صور صاعقة تضرب تمثال اليسوع قرب كنيسة الصخرة العظيمة في مدينة مونرو(ولاية أوهايو)
وترصد الأقمار الصناعية حوالي 100 ومضة برق في الثانية الواحدة، بمعدل سنوي يبلغ 1.4 بليون ومضة في العام، 80% منها يكون بداخل السحب، و20% بين السحابة والأرض، وهو ما يعرف بالصواعق. وبناء على المعلومات المستقاة من الأقمار الصناعية لوكالة ناسا والخاصة بالكثافة المكانية لحدوث ومضات البرق عالمياً خلال الفترة 1995م-2002م، والتي تظهرها الخريطة رقم() يتضح حدوث الومضات على سطح اليابسة بكثافة تفوق حدوثها على أسطح المحيطات؛ نظراً لانخفاض الحرارة النوعية لأسطح اليابسة مقارنة بالمحيطات، وما يترتب عليه من تسخين الهواء الملامس وما يعقب ذلك من تصعيد هوائي وعواصف رعدية وومضات برق .
خريطة التوزيع الجغرافي العالمي لومضات البرق خلال الفترة(1995م-2003م)
كما تظهر الخرائط أن 70% من الومضات يحدث في النطاق المداري، ويتباين تكرار الحدوث من مكان لآخر، فأعلاه بالقرب من قرية كيفاكا Kifuka بجبال شرق جمهورية الكنغو الديموقراطية –ترتفع 975م عن مستوى سطح البحر- حيث تتلقى 158 صدمة برق بالكيلومتر المربع في السنة. وفي أعالي نهر كاتاتيمبو Catatumbo بفنزويلا يحدث البرق في 140-160 ليلة بالعام.وفي الولايات المتحدة الأمريكية تأتي منطقة وسط فلوريدا في طليعة المناطق، حيث يصيب منطقة تامبا Tampa –والتي تعرف بزقاق البرق Lightning Alley- بمعدل تكراره 50 ضربة في الميل المربع.
وقد أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أن البرازيل التي تقع في المنطقة الاستوائية هي أكثر دول العالم إصابة بالصواعق، وقال اوسمار بينتو الباحث في مجموعة كهرباء الغلاف الجوي التي اشتركت مع المعهد البرازيلي لدراسات الفضاء في رسم خريطة للصواعق باستخدام بيانات الأقمار الصناعية أن البرازيل تضربها 70 مليون صاعقة سنويا أو ما يعادل صاعقتين أو ثلاث في الثانية الواحدة. ويموت حوالي مائة شخص في البرازيل سنويا بسبب اصابتهم بالصواعق. وتشكل هذه الحوادث عشر إجمالي الوفيات المرتبطة بحوادث الصواعق في العالم. كما تسبب الصواعق أضرارا سنوية تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار .
وتظهر إحصاءات الوفيات الناتجة عن الصواعق بالولايات المتحدة الأمريكية أنها هى الأعلى بين الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية الأخرى، حيث تتراوح بين 100 إلى 600 شخص سنوياً ، وتتسبب في جرح ما يتراوح بين 1000 إلى 1500 شخص سنوياً بجروح خطيرة. ويقع أغلب حالات الوفاة يقع بين الذكور في الفئة العمرية 15-44 سنة. وتركزت هذه الخسائر بشكل واضح بالجنوب والغرب الأوسط، وبصفة خاصة في فلوريدا وتكساس. وتشير إحصائيات اللجنة الوطنية الحكومية لإدارة الكوارث بكمبوديا إلى إن 93 شخصا قتلوا في عواصف برق العام الماضي أي أكثر من ضعف حصيلة 2007 التي بلغت 45 شخصا. وأكد نائب رئيس اللجنة أن أسباب ارتفاع حصيلة ضحايا البرق سنويا غير واضحة إلا أن تغير المناخ ربما يكون سببا في ذلك .
وكثرة حدوث الصواعق في آخر الزمان هو مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، حتى يأتي الرجل القوم، فيقول: من صعق قبلكم الغداة ؟ فيقولون:صعق فلان وفلان". مسند أحمد (3/65).
وقد رواه الحاكم في "مستدركه" بهذا الإسناد، ولفظه: قال: "تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، فيصبح القوم، فيقولون: من صعق البارحة ؟ فيقولون: صعق فلان وفلان".مسند أحمد (3/65). وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "يوشك أن لا تجدوا بيوتًا تكنكم؛ تهلكها الرواجف، ولا دواب تبلغوا عليها في أسفاركم؛ تهلكها الصواعق". رواه نعيم بن حماد في "الفتن". ولا شك أن الإنذار بكثرة الصواعق بين يدي الساعة فيه إلماحة لما سيطرأ على كوكب الأرض من تغيرات مناخية ظهرت بوادرها خلال العقد الأول من القرن الحالي، فقد نقلت وكالة أنباء نوفوستي الروسية أن حرارة الجو سجلت رقماً قياسياً مطلقاً في العاصمة الروسية هذا العام حين ارتفعت إلى مستوى 37.2 درجة مئوية، بينما الرقم القياسي المطلق السابق وهو 36.8 درجة مئوية كان قد سجل في عام 1920.
كما سجّلت رئاسة الأرصاد بالمملكة العربية السعودية رقماً قياسياً آخر بمدينة مكة المكرمة حين ارتفعت درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية تحت الظل، فيما سجلت 60 درجة مئوية تحت الشمس. والمؤمن يعبد ربه خوفاً وطمعاً ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا (24)﴾ ، يخاف البرق كصاعقة ويرجوه كسحابٍ مُمْطِر، ومثل هذه الظواهر وغيرها إنما تذكره بذكر الله، قال تعالى﴿وَيُسَبّحُ الرّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ(13)﴾ وفي ذلك يكمن سر النجاة ، حيث أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله فإنه لا يصيب ذاكراً"، وقال الأوزاعي كان ابن أبي زكريا يقول: من قال حين يسمع الرعد"سبحان الله وبحمده" لم تصبه صاعقة.
ولعل كثرة من تصيبهم الصواعق في آخر الزمان يعود إلى قلة الذين يذكرون الله، حيث لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، وحيث لا يوجد على الأرض ذاكراً، لما أخرجه الأمام مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله". كما روى الأمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قال ربكم عز وجل لو أن عبيدي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولما أسمعتهم صوت الرعد"رواه أحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.