أحد المشايخ جاءه شخص يشتكي وقد اسودت الدنيا في عينيه وحطمه اليأس، وسبقت الدموع كلامه وعبراته تخفي صوته المبحوح، وقال: ما أفعل يا شيخ؟! الديون تحاصرني ولا أستطيع سدادها ولو عملت خمسين سنة دون أن آخذ ريالاً واحداً من راتبي الشهري لما انتهى ديني.
فما أفعل وقد سدت في وجهي كل الأبواب؟!.
فقال له الشيخ: استعن بالله ولا تيأس، والزم الاستغفار ليل نهار وفي كل حين ولن يخذلك الله.
وغاب الرجل عاماً كاملاً ثم جاء إلى الشيخ وهو في صورة غير تلك التي رآه فيها؛ وجه مشرق، وابتسامة عريضة تسبق سلامه، وقبلة شكر على جبين الشيخ إجلالاً وتقديراً له.
فقال: هل تذكرني؟ أنا الذي أتيتك ذات يوم مهموماً مغموماً اشتكيت لك الدين الذي أثقل كاهلي وأتعب نفسيتي وشل تفكيري، فنصحتني بالتزام الاستغفار في كل حين.
فعملت بنصيحتك وقد قضى الله كل ديوني، بل أصبح لدي وفرة من المال.
فسأله الشيخ: وكيف حصل ذلك؟!.
فقال الرجل: ذات يوم ذهبت إلى أحد المكاتب العقارية القريبة من سكني لأبحث عن مسكن آخر أستأجره، فشهدت وقت حضوري إتمام صفقة عقارية، واتفق الحاضرون على توزيع السعي على من حضر؛ وكان نصيبي من تلك البيعة أكثر من ثلاثة آلاف ريال.
فأخذت أزور المكاتب العقارية أقتنص الفرص المناسبة، وذات يوم أخبرني صاحب إحدى الأراضي التجارية المهمة أن أسعى له في أرض له وأخبرني أن سعايتي لن تقل عن مائة ألف ريال.
فبدأت في البحث عن مشتر لهذه الأرض ووفقني الله وتمت البيعة.
وهكذا استمريت سمساراً في الأراضي ورزقني الله الخير الكثير حتى قضيت كل ديوني بفضل الله.
وقفة: ما أجمل أن نكون صادقين مع الله ومع أنفسنا وأن نتوكل على الله حق توكله، وتكون ثقتنا في الله كبيرة بأن يقبل دعاءنا ويفرج همنا ويقضي ديوننا، إنه على كل شيء قدير.
المصدر: كتاب " لا تيأس " . أحمد سالم بادويلان.