مطحنة في العراق وفي فلسطين
أعتقد أن اليوم الخامس من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) لهذا العام، سيسجل في تاريخ القضاء والقانون العراقي بأنه اليوم الأسود، وذلك لصدور أحكام ظالمة ضد الرئيس الأسير العراقي صدام حسين وبعض من مساعديه، فالقضاة الذين أصدروا تلك الأحكام ينتمون إلى أقلية حاقدة مرفوضة في كل أماكن وجودها الجغرافي المجاور للعراق.
هذه الأقلية يشهد تاريخها المعاصر بالتبعية لأعداء العراق وناكرة للجميل، هذه الفئة الحاقدة، منحها النظام السياسي العراقي المعتقل حقوقا، لم يتمتع بها أقرانهم وبني جلدتهم في دول الجوار، وفوق هذا تآمروا عليه مع كل أعداء العراق والأمة العربية.
أما هيئة الادعاء العام ضد قادة النظام الذي فككه الغزاة الأمريكان، فهم أيضا من فئة حاقدة ثأرية تابعة لقوى خارج حدود العراق يوجهها مشروع صفوي مشحون بالحقد والكراهية ضد الشعب العراقي على وجه الخصوص والشعب العربي عامة.
إن هذه المحكمة شكلت على أسس طائفية عفنة، المتهمون من أهل السنة والقضاة أكراد والمدعون من الصفويين الحاقدين فأي عدل يا ترى يسود في هذه المحكمة، التي أساس تشكيلها باطل، لأنها ولدت من رحم قوات الاحتلال غير الشرعي، وتربت وترعرعت في أحضان الصهيونية والفئات الحاقدة.
لا غرابة في هذه الأحكام، لمعرفتنا أنها صدرت بتوجيهات قوى الاحتلال قبل أن تكتمل حلقات مسرحية المحاكمة، فلعل تلك الأحكام، كما يعتقد المخرجون لتلك المسرحية، تعدل الانتخابات التكميلية الجارية في واشنطن لصالح بوش الابن وحزبه، ويقيني أن الشعب الأمريكي أكثر وعيا من حكومته.
إذا كان قد صدر حكم طائفي ضد الرئيس العراقي صدام حسين، فقد صدرت قبله أوامر طائفية حاقدة بطحن وقتل كل علماء وفقهاء وأساتذة الجامعات والأطباء والقيادات العسكرية، وكل الكادر الإداري العراقي المدرب أحسن تدريب وما برحت المطحنة تدور لتطحن أجساد كل شرفاء العراق علي أيدي الفئة الصفوية الحاقدة الباغية.
أستطيع القول إن الشعب العربي في العراق بكل طوائفه وعقائده محكوم عليه بالإعدام من قبل الصفويين الحاقدين، وأستطيع القول إن الرئيس صدام حسين سيسجل اسمه في تاريخ العراق والعرب بأحرف من نور فهو لم يهادن أو يساوم الصهاينة، ولم يخضع لابتزاز دولة الاستكبار العالمي.
إنه الزعيم العربي الذي قال لا لكل أعداء امتنا العربية والإسلامية، ‘نه بكل جلاء شهيد المواقف رحمه الله حيا أو ميتا، ولكني أنبه أن جيلا عراقيا عربيا قادما لا محالة سيحمل رايات تحرير العراق من الشعوبيين والصفويين وسيعود وجه العراق العربي ناصعا ومشرفا يشد من أزر أمته ويعينها على عاديات الزمان .
(2)
تلك المطحنة في بغداد تدور بلا عقل ولا حساب، والمطحنة الثانية تدور بسرعة كبير تطحن الإنسان الفلسطيني بعظامه، وتدمر ما صنع وما زرع وتهدم ما بني. هذه المطحنة نسخة من المطحنة الجارية في العراق العزيز، الطحان واحد، إنه الاحتلال وجنوده في كل من العراق وفلسطين.
بالأمس، شاهدنا على شاشات التلفزة العالمية نساء فلسطين العفيفات الشريفات المجاهدات يتصدين بأجسادهن لإنقاذ رجال المقاومة وشبانها من جحافل الجيش الصهيوني، المدجج بأحدث الأسلحة التي أنتجتها المصانع العسكرية الأمريكية، في الوقت الذي يقف فيه كهنة فتح من محدثي النعمة ليدينوا الحكومة الفلسطينية (حماس)، لكونها لم تستجب للشرعية الدولية.
