وافق البرلمان التركي على طلب الحكومة بالقيام بعمليات عسكرية داخل سوريا، بينما أعلنت أنقرة أنها تلقت اعتذار سوريا على القصف الذي طال أراضيها وتسبب في مقتل خمسة مواطنين. وقد حظيت أنقرة بدعم غربي واسع في مواجهة ما وصف بـ"اعتداء سوري" لكن كل الأطراف دعت إلى ضبط النفس، في حين طالبت موسكو دمشق بإعلان أن حادث قصف القرية التركية كان خطأ.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي إن هذا التفويض لا يعني إعلان حرب. إلا أن وكالة أنباء الأناضول قالت إن المذكرة تعني أن البرلمان فوض الحكومة باتخاذ القرار العسكري المناسب تجاه "الاعتداءات السورية".
وجاءت الموافقة على القرار بغالبية 320 صوتا مقابل 129 عارضوا التفويض بشن عملية عسكرية داخل سوريا.
وكان البرلمان التركي قد عقد جلسة طارئة لبحث طلب من الحكومة بتوجيه أوامر للجيش للقيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية لـ"حماية الأمن القومي" إن لزم الأمر.
ووفق الطلب فإن "النشاطات المعادية التي تستهدف الأراضي التركية على وشك التحول إلى هجوم عسكري وبالتالي فهي تهدد الأمن القومي التركي".
وينص الدستور التركي على ضرورة الحصول على الموافقة المسبقة للبرلمان لأي عملية عسكرية خارجية.
في غضون ذلك أعلن بشير أتلاي نائب رئيس الوزراء التركي عن تلقي بلاده اعتذارا سوريا على القصف الذي طال قرية تركية أمس انطلاقا من أراضي سوريا وتسبب بمقتل خمسة مواطنين أتراك.
دعم دولي
من جهته أدان الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) وبريطانيا وفرنسا سقوط قذائف سورية في تركيا وسط دعوات بضبط النفس، بينما طالبت روسيا دمشق بالاعتذار علنا. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون "ندين بشدة قصف القوات السورية وندعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس" وذلك بعد سقوط قذائف على قرية أكجاكالي الحدودية التركية مما أدى إلى مقتل خمسة مدنيين. ومن جهته قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن الهجوم يستدعي رسالة حازمة من مجلس الأمن الدولي إلى سوريا.
أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ فقال "القصف السوري الشائن للأراضي التركية" يؤكد الحاجة الملحة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية ولتشكيل حكومة انتقالية بهذا البلد، ووصف هيغ الرد العسكري التركي بأنه مفهوم، لكنه دعا لتجنب التصعيد. وأكد ضرورة تعهد سوريا بعدم تكرار عمليات القصف للأراضي التركية. وقبل ذلك كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أبدت "غضبها" وقالت إن واشنطن ستبحث مع أنقرة في الخطوات التي يتعين اتخاذها.
الناتو يطالب
بدورها طالبت دول الناتو سوريا بالوقف الفوري لما دعته الأعمال العدائية ضد تركيا. جاء هذا بعد اجتماع عُقد على مستوى السفراء في ساعة متأخرة من مساء أمس بمقر الحلف ببروكسل بناء على طلب تركيا.
وقد أدانت الدول الأعضاء بالناتو القصف السوري للأراضي التركية، واعتبرته انتهاكا فاضحا للقانون الدولي وتهديدا لأمن إحدى الدول الأعضاء. وشددت دول الناتو على دعمها التام لتركيا.
ومن جهته عبر وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله عن دعم بلاده لتركيا، لكنه دعا إلى التعقل وإلى التعامل بطريقة مناسبة مع هذا "الوضع المتفاقم". كما طالب نظام الرئيس بشار الأسد باحترام سيادة وسلامة الأراضي التركية والدول المجاورة، محذرا من اندلاع حريق شامل في المنطقة.
الاعتراف بالخطأ
من جانبه دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دمشق إلى الإعلان على الملأ ورسميا أن قصف المناطق الحدودية داخل تركيا حدث خطأ.
سيرغي لافروف دعا دمشق للاعتذار علنا بأنها ارتكبت خطأ (الفرنسية-أرشيف) وقال لافروف في نهاية مباحثاته مع نظيرته الباكستانية حنا رباني قهار في إسلام آباد إن السلطات السورية أبلغت موسكو عبر سفيرها بدمشق أن القصف وقع خطأ وأن النظام السوري سيتخذ كل الإجراءات اللازمة لعدم تكرار هذا الحادث.
وفي نيويورك قال دبلوماسيون بالأمم المتحدة إنه من المنتظر أن يصدر مجلس الأمن الدولي بيانا غير ملزم اليوم يدين فيه "بأشد العبارات" الهجمات السورية داخل أراضي تركيا، ويطالب دمشق بالكف عن هذه الانتهاكات.
ويقول مشروع البيان الذي أعدته أذربيجان إن أعضاء المجلس يعتبرون الهجوم دليلا على اتساع نطاق الأزمة بسوريا إلى دول مجاورة لدرجة تنذر بالخطر، و"مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي تشكل خطرا بالغا على السلام والأمن الدوليين"