذه والرواه عنه:
روى عنه لأعمش والثورى ومنصور بن المعتمر وهشام بن حسان وسليمان التيمى وعوف الأعرابى وابن عيينة والشافعي وابن المبارك والحميدى ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدى وقتيبة بن سعيد وبشر الحافي.



ثناء العلماء عليه:
قال ابن عيينة: فضيل ثقة وكان يقبل يده.
قال النسائي: ثقة مأمون رجل صالح.
قال ابن المبارك: ما بقى على ظهر الأرض عندي أفضل من فضيل بن عياض.
وقال الذهبي: الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام.
قال ابن حجر: ثقة عابد امام.


وقال إبراهيم بن محمد الشافعي : سمعت سفيان بن عيينة يقول : فضيل ثقة .

وقال أبو عبيد : قال ابن مهدي : فضيل رجل صالح ، ولم يكن بحافظ .

وقال العجلى : كوفي ثقة متعبد ، رجل صالح ، سكن مكة .

وقال محمد بن عبد الله بن عمار : ليت فُضَيلا كان يحدثك بما يعرف ، قيل لابن عمار : ترى حديثه حجة ؟ قال : سبحان الله . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال النسائي : ثقة مأمون ، رجل صالح . وقال الدارقطني : ثقة .

قال محمد بن سعد : ولد بخراسان بكورة أبيورد ، وقدم الكوفة وهو كبير ، فسمع من منصور وغيره ، ثم تعبد ، وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومائة في خلافة هارون ، وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا ، كثير الحديث .

وقال أبو وهب محمد بن مزاحم : سمعت ابن المبارك يقول : رأيت أعبد الناس عبد العزيز بن أبي روَّاد ، وأورع الناس الفضيل بن عياض ، وأعلم الناس سفيان الثوري ، وأفقه الناس أبا حنيفة ، ما رأيت في الفقه مثله.

وروى إبراهيم بن شماس ، عن ابن المبارك قال : ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض .

قال نصر بن المغيرة البخاري : سمعت إبراهيم بن شماس يقول : رأيت أفقه الناس ، وأورع الناس ، وأحفظ الناس وكيعا والفضيل وابن المبارك .

وقال عبيد الله القواريري : أفضل من رأيت من المشايخ : بشر بن منصور، وفضيل بن عياض ، وعون بن معمر ، وحمزة بن نجيح. قلت : عون وحمزة لا يكادان يعرفان ، وكانا عابدين . قال النضر بن شميل : سمعت الرشيد يقول : ما رأيت في العلماء أهيب من مالك ، ولا أورع من الفضيل .

وروى أحمد بن أبي الحواري ، عن الهيثم بن جميل ، سمعت شريكا يقول : لم يزل لكل قوم حجة في أهل زمانهم ، وإن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه ، فقام فتى من مجلس الهيثم ، فلما توارى ، قال الهيثم : إن عاش هذا الفتى يكون حجة لأهل زمانه ، قيل : من كان الفتى ؟ قال : أحمد بن حنبل .

قال عبد الصمد مردويه الصائغ : قال لي ابن المبارك : إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه ، فالفضيل ممن نفعه علمه.

وقال أبو بكر عبد الرحمن بن عفان : سمعت ابن المبارك يقول لأبي مريم القاضي : ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض ، وابنه علي ، وعليّ مقدم في الخوف ، وما بقي أحد في بلاد الشام إلا يوسف بن أسباط ، وأبو معاوية الأسود ، وما بقي أحد بخراسان إلا شيخ حائك يقال له : معدان .

قال أبو بكر المقاريضي المذكر : سمعت بشر بن الحارث يقول : عشرة ممن كانوا يأكلون الحلال ، لا يُدخلون بطونهم إلا حلالا ولو استفوا التراب والرماد . قلت : من هم يا أبا نصر؟ قال : سفيان ، وإبراهيم بن أدهم ، والفضيل بن عياض ، وابنه ، وسليمان الخواص ، ويوسف بن أسباط ، وأبو معاوية نجيح الخادم ، وحذيفة المرعشي ، وداود الطائي ، ووهيب بن الورد .

وقال إبراهيم بن الأشعث : ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل ، كان إذا ذَكر الله ، أو ذُكر عنده ، أو سمع القرآن ظهر ، به من الخوف والحزن ، وفاضت عيناه ، وبكى حتى يرحمه من يحضره ، وكان دائم الحزن ، شديد الفكرة ، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله ، وأخذه وعطائه ، ومنعه وبذله ، وبغضه وحبه ، وخصاله كلها غيره . كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ ، ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه ، ذاهب إلى الأخرة ، حتى يبلغ المقابر ; فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء ، حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها .

وقال عبد الصمد بن يزيد مردويه : سمعت الفضيل يقول : لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق ، وطلب الحلال ، فقال ابنه علي : يا أبة إن الحلال عزيز . قال : يا بني ، وإن قليله عند الله كثير .

قال سري بن المغلس : سمعت الفضيل يقول : من خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد .

وقال فيض بن إسحاق : سمعت الفضيل بن عياض ، وسأله عبد الله بن مالك : يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه ؟ قال : أخبرني ، من أطاع الله هل تضره معصية أحد ؟ قال : لا . قال : فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحد ؟ قال : لا ، قال : هو الخلاص إن أردت الخلاص .

قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت الفضيل يقول : رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله ، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة ، من عمل بما علم استغنى عما لا يعلم ، ومن عمل بما علم وفَّقه الله لما لا يعلم ، ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته .

