..
بسم الله الرحمن الرحيم ~
قال الله تعالى : [ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ] سورة البقرة .
من أسباب نزول هذهـ الأية ..
قال الحسن إن قوماً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : أقريب ربنا فنناجيه , أم بعيد فنناديه ؟ فنزلت هذه الآية .
أي أقبل عبادة من عبدني فالدعاء بمعنى العبادة والإجابة بمعنى القبول .
واعلمي أخي/تي أن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط , فشرط الداعي , أن يكون عالماً بأن لا قادر إلا الله ,
وأن الوسائط في قبضته ومسخرة بتسخيرهـ , وأن يدعو بنية صادقة وحضور قلب .
فإن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلب لاهـ , وأن يكون متجنباً لأكل الحرام , ولا يمل من الدعاء .
ومن شروط المدعو فيه : أن يكون من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعاً
كما قال عليه الصلاة والسلام :[ مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم ]
فيدخل في الاثم كل ما يأثم به من الذنوب ويدخل في الرحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم .
قال ابن عطاء الله : إن للدعاء أركاناً , وأجنحة , وأسباباً وأوقاتاً , فإن وافق أركانه قوي ,
وإن وافق أجنحته طار إلى السماء , وإن وافق مواقيته فاز , وإن وافق أسبابه نجح ,
فأركانه : حضور القلب , والخشوع , وأجنحته الصدق , ومواقيته الأسحار ,
وأسبابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن آداب الدعاء : أن يدعو الداعي مستقبلاً القبلة , ويرفع يديه لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : [ إن الله ربكم حي كريم ليستحي من عبدهـ إذا رفع يديه أن يردهما صفراً ] ,, سبحانك يارحيم .
وأن لا يرفع بصرهـ إلى السماء لقوله صلى الله عليه وسلم : [ لينتهين أقوام
عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء في الصلاة, أو ليخطفن الله أبصارهم ] .
وأن يخفض الداعي صوته بالدعاء لقوله تعالى : [ أدعوا ربكم تضرعاً وخفية ].
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إذا سأل أحدكم
مسألة فتعرف الإجابة , فليقل : الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات , ومن أبطأ عليه
من ذلك شيء فليقل : الحمدلله على كل حال ]
ينبغي منك أخي / أخيتي الحبيبة أن تجتهد في الدعاء , وأن تكون/ي على رجاء من الإجابة ,
ولا تقنط/ي من رحمة الله لأنكِ تدعين كريماً .
وعليكِ غاليتي بتحري ساعات الإجابة فهي أحرى للقبول من غيرها ..
وذلك وقت السحر , ووقت الفطر , ومابين الأذان والإقامة , وعند نزول الغيث ,
وفي الثلث الأخير من الليل , لما جاء في الحديث : [ إن في الليل
ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاهـ ] .
وفي حالة السجود لقوله صلى الله عليه وسلم : [ أقرب ما يكون العبد من ربه
وهو ساجد , فأكثروا الدعاء ]
ختاماً :
اللهم إنك عرفتنا بربوبيتك , وغرقتنا في بحار نعمتك , ودعوتنا إلى دار قدسك ,
ونعمتنا بذكرك وأنسك , إلهي إن ظلمة ظلمنا لنفوسنا قد عمت ,
وبحار الغفلة على قلوبنا قد طمّت , والعجز شامل , والحصر حاصل ,
والتسليم أسلم وأنت بالحال أعلم , إلهي ما عصيناك جهلاً بعقابك ,
ولا تعرضاً لعذابك , ولكن سولتها نفوسنا وأعانتنا شقوتنا وغرنا سترك علينا ,
وأطمعنا في عفوك برك بنا .
فالأن من عذابك من ينقذنا ,وبحبل من نعتصم إن قطعت حبلك عنا ؟
واخجلتاهـ غداً من الوقوف بين يديك , وافضيحتاهـ إن عرضت فعالنا القبيحة عليك ,
اللهم اغفر ما علمت , ولا تهتك ما سترت .
إلهي إن كنا عصين!اك بجهل فقد دعوناك بعقل ,حيث علمنا أن لنا رباً يغفر لنا ولا يبالي ,
إلهي ارحم عباداً غرهم طول إمهالك , وأطمعهم كثرة إفضالك فقد ذلوا لعزك وجلالك ,
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولكل المسلمين أجمعين ,
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
من كتاب ( المستطرف في كل فن مستظرف )
.