رسالة أم إلى ابنتهـــــا
ابنتي ... هذا حديث القلب للقلب , والدنيا لم تبق لنـــا إلا اللقاء السريع بسبب مشاغلها وسرعة انقضائها وإن حبي لك جعلني أفكر في وسيلة أصل فيها إليك فلم أجد إلا هذا الحديث معك ...
ابنتي أغلى ما في الدنيا
ابنتي ... لنكن صريحين صراحة منضبطة بضوابط الشرع , وواضحين وضوحا محاطا بسياج الحياء والعفة لتكون خطوة للتصحيح ونقلة للإصلاح . بعيدا عن العاطفة , لو كانت الفتاة التي تقيم العلاقة المحرمة منطقية مع نفسها وطرحت هذا السؤال : ماذا يريد هذا الشاب ؟؟؟ ما الذي يدفعه لهذه العلاقة ؟؟؟ بل ماذا يقول لزملائه حين يلتقي بهم ؟؟؟ وبأي لغة يتحدثون عني ؟؟؟ إنني أجزم يا ابنتي أنك حين يزاح وهم العاطفة عن تفكيرك فستقولين وبملء صوتك إن مراده هو الشهوة والشهوة الحرام ليس إلا , إذن ألا تخشين الخيانة ؟؟ أترين هذا أهل للثقة ؟؟ شاب خاطر لأجل بناء علاقة محرمه , شاب لا يحميه دين أو خلق أو وفاء , شاب لا يدفعه إلا الشهوة أولا وآخرا , أتأمنيه على نفسك بعد ذلك ؟؟ لقد خان ربه ودينه وأمته ولن تكوني أعز ما لديه , وما أسرع ما يحقق مقصودة لتبقى لا سمح الله صريعة الأسى والحزن والندم . وحين يخلو هؤلاء الشباب التائهون يا ابنتي بأنفسهم تعلو ضحكاتهم بتلك التي خدعوها , أو التي ينطلي عليها الوعد الكاذب والأحاديث المعسولة , انتبهي واحذري .
حبيبتي ابنتي ... لقد خص الله سبحانه وتعالى الفتاة بهذه العاطفة والحنان لحكم يريدها سبحانه , ومنها أن تبقى هذه العاطفة رصيدا يمد الحياة الزوجية بعد ذلك بماء الحياة والاستقرار والطمأنينة , رصيدا يدر على الأبناء والأولاد الصالحين حتى ينشؤوا نشأة صالحة . فلم تهدر هذه العواطف لتجني صاحبتها وحدها الشقاء في الدنيا وتضع يدها على قلبها خوفا من الفضيحة في النهاية ؟
حين تعودين إلى المنزل وتستلقين على الفراش تفضلي على نفسك بدقائق فاسترجعي صورة الفتاة الصالحة القانتة , البعيدة عم مواطن الريبة , وقارني بينها وبين الفتاة الأخرى التي أصابها من لوثة العلاقات المحرمة ما أصابها , بالله عليك أيهما أهنأ عيشا وأكثر استقرارا ؟؟ أيهما أولى بصفات المدح والثناء تلك التي تنتصر على نفسها ورغبتها وتستعلي على شهواتها , وهي تعاني من الفراغ كما يعاني غيرها , وتشكو من تأج الشهوة كما يشتكين . أم الأخرى التي تنهار أمام شهواتها ؟؟ تساؤل يطرح نفسه ويفرضه الواقع , لماذا هذه الفتاة تنجح وتلك لا تنجح ؟؟ لماذا تجتاز هذه العقبات وتنهزم تلك أمامها ؟؟
يا عدة المستقبل وأمل الأجيال ...
لقد عجبت أشد العجب حين رأيت فتاة الإسلام تسير بلهاث مستمر وراء ما يريده الأعداء , فتساير الموضة , وتتمرد على حجابها وحيائها , وها نحن نرى كل يوم صورة جديدة ولونا جديدا من ألوان هذا التمرد , إنها يا ابنتي تتحايل على الحجاب بحيل مكشوف , لست بحاجة أن أسوق لك فتاوى حول حكم ما تقع فيه كثير من الفتيات , ولكن المؤمن الحق يا بنتي يخاف الله ويتقيه ورائده قول النبي عليه الصلاة والسلام : } دع ما يريبك إلى ما لا يريبك { انتبهي واحذري .
اعتبري ... ها أنت تتطلعين في المرآة فترين صورة وجه مضيء يتدفق حيوية وشبابا ... ها أنت تغدين وتروحين وأنت تتمتعين بوافر الصحة وقوة الشباب , ولكن ألم ترى عجوزا قد رق عظمها , وخارت قواها ؟! لقد كانت يوما من الدهر شابة مثلك , وزهرة كزهرتك , ولكن سرعان ما مضت السنون وانقضت الأيام فاندفعت زهرة الشباب تحت ركام الشيخوخة , ومضت أيام الصبوة لتبقى صورة منقوشة في الذاكرة . وها أنت يا أبنتي على الطريق , وما ترينه من صورة شاحبة وشيخوخة ستصيرين إليها بعد سنوات إذا فإياك أن تهدري وقت الشباب وزهرته , وتضيعي الحيوية فيما لا يعود عليك إلا بالندم وسوء العاقبة .
تذكري رحيلك ولقاء ربك ...
لو فكر أهل الشهوات والمتاع الزائل في الدنيا بحقيقة مصيرهم لأعادوا النظر كثيرا في منطلقاتهم .
قال رسول الله : { يؤتى بأنعام أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يارب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول لا والله يارب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط } .
حدثتك بكل ما سبق لأنني رأيت ما أذهلني من شرودك عن دين الله وما رأيت من علاقات مفتوحة بلا ضوابط ولا حدود بين الشباب والفتيات فراعني الأمر .
هذه رسالتي تحوي حبي لك وخوفي عليك ورجائي لك بحياة سعيدة في طاعة الله وحياة أسعد عند الرحيل إلى ربك فاقرئي واسمعي و إن أحببت فردي عليّ لنتحاور معا ولنبقى على اتصال ...