وسمعته يقول : أكذب الناس العائد في ذنبه ، وأجهل الناس المُدِلّ بحسناته ، وأعلم الناس بالله أخوفهم منه ، لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه .

وقال محمد بن عبدويه : سمعت الفضيل يقول : ترْك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما.

قال سَلْم بن عبد الله الخراساني : سمعت الفضيل يقول : إنما أمس مثلٌ ، واليوم عمل ، وغدا أمل .

وقال فيض بن إسحاق : قال الفضيل : والله ما يحل لك أن تؤذي كلبا ولا خنزيرا بغير حق ، فكيف تؤذي مسلما .

وعن فضيل : لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه .

وعنه : بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله .

قال محرز بن عون : أتيت الفضيل بمكة ، فقال لي : يا محرز ، وأنت أيضا مع أصحاب الحديث ، ما فعل القرآن ؟ والله لو نزل حرف باليمن لقد كان ينبغي أن نذهب حتى نسمعه ، والله لأن تكون راعي الحمر وأنت مقيم على ما يحب الله ، خير لك من الطواف وأنت مقيم على ما يكره الله .

المفضل الجندي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري ، قال : ما رأيت أحدا أخوف على نفسه ، ولا أرجى للناس من الفضيل . كانت قراءته حزينة ، شهية ، بطيئة ، مترسلة ، كأنه يخاطب إنسانا ، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها وسأل ، وكانت صلاته بالليل أكثر ذلك قاعدا ، يُلقى له الحصير في مسجده ، فيصلي من أول الليل ساعة ، ثم تغلبه عينه ، فيلقي نفسه على الحصير ، فينام قليلا ، ثم يقوم ، فإذا غلبه النوم نام ، ثم يقوم، هكذا حتى يصبح . وكان دأبه إذا نعس أن ينام ، ويقال : أشد العبادة ما كان هكذا .

وكان صحيح الحديث ، صدوق اللسان ، شديد الهيبة للحديث إذا حدث



من أقواله:
قال: من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.
قال: بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله.
قال: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحا، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل.
قيل له: ما الزهد؟ قال: القنوع. قيل: ما الورع؟ قال: اجتناب المحارم. قيل: ما العبادة؟ قال: أداء الفرائض. قيل: ما التواضع؟ قال: أن تخضع للحق.
قال: لو أن لى دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان قيل له: يا أبا على فسر لنا هذا، قال: إذا جعلتها في نفسى لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد.
قال: لا يبلغ العبد حقيقة الايمان حتى يعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله.
قال: من استوحش من الوحدة واستأنس بالناس لم يسلم من الرياء، لا حج ولا جهاد أشد من حبس اللسان، وليس أحد أشد غما ممن سجن لسانه.
قال: كفى بالله محبا، وبالقرآن مؤنسا، وبالموت واعظا.
قال: خصلتان تقسيان القلب، كثرة الكلام، وكثرة الأكل.

بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله


_ قال عبد الصمد بن يزيد:سمعت الفضيل يقول:
لم يتزيّن الناس بشئ أفضل من الصدق وطلب الحلال,فقال ابنه علي:يا أبة:إن الحلال عزيز,قال:يابني:إن قليله عند الله كثير.
_ قال سَري بن المُغلس:سمعت الفضيل يقول:
من خاف الله لم يضره أحد,ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.
_ قال إبراهيم بن الأشعث:سمعت الفضيل يقول:
رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله,وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة,من عمل بما علم استغنى عما لايعلم,ومن عمل بما علم وفقه الله لما يعلم,ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته.
_ وسمعته يقول:
أكذب الناس العائد في ذنبه,وأجهل الناس المُدِلُّ بحسناته,وأعلم الناس بالله أخوفهم منه,لم يكمُل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته,ولن يهلك الله عبد حتى يؤثر شهوته على دينه.
_ قال محمد بن عَبدويه:سمعت الفضيل يقول:
ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك,والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
_ قال سَلم بن عبدالله:سمعت الفضيل يقول:
إنما أمس مثل واليوم عمل وغداً أمل._ قال فيض بن إسحاق:قال الفضيل:
والله مايحل لك أن تؤذي كلباً ولاخنزيراً بغير حق,فكيف تؤذي مسلماً.(قلت):الله المستعان على أحوالنا ماذا يقول عنا إذا كان بيننا..
_ قال إبراهيم بن الأشعث:سمعت الفضيل يقول:
من أحب أن يُذكر لم يُذكر,ومن كره أن يُذكرذُكِر.
_ وسمعته يقول:
الخوف أفضل من الرجاء مادام الرجل صحيحاً,فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل.
_ قال فيض بن وثيق:سمعت الفضيل يقول:
إن استطعت أن لاتكون محدثاً ولا قارئاً ولا متكلماً:
إن كنت بليغاً,قالوا:ما أبلغه وأحسن صوته,فيعجبك ذلك فتنتفخ,وإن لم تكن بليغاً ولا حسن الصوت,قالوا:ليس يُحسن يُحدّث وليس صوته بحسن,أحزنك ذلك وشقّ عليك فتكون مرائياً,وإذا جلست فتكلمت,فلم تُبال من ذمّك ومن مدحك,فتكلم.

