إن الأسرة والبيئة والمدرسة هي محاضن التربية الأساسية في حياة الإنسان، وفي الأسرة يأخذ الإنسان الكثير الكبير، فهو في الغالب يأخذ دينه وأخلاقه وأدبه وأدب التعامل، ولذلك كان من الأهمية بمكان أن يلحظ البيت المسلم ترتيب العلاقات وأدب التعامل بحيث يكون الأدب يحكم البيت ويسري من البيت نحو الخارج. إن كثيرين من الناس يكونوا أسوأ الناس أخلاقاً داخل البيت ويحاولون أن يكونوا مثاليين خارجه، وقد وردت نصوص تصف جيلاً بأنه يطيع زوجته ويعصي أمه، ويبر صديقه ويعق أباه. إن ميزان الخيرية هو حسن المعاملة مع الأقرب فالأقرب، فخيركم خيركم لأهله، "أُمُك ثم أُمُك ثم أُمُك ثم أدناك فأدناك" أخرجه البخاري ومسلم. ومن هاهنا ينبغي أن يُعتنى داخل البيت المسلم بأدب العلاقات وحسن العشرة. فالأدب مع الأبوين واحترامهما وطاعتهما وبرهما وتخصيصهما بمزيد من العناية، وحسن العشرة بين الزوجين بأن يتعاملا بالحلم والحكمة وغض الصوت، وترك الجدال والخصومة، والطاعة للزوج، ورعاية الأبناء والبنات بالرحمة والشفقة، وحسن التأديب في أمر الدين والدنيا من الأهمية الكبيرة.
ومن المستحسن أن نسجل هذه الملاحظات:
أولاً: إنه لا يصح أن يسكت على سوء أدب أو سوء خلق أو سوء تصرف في البيت، ولكن لا بد من تخير الأسلوب المناسب للمعالجة، ولابد من تخير الوقت المناسب للنصيحة.
ثانياً: لابد أن يلاحظ عبث الأطفال مع بعضهم بعضاً، وعبثهم مع أولاد الجيران، ولابد أن يُعوّدوا على أن هناك حدوداً لا يصح أن تتجاوز وأن هناك حدوداً لا يصح أن تقرب.
ثالثاً: لابد من تعويد الأطفال على أن يحترم الصغير من هو أكبر منه، وعلى احترام الصغار للكبار في المعاملة وغض الطرف وغض الصوت وعدم الإيذاء إلى غير ذلك.
رابعاً: إن الطفل عنده نوع إدراك منذ ولادته وبالتالي فلا يصح أن يقول قولاً أو يتصرف تصرفاً أو يعتاد عادة إلا وقد حُسِّن له الحسن وقبّح له القبيح.
خامساً: ينبغي أن يعتاد كل أهل البيت أن يبادر كل منهم إلى الخدمة وألا ينتظر من غيره أن يخدمه، وليقلل كل من أهل البيت الطلب من الآخرين إلا لحاجة أو ضرورة.
سادساً: ينبغي أن يربى كل فرد في البيت على التواضع لغيره من سكان البيت وعلى التواضع للآخرين من ضيوف البيت، ويراعى ذلك في كل مكان في المجلس وغيره.
سابعاً: ينبغي أن يعتاد كل فرد من أفراد البيت على الكلمة الطيبة مع بعضهم بعضاً ومع الجيران ومع كل الناس.
ثامناً: ينبغي أن يعتاد كل فرد في البيت على القيام بحق الضيوف وحسن استقبالهم والاستبشار بهم وبحس الإقبال عليهم وبضيافتهم.
تاسعاً: لا ينبغي أن يعتاد الأطفال على الدخول على الضيوف، وإن حدث ذلك فلفترة قصيرة ودون أن يكون هناك إزعاج.
عاشراً: ينبغي أن يعتاد كل فرد في البيت على ألا يتصرف تصرفاً أو يقول قولاً يخل بالذوق العام أو المروءات جداً أو هزلاً.