تكون معالجة الغضب بأمور وطرق كثيرة دلّنا عليها الإسلام، ومنها:
1- ترويض النفس وتدريبها على التحلّي بفضائل الأخلاق، وتربيتها على الحلم والصبر وعدم الاندفاع أو التسرع في الحكم، وحثّها على التأني. وقدوتنا في هذا الأدب الرفيع رسول الله عليه السلام، الذي كان يسبق حلمه غضبه، وعفوه عقابه. ولذلك ورد أن لقمان الحكيم قال: "لا يعرف الحليم إلا عند الغضب".
قال الشاعر :
ليست الأحلام في حال الرضا
إنما الأحلام في حال الغضب
وقال غيره: من يدّعي الحلم أغضِبْهُ لتعرفه؛ لا يُعرفُ الحليم إلا ساعة الغضب..
2- أن يتذكر الإنسان ما جاء في ثواب العفو وفضل كظم الغيظ. فقد روي عن النبي عليه السلام قوله: «ما كظم عبد لله إلا ملأ جوفه إيماناً» رواه أحمد. وعند أبي داود: «ملأه الله أمناً وإيماناً». وقال عليه الصلاة السلام: «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً» رواه مسلم.
وهذا فيه تربية للمسلم على التحكم في النفس وقهر الغضب رغبة في الجزاء الحسن والثواب العظيم من الله سبحانه.
3- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وذكر الله جل وعلا؛ لما في ذلك من الخوف منه سبحانه، وتذكر لعظمته وسطوته وقدرته. قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف:24]. وقال عبدالله بن مسلم بن محارب لهارون الرشيد: "يا أمير المؤمنين، أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك، وبالذي هو أقدر على عقابك منك على عقابي لما عفوت عني".. فعفا عنه، وكان قد غضب عليه غضباً شديداً.
كما أن في قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:200]، علاج عظيم لأن الإنسان عندما يستعيذ بالله فإنما هو يلوذ بجناب الله سبحانه، فيطرد الشيطان ويندحر، ومن ثم يسكن الغضب وتزول أسبابه.
روى البخاري ومسلم أنه استب رجلان عند النبي عليه السلام، وأحدهما يسب صاحبه مغضباً قد أحمر وجهه، فقال عليه الصلاة والسلام: «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد.. لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
لا يكون الغضب محموداً إلا في حالة واحدة، وهي أن تُنتهك حرمات الله سبحانه أو يُعتدى على أمر من أوامره أو يُعطل حكم من أحكامه، عندها يكون الغضب محموداً؛ وعلى المسلم حينها أن يغضب لله وأن يثور على من انتهك محارم الله أو اعتدى على حرمات الدين. وكما جاء في الحديث «ما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى» رواه البخاري ومالك.
م . ن . ق . و. ل