_ قيل له:ما الزهد؟قال:القنوع,قيل:ما الورع؟قال:اجتناب المحارم,قيل:ما العبادة؟قال:أداء الفرائض,قيل:ما التواضع؟قال:أن تخضع للحق وقال:أشد الورع في اللسان.
_ قال عبد الصمد بن يزيد:سمعت الفضل يقول:
لو ان لي دعوة مستجابة ما جعلتها,إلا في إمام
,فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد.
_ وعن الفضيل:
حرام على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا.
_ وقال أيضاً:
إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار,فاعلم أنك محروم كبّلتك خطيئتك.
_ قال عبد الصمد بن مردويه:سمعت الفضيل يقول:
من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه,لا يرتفع لصاحب بدعة إلى الله عمل,نظر المؤمن إلى المؤمن يجلو القلب
ونظر الرجل إلى صاحب بدعة يورث العمى,من جلس مع صاحب بدعة لم يُعط الحكمة.
_ قال إبراهيم بن الأشعث:سمعت الفضيل يقول في مرضه:
ارحمني بحبي إياك فليس شئ أحب إلي منك.
_ وسمعته يقول وهو يشتكي:مسّني الضر وأنت أرحم الراحمين.
_ وسمعته يقول:من استوحش من الوحدة واستأنس بالناس لم يسلم من الرياء,ولاحج ولاجهاد أشد من حبس اللسان,وليس أحداً أشد غمّاً ممن سجن لسانه.

_ عن الفضيل قال:
من أخلاق الأنبياء الحلم والأناة وقيام الليل.
_ قال الأصمعي:نظر الفضيل إلى رجل يشكو إلى رجل,فقال:
ياهذا تشكو من يرحمك إلى من لايرحمك.
_ قال الفيض:قال لي الفضيل:لو قيل لك:يامُرائي,غضبت وشق عليك,وعسى ماقيل لك حق
تزيّنت للدنيا وتصنعت وقصرت ثيابك وحسّنت سمتك وكففت أذاك,حتى يقال:أبوفلان عابد ما أحسن سمته,فيكرمونك وينظرونك,ويقصدونك ويهدون إليك,مثل الدرهم السُّتُّوق(هوالردئ الزيف الذي لاخيرفيه)لا يعرفه كل أحد فإذا قُشر,قُشر عن نحاس.(قلت):يارب استرعلينا..

_ وقال أيضاً:كفى بالله مُحبّاً وبالقرآن مؤنِساً وبالموت واعظاً وبخشية الله علماً وبالاغترار جهلاً.

_ وعنه قال:خصلتان تُقسيان القلب:كثرة الكلام وكثرة الأكل.

_ وعنه قال:كيف ترى حال من كثرت ذنوبه وضَعُفَ علمه وفني عمره ولم يتزود لمعاده.

_ وعنه قال:يامسكين,أنت مُسئ وترى أنك مُحسن,وأنت جاهل وترى أنك عالم,وتبخل وترى أنك كريم,وأحمق وترى أنك عاقل,أجلُكَ قصير,وأملُكَ طويل.

قال الذهبي -:قلت:إي والله,صدق,وأنت ظالم وترى أنك أنك مظلوم وآكل للحرام وترى أنك متورع وفاسق وتعتقد أنك عدل وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله.

_ قال قُطبة بن العلاء:سمعت الفضيل يقول:
آفة القُرّاء العجب












- موقف للفضيل مع هارون الرشيد :
عباس الدوري : حدثنا محمد بن عبدالله الأنباري ، قال : سمعت فضيلا يقول : لما قدم هارون الرشيد الى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ، وقوم من الهاشمين ، وأحضروا المشايخ ، فبعثوا إليّ فأردت أن لا أذهب ، فاستشرت جاري ، فقال : اذهب لعله يريد أن تعظه ، فدخلت المسجد ، فلما صرت إلى الحجر ، قلت لأدناهم : أيكم أمير المؤمنين ؟ فأشار اليه ، فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فرد علي ، وقال : اقعد ، ثم قال : إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ، وتعظنا ، فأقبلت عليه ، فقلت : يا حسن الوجه ، حساب الخلق كلهم عليك . فجعل يبكي ويشهق ، فرددت عليه ، وهو يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني ، وقال : اذهب بسلام .

قال الذهبي (8/440) :
وعنه : يا مسكين ، أنت مسيءٌ وترى أنك محسن ، وأنت جاهل وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ، وأملك طويل .

قلت ( الذهبي ) : إي والله ، صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ، وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله .

- رسالة ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض :
روى الحافظ ابن عساكر عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال: أملي عليَّ عبد اللّه بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وأنشدها إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال: فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام ، فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ، ثم قال : أنت ممن يكتب الحديث ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فاكتب هذا الحديث كراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا ، وأملى عليّ الفضيل بن عياض :

حدثنا منصور بن المعتمر ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رجلاً قال : يا رسول اللّه علِّمني عملاً أنال به ثواب المجاهدين في سبيل اللّه ، فقال : "هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر ، وتصوم فلا تفطر ؟ " فقال : يا رسول اللّه أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ، ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : " فوالذي نفسي بيده لو طُوِّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله ، أوما علمت أن الفرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات ؟!
الحديث رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب الجهاد والسير .

