السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
في الدنيا طريقين .. إما الاستقامة وإما الاعوجاج..
فمن استقام فقد التزم.. ومن اعوج فقد انحرف..
أمور عظام نسمعها .. نتيجة الانحراف
مصائب جمّة نراها .. نتيجة الانحراف
فمالحل ؟ ومالعلاج في مسألة الانحراف؟
هل نقف مكتوفي الأيدي؟ أم نكتفي بالاحتساب دون العمل ؟
بل علينا العمل لقمع هذه الأمور الخطيرة على المجتمع ..
فهي تؤدي بحياة كل عزيز على قلوبنا من أبناء وفتيات ..
وعملنا التالي هو نتيجة البحث المتواصل للانحراف و أضراره الذي نريد أن نمنع الباقين عنه ..
سائلين المولى أن يقينا وإياكم شر هذه المحدثات من الأمور المنحرفة...
ماهو الانحراف الاخلاقي؟
الانحراف هو الخروج عن الخطّ والميلان عنه .
فإذا خرج السائق عن خطّ السير نقول إنّه انحرف عن الطريق .
وإذا سار النهرُ باتجاه آخر غير مجراه الرئيس ، نقول إنّ النهر انحرف عن مجراه .
وإذا خرجت المركبة الفضائية عن مدارها ، قلنا إنّ المركبة انحرفت عن المدار .
وإذا خرج المسلمُ عن ضوابط الدين وقواعد الشريعة ، نقول عنه كما نقول عن السائق أو النهر أو المركبة ، إنّه خرج عن خطّ السير أو منهاج الشريعة .
ربما يستوقفنا تساؤل هنا
هل خطّ السير قيد ؟
ربّما كان في الظاهر كذلك .
لكنّنا يمكن أن نسمّيه بالقيد الايجابي الذي فيه مصلحة للانسان المسلم ، أي الذي يحفظ له سلامته البدنية والعقلية والنفسية ، ويحميه من عدوانه على نفسه ، أو عدوان الغير عليه .
الانحراف إذن خروج عن الحدّ .. فهو (شطط) و (شذوذ) و (تطرّف) والقرآن يعبّر عنه تارة بـ (الفسق) وهو خروج كل ذي قشر عن قشره ، فيقال فسقت النواة أي خرجت عن التمرة ، والمراد به اصطلاحاً العصيان وتجاوز حدود الشرع ، فحينما يقال فسق عن أمر ربّه أي خرج عن طاعته .
فـ (الفسق) انحراف .
ويعبّر عنه تارة أخرى بـ (الزيغ) وهو الميل عن المقصد ، أو الميل عن الطريق ، أي الاعوجاج بعد الاستقامة .
فـ (الزيغ) انحراف ..
وكما للسير أو المرور في الطريق قواعده وقوانينه التي تحمي السائق والمارّة من المخاطر ، فكذلك لكلّ مخلوق وكائن حيّ قواعد وقوانين تنظّم له حياته
ماهي اسبابه؟ وكيف نشأ في مجتمع يحكمه كتاب الله وسنة رسوله؟
أولاً: الأزمات العارضة:
إن الإنسان ينزع دوما نحو الإستقرار وأسبابه من حضارة وسلم وما بعده الأمم من عدة وعدد إنما هو لردع كل من يحاول أن يعرض إستقرارها للخطر, ومن هنا قد يتولد الإنحراف عن الحروب والهجرات الجماعية والمحتشدات وما تحثه من إهتزاز في القيم وعدم التلائم بين الفرد وبيئته الجديدة ولهذا كان حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يكون فتح مكة سلمياً وأن يبرم هدنة الحديبية توفيراً للأمن والإستقرار وإقتصاداً في الأرواح والأموال.
ثانياً: الظلم الإجتماعي:
إن الأصل في المجتمعات البشرية أن يسودها العدل الذي يأخذ من كل فرد طاقته ويعطي كل فرد حقه وما يستحقه حتى لا يحول الوضع الإجتماعي للفرد دون تفتح شخصيته, ولكن عندما يغيب سلطان العدل والأخلاق عند ذلك تختل الموازين فينقسم المجتمع إلى طبقات بعضها محروم من كل شيء والبعض الآخر يتمتع بكل شيء. وما نلاحظ من إختلال في التوازن بين الطبقات والشعوب ليس وليد حتمية طبيعية أو بخل في الطبيعة, فالله قد خلق من الخيرات ما يسد حاجات البشر ولكن أنّا يتحقق العدل وقد سلم المسلمون زمام أمر الإنسانية للمستكبرين الظالمين!!
وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)إبراهيم
ثالثاً: الفراغ المهني والدراسي:
1- الفراغ .. فالفراغ داء قتال للفكر والعقل والطاقات الجسمية ، إذ النفس لا بد لها من حركة وعمل ، فإذا كانت فارغة من ذلك تبلد الفكر وثخن العقل وضعفت حركة النفس واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب ، وربما حدث له إرادات سيئة شريرة ينفس بها عن الكبت الذي أصابه من الفراغ . وعلاج هذه المشكلة : أن يسعى الشاب في تحصيل عمل يناسبه من قراءة أو تجارة أو كتابة او غيرها مما يحول بينه وبين هذا الفراغ ويستوجب ان يكون عضواً سليماً عاملاً في مجتمعه لنفسه ولغيره .
