من أسرار القرآن
{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}( البقرة:185)
الشهر الوحيد الذي جاء ذكره باسمه صريحا في القرآن الكريم هو شهر رمضان, وذلك تشريفا له لأن الله- تعالي- اختاره من بين شهور السنة لإنزال القرآن الكريم فيه.
وهذا الكتاب هو ناسخ لجميع الرسالات السماوية التي سبقت نزوله, ولذلك تعهد ربنا تبارك وتعالي- بحفظه, في نفس لغة وحيه( اللغة العربية) علي مدي أربعة عشرة قرنا أو يزيد, وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم جامعا للهداية الربانية للخلق أجمعين إلي يوم الدين, وشاهدا عليهم
.
وتأكيدا علي وحدة رسالة السماء قال المصطفي( صلي الله عليه وسلم):-
أنزلت صحف أبراهيم أول ليلة من شهر رمضان, وأنزلت التوراه لست مضت من رمضان, وأنزل الزبور لثلاث عشرة مضت من رمضان, وأنزل الإنجيل لثماني عشرة خلت من رمضان, وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان. ولذلك قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم- الأنبياء أخوة لعلات, أمهاتهم شتي, ودينهم واحد.
وتأكيدا علي ذلك نقول أنه كما فضل ربنا- تبارك وتعالي- بعض الرسل وبعض النبيين علي بعض وبعض الأفراد العاديين علي بعض, فإنه فضل بعض الأماكن وبعض الأزمنة علي بعض, فجعل مكة المكرمة أفضل بقاع الأرض علي الإطلاق, يليها في الفضل مدينة رسول الله- صلي الله عليه وسلم-, يليها مدينة القدس( حررها الله).
ومن تفضيل الزمان جعل ربنا- تبارك وتعالي- يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع, وجعل شهر رمضان أفضل شهور السنة, وجعل الليالي العشر الأخيرة منه أفضل لياليه, وجعل أفضلها علي الإطلاق هي ليلة القدر التي جعلها الله- تعالي- خيرا من ألف شهر, وفي ذلك يقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين* فيها يفرق كل أمر حكيم* أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين* رحمة من ربك إنه هو السميع العليم) ( الدخان:3-6).
وقال عز من قائل: إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر* تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر* سلام هي حتي مطلع الفجر*}( القدر:1-5).
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن القرآن الكريم أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلي بيت العزة من السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان في أول سنوات البعثة النبوية الشريفة, ثم أنزل بعد ذلك مفرقا علي رسول الله- صلي الله عليه وسلم- بحسب الوقائع علي ثلاث وعشرين سنة.
وهذا يؤكد أن تعظيم شهر رمضان ليس لمجرد فرض الصيام فيه علي كل مسلم بالغ, عاقل, حر, سليم ومقيم( ذكرا كان أو أنثي) وإنما كان تعظيم هذا الشهر لسر فيه يشير إليه اختيار الله تعالي- له لإنزال جميع ما نعلم من الرسالات السماوية فيه.
ومن هنا كان تشريع الصيام في شهر رمضان تكريما له وتشريفا. وهذا لا ينتقص من قدر عبادة الصيام عند رب العالمين القائل في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به....
وكان المصطفي صلي الله عليه وسلم- يبشر أصحابه الكرام بمقدم شهر رمضان وذلك بقوله الشريف: قد جاءكم شهر مبارك, افترض الله عليكم صيامه, تفتح فيه أبواب الجنة, وتغلق فيع أبواب الجحيم, وتغل فيه الشياطين, فيه ليلة خير من ألف شهر, من حرم خيرها فقد حرم.
ومن أقواله أيضا ما يلي:
1- الصلوات الخمس, والجمعة إلي الجمعة, ورمضان إلي رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
2- من صام رمضان وعرف حدوده, وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبله.
3- من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
4- إن للجنة بابا يقال له الريان, يقال يوم القيامة: أين الصائمون؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب.
وكان فرض صوم شهر رمضان في يوم الإثنين, في الليلة الثالثة من شهر شعبان, من السنة الثانية من الهجرة وكل من القرآن والسنة وإجماع أئمة الأمة يؤكد أن صوم رمضان واجب إسلامي, وركن من أركان هذا الدين التي علمت من الدين بالضرورة, لذلك كان منكره كافرا مرتدا عن الإسلام.
أعاننا الله- تعالي علي حسن صيام رمضان وقيام ليله, ومدارسة القرآن الكريم فيه, وأداء حقوقه علي الوحه الذي يرضي ربنا( آمين), وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.