ألغوا شرط "الخبرة" في القطاع الخاص وتعويضه بالتدريب المنتهي بالتوظيف
مخرجات التعليم التقني والمهني..«العمل الشريف» أفضل من «حافز»!
متدربات في أحد معامل الخياطة لسد احتياجات السوق من العمالة الوافدة
إعداد عبداللطيف العتيبي - طلحة الأنصاري
تواجه مخرجات مؤسسة التعليم التقني والمهني تحديات كبيرة في سوق العمل، وتحديداً مع شح الوظائف في القطاعين العام والخاص، واستمرار ثقافة «العيب الاجتماعي» نحو ممارسة الأعمال المهنية، وتدني الرواتب، إلى جانب منافسة العمالة الوافدة للخريجين العاملين في ورشهم ومحالهم الخاصة، وتزايد الخريجين من التخصصات غير المهنية في الجامعات, وأظهرت إحصاءات إعانة العمل «حافز» أن 16% من خريجي «المؤسسة» مشتركون في البرنامج معظمهم حديثو التخرج، وهو ما يترك أكثر من علامة استفهام حول خطط التدريب، وبرامج التأهيل، ومستوى المخرجات، والشراكات، كذلك عن مدى إمكانية إلغاء شرط «الخبرة» في القطاع الخاص وتعويضه بالتدريب المنتهي بالتوظيف، وتعزيز فرص «العمل الحر» من خلال دعم صناديق وبرامج التمويل لدعم مشروعات الشباب.
ويبقى توجيه الخريجين من أن «العمل الشريف» أفضل من انتظار إعانة «حافز»، والعمل من الصفر دليل على النجاح، وكسب الرزق مستقبلاً، كما أن المعرفة من دون مهارة لا تكفي لتلبية حاجة السوق مهنياً.
«ندوة الثلاثاء» تناقش هذا الأسبوع مخرجات التعليم التقني والمهني والتحديات التي تواجه الخريجين.
شراكات إستراتيجية
في البداية قال "د.داغستاني" إنّ الدولة أنفقت خلال سنوات طويلة مليارات الريالات على المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، حيث أسهمت المؤسسة -رغم ما قد نجده نحوها من ملاحظات- في تخريج أعداد كبيرة من الشباب، واتجهت في الآونة الأخيرة على بناء شراكات إستراتيجية مع بعض الشركات الكبيرة؛ في محاولة منها لربط التعليم والتدريب بالعمل والتوظيف، ويبدو أنّ هذا الربط كان أحد العوامل المهمة التي حدت من الإفادة الحقيقية من مخرجات هذا القطاع!.
وأضاف أنّ خيار التصنيع يحتل الأولوية في مسيرة التنمية ومستقبل الاقتصاد، كما يعدّ خيار الشراكات الإستراتيجية فاعلاً تنموياً إذا ما استمر القطاع الصناعي معتمداً على العمالة الوافدة، معتبراً أنّ مشكلة القطاع الصناعي تكمن في جانب عمل وتوظيف مخرجات التعليم، مبيّناً أنّ إيجاد الحلول لذلك مهمة لا يجب أنّ تناط بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وحدها، بل يجب وضع استراتيجية ورؤى مع الجهات المعنية بهذا الملف ومنها وزارة العمل.
لا نزال نعاني من «العيب الاجتماعي» ومنافسة العمالة الوافدة وتزايد الخريجين من التخصصات غير المهنية في الجامعات
معوقات أمام الخريجين
وكشف "د.المباركي" عن المعوقات التي تواجه مخرجات التدريب التقني والمهني، ومنها: (أولاً) الجذور الاجتماعية التي تشكّل عائقاً أمام الخريجين للعمل في المهن البسيطة والفنية، حيث لا تزال -رغم التغيّر الإيجابي خلال السنوات العشر الماضية- ثقافة "العيب الاجتماعي" مسيطرة على أذهان المجتمع، وتحديداً فئات الشباب منه، و(ثانياً) زيادة عدد السكان بشكل كبير جداً، حيث أظهرت الأرقام تزايد أعداد القبول في هذا القطاع، والرغبة في العمل، وهو ما ترك الطلب أكثر من العرض في السوق، وأصبح هناك قوائم انتظار وبطالة من حديثي التخرج، و(ثالثاً) تزايد عدد العمالة الوافدة؛ نتيجة مسايرة ثقافة استهلكناها من عدة عقود -وتحديداً مع بدابة الخطة التنموية الأولى والثانية-، حيث لا نزال نعتمد على العامل الوافد لإنجاز العمل في المهن البسيطة التي أمتنع المجتمع عن مزاولتها، وبقيت هذه الثقافة موجودة إلى اليوم -رغم الفارق في التطبيق-، حيث لم نكتف فقط باستقدام تلك العمالة، وإنما صدّرنا هذه الثقافة إلى القطاع الخاص، وأصبح يستقدم العمالة المهنية والتقنية -على مدى عقود- ليس للبناء ولكن استغلالاً للظرف الاجتماعي الذي يمنع الانخراط في تلك المهن، وحين أراد الشباب العودة اليوم إلى السوق لممارسة المهنة وجدوا أن هناك أعداداً كبيرة من الوافدين تنافسهم، وربما تتفوق عليهم في الخبرة، والتجربة، وفن التعامل مع ظروف السوق، وقلّة الأجر أيضاً، و(رابعاً) مزاحمة التخصصات غير المهنية للمهنيين في السوق، أو التخصصات المهنية التي تمنح البكالوريوس بديلاً عن الدبلوم أو الثانوية، وهو ما التفت إليه مؤسسة التعليم التقني والمهني مؤخراً.
