*
قال لي أحد الوزراء ذات يوم :
( إني لتأتيني أحياناً رقاع الشكوى فأكاد أهملها لما تشتمل عليه
من الأساليب المنفرة ، والكلمات الجارحة ،
لولا أن الله تعالى يلهمني نيات كاتبيها وأين يذهبون
ولولا ذلك لكنت من الظالمين )
ذلك ما يراه القاريء في كثير من المخطوطات التي يخطها اليوم كاتبوها.
هزل في موضع الجد ،
وجد في موضع الهزل ،
وإسهاب في مكان الإيجاز ،
وإيجاز في مكان الإسهاب
وجهل لايفرق مابين العتاب والتأنيب ،
والانتقام والتأديب ، والاستعطاف والاستخفاف ،
وقصور عن ادراك منازل الخطاب ومواقفه ،
حتى إن الكاتب ليقيم في الشوكة يشاكها مناحة لا يقيمها في الفاجعة يفجع بها ،
ويكتب في الحوادث الصغار ما يعجز عن كتابة مثله في الحوادث الكبار ،
ويخاطب صديقه بما يخاطب به عدوه
ويناجي أجيره بما يناجي به أميره .
.
.
الكلام ( الكتابة ) صلة بين متكلم يُفهم ، وسامع يفهم ،
وبمقدار تلك الصلة من القوة والضعف تكون منزلة الكاتب من العلو والإسفاف
مصطفى لطفي المنفلوطي- النظرات .. الجزء الثاني
.
كنت قرأت من قبل ومنذ سنوات خلت وما زلت
ما دون أعلاه
وفي كل مرة أجدني بحاجة لقراءة ذلك بل لتفهٌم أبعاده
ومن باب اعجابي به وحبي لكم وددت لكم مشاركتي
بما خرجت به منه ولـ سعة أفاقكم الخيار في الإضافة فأنتم أهل لذلك
.
وزير يكاد يهمل الشكوى لسوء بيان كاتبها ولكنه يخالف هوى نفسه
ويذهب إلى الهدف الذي خطت من أجله تلك الشكوى وهو الأهم ،
بل وروح وزير تخاف الظلم ، فتعمل الاحتياطات وتتعدى ما كتب إلى النيات
وحملها المحمل الحسن والظن الخيٌر .
.
دعوة لطيفة لكل كاتب للارتقاء بـ صلته ( قلمه ) قدر الإمكان
وذلك من خلال فن مراعاة الزمان والمكان .
وليبين عن المعنى القائم في نفسه ، ويصوره تصويراً صحيحاً
فلا يتجاوزه ، ولا يقصر عنه .
.
ودمتمـ بخير
ن
هـ
ا
ر