عُدت بقلبـ مطمئن , وابتسامة عريضة فلم يكن هناك ما يكدّر صفو أجوائي ...
اتجهت إلى حيث الأمان... أمسكتـ بمصحفي, وأسندتـ ظهريـ بعد يوم حافل بعناء الصيام ,ومشقة الدوام .
عند سورة ( ص) وقفت البارحة ... قلبت الصفحات لأكمل ما تبقى .
وبصوتـ هادئ ... طلبتنيـ ..
لأصحبها نحو مغسلة الأمواتـ .. فقد أُحضرتـ جثة تحتاج إلى من يتكفل بغسلها .
تطوعنا... فاتجهنا فوراً من المسجد نحو المغسلة ...
هناكـ .. حيث الموقف الذي لم يكنـ بالحسبانـ ..
دخلت مغمضة العينين أفتحها , وأعود لأغمضها ثانية ...
لا أكاد أن أصدقـ ما أرى ..
لم أحاول أن اقترب منها .. من شدة الخوف حتى نُزع ما كانـ يلفها .
اقتربتـ قليلاً .. وقدماي لا تحملانيـ ..
بدأت أتمعنـ فيها .. مبتدئة بالأرجل ثم اليدين ..
لانسجم مع جسد بلا روح سأمضي أقلبه قرابة النصفـ ساعة .
وصلت إلى الوجه .. فشهقت شهقة خفيفة لم يسمعها أحد ممن كانـ حوليـ .
تلقائياً أغمضت عينيـّ .. جسميـ لا يقوى رعشتيـ ... كدت أن أسقط لولا جدار كان خلفيـ ..
أرخيت جسدي المنهكـ عليه .
يبدو وكأننيـ غير متماسكة ... سألتنيـ إحداهنـ .. لأول مرة تأتين هنا ..؟؟
أجبت .. نعم ,وبداخليـ أقول... ليتنيـ لم أفعل .
عَهدت نفسي قوية .. ما تريده تحصل عليه .
مرة أخرى عدتـ استرقـ النظر من بعيد .. علّني أجرؤ عليها .
لسانيـ لم يتعب .. بحجم قلبي الصغير , فما زلت أذكر الله وأسأله المعونة .
كافور , وسدر , وماء .. جُهزتـ ..
وقفتـ المغسلة بجانبـ الجثة لتشرع بالغسل.. لمحتنيـ وأشارت إلى اليد لأبدأ بمساعدتها .
لم يكن منيـ إلا أن ابتلعتـ ريقيـ , وأقبلت لاستلم تقليبها .. وقلبيـ يعتصره الألم .
ضعيف _هو ابن آدم _ لو يعلم أنه سيكون يوماً على تلكـ الطاولة الحديدية .. يقلب عليها كما الدمية ..
لما سابقـ الناس على شهوات الدنيا ,ومشى بينهم بالنميمة , ولما اغتاب وظلم ونافقـ , واعتدى واستكبر.
فالنهاية هيـ ... هناك فيـ ذلكـ المكان بين أيديـ البشر ..
فيا لها من نهاية ...!!
.
.
لِقراء أسطري