"الحيــــــــــاء والعفــــــــــــة "
الفضائل الأقوى لدعم الأمـــن ودفع البلاء
يروي لنا الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه حياء الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها)
رواه البخاري و مسلم.
وقد ذكر الله تعالى ذلك في قوله سبحانه :
{فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ
فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ} (الأحزاب:53).
وقديماً قال العقلاء: «إذا لم تستحِ فافعل ما شئت»..
فإذا سقط الحياء سقط ركن من أركان شخصية الانسان وإيمانه،
وبالتالي لا يبالي ما يفعل من شرور ومنكرات واعتداءات، بمعنى آخر،
إذا ذهب الحياء حلّ البلاء.
وأمّا العفّة فليست فقط ستر العورة وعدم الاقتراب من الفاحشة..
إنّما هي القدرة عن الامتناع عن ممارسة الشيء السلبيّ مع امكانية القيام به، وهذا ما عبّر عنه أحد الشعراء بقوله:
أعفُّ لدى عُسري وأُبدي تجمّلا***ولا خيرَ فيمن لا يعفُّ لدى العُسر
عفّةُ يدك..
أن لا تمدّها إلى مال حرام (سرقة).. أو عدوان على بريء..
عفّةُ لسانك..
من الكذب والزور وأن لا تذكر به عيوبَ الناس، ولا تشتمهم ولا تفتري عليهم..
عفّةُ بصرك..
أن لا يقع على ما حرم الله مثل النظر إلي مفاتن النساء وعورات الناس ..
عفّةُ تفكيرك..
أن لا يقودك إلى سفاسف الأمور وتوافهها.. وأن لا يبتعد بك عمّا أراد الله لك..
عفّةُ سمعك..
أن لا تستمع به مايغضب الله ولاإلى ما
ينقله الفاسقون من أخبار كاذبة أو ملفّقة ليس لها غرض إلاّ إشعال الفتن والحرائق..
عفّة حياتك.. أن تجعلها مسرحاً لطاعة الله ورضاه.. وسبباً لأمنك وأمن الآخرين:
فلا والله ما في العيش خيرٌ***ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخير***ويبقى العودُ ما بقي اللحاءُ
هل تريد أن تعرف مكانة الحياء والعفّة في حياتك.. تأمّل في آثارهما: «العفّةُ تُضعفُ الشهوة».
لا شهوة الجسد والطعام والشراب الحرام، بل أيّة شهوة تُسقط هيبة الانسان ووقاره..
فشهوة الغضب ـ على سبيل المثال ـ إذا تحكّمت بالانسان أحالته إلى ثور هائج كما في سباق الثيران الإسبانيّ!
العفّةُ كابح وضابط يحدّ من الاندفاع الخطير نحو الأذى الذاتي والخارجيّ..
عفّةُ لساني.. تمنعني من شهوة العدوان اللفظي عن الآخر..
عفّةُ يدي.. توقفني عند حدّي فلا أتجاوز أو أعبر العدوان اللفظي إلى العدوان البدنيّ..
عفّةُ وجداني.. تحدّ من تفكيري في كلّ ما هو خلاف العفّة،
وحتى إذا جاءت كخواطر طارئة فإنّها لا تنزلها إلى الواقع والممارسة..
تردّها.. تردعها.. تُغلق دونها باباً..
عفتي .. تمنعني من كل إعتداء أي كان نوعه نفسي أم جسدي
ومن روائع ما قاله (أحمد شوقي):
وكنْ في الطريق عفيفَ الخُطى***شريفَ السماعِ كريمَ النظرْ
وكنْ رجلاً إن أتوا بعدَهُ***يقولون: مرَّ، وهذا الأثر!