غسيل المخ ... اصطلاح يتردد استعماله كثيرا في السنوات الاخيرة بالرغم من انه يحدث منذ اقدم المجتمعات البشرية
عملية غسيل المخ وان كانت قديمة , فان أسسها العلمية لم تتضح الا في اوائل الثلاثينات من القرن العشرين حيث بدأت الخطوة الاولى على مخ الحيوانات في معمل العالم الروسي الشهير بافلوف (1849-1936)
بالنسبة للانسان .. استندت عملية غسيل المخ على الحقيقة العلمية التي تقول ان الانسان عندما يتعرض الى ظروف قاهرة وصعبة تصبح خلايا مخه شبه مشلولة عن العمل والمقاومة .. بل قد تصبح عاجزة عن الاحتفاظ بما اختزنه من عادات .. لدرجة ان مقاومتها للأذى والتهديد الواقع عليها قد ينقلب الى تقبل أشد واستسلام أسرع للايحاء ولعادات جديدة أخرى وانعكاسات غريبة قد يتصادف حدوثها في تلك اللحظة
العوامل التي تؤدي الى غسيل المخ هي:
الصدمات النفسية المفاجئة
التكرار
التهديد المستمر
المواقف الشديدة المرعبة كالمعارك الدامية والكوارث
الارهاق العصبي المستمر كالسهر المتواصل او النوم المتقطع
الجوع والعطش الشديدين
الآلام الجسمية والنفسية الشديدة
بعض الادوية
هذه العوامل تحفز او تخدر او ترهق خلايا المخ وتوصلها الى الحافة الحرجة بحيث يصعب عليها ان تحتفظ بما تعلمته وبالتالي يتم غسل المخ وغرس مايراد فيه .
أي أن عملية غسيل المخ تدل على :
تطهير وطرد لعادات وافكار وميول اكتسبها عقل الانسان في وقت مضى وادخال أو غرس عادات وافكار اخرى جديدة في ذلك العقل ( المغسول )
وهي عملية تتسلط على العقل الذي اصبح نظيفا ( ناصعا ) ولقمة سائغة لحشوه بأية أفكار او دعاية او عقيدة .
أمثلة من الواقع على غسيل المخ :
وفي الحياة العامة امثلة كثيرة لغسيل المخ منها مايتم بطريقة منظمة ومقصودة ومنها مايتم بشكل عفوي
في الازمنة القديمة .. كان الرجل البدائي يدخل حلبة الرقص ويصرخ ويرقص على دقات الطبول ويصل الى قمة التهيج العصبي الذي يوصله الى حافة ( الغسيل ) حيث يصبح اكثر تقبلا واستسلاما لتعاليم رئيس قبيلته او الكاهن .. وهو نفس مانجده في ايامنا هذه في حلقات ( الزار ) في بعض المجتمعات العربية .
في قاعات المحاكم يتم غسيل المخ بصورة عفوية ... فقد ثبت ان بعض المتهمين وبالذات اذا كان من البسطاء او محدودي الذكاء يصل الى مرحلة شديدة من الاجهاد النفسي اثناء التحقيقات والاستجوابات تؤدي الى غسل مخه وتقبله للاتهام واعترافه بالجريمة بالرغم من أنه بريء ويتم تنفيذ الحكم فيه .. ويذهب ضحية ذلك ( الغسيل ) أبرياء .
اعلانات الصحف والتليفزيون .. مثال مبسط لغسيل المخ وتحويل الافكار .. صحيح انها لاتستخدم العوامل السالف ذكرها لكنها بما فيها من اغراءات حسية ومعنوية متكررة تحفز وتؤثر على الجهاز العصبي للانسان وعلى مشاعره وتنجح في كثير من الاحيان على تحويل ميوله أو تبديلها لمصلحة اصحاب الاعلانات .
ماتقوم بإذاعته القنوات الفضائية من أغان وبرامج ... ومذيعات كاسيات عاريات .. حتى نسي الناس قضيتنا وديننا ..
وأصبحت الأخبار الفنية ..والمسلسلات المكسيكية .. أكبر همنا.. بل أننا نشاهد دماء المسليمن تستنزف .. في أنحاء الأرض .. حتى نبدأ في التأثر .. ثم مانلبث أن تنتهي نشرة الأخبار .. وتأتي المذيعة ساحرة الإبتسامة .. لتعلن عن البرنامج التالي .. فتنسينا بإبتسامتها .. وبرنامجها السخيف .. ماشاهدناه .. قبل ثوان .
من البريد