رابعاً_ضعف الوازع الديني
إن استقامة الفرد متوقفة على فعالية التربية وإيجابية المؤسسات التي تؤثر في الفرد وتبني تصوره ونظرته إلى الوجود والحياة والمفروض أن المؤسسات تنمي في الفرد الشعور بالحرية مع وضع الضوابط له وتكوين وازع لديه ليعصمه من الإنحراف. والوازع بشيء من الإستقراء تبين أنه تساهم في تكوينه العوامل التالية:
أ ـ الوازع الديني الإيماني الذي ينشأ من الإيمان بالله واليوم الآخر الذي تجمع فيه الخلائق للجزاء العادل
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)الزلزلة
ب ـ الوازع القدر السنني الذي ينشأ من استقراء فعل السنن الإلهية في المجتمعات الإنسانية
ج ـ الوازع القضائي القانون: يتكون هذا الوازع بوعي الأحكام التي تحصي الجرائم والجنح وما يترتب عليها من الآثار العقابية البدنية أو المالية والنفسية حين يتعرض المنحرف للعقاب القانوني يفقد حريته وأهليته: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن..."
د ـ الوازع الطبيعي القدري: ويتولد من انتشار الوعي الصحي الذي يثبت العلاقة التلازمية بين الآفات وآثارها الوخيمة على الصحة ويذكر على سبيل المثال تولد التشمع في الكبد عن الخمر والسرطان في الحنجرة عن التدخين والسيدا عن الزنا والشذوذ الجنسي والديدان عن تعاطي لحم الخنزير وموت الإرادة والإضطرابات العصبية عن تعاطي المخدرات.
- استخدام تقنية البلوتوث الموجودة في الجوالات الجديدة في نشر كل ما يسئ لاخلاق الدين الاسلامي
6- بعض القنوات الفضائية المخلة بالادب
7- غياب الالتزام بالعادات و التقاليد ( إنما الأمم الأخلاق ..ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ..ذهبوا)
8- تغير المجمتع بأن صار يلهث خلف اي شئ الموضة وموضة الوقت هي شبيه بالانحلال
مانتائج ظاهرة الانحراف الاخلاقي
1_ وجود التهاون بالشعائر الدينية وأولها الصلاة، والتميع وعدم الجدية .
2_ وإهدار الأوقات وعدم تقدير قيمة الزمن
3_ والإسراف والتبذير والكبر والغرور.
4_ وإرتكاب الفواحش كالزنا واللواط، وعقوق الوالدين، وحب الراحة وعدم الصبر على العمل الجاد
المثمر وغيرها.
اعتقد ان الانحراف الحقيقي هو (( التجرد من الدين او الاخلاق وعقوق الوالدين او ادمان الخمور او
المخدرات وغيرها.. هذه المشاكل الكبيرة هي الانحراف بعينه وهي المشاكل التي لابد من علاجها
والتدخل السريع فيها))
وهو ((مخالفة للمبادئ والعادات السائدة في المجتمع، وهذا الانحراف قد يبدأ من عدم الحشمة في
اللباس وصولا الى المخدرات والسرقة والعنف وغيرها.. ونؤكد على اهمية دور الاسرة في صقل
شخصية الفرد الى جانب دور المجتمع تجاه الفرد، كما نرى ان مشكلة البطالة الموجودة في المجتمع
لها ان تزيد من نسبة المنحرفين))
أن الإنحراف له أسباب ذاتية وموضوعية وعلاجه يكمن في رسم استراتيجية حضارية شاملة يلتقي فيها النص الشرعي واحتياجات العصر والإنسان
والعلاج ليس تسكيناً للألم بل لا بد من الإسهام الإيجابي في البناء الحضاري الذي يقي من الانحراف.
ومن مقومات تلك الإستراتيجية ما يلي:
أ ـ تطوير المدرسة لتستجيب لتحديات المرحلة واحتياجات المجتمع
ب ـ تطويرالمسجد لتمكينه من أداء رسالته التربوية والإجتماعية والعلمية والتعبدية وإنشاء الرياض القرآنية التابعة
للمسجد مع تعيين مربين ذوي خبرة علمية وتربوية يساعدون على تحصين الطفل وتزويده مبكرا ببعض القيم وبعض الخبرات المناسبة لسنه.
ج_تطوير الخطاب المسجدي ليرتفع إلى مستوى متطلبات المرحلة والعصر
نشر الوعي اإجتماعي الإسلامي ليستعيد المسلم الوعي بقيمة العمل
ـ رفع مردود المؤسسات الإقتصادية لتوفير الأموال لتشغيل الشباب في قطاعات الخدمات المختلفة
ـ إحياء الضمير الجماعي في الأمة لاستعادة التلاحم بين أفراد المجتمع فبذلك تحيا وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتكافل الإجتماعي.