وقال أحدهم إن الاعتراف بإسرائيل هو الرد علي ممارساتها، وعليهم (حماس) أن يتخلصوا من الفكر الرفضوي المنغلق على الذات، ومحدث نعمة فتحاوي آخر يقول ليس شرفا أن نحصي شهداءنا وأسرانا، وإنما على الحكومة (حماس) أن تقدم حلولا لتجنيب الشعب المآسي وكأن المقاومة ورص الصفوف الفلسطينية لمواجهة قوى الاحتلال ليس من الحلول التي مارستها كل شعوب الأرض لإنقاذ الشعب من جبروت الاحتلال.
كنا نتوقع من محمود عباس أن يبادر إلى تحية رجال ونساء فلسطين علي مقاومتهم للعدوان الصهيوني علي قطاع غزة، وان يرفع الحصار المفروض علي حكومته (حماس) من قبل حزبه الفتحاوي وذلك ردا على انضمام الصهيوني المتطرف ليبيرمان الذي يطالب باجتثاث الشعب الفلسطيني من كل فلسطين التاريخية.
كنا نتوقع من محمود عباس وحزبه أن ينزل إلي الشارع وجنده تأييدا للمقاومة الباسلة واحتجاجا علي الاجتياح الصهيوني لغزة المجاهدة، وأن يأمر بصرف مستحقات الموظفين من الأرصدة التي بحوزته من أموال منظمة التحرير الفلسطينية، لكنه مع الأسف الشديد راح يطالب المبعوث الأمريكي السيد وولش بأن يطلب من إسرائيل أن تحترم تعهداتها المتعلقة بتزويد أجهزة الأمن والحرس بالسلاح من الأردن ومصر لكي يقوم بوجباته الأمنية..
يا للهول!! يطلب رئيس فلسطين تزويده بالسلاح عبر إسرائيل من القاهرة وعمان طبعا لمواجهة حركة حماس والجهاد، ولا يطلب السماع بإدخال الأموال النقدية والعينية للشعب المحاصر من قبل أركان فتح التي طالما تغنينا بأناشيدها ودخلنا المعتقلات تأييدا لها.
آخر القول: المالكي في العراق يأمر بإعدام أحرار العراق ويجعل شرفاء العراق رجالا ونساء سبايا لكل جحافل الشعوبية والطائفية، محمود عباس في فلسطين يشارك في فرض الحصار الظالم على الشعب ويغض الطرف عن أعوانه من قوى الأمن، عندما تعبث بأمن الوطن والمواطن، تحت ذريعة: "بدنا نأكل خبز"، ويسكت كليا عن جرائم حلفائه الإسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني..
المجد لنساء فلسطين الماجدات الصابرات المؤمنات والعار كل العار للمتخاذلين من القيادات الفلسطينية أولا. والمجد لشعب العراق المقاوم. انتهى
وقد علقت الصحف الموريتانية على الحكم فقالت[ .. قالت صحيفة "الأمل الجديد" الموريتانية: إن الحكم على صدام بالإعدام قد منحه الشهادة، والخلود في التاريخ حيث أهدته أمريكا أغلى ما يتمنى المجاهد ، فجاءت النتيجة عكس ما يتمنى الأمريكان شهادة وخلودًا للحاكم الصامد ، في حين تعاملت أمريكا بمنطقها الدنيوي لـ "حب الحياة " فلم تفهم ما منحته لصدام . وطالبت الصحيفة - في سخرية شديدة اللهجة - القادة العرب بتفهّم الرسالة الأمريكية "بأنها تحيي وتميت.. تحيي من سار في فلكها وتعلق بأذنابها، وتميت من خالفها ووقف في وجه مخططاتها"، مضيفة أن المحكمة قد حكمت لبوش بالنجاح في الانتخابات القادمة - في إشارة لتوقيت إعلان الحكم على الرئيس العراقي قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي. بحسب ما أوردته " الجزيرة نت ". ومن جانبه أعرب " ولد محنض " رئيس تحرير صحيفة "الحسين" الموريتانية عن اندهاشه من "السكتة الكلامية"، والتي أصابت القادة العرب من المحيط إلى الخليج قائلاً "إنهم لم يرفضوا أو يتحركوا أو يدينوا أو حتى يلتمسوا، وكأن وساطة القادة العرب والتماسهم وشفاعاتهم لا يستحقها إلا أمثال الممرضات البرتغاليات". وأضاف "ولد محنض" أما بالنسبة للحكام العرب الصامتين فستحكم عليهم محاكم التاريخ بالحياة في كراسي الذل والمحو من الذاكرة ].