والله اعلم













الفضيل بن عياض وزيراً

د. أحمد الزهراني
قرأت يوماً حكاية الرشيد مع الفضيل بن عياض، وهي قصة مشهورة - وإن كان في سندها مقال- بكى فيها الرشيد من موعظة الفضيل، وبلغ الرشيد من الإعجاب به مبلغاً حتى قال لوزيره: «إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين»، ومع هذا فقد سألت نفسي: تُرى لو أنّ الرشيد احتاج إلى وزير للمال أو للحرب أو غيرها من الولايات أكان سيبحث عن الفضيل؟
ثمّ تخيّلت لو أنّ الفضيل في عصرنا ورُشّح لمنصب رئيس للبلاد أو وزير للدفاع أو القضاء، فقلت في نفسي: لو كنت في زمن يُرشح فيه مثل الفضيل لما انتخبته ولما أعطيته صوتي، ماذا يعود على الأمّة من عابد يهوى الزوايا للخلوة والبكاء والصلاة. ربّما يغضب البعض من هذا الكلام ظناً منه أنّ فيه انتقاصاً للفضيل رحمه الله، وليس كذلك، بل هو موافق لسنّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
لقد عاش في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتحت رعايته عدد كبير من صحابته، كلّهم كانوا قِمَماً في العبادة والتقوى والخوف من الله تعالى، لكن كم منهم ولاّه النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ولاية عامة؟
وأولئك الذين ولاّهم هل كانوا هم الأشهر في الجانب العبادي والتقوى والخوف من الله؟
هذا أبو ذر جندب بن جنادة -رضي الله عنه- الذي قال عنه صلّى الله عليه وسلّم: «ما أقلّت الغبراء، ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر» يقول: قلتُ: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: «يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلاّ من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».
إن التنوّع في الطرائق والأساليب والقدرات ما دام في إطار أهل السنة والجماعة هو إثراء للمجتمع المسلم وقوة له، لكن شريطة ألاّ يكون هناك مغالبة وخلط في الإحلال.
إن وجود مجموعات أو افراد من العلماء والصالحين الزهاد الذين هجروا الدنيا، وعافوا حتى مباحاتها، وغلب على نفوسهم الخوف من عواقب الآخرة والتزود لها أمر لا يُنكر ولا يزعِج، ولا ينبغي أن يكون مدعاة للتذمر، فوجود هؤلاء ضرورة توازنية ومواعظ تخفّف من غلواء التكالب على الدنيا، فكم من غافل ساهٍ توقف أمام موعظة بل أمام منظر أو قصة زاهد ليرعوي قلبه، ويخفف من تمسكه بالدنيا، ولهذا كان الرشيد وغيره من الأئمة كلما أحسوا بقساوة القلب والانغماس في شؤون الدنيا والسياسة والحكم يتطلبون العلماء والزهاد منهم خاصة للعظة والاعتبار.
لكنّ من كان هذا حاله فإنّه يغلب عليه التفكير العاطفي أكثر من السياسي أو التقني الاحترافي، فيكون هذا سبباً في ضعفه من الجوانب الأخرى، وهذا ما لاحظه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في أبي ذر فقال له: إنك ضعيف.
هنا نلاحظ مسألة الكفاءة، فامتناع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن توليته سببه ما يعلمه من شخصية أبي ذر الّتي لا ينقصها الأمانة، بمعنى المحافظة على الحقوق العامة، ولا الخوف من الله والتقوى والزهد، لكنّ الولايات العامة لا يصبر على سياسة الناس فيها من غلب عليه الجانب العبادي مثل أبي ذر .
وعند الحديث عن المنهج الإسلامي في التربية والتنمية فإنّك لا تستطيع أن تغفل اهتمامه بالفروق الفردية والسمات الشخصية وتكريسها وتطويرها والاهتمام بها؛ فالمنهج الإسلامي يعترف بالقدرات الحسيّة والمعنوية النفسيّة، ولا يحجّر واسعاً على أي مسلم يرى أنّ طريقاً ما هو الأصلح له في عمارة دنياه والتزوّد لآخرته.
وهذا الأمر بدا جلياً واضحاً من عهد الصحابة، أي منذ وضع اللبنات الأولى في بناء الجيل الأمثل والأوّل الذي قامت عليه وفيه الدولة الإسلامية، ولهذا أمثلة عديدة لا أريد الاستطراد فيها لكونها معلومة، ومنها ملاحظة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لهذه السمات، فكان وزيراه أبو بكر وعمر، وكان على جيوشه خالد بن الوليد، وأسامة، وأبو عبيدة ونحوهم، وكان للكتابة معاوية وعبدالله بن عمرو، وكان للجانب الإعلامي شاعره حسان وخطيبه كعب، وأمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود فتعلمها في أيام معدودات، وغير ذلك كثير يعلمه من يطلع على سيرته صلّى الله عليه وسلّم .
