داندي (نيويورك): جويس فالدر*
هناك من يعتقد، عندما يسمع ان جون كوفر الممارس لأسلوب التصوير المعروف باسم التصوير القصديري والذي يعيش بلا سيارة ولا هاتف انه يعيش في عصر اخر ساد قبل اكثر من 150 عاما. لكنه يصر على عدم صحة ذلك، لسبب واحد فهو لديه جهاز كومبيوتر. بل لديه غرفة كومبيوتر، ومصدر للطاقة، وهو عبارة عن الواح شمسية خارج الكوخ الذي يعيش فيه في مزرعة مساحتها 48 فدانا تطل على بحيرة «فينغر ليك». واذا كنت تعتبر نفسك فنانا ملتزما، فإن كوفر، الذي يعتبر واحدا من الاشخاص القليلين الذين يعود اليهم الفضل في بعث اسلوب التصوير الفوتوغرافي القصديري، ويعيش من بيع اعماله، لا يلتقط الصور كما كان يحدث في الثمانينات من القرن التاسع عشر، فقط، بل يعيش بدرجة كبيرة نفس اسلوب الحياة انذاك.
ولمن لا يعرف كوفر، فقد قضى سبع سنوات يعيش على الطرقات مع عربة صغيرة يجرها الخيل. لكنه يعيش الآن حاليا في كوخ، شيده بنفسه. وكوفر ليس شخصا مجنونا يعيش في الغابات. فذات مرة سألوه لماذا نادرا ما يبتسم الاشخاص في الصور الفوتوغرافية الملتقطة في القرن التاسع عشر، فأجاب بقوله لانهم كانوا محترمين».
وتضايقه كثيرا القيم التي تتبناها النساء في العصر الحديث، وهو اتجاه يسهل فهمه اذا ما علمت ان زوجته، هربت منه بعد فترة قصيرة قضتها معه في الكوخ، ولم تعد على الاطلاق. وكانت معظم الصور التي التقطها كوفر في الماضي هي اعادة تمثيل مشاهد من الحرب الاهلية الاميركية. وذكر ذات مرة وهو يقلب بين لوحاته انه قاد عربته لمدة 8 ايام ونصف للوصول الى موقع التصوير، بينما وصل الممثلون في سياراتهم. ورغم ذلك فان كوفر لا يعارض وسائل الراحة العصرية، فلوحات الطاقة الشمسية تشحن بطاريات مصباح أضاءه في الكوخ الذي يعيش فيه ولجهاز الراديو.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو لماذا اختار كوفر مثل هذه الحياة؟ يرد هو ببساطة ان «الحياة المعاصرة سريعة للغاية بالنسبة لي». وربما السؤال الاخر هو لماذا اختار مثل هذه الهواية او المهنة.
لقد حاول كوفر في شبابه مزاولة عدة مهن: منها المشاركة في مشاريع تشييد تحت الماء لمنصات استخراج النفط، وادارة شركة صغيرة للغوص والعمل كمصور استديو في اورلاندو. الا انها جميعها لم تجذبه.
ويوضح ذلك في كتابه «شعر حصان في حسائي: الكتاب الاول» وفيه يقول «يوجد منطلق واحد للصور الشخصية»، مضيفا «الابتسامة العريضة والفلاش والصور الملونة التي تتلاشى بسرعة، وجاذبية الاستديو بدأت تضايقني. كان هناك شيء في داخلي يدعوني للنظر بطريقة اعمق من مجرد الوجه».
وفي يوم من الايام شاهد كاميرا قديمة خشبية في فاترينة محل، وعرف على الفور انها ستغير حياته. واشترى الكاميرا بخمسين دولارا وبدأ في التقاط صور تمثل احداثا من الماضي. وكان يمزج المواد الكيميائية التي يستخدمها في تحميض الصور، ويطبع الصور على الزجاج واللوحات المعدنية.
وتجدر الاشارة الى ان اعداد صورة بهذه الطريقة يحتاج الى ساعة، بما في ذلك اعداد اللوحة، والتقاط الصورة والتحميض والتثبيت وغسل وتجفيف وتلميع اللوحة. كما يجب على الشخص الجلوس بلا حركة لعدة ثوان، وفي بعض الاحيان بمساعدة من طوق معدني لتثبيت الرقبة.