[align=center]
هذا مقال حول وفاة أحد العلماء المعاصرين رحمه الله
محمد الأشقر.. عطاء إسلامي نبيل بين السعودية والكويت وبلاد الشام
روى الإمام البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى اذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا».
فقدت الدعوة الإسلامية الاسبوع الماضي احد رموزها المعاصرين بوفاة الشيخ الدكتور محمد بن سليمان الأشقر - رحمه الله - بعد حياة طويلة قضاها في العلم والتعليم والتدريس، وكان رحمه الله مدرسا لأصول الفقه في كلية الشريعة بجامعة الكويت عندما كنا تلاميذ فيها في الثمانينات قبل ان يجبره الاحتلال العراقي الآثم على المغادرة الى الأردن، وكان راغبا في البقاء في الكويت رغم الظروف لولا أنه بلغه ان سلطة الاحتلال كانت تسأل عنه بالاسم فغادر.
ولد الشيخ الأشقر (وكنيته أبوعبدالله) في فلسطين في الثلاثينات من القرن الماضي في بيت دين وعلم وكان هو المدرس الأول لأخيه الدكتور عمر الاشقر وهو مشهور مثله في مجال الفقه والدعوة، وانتقل الشيخ محمد الى السعودية في الستينات إذ درس على يد المشايخ الكبار من الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وعمل في مجال التعليم الشرعي في الرياض وبعض القرى في وسط الجزيرة قبل أن ينتقل معه الى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة حيث زامل هناك بعض الفقهاء المشهورين مثل الشيخ ناصر الدين الالباني.
وفي عام 1965 وفد الى الكويت وعمل في مواقع متعددة منها امامة بعض الجوامع وفي لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف وكانت له مساهمة كبيرة في مشروع الموسوعة الفقهية التي اعتبرها انجازا علميا كبيرا، وخلال اقامته في الكويت التي استمرت 25 عاما أنجز كتبا ومصنفات ثمينة من اهمها انه اختصر تفسير «فتح القدير» للإمام الشوكاني، وسماه «زبدة التفسير» وكتاب «الواضح في اصول الفقه».
وقد اصابه المرض في اواخر حياته وصار مقعدا ولكن ذلك لم يثنيه عن طلب العلم وكان لدى وفاته يعمل في ثلاثة مشاريع، الكتاب الأول صحيح مسند الإمام أحمد على شرط البخاري، الكتاب الثاني مختصر تفسير ابن كثير، والكتاب الثالث: الجامع العزيز الشامل للأحاديث العزيزة، والاحاديث العزيزة هي التي جاءت عن طريقين اي عن طريق اثنين من الصحابة بسند مختلف.
كان رحمه الله يشيد كثيرا بجهود الكويت في خدمة العلم الشرعي وخصوصا مشروع الموسوعة الفقهية التي صارت مرجعا لطلبة العلم الشرعي على مستوى العالم، وفي مقابلة صحافية العام الماضي تمنى على الكويت تبني موسوعة اسلامية شاملة تغطي لا الفقه فقط بل كل جوانب العلوم الإسلامية لتكون بديلا لموسوعات أعدت في الغرب وفيها من المعلومات المغلوطة عن الإسلام ما فيها.
والحقيقة أن وفاة الشيخ الأشقر رحمه الله تذكرنا بحقبة كانت الكويت فيها رائدة في احتضان العلماء وتبني المشاريع العلمية في خدمة الإسلام ونرجو ان تتجدد هذه الريادة للكويت، وان تستثمر الكويت المزيد من الطاقات في خدمة هذا الدين العظيم.
كاتب المقال: د. وليد الطبطبائي - نائب في مجلس الأمةالكويتي[/align]