والصحابة الكرام كانوا ملاحظين لهذا الأمر، فعملوا به في خاصة أنفسهم وفيمن تحتهم، فهذا أبو بكر وعمر يسيران في الأمر بنفس السيرة، فانظر للذين تولوا الولايات في عهدهم كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومعاوية وغيرهم تجدهم ليسوا في العبادة والتقوى مثل من هم فوقهم، لكنّهم كانوا الأصلح والأكفأ .
ولم يكونوا -رضي الله عنهم- هواة استنساخ وتكرار، بل كل واحد منهم عارف بنفسه مستغل لها فيما تحسن، فمثلاً: في الوقت الذي امتهن بعض الصحابة التجارة فكانوا من الأثرياء كعثمان وعبد الرحمن بن عوف، لم يطق بعض الصحابة أن يجمع بين التجارة وبين العبادة، وقد كان أبو الدرداء تاجرًا مشهورًا، فلما أسلم تفرغ للعلم والعبادة، وقال: «أردت أن أجمع بين التجارة والعبادة، فلم يستقم، فتركت التجارة وأقبلت على العبادة» ولم ينكر أحد عليه ذلك، كما لم ينكر هو على غيره التجارة والثراء .
لست هنا بصدد الحديث عن مسألة القدرات، ولا أقصدها بالذات وإنّما أريد أن أدلف منها إلى شيء آخر، ألا وهو مسألة الكفاءة.
لقد غلب على كثير منّا ملاحظة الجانب العبادي والشهرة فيه عند تقييم الناس، ومن ثمّ تكليفهم وارتضاؤهم والرضا بهم، حتّى ضحّى من أجل ذلك بالجانب المهني الإتقاني والاحترافي للمهن والمناصب والوظائف .
إنّك تعجب حين ترى أنّ بعض المؤسسات الرسمية - والأهلية كذلك - يتكدس فيها كثير من الصالحين الّذين لا نقدح في دينهم وتقواهم، لكنّهم ليسوا أكفاء في شغل تلك الوظائف .
هذا الأمر أصبح مدعاة لنسبة التقصير والفشل الّذي يحتوش كثيراً من المؤسسات أو المشاريع الإسلامية إلى الإسلاميين أو الشرعيين، وفي هذا قدر كبير من الصحة، والسبب هو تغليب الجانب العبادي أو العلمي في شخصية شاغل المنصب، تحت ذريعة سدّ الثغرات .
وهذا حدث كذلك، ويحدث عندما تجري انتخابات لشغل وظائف ذات طابع مهني، فمن العجب أن يتم الانتخاب فقط بحسب الجانب العبادي أو السلوكي في شخصية المرشح.
أنا هنا لا أهمل الجانب الشرعي ودوره في (بعض) الوظائف، لكنّي أعترض على جعله هو المقياس الذي يندفع إليه الناس بدافع العاطفة .
في الحقيقة هذا السلوك لا علاقة له بالشرع ولا بالدين؛ فالشريعة تعطي التخصص وإتقانه والقدرة على العطاء فيه أولوية على سمات الشخص الدينية، وهذا أمر بلا شك يحتاج إلى ميزان .
قال عمر بن الخطاب لجلسائه يومًا: تمنوا. فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم، فأنفقها في سبيل الله. فقال: تمنوا. فقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبًا، فأنفقه في سبيل الله. فقال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالاً من أمثال أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، فأستعمِلُهم في طاعة الله .
هذا يقوله عمر في عصر فيه الصحابة وكبار التابعين المشاهير في العلم والسنة والزهد والعبادة، ومع هذا كان عمر يفتقد رجالاً كأبي عبيدة وحذيفة ومعاذ. فما الذي كان يميزهم عن غيرهم؟
وهذا الأمر راجع في مجمله إلى الفقه الواقعي، الفقه الّذي يعترف بأثر التّغيير الّتي يطرأ على الأمّة وعلى الأفراد في طبائعهم وسلوكياتهم، وتغير بعض أنماط السلوك والتفكير لأسباب عديدة يطول ذكرها، لكن الشاهد أنّ الواقع الذي يعيشه المجتمع يفرض ضوابط وشروطاً وقواعد تحكم عملية الاختيار، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: «اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل، ولهذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله- عنه يقول: اللهم أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة، فالواجب في كل ولاية، الأصلح بحسبها .
فإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة، والآخر أعظم قوة، قدم أنفعهما لتلك الولاية: وأقلهما ضرراً فيها، فيقدم في إمارة الحرب الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور فيها، على الرجل الضعيف العاجز، وإن كان أميناً، كما سئل الإمام أحمد: عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف، مع أيهما يغزو؟ فقال: أما الفاجر القوي، فقوته للمسلمين، وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين، فيغزي مع القوي الفاجر .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يستعمل خالد بن الوليد على الحرب، منذ أسلم، وقال: «إن خالداً لسيف سلّه الله على المشركين» مع أنه أحياناً كان يعمل ما قد ينكره النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إنه - مرة - رفع يديه إلى السماء وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد». لما أرسله إلى خزيمة فقتلهم، وأخذ أموالهم بنوع شبهة، ولم يكن يجوز ذلك، وأنكره عليه بعض من معه من الصحابة، حتى وداهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وضمِن أموالهم، ومع هذا فما زال يقدمه في إمارة الحرب; لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره، وفعل ما فعل بنوع تأويل.