ومن طرق العلاج ايضاً ماذكره فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ونلخص بعض من ماذكر في هذه الاسطر
1_الألفه بين اطراف المجتمع وأن يعتقد الجميع بأن المجتمع بشبابه وكباره كالجسد الواحد إذا فسد منه عضو أدى ذلك إلى فساد الكل..
2_على الشباب والفتيات ان يتنبهوا في اختيار الصحبه من كان ذا خير وصلاح وعقل ، من أجل أن يكتسب من خيره وصلاحه وعقله ، فيزن الناس قبل مصاحبتهم بالبحث عن أحوالهم وسمعتهم، فإن كانوا ذوي خلق فاضل ودين مستقيم وسمعة طيبة فهم ضالته المنشودة وغنيمته المحرزة فليستمسك بهم وإلا فالواجب الحذر منهم والبعد عنهم..
3_قراءة بعض الكتب النافعه وأهم الكتب النافعة كتاب الله ، وما كان عليه أهل العلم من التفسير بالمأثور الصحيح والمعقول الصريح ، وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ما كتبه أهل العلم استنباطاً من هذين المصدرين أو تفقهاً .
ظن بعض الشباب أن الإسلام تقييد للحريات وكبت للطاقات فينفر من الإسلام ويعتقده ديناً رجعياً يأخذ بيد أهله إلى الوراء ويحول بينهم وبين التقدم والرقي .
وعلاج هذه المشكلة : أن يكشف النقاب عن حقيقة الإسلام لهؤلاء الشباب الذين جهلوا حقيقته لسوء تصورهم أو قصور علمهم أو كليهما معاً .
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مراً به الماء الزلالا
فالإسلام ليس تقييداً للحريات ، ولكنه تنظيم لها وتوجيه سليم حتى لا تصطدم حرية شخص بحرية آخرين عندما يعطى الحرية بلا حدود ، لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين ، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى ويحل الفساد .
وبعد ذكر بعض اسباب الانحراف وبعض ماذكر في علاجه نقف امام تسأول !
[blink]الحمايه من الانحراف مسئولية...تقع على عاتق من[/blink]
1_ الاسرة
2_ـ المراكز التعليمية والتربوية
3_علماء الدين والمؤسسات الدينية
4_الكتّاب والأدباء والمثقفون
5_مواقع الشبكة المعلوماتية الخاصّة بالشباب
6_الشباب أنفسهم
7_ وسائل الإعلام ممثلة في الإذاعة المرئية والمسموعة والصحف والمجلات .
تبقى مسؤولية الشاب عن نفسه في حماية نفسه من الانحراف من أهمّ المسؤوليات ، فقد لا تنفع الدوائر الأخرى في حمل الشباب على الإقلاع عن ظاهرة انحرافية معيّنة ، لكنّ الفتيان والفتيات ـ بما أوتوا من همّة عالية ـ قادرون على الوقوف بوجهها إذا تنبّهوا إلى مخاطرها الحاضرة والمستقبلة ، ذلك أنّ الشاب وحده الذي بيده قرار الاستسلام للانحراف والانسياق مع المنحرفين ، وبيده وحده قرار الممانعة والمقاومة ورفض الضغوط أو الإغراءات التي يلوّح بها الانحراف .
من هنا تأتي ضرورة أن يعمد الشاب أو الفتاة إلى تربية أنفسهما منذ وقت مبكر على الإحساس بالمسؤولية وتحمل نتائج الأعمال ومعرفة الصواب من الخطأ ، والرجوع إلى ذوي الخبرة والاختصاص في حال عجزوا عن ذلك .
فالانسان طبيب نفسه ، ويمكنك كشاب أن تتفادى الانحراف بالمزيد من الرقابة الذاتية والتحسّب للنتائج والمخاطر المترتبة عليه ، والتواصي فيما بينك وبين الآخرين من الأصدقاء والاخوة على مكافحته ومساعدة الدوائر الأخرى في القيام بدورها على أكمل وجه...
وبعد هذا الاجتهاد المتواضع نأمل أن يقف كل شاب وشابه وكل من جره الانحراف وقفة تأمل لنفسه و ذاته .. ويفكر
بعمق في الوسائل الصحيحة للابتعاد عن الانحراف ..وان يسعى للوصول إلى العلاج في الانتقال من منحرف إلى ملتزم
للمسار الصحيح لحياته...
اهم المراجع
بلوغ الآفاق بسمو الأخلاق
محمد حسن يوسف
مقال عن
إنحرافات الشباب وإنجذابهم للتيارات الشاذة
تربيه نت ....نادر الملاح
الشباب.. بين موقعه في الأمة وواقعه
الجزائر بقلم: الشيخ الشهيد محمد السعيد ـ رحمه الله*
مقال عن الانحراف لــ سلوى يحي _نادى الادب
انحراف الشباب ومشاكله
لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى
الاحصائية من كتاب ::انحراف الشباب للاستاذ:خالد الجريسي
وبعض المقالات المتفرقه..
منقول
وارجو من الجميع ان لاينسوا الدعاء لمن قام بهذا البحث من صالح دعائكم ونسأل الله الاخلاص في اقوالنا واعمالنا
اخوكم إبراهيم