بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
إخواني في الله .. أخواتي الحبيبات
إن الرحلة ما بين
مستشفى الولادة و المقبرة ..
رحلة قصيرة .. !!
و الفترة ما بين ..
ظلمة الرحم وظلمة القبر .. وجيزة .. !!
على كل حال
لن نبلغ عمر نوح
- عليه السلام –
ألف سنة
وهذا يا إخواني و أخواتي
فضل من الله عز وجل ولطف ورحمة
أن جعل أوسط ما نبلغه نحن أمة الإسلام
ستين سنة ونحوها
نترنح خلالها بين طفولة .. وضعف ..
وأمراض .. وأوجاع .. وهموم .. ثم شيخوخة
نقتطع منها فترات النوم والأكل اقتطاعا سخيا
ثم بعد ذلك .. بماذا نخلص ..؟؟
بماذا نخلص يا إخواني وأخواتي الحبيبات ..؟؟؟؟؟
نخلص سنوات قصيرة قليلة
تجري بنا سراعا نحو القبور
ومع هذا .. هذه السنوات القصار
التي تفضل من أعمارنا
نجد أنفسنا نتقلب فيها بملل وسأم
لأنها تمر في فراغ
نحاول أن نقتل الساعات والأوقات الثقيلة
ولا ندري أننا بذلك اما نقتل أنفسنا
وننتحر انتحارا خفيا بطيئا
أتدرون كيف ..؟؟
نعم ..
أنا أخبركم كيف .. !
نقتلها بواجبات الشاي ..
ومتابعة التلفاز ..
وإن سكت التلفاز ..
أنطقنا الفيديو ..
نقتلها بالجوال البلاك بيري ..
والواتس اب .. والآي فون ..
نقتلها بالزيارة العقيمة ..
نقتلها بالتقلب الكسول الثقيل..
على الآرائك والمقاعد ..
و بالتالي فما يبقى خالص لنا من أعمارنا
( سنيوات ) قليلة .. !!
مقارنة بالسنوات الضائعة !!
فكيف لو كنا بعمر نوح عليه السلام ..؟؟
إذن
كيف كنا سنعمل بفراغ المئات من السنين ..؟؟
ان من أحوال المنتكسين :
أن تجد أوقاتهم التي ملئت من قبل ذكرا و حمدا فارغة !
والصلاة التي حافظوا عليها ضُيعت!
والمساجد التي عمروها خربت!
والمصابيح التي أضيئت في الليل أطفئت!
والقرآن الذي رتلوه هجروه!
وصاروا كالتي غزلت فأحكمت غزلها يومها ثم في لحظة نقضت غزلها
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}[النحل:92].
فعجبا لمن ذاق حلاوة الطاعة، كيف يستبدلها بمُر المعصية؟!
وعجبا لمن أعتقت رقبته من النار، كيف يطلب أن يعود إليها؟!
وعجبا لمن كان أسيراً تقيده سلاسل المعصية، وتذله أصفاد الشهوات ثم يفك أسره، كيف يختار أن يعود؟!
يا لخفة عقله!!
يُنادي: أعيدوني إلى ذل المعصية!!
أعيدوني إلى أسر الشهوة!!
عجبا لمن كان يعيش في زنزانة ضيقة مظلمة عَفِنة فأُطلِق سراحه، وعاش في عالي القصور، حيث السعة والنور، فإذا به يطلب أن يعود إلى حفرته وظلمته ووحشته!!
فلماذا نقضت يا أخي العهد ؟
ولماذا نقضْتِ يا حبيبتي العهد ؟
لماذا زلّتْ قدمكْ ؟
و لماذا زلّت قدمكِ ؟
لماذا لا تثبت بعد أن أذاقك الله حلاوة الإيمان ؟
و لماذا لا تثبتين بعد أن أذاقك الله حلاوة الإيمان ؟
لماذا انتكستْ؟
ولماذا أنتِ انتكستِ ؟
ان العاقل اللبيب والفطن الأريب من يحفظ همته العالية في كل آن و في كل مكان و زمان، ويستثمر ما رزق من الأنس بالله وحلو المناجاة، وطهارة القلب، ويقبل على ربه يعبده عبادة من سمع أمره -عز وجل- لحبيبه -صلى الله عليه وسلم-:
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]،
فيصوم عما يغضب ربه فلا يكون فطره إلا عند غروب شمس عمره.
و هذا المقطع لكل من انتكس قلبه أو ظل الطريق :
https://www.youtube.com/watch?v=cN_KH1DdXzs
ملاحظة:
كثيرمنا يعصي الله بعلم أوغيرعلم، وبتكررالمعاصي و المنكرات
هناك من يقول :
لن يغفر الله لي !!
كيف ذلك يا عبد الله وربنا القائل: ( انا عند حسن ظن عبدي بي ) ؟
كيف ذلك يا أمة الله والرسول الصادق يقول :
( والله لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر الله لهم ) ؟
كيف ذلك يا مسلمين وربنا القائل:
(يا ابن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا لا تشرك بي شيئا لجئتك بقرابها مغفرة و لا أبالي ) ؟
فيها بنا عباد الله نفر الى خالقنا، ونرجو لقائه ونتوب عن
كل معاصينا وجميع ذنوبنا
اليك الآن بعض الحلول التي تساعدك في العودة الى الطريق :
قال ذو النون:"من شغل قلبه ولسانه بالذكر، قذف الله في قلبه الاشتياق إليه".
قال إبراهيم بن الجنيد: "كان يُقال: من علامة المحبة لله: دوام الذكر بالقلب واللسان، وقلَّ ما ولع المرء بذكر الله عز وجلَّ إلا أفاد منه حب الله جل جلاله".
يقول ابن القيم: "وقد جعل الله لكل شيء سببًا، وجعل سبب المحبة دوام الذكر، فمن أراد أن ينال محبة الله عز وجلَّ فليلهج بذكره، فإنَّه الدرس والمذاكرة، كما أنَّخ باب العلم، فالذكر باب المحبة، وشارعها الأعظم، وصراطها الأقوم" (الوابل الصيب ص (50)).
فلا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله، لا تغفل عن أذكار الصباح والمساء فإنَّها زادك الإيماني.
أكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فإنَّها حرز من الشيطان وسبب للعتق من النيران، ورافعة للحسنات، ماحية للسيئات، وهي من أفضل الأعمال إلى الله تعالى.
أكثر من قول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فكما تعلم فإنّها تثقل الميزان، ومدعاة لمحبة الرحمن.
أكثر من الاستغفار: فإنَّه يطهر القلب والجنان، ومدعاة لتكفير الذنوب والآثام.
أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: فإنها من أعظم أسباب تنزل الرحمات، وبها تستجلب محبة الحبيب صلى الله عليه وسلم وشفاعته يوم المعاد، وترفع بها الدرجات، وتقضى الحاجات.
اصنع هذا ولسان حالك كأنه يقول:
وكيف أشغل قلبي عن محبتكم *** بغير ذكركم يا كل أشغالي
اللهم ثبتنا على الطاعات حتى الممات
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8]