وكان أبو ذر -رضي الله عنه- أصلح منه في الأمانة والصدق، ومع هذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي: لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم». نهى أبا ذر عن الإمارة والولاية لأنه رآه ضعيفاً. مع أنه قد روي: «ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء، أصدق لهجة من أبي ذر»
وأمّر النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل استعطافاً لأقاربه الذين بعثه إليهم، على من هم أفضل منه، وأمّر أسامة بن زيد، لأجل ثأر أبيه.
ولذلك كان يستعمل الرجل لمصلحة، مع أنه قد كان يكون مع الأمير من هو أفضل منه، في العلم والإيمان.
وهكذا أبو بكر خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنه ما زال يستعمل خالداً في حرب أهل الردة، وفي فتوح العراق والشام، وبدت منه هفوات كان له فيها تأويل، وقد ذكر له عنه أنه كان له فيها هوى، فلم يعزله من أجلها، بل عاتبه عليها لرجحان المصلحة على المفسدة، في بقائه، وأن غيره لم يكن يقوم مقامه». انتهى كلامه رحمه الله.
وقد كان أصحاب الحديث أكثر من أبرز هذا المنهج، وأعلى من شأن التّخصّص، وعرف منزلة صاحبه. قال عمرو بن محمّد النّاقد: «سمعت وكيعاً وسأله رجل فقال له: يا أبا سفيان: تعرف حديث سعيد بن عبيد الطّائي عن الشّعبي في رجل حجّ عن غيره ثمّ حجّ عن نفسه؟ قال: من يرويه؟ قال: وهب بن إسماعيل، فقال: ذلك رجل صالح، وللحديث رجال» .
وقال زكريا الساجي عن يحيى بن معين قال: كان محمد بن عبد الله الأنصاري يليق به القضاء، فقيل له: يا أبا زكريا فالحديث؟ فقال:
للحرب أقوامٌ لها خُلِقُوا *** وللدواوين حُسّابٌ وكُتّابُ
وقال يحيى بن سعيد القطان: «آتَمِنُ الرجل على مائة ألف ولا آتمِنُه على حديث».
وعن ابن أبي الزناد عن أبيه قال: «أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يُؤخذ عنهم شيء من الحديث، يُقال: ليس من أهله».
وقال مالك بن أنس: «إن هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين عند هذه الأساطين، وأشار إلى مسجد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- يقولون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أخذت عنهم شيئاً، وإن أحدهم لو ائتُمِنَ على بيت مال لكان به أميناً، إلاّ أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن».
وهذا الحِسّ التقييمي المنهجي قائم على البصر والمعرفة ما يؤول إليه حال الأمّة إذا تساهل الناس فيه، قال عليّ بن المديني:« لو تركتُ أهل البصرة لحال القدر، وتركتُ أهل الكوفة للتّشيّع: خربت الكتب» أي لذهب الحديث .
وقال سليمان بن أحمد الواسطي: « قلت لعبد الرّحمن بن مهدي: سمعتك تحدّث عن رجلٍ، أصحابنا يكرهون الحديث عنه؟ قال: مَن هو؟ قلت: محمّد بن راشد الدّمشقي، قال: ولِمَ؟ قلت: كان قدريّاً، فغضب وقال: ما يضرّه».
وقال محمّد بن عبدالله بن حمّاد الموصلي: « لست بتارك الرّواية عن رجل صاحب حديث يبصر الحديث بعد أن لا يكون كذوباً للتّشيّع والقدر، ولست براوٍ عن رجل لا يبصر الحديث ولا يعقله، ولو كان أفضل من فتح الموصلي».
نحتاج كثيراً إلى توقف وتأمل في أوضاعنا الّتي تغوّلت فيها المصالح الشخصية أو الفئوية، وأحياناً الفهم المغلوط للمصالح الشرعية، والمظلوم في خضمّ هذا التغوّل هو الكفاءة والاحتراف والإتقان الّذي سيتلاشى، ويختفي أصحابه إذا لم يجدوا الإنصاف والتقدير، ونظرة خاطفة على الأقسام الشرعية في الجامعات والقضاء والمؤسسات الدعوية توقفك على حجم الخلل الذي دخلها من هذا الجانب، وقُلْ مثل ذلك في مجالات أقلّ مساساً بالجانب الشرعي، فتجد أشخاصاً ربّما يُلتمس لديهم البركة من دينهم وعبادتهم، ويلهمك النظر إلى وجوههم ذكر الله، ولكنّهم ليسوا بأهل لشغل ما هم فيه من الوظائف، وتحمل ما حُمّلوه من المسؤوليات، فيحصل من طرفهم من التقصير الشيء الكثير، ثمّ يُجاملون ويُتركون في أماكنهم حتّى يحصل الضرر العظيم، ويكون هذا فتنة للناس، وحجة للمنافقين الذين يلصقون بالدين وأهله كل نقيصة.
[/align][/cell][/table1][/align]






