إن من طبع البشر عندما يمتلكون القوة يحاولوا أن يسيطروا على من هو اضعف منهم إذا لم يكن لديهم رادع أخلاقي او ديني فهذا أمر معروف و طبيعي مارسته الدول و الحضارات على مر العصور و الأيام فلا يحتاج لنقاش أو إثبات و كره الظلم و الطغيان أمر فطري و هو مدان و لا يوجد إنسان طبعه سليم يحب الاحتلال و يوالي الأعداء و مقاومة الاحتلال أمر تقره جميع الشرائع و القوانين و الجهاد فريضة عظيمة من فرائض الإسلام لا تحتاج لفتوى و لكن له شروط و أحكام و أهل اختصاص فهذه أمور يعرفها الجميع و لا تحتاج لأدلة و إثباتات و كفانا مزايدات
و لكن المفيد و المهم و هنا يحصل الاختلاف في وجهات النظر ما هو الطريق الصحيح لمواجهة الظلم و الطغيان في واقعنا المعاصر
و الواقع خير شاهد على صحة النهج و صحة السلوك فلندرس كافة أشكال مواجهة الغطرسة الصهيو - أمريكية و نقيمها من خلال النتائج .
أشكال المواجهة الموجودة على الساحة الإقليمية اليوم هي الآتي :
-المواجهة بطريقة الأنظمة العلمانية الثورية و القائمة على أساس كثرة الكلام و الجعجعة و إطلاق التصريحات النارية و الشحن و نشر الحقد و التصرفات الغوغائية لقد مضى على سير هذه الأنظمة على هذا النهج أكثر من ستين عاما و لم يجلب على امتنا سوى مزيد من الخزي و العار و مزيد من الخسائر و النكبات و يلقون بفشلهم على الآخرين
و تبين أن هذه الأنظمة تستخدم إسرائيل و أمريكا كشماعة و مخدر لتحقيق أغراضهم الشخصية فلا تهمهم فلسطين و لا مصلحة الأمة
و هؤلاء كل من يخالفهم الرأي يتهموه بالعمالة و الانبطاح و التآمر فقد نصبوا أنفسهم أوصياء على الأمة
و لو امتلك هؤلاء قوة أمريكا لاستجار العالم بالشيطان من ظلمهم و المسلمون قبل غيرهم
-المواجهة بطريقة الغلاة و المتطرفين و التكفيريين أو أصحاب الفكر الجهادي الغير منضبط و هؤلاء و العلمانيين الثوريين وجهان لعملة واحدة و الفرق بينهما هو أن هؤلاء يتسترون بلباس الدين فقد فهموا الإسلام بمنظور علماني ثوري فانحرفوا عن جادة الصواب و عن روح الإسلام و هديه فافسدوا أكثر مما أصلحوا فقد مضى على سيرهم في هذا الطريق أكثر من عشر سنوات و لم يجلبوا لأمتنا سوى مزيد من البعد عن دين الله و المشاكل و الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية و الخسائر و النكبات و الخزي و العار و الضعف و الفرقة و التوتر و البعد عن أي حل قريب
و هؤلاء يرمون بفشلهم على الآخرين مثل العلمانيين الثوريين و يستغلون تأجيج مشاعر الحقد على أمريكا في تجنيد الشباب الغير ناضج ضد الحكومة السعودية و إلى الأماكن الملتهبة و المشبوهة و اغلبها مخترقة من قبل مخابرات قوى عالمية متصارعة على الساحة
و هؤلاء كل من يخالفهم الرأي يتهموه بموالاة الكفار و النفاق و الكفر و التخذيل و الإرجاف فقد نصبوا أنفسهم أوصياء على الأمة
و لو امتلك هؤلاء قوة أمريكا لاستجار العالم بالشيطان من ظلمهم و المسلمون قبل غيرهم
-المواجهة بمفهوم السعودية و دول الخليج فمن وجهة نظري إن السعودية فقهت الواقع بشكل جيد فهناك فساد و ظلم كبير في الدول الإسلامية و فرقة و ضياع في الهوية و بعد عن الجذور و معظم الأنظمة الثورية لا يهمها من قريب أو بعيد فلسطين و لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية فامتنا غير مؤهلة للنصر فمن الخطأ الفادح أن تلقي السعودية و دول الخليج بثقلها أمام هذه الأنظمة الثورية لأنها محتلة أصلا
فيدمروا بلدانهم و بعد ذلك هم يتغنون بالانتصارات الوهمية و يستهزؤون بدول الخليج على تهورهم و عدم معرفتهم بموازين القوى.
فخير الطرق و أسلمها هو ما يرشدنا إليه خالقنا بفهم رسوله صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام و بفهم العلماء الربانيين و أولي الأمر الذين تربوا على منهج النبوة في زماننا الذين فقهوا الواقع بشكل جيد و لديهم فقه الأولويات و عرفوا موازين القوى و عرفوا لعبة المصالح و لديهم القدرة على الموازنة و السداد و المقاربة بما يحفظ ضروريات الإنسان و هي الدين و النسب و العرض و المال و هذا الأمر متحقق في السعودية من خلال اللحمة بين القيادة السياسية و هيئة كبار العلماء
فالأولوية في هذه المرحلة هو التركيز على الإصلاح و الدعوة و رص الصفوف و لم الشمل على منهج الوسطية و الاعتدال و أول طريق الوحدة هو التعرف على القيادة الكفؤ لهذه الأمة
و كذلك التركيز على عملية التنمية و تقوية الاقتصاد و بناء العلاقات القوية مع مختلف القوى العالمية دون التفريط بالثوابت و المبادئ فهذه ضمانة و حماية أكثر من الجيوش الجرارة
و كذلك مساعدة الإخوة المتضررين من الحروب و النكبات قدر المستطاع
هذه وجهة نظري حول المواجهة الصحيحة و اترك للإخوة القراء الإدلاء بدلوهم