عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أ عليه وسلم- وقف ع أناس جلوس فقال: ( ألا أخبركم بخيركم من شركم؟ ) قال: فسكتوا، فقال ذلك ثلاث مرات، فقال رجل: بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا، قال: ( خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره )
أجمل ما في الدنيا أن تألف وتؤلف، وتحب وتُحب، فإذا ألمت بك شدة وجدت القاصي والداني والقريب والغريب حولك .. حبا لا تملقا، ومشاركة لا عطفا، ومودة لا شفقة، وهذا المنهج هو ما حرص على ترسيخه الإسلام ليجعل من المجتمع نسيجا فريدا رائعا، فلما كان المعنى الجامع بين المسلمين الإسلام، فقد اكتسبوا به أخوة أصيلة ووجب عليهم بذلك حقوق لبعضهم على بعض، وكلما ازدادت المخالطة وصفا زادت الحقوق، مثل القرابة والمجاورة والضيافة والصحبة والصداقة والأخوة الخاصة في الله عز وجل
( خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره ) أي من يؤمّل الناس الخير من جهته، ويأمنون الشر من جهته ( وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره ) أي وشركم من لا يؤمّل الناس حصول الخير لهم من جهته، ولا يأمنون من شره، وإنما يرجى خير من عرف بفعل الخير وشهرته به، ومن غلب خيره أمنت القلوب من شره، ومتى قوي الإيمان في قلب عبد رجي خيره وأمن شره، ومتى ضعف قل خيره وغلب شره.
قال الماوردي: يشير بهذا الحديث إلى أن عدل الإنسان مع أكفائه واجب وذلك يكون بثلاثة أشياء: ترك الاستطالة، ومجانبة الإذلال، وكف الأذى، لأن ترك الاستطالة ومجانبة الإذلال أعطف، وكف الأذى أنصف.