السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجمل ما قيل في الرثاء
أبدأ معكم بشاعر وداعية في العصر الحديث وهو [ مصطفى السباعي ] يرثي نفسه :
أهاجك الوجدُ أم شاقتك أثـارُ *** كانت مغانيَ نعم الأهل والدارُ
وما لعينيكَ تبكي حرقةً وأسى *** وما لقلبك قد ضجت به النارُ
على الأحبة تبكي أم على طـللٍ *** لم يبقَ فيه أحبــاءٌ وسمارُ
وهل من الدهر تشكو سوء عشرته *** لم يوفِ عهداً ولم يهدأ له ثارُ
هيهات يا صاحبي آسى على زمن *** ساد العبيد به واقتيدَ أحرار
أو أذرف الدمع من حبٍّ يفاركني *** أو في اللذائذ والأمالُ تنهارُ
فما سبتني قبل اليوم غانيةٌ *** ولا دعاني إلى الفحشاء فجَّارُ
أمتُّ في الله نفساً لا تطاوعني *** في المكرمات لها في الشر إضرارُ
وبعت في الله دنياً لا يسود بها *** حقٌّ ولا قاــــــــدها في الحقِّ أبرارُ
وإنما حزني من صبيةٍ درجوا *** غفـلٍ من الشرِّ لم توقد لـهم نارُ
قد كنت أرجو زماناً أن أقودهُمُ *** للمكرماتِ فلا ظلم ولا عارُ
والآن قد سارعت دربي إلى كفنٍ *** يـوما سيلبسه برٌّ وجبـارُ
بالله يا صبيتي لا تهلكوا جـزعاً *** عــلى أبيكم طريق الموتِ أقدارُ
تركتم في حمى الرحمن يكلؤكم *** مــن يهدِهِ الله لا توبقـــــه أوزارُ
وأنتمُ يا أهيــــلَ الحيِّ صبيتكم *** أمانة عندكم هـل يهمل الجارُ؟
أفـــدي بنفسيَ أمَّاً لا يفـارقها *** همٌّ وتنــــهارُ حـزناً حين أنهارُ
فكيفَ تسكنُ بعد اليوم من شجنٍ *** يا لوعةَ الثكـلِ ما في الدار ديارُ
وزوجةً منحتني كلَّ ما ملكت *** من صادق الودِّ : تحنانٌ وإيثارُ
عشنا زماناً هنيئاً من تواصلنا *** فكم يؤرقُ بعد العزِّ إدبارُ
وإخوةً جعــــــلوني بعد فقد أبي *** أباً لآمالهم روضٌ وأزهارُ
أستودعُ الله صحبا كنت أذخرهم *** للنائباتِ لنا أنس وأسمارُ
الملتقى في جنان الخلد إن قبلت *** منا صلاةٌ وطاعاتٌ وأذكارُ