لطالما بحثت عن ذلك الحجر الأسود الذي يطهر أرواح الموتى.. وبقليل من الأمل أبصرت و لو لثوانٍ معدودة في الأمل الذي سيطلق شرارة من نفسي من شأنها أن تنطبع في مأق عينيّ فتخرجني من حيرتي .. وتطهر بها نفسي من سوء أعمالي..
فقد تمضي عليك سنوات في غفلة منك و أنت تظن انك تحسن صنعاً .. في حين تكتشف و لو بالصدفة أنك قد ضيعت عمرك في عمل لا شيء.زلا أقصد في سبيل العمل الدنيوي بل العمل للآخرة و إن انطبق الوضع على كلا الحالتين ..
فتمضي في حياتك مطمئناً وتسف من الذنوب ما تسفّ حت تكتفي أحشاؤك منها وتشعر بالرغبة في تقيؤ ما احتوته من أجسام غريبة ..
لكن مع كل هذا الإفراط فإنك لن تستطيع التخلص منها بتلك السهولة .. وقد تختار أن تتكيف مع تلك الحالة بالجمود و اللمبالاة.
وستجد لنفسك تبريراً لزلاّتك .. وتتخيل أن عناية إلهية خارقة سوف تجترح معجزة لتغفر كل ذنوبك..
صحيح أن الله يغفر لمن يشاء لكن ذلك لا يمنع من اننا سنحاسب على كل ما اجترحته أيدينا ... ومن يعلم , فقد لا نكون ممن يغفر له!!
لأن الله وهبنا العقل الذي نميز به بين ما هو خاطيء و ما هو صواب .. إذن فما جدوى العقل إن لم نحيا به الليالي بما يكفي للتكفير عن ذنوبنا ..؟؟و إن لم نستخدمه للتفتيش عن ذلك الحجر الأسود؟؟
والسؤال الذي قد يلوح لنا : هل الحجر هذا موجود ؟ و إن وجد فأين هو ؟؟
إنه هناك في حفرة من الأرض .. حيث لا أثر نور.. و لا أثر لبصيص ضياء.. في لُجةٍ رطبة شديدة اللزوجة .. تبتلع الجسم رويداً رويداً..
في ذلك القبر الذي سيغلف جلودنا المقرحة فلا تلتئم بل تتحلل ببطء من أخمص القدم حتى أطراف الشعر..
إنه القبر الذي لن تدخله مختاراً بل مرغماً فينتزع منك الصوت و البصر و العقل...
ولن تجد ما يعينك على ظلمته سوى شمعة رمزية خالدة , و سرٌّ صغير...
فالشمعة صنعت من مادة مجهولة ..لا ..ليست مجهولة بل من مادة أعمالك الصالحة . وبقدر ما أحسنت صنعاً ستضيء لك أمامك و تنسيك و حشة القبر و ظلمته...
أما السر فهو الوحيد الذي لن تنساه من دنياك لأنه إيمانك... فلا ينبغي أن تنساه لأنك ستحتاج إليه
حين تسأل عن ربك و دينك و نبيك..
جعلنا الله جميعا ممن يحسنون صنعاً...