إنه مالىء الدنيا وشاغل الناس لم يعرف التاريخ العربي شاعرا مثله في رصانة الشعر وحبكته
وسرعة البديهه وقدرته على قرض الشعر بيسر وسهوله ودقه متناهيه وفي زمن قياسي , وشعره
مليء بالمعاني البديعه الآسره ويمتاز بالكبرياء والأنفه والشموخ ومجانبة الهزل .
كـيـف قـتـل
إختلفت الروايات في كيفية موته لكن الروايه الأقرب إلى الصحه هي ماأجمع عليها
أكثر المؤرخين وهو أن قاتله شخص يدعى (فاتك بن جهل الأسدي) والروايه تقول :
أن إبن أخت فاتك الأسدي ويدعى (ضبه بن يزيد العتـبـي) كان مسافرا إلى الكوفه هو وعائلته
وبينما هو في الطريق إعترض له قوم من الأعراب من قبيلة كلاب ودارت بينهم معركه قتل على
أثرها والد ضبه وسبيت أمه .
وكان ضبَّة العتبي مشهورا ببذاءة اللسان وبالغدر حتى بضيوفه ولعل ماحدث له وهو عائد من
الكوفه نوع من الإنتقام منه بسبب ذلك , وفي يوم من الأيام مرَّ قوم من أشراف الكوفه من أمام
مضارب ضبة بن يزيد العتبي الذي كان متحاملاً على أهل الكوفه بسبب مقتل والده , فتعرض لهم
يشتمهم بأقذر الألفاظ وجاهر بذلك الشتم وكان لذلك التصرف أسوأ الأثر في نفوس أشراف الكوفه
الذين لجأوا إلى أبي الطيب المتنبي لرد إعتبارهم فأنشد قصيدته المشهوره ((ما أنصف القوم ضبة))
وكانت من أفحش القصائد التي قالها أبو الطيب المتنبي في حياته حتى قيل أن أبي الطيب المتنبي كان
يكره سماعها إذا رويت له وقد تعرض فيها لوالدة ضبة فوصفها بأقذر الصفات وأسوأها
وكانت هذه القصيده السبب الرأيسي لمقتله :
طبعا أنا لن أكتب بعض الكلمات في القصيده نظرا لفحش هذه الكلمات وإحتراما للقارىء الكريم :
مـــا أنصف القوم ضبة *** وأمـــــــــه الــطـرطـبــة
رمـــوا بــرأس أبــيـــه *** وبـــاكــــوا الأم غـلـبـــة
فـلا بـمـن مـات فــخــر *** ولا بمــن ....... رغـبــة
وإنــمــا قـلـت مـا قـلـــ *** ـت رحــمــة لا مـحـبـــة
وحــيـلــة لــك حـــتـــى *** عـذرت لــو كـنـت تـيـبه
ومـا عـلـيـك مـن القتـ *** ـل إنــمــا هـــي ضـربــة
ومـا عـلـيـك مـن الغـد *** ر إنــمــا هـــــو سـبــــة
ومـا عـليــك مـن العـا *** ر أن أمـــــك قـــ...بــــة
ومـا يشـق عـلى الكلـ *** ـب أن يـكـون ابـن كـلبـة
مـــا ضرها من أتاهـا *** وإنــمــا ضـــر صـلـبـــه
ولــــم ....... ولـــكــن *** عجانها ................ـه
يــلــوم ضـبــــة قـــوم *** ولا يــلــومـــون قـلـبــه
وقـلـبـــه يـتـشــهــــى *** ويـلــزم الـجـسـم ذنـبــه
لوأبـصر الجـذع شيئا *** أحب فـي الجذع صلـبـه
يا أطـيب الناس نفسا *** وألـيـن الـنــاس ركــبــة
وأخبث النـاس أصـلا *** في أخبث الأرض تربــة
وأرخص الناس أمـاً *** تـبــيــع ألــفــــا بـحـبــــة
كـل الـفـعـول سـهـام *** لـمـريــم وهـــي جـعـبــة
ومـا على من به الدا *** ء مــن لـقــــاء الأطـبـة
ولـيس بـيـن هـلـــوك *** وحــرة غـيــر خـطـبــــة
يــا قـاتـلا كـل ضـيـف *** غــنــاه ضـيـح وعـلـبـة
وخـوف كـــل رفـيــق *** أبـاتــك الـلـيـــل جـنبـــه
كذا خلقت ومن ذا الـ *** ـلـذي يــغــالــب ربــــــه
ومــن يـبـالــي بــذم *** إذا تـعــود كــسـبــــــــــه
أما ترى الخيل في النخـ *** ـل سربة بعد سربـة
علـى نسائـك تـجـلـو *** فعـولـهـا مـنـذ سـنـبـــة
وهـن حـولك ينظـر *** ن والأحـيـراح رطـبـــــة
وكـل غـرمـول بـغــل *** يـريـن يـحـسـدن قـنـبــه
فـسل فـؤادك يا ضبـ *** ـب أيــن خـلـف عـجـبــه
وإن يخنك لـعـمـري *** لـطـالـمـا خـــان صحبــه
وكيـف تـرغـب فيـه *** وقــد تـبـيـنـت رعــبـــــه
مـــا كـنــت إلا ذبـابــا *** نـفـتـك عــنــا مــذبــــه
وكـنت تـفـخـر تـيـهــا *** فصـرت تضـرط رهـبة
وإن بـعـدنـا قـلـيــــلا *** حـمـلـت رمحـا وحربة
وقلـت لـيـت بـكـفـــي *** عـنـان جـرداء شـطـبة
إن أوحشتك المعالي *** فـإنـهـــــا دار غـربـــة
أو آنستـك المخـازي *** فإنـهـــا لـــك نـسـبــة
و إن عرفت مـرادي *** تـكـشـفـت عـنـك كربة
و إن جهلت مـرادي *** فــإنــــه بـــــك أشـبــه
حين علم خال ضبه المدعو فاتك بن جهل الأسدي داخلته الحميه لكون القصيده تعرضت لأخته
بالقبيح فأضمر الشر للمتنبي وأقسم بالإنتقام منه .
وكان المتنبي في ذلك الوقت في مدينة (شيراز) وفي طريق عودته إلى بغداد كان معه بغال
محمله بالهدايا والطيب والكتب الثمينه وعندما إقترب من منطقه إسمها (دير عاقول) خرج عليه
فاتك بن جهل ومعه جنده فهاجموا أبو الطيب المتنبي وعملوا تقتيلا في قومه ثم إن أبو الطيب المتنبي
حاول الهرب لما أحس بالهزيمه لولا أن أحد غلمانه جابهه بقوله :
سيصفك الناس بالجبن لو هربت وأنت القائل :
الخيل والليل والبيداء تعرفني ................ والسيف والرمح والقرطاس والقلم
عندها نظر إلى غلامه و قال له (تبا لك أيها الغلام لقد قتلتني) فعاد إلى المعركه فقتل مع ولده محمد وكثير من جماعته
ونهبت جميع أمواله .