التدريب المنتهي بالتوظيف يؤمن مستقبلاً أفضل للخريجين
اتجاهات السوق
وبيّن "د.العمرو" أنّ التحديث والتطوير المستمر عنصر ضروري في العملية التعليمية والتدريبية عموماً ويضمن حيويتها ومواكبتها للمتطلبات والمستجدات، ولكن في مجال التدريب التقني والمهني يكتسب تطوير وتحديث المناهج والبرامج والآليات أهمية مضاعفة؛ بسبب خصوصية هذا النوع من التدريب وارتباطه المباشر بالتطور السريع في التقنية وأساليب العمل والتشغيل، مشيراً إلى أنّ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني مدركة لأهمية تطوير المناهج والخطط التدريبية في معاهدها وكلياتها المتخصصة، وضرورة مواءمتها مع الاحتياجات الحقيقية للتنمية الاقتصادية ومتطلبات سوق العمل المحلية، ولذلك حرصت على مراجعة وتقويم مناهجها وتنقيحها على ضوء التجارب المتراكمة والخبرات المكتسبة عبر التعاون مع مؤسسات التدريب المهني في الدول المتقدمة، من خلال استقراء اتجاهات السوق المحلية واستطلاع آراء أصحاب العمل في القطاع الخاص على وجه الخصوص لتحديد نوعية المهارات والتخصصات التي يحتاج إليها السوق.
د.القحطاني: الأجور و«وقت الدوام» و«منافسة الأجنبي» أبرز التحديات
تقويم المخرجات
وبيّن "د.عبدالجبار" أنّ تقويم مخرجات التعلم التقني والمهني يتطلب وجود جهة محايدة تعمل على عمليات مراجعة وفقاً لمعايير متفق عليها مسبقاً، مبيّناً أنّ التقويم يستند إلى قرائن وشواهد متنوعة تشمل استطلاعات آراء المستفيدين وذوي العلاقة سواء كانوا طلبة أو خريجين أو جهات توظيف، موضحاً أنّه لم تتم حتى الآن أية عمليات رسمية يمكن الإعتداد بنتائجها لتقويم مخرجات منظومة التعليم الفني والتدريب المهني في المملكة، لافتاً إلى أنّ الجهد الأكبر في عمليات تقويم مخرجات التعلم يقع على عاتق المؤسسة التعليمية أو التدريبية الخاضعة للتقويم، حيث يتعين على المؤسسة إنشاء وتفعيل وحدة جودة تسند إليها عدة مهام من ضمنها إعداد وتحليل بيانات الأداء.
جودة المخرجات
وعلق "د.القحطاني" معتبراً أنّ الجودة مطلب رئيس في كليات التقنية وغيرها من مخرجات التعليم العالي، بالإضافة إلى أنّ هناك مؤسسات اعتماد عالمية معنية بالاعتماد المؤسسي والاعتماد البرامجي، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قد أوضحت التعاون بينها وبين هذه الجهات لحصول كليات التقنية للبنين والبنات على الإعتماد المؤسسي والتدريبي المطلوب، مبيّناً أنّ كليات التقنية من حيث وجودها في منظومة التعليم والتدريب أمر في غاية الأهمية؛ كون مخرجاتها موجهة للوظائف المتوسطة التي يستند عليها سوق العمل في القطاع الخاص بالذات، وتعد المحور المهم في تغذية سوق العمل بالمخرجات المطلوبة في عدد كبير من التخصصات، موضحاً أنّ أنسب الطرق لمعرفة وضع الكليات وكيف يكون الوضع المستقبلي للخريجين بزيارتها، حيث إنّه من الصعب الحكم على مخرجات الكليات دون معرفة كاملة بوضع كليات التقنية، مشيراً إلى أنّ مجلس الشورى من خلال لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي يتابع منذ سنوات جهود المؤسسة وما تحتاجه من دعم حتى تحقق رسالتها التدريبية والمهنية على المستوى الوطني.