آخر تعديل دانة الكون يوم 13-04-2012 في 03:45 AM.

رد مع اقتباس
قديم 09-04-2012, 12:16 PM   رقم المشاركة : 3
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.alraidiah.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/28.gif');"][cell="filter:;"][align=center]


موقف بين الفضيل بن عياض والرشيد
قال الفضيل بن الربيع: كنت بمنزلي ذات يوم وقد خلعت ثيابي وتهيأت للنوم, فاذا بقرع شديد على بابي, فقلت في قلق: من هذا؟.
قال الطارق: أجب أمير المؤمنين, فخرجت مسرعا أتعثر في خطوي, فاذا بالرشيد قائما على بابي وفي وجهه تجهّم حزين, فقلت: يا أمير المؤمنين لو أرسلت اليّ لأتيتك.
فقال: ويحك قد حاك في نفسي شيء أطار النوم من أجفاني وأزعج وجداني شيء لا يذهب به الا عالم تقي من زهادك, فانظر لي رجلا أسأله.
ثم يقول ابن الربيع: حتى جئت به الى الفضيل بن عياض.
فقال الرشيد: امض بنا اليه, فأتيناه, واذا هو قائم يصلي في غرفته وهو يقرأ قوله تعالى:{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم, ساء ما يحكمون}.
فقال الرشيد: ان انتفعنا بشيء فبهذا.
فقرعت الباب.
فقال الفضيل: من هذا؟.
قلت: أجب أمير المؤمنين.
فقال: ما لي ولأمير المؤمنين.
فقلت: سبحان الله, أما عليك طاعته؟.
فنزل ففتح الباب, ثم ارتقى الى الغرفة فأطفأ السراج, ثم التجأ الى زاوية من زوايا الغرفة, فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف الرشيد كفي اليه.
فقال: يا لها من كف ما ألينها ان نجت من عذاب الله تعالى غدا.
قال ابن الربيعك فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي.
فقال الرشيد: خذ فيما جئناك له يرحمك الله.
فقالالفضيل: وفيما جئت وقد حمّلت نفسك ذنوب الرعيّة التي سمتها هوانا, وجميع من معك من بطانتك وولاتك تضاف ذنوبهم اليك يوم الحساب, فبك بغوا وبك جاروا وهم مع هذا أبغض الناس لك وأسرعهم فرارا منك يوم الحساب, حتى لو سألتهم عند انكشاف الغطاء عنك وعنهم أن يحملوا عنك سقطا _جزءا_ من ذنب ما فعلوه, ولكان أشدهم حبا لك أشدهم هربا منك.
ثم قال: ان عمر بن عبد العزيز لما وليّ الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب ورجاء بن حيوة _ وهو ثلاثة من العلماء الصالحين_ فقال لهم: اني قد ابتليت بهذ البلاء فأشيروا عليّ. فعدّ الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة.
فقال سالم بن عبد الله: ان أردت النجاة غدا من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا, وأوسطهم عندك أخا, وأصغرهم عندك ابنا, فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك.
وقال رجاء بن حيوة: ان أردت النجاة غدا من عذاب الله فأحبّ للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك, ثم مت ان شئت, واني أقول لك يا هارون اني أخاف عليك أشدّ الخوف يوما تذل فيه الأقدام فبكى هارون.
قال ابن الربيع: فقلت أرفق بأمير المؤمنين.
فقال: تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا؟
ثم قال: يا حسن الوجه, أنت الذي يسألأك الله عز وجل عن هذا الخلق يوم القيامة, فان استطعت أن تقي هذا الوجه فافعل, واياك أن تصبح أو تمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيّتك, فان النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة".*
فبكى الرشيد.
ثم قال: هل عليك دين؟.
فقال: نعم دين لربي لم يحاسبني عليه, فالويل لي ان سألني والويل لي ان ناقشني والويل لي ان لم ألهم حجتي.
قال الرشيد: انما أعني دين العباد.
فقال: ان ربي لم يأمرني بهذا وقد قال عز وجل:{ وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.
فقال الرشيد: هذه ألف دينار خذها وأنفقها على عيالك وتقوّ بها على عبادتك.
قال: سبحان الله. أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا.
قال ابن الربيع: فخرجنا من عنده.
فقال هارون الرشيد: اذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا, هذا سيّد المسلمين اليوم.
*رواه البخاري( 13\112) (142) في كتاب الايمان.





شيوخه:
روى عن الأعمش والثورى ومنصور بن المعتمر وهشام بن حسان وسليمان التيمى وعوف الأعرابى وغيرهم.

حكاية هارون الرشيد مع الفضيل بن عياض رااائعة :
عن الفضل بن الربيع قال: حج أمير المؤمنين هارون الرشيد فأتاني فخرجت مسرعا

فقلت يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك .

فقال: ويحك قد حك في نفسي شيء فانظر لي رجلا أسأله

فقلت ها هنا سفيان بن عيينة

فقال امض بنا إليه .

فأتيناه فقرعت الباب فقال : من ذا ?

فقلت : أجب أمير المؤمنين فخرج مسرعا

فقال : يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك

فقال له : خذ لما جئناك له رحمك الله.

فحدثه ساعة ثم قال له : عليك دين ؟ قال نعم فقال : أبا عباس اقض دينه .

فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا انظر لي رجلا اسأله

فقلت له هاهنا عبد الرزاق بن همام قال امض بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب

فقال : من هذا?

قلت: أجب أمير المؤمنين. فخرج مسرعا

فقال: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك قال خذ لما جئناك له.

فحادثه ساعة ثم قال : له عليك دين قال نعم قال : أبا عباس اقض دينه.

فلما خرجنا

قال : ما أغنى صاحبك شيئا انظر لي رجلا اسأله

قلت : ها هنا الفضيل ابن عياض

قال : امض بنا إليه فأتيناه فإذا وهو قائم يصلي يتلو آية من القرآن يرددها

فقال : اقرع الباب فقرعت الباب

فقال : من هذا فقلت : أجب أمير المؤمنين

فقال : ما لي ولأمير المؤمنين

فقلت : سبحان الله أما عليك طاعة? أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ليس للمؤمن أن يذل نفسه فنزل ففتح الباب ثم إرتقى إلى الغرفة فأطفا المصباح ثم إلتجأ إلى زواية من زوايا البيت فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه .

فقال : يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله عز وجل

فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي .

فقال : له خذ لما جئناك له رحمك الله

فقال : إن عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرظي ورجاء ابن حيوة فقال لهم إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علي. فعد الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة فقال له سالم بن عبد الله (( إن أردت النجاة غدا من عذاب الله فصم عن الدنيا وليكن إفطارك من الموت )) وقال له محمد بن كعب القرظي (( إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا وأوسطهم عندك أخا وأصغرهم عندك ولدا فوقر أباك واكرم أخاك وتحنن على ولدك)).

وقال له رجاء ين حيوة (( إن اردت النجاة غدا من عذاب الله عز وجل فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك ثم مت إذا شئت )) وإني أقول لك أني أخاف عليك أشد الخوف يوم تزل فيه الأقدام فهل معك رحمك الله من يشير عليك بمثل هذا?

فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه فقلت له أرفق بأمير المؤمنين

فقال : يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وارفق به أنا ثم أفاق

فقال له: زدني رحمك الله

فقال: يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكا إليه فكتب إليه عمر يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء قال فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز فقال له ما أقدمك قال خلعت قلبي بكتابك لا أعود إلى ولاية أبدا حتى ألقى الله عز وجل.

قال فبكى هارون بكاء شديدا ثم قال له : زدني رحمك الله

فقال : يا أمير المؤمنين إن العباس عم المصطفى صلى الله عليه وسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أمرني على إمارة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل )) .

فبكى هارون بكاء شديدا وقال له : زدني رحمك الله

فقال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عز وجل عن هذا الخلق يوم القيامة فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة .

فبكى هارون وقال له : عليك دين ؟.

قال : نعم دين لربي يحاسبني عليه فالويل لي إن سألني والويل لي إن ناقشني والويل لي إن ألهم حجتي .

قال : إنما اعني دين العباد .

قال إن ربي لم يأمرني بهذا أمر ربي أن أوحده وأطيع أمره فقال عز وجل: وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين سورة الذاريات آية 56-58.

فقال له : هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقو بها على عبادتك .

فقال: سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا ? سلمك الله ووفقك.

ثم صمت فلم يكلمنا فخرجنا من عنده فلما صرنا على الباب

قال هارون: أبا عباس إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين.

فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت يا هذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال فلو قبلت هذا المال فتفرجنا به .

فقال لها : مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه فلما كبر نحروه فأكلوا لحمه.



فلما سمع هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن يقبل المال فلما علم الفضيل خرج فجلس في السطح على باب الغرفة فجاء هارون فجلس إلى جنبه فجعل يكلمه فلا يجيبه فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء

فقالت : يا هذا قد آذيت الشيخ منذ الليلة فانصرف رحمك الله فانصرفنا

وفاته:
توفى الفضيل في محرم سنة 187 هـ

[/align]
[/cell][/table1][/align]






آخر تعديل دانة الكون يوم 13-04-2012 في 03:47 AM.

رد مع اقتباس
قديم 13-04-2012, 12:15 AM   رقم المشاركة : 4
الدووووخي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الدووووخي
الملف الشخصي







 
الحالة
الدووووخي غير متواجد حالياً

 


 

مجهود راائع ..

الله يعطيك العافيه ..







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 24-05-2012, 08:15 AM   رقم المشاركة : 5
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدووووخي
مجهود راائع ..

الله يعطيك العافيه ..

شاكره مرورك.






رد مع اقتباس
قديم 13-04-2012, 03:34 PM   رقم المشاركة : 6
ام حمزة
رائدي برونزي
الملف الشخصي






 
الحالة
ام حمزة غير متواجد حالياً

 


 

بارك الله في جهودك الخيرة وموضوعك الجميل







رد مع اقتباس
قديم 24-05-2012, 08:16 AM   رقم المشاركة : 7
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام حمزة
بارك الله في جهودك الخيرة وموضوعك الجميل


شاكره مرورك.






رد مع اقتباس
قديم 13-04-2012, 03:44 PM   رقم المشاركة : 8
ثلجة وردية
المراقبة العامة
 
الصورة الرمزية ثلجة وردية
الملف الشخصي







 
الحالة
ثلجة وردية غير متواجد حالياً

 


 

السلام عليكم ورحمة الله وبركآته
يعطيـك العافيـه على هالطرح الرائع ,,
مجهود مميز
لا عدمناك
ننتظر آلمزيـد ,,
باقآت الورد
لقلبك ولروحكـ،،..}❀✿இ







التوقيع :

عليك أن تخاف ممن تؤذيہ فيكون ..
سلاحہ ( حسبي اللہ ونعم الوكيل )
..
يوما ما كنت هنا
وسأبقى طيفا يزور هذا المكان
الذي عرفت فيه قلوبا طيبه
لن أنساها

رد مع اقتباس
قديم 24-05-2012, 08:18 AM   رقم المشاركة : 9
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثلجه ورديه
السلام عليكم ورحمة الله وبركآته

يعطيـك العافيـه على هالطرح الرائع ,,
مجهود مميز
لا عدمناك
ننتظر آلمزيـد ,,
باقآت الورد
لقلبك ولروحكـ،،..}❀✿இ

شاكره مرورك.






رد مع اقتباس
قديم 14-04-2012, 12:07 AM   رقم المشاركة : 10
شمس الرائدية


▁▂▃▅▆▇☀【نبض المنتــدى】☀▇▆▅▃▂▁
 
الصورة الرمزية شمس الرائدية
الملف الشخصي







 
الحالة
شمس الرائدية غير متواجد حالياً

 


 

’’






نبذة و طرح شآمل ..

الله يعطيكم آلعافيه ( قروب فوق هآم آلسحب ) ..’’






التوقيع :
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|

رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشاعر فهد المساعد ~ قروب فوق هام السحب شموخيے غير منتدى الشعر المنقول والصوتيات 22 22-12-2012 04:47 AM
شاركينا بذوقك ~ قروب فوق هام السحب دانة الكون منتدى الأسرة 1921 24-11-2012 02:36 AM
{قروب فوق هآم السحب}:رجل الثلج دانة الكون منتدى الأدب العربي الفصيح 56 07-11-2012 02:04 PM
{قروب فوق هآم السحب}:يومٌ آخر❀ نهر الوفاء منتدى الأدب العربي الفصيح 17 18-07-2012 10:18 PM



الساعة الآن 06:21 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت