[frame="6 98"]التنبه من آفة اللسان
إن حفظ اللسان من الأعمال الموجبة لدخول الجنة : فاللسان أحد الجوارح الهامة عند الإنسان والذي يجب المحافظة عليه من قول الفحش والبذاءة ، والقول المنكر من كذب وزور وبهتان ، ومن غيبة ونميمة وشتم ولعان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه : "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
لقد جاء في الحديث قول النبي لمعاذ رضي الله عنه : "ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه فقلت: بلى يا رسول الله قال:" رأس الأمر الاسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا. فقلت: يا نبي الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، الا حصائد ألسنتهم" .
إن أعظم البلاء علي الإنسان في الدنيا هو لسانه إذا أطلقه بالكلام دون أن يتبين معنى ما ينطق به ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمع رسول الله يقول : " إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق "، فالإنسان يجب أن يحسن الكلام ولا ينطق إلا بما يرضي الله عز وجل . مهما ضاقت عليه نفسه، واشتدت عليه صنوف البلاء ، وتقلبت عليه بالشدة واللأواء . وأحاطت به المكارة من كل الأنحاء. فانه يعلم أن عند ربه خير الجزاء ، ولتعلم أن الأدب في حفظ اللسان وطيب الكلام هو من سمات عباد الرحمن ، قال تعالى : "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) " ، وذكر المولى سبحانه وتعالى أنه لا يصعد إليه إلا الكلم الطيب من الأقوال والأفعال ، قال تعالى : " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ " ، ولأهمية اللسان وخطر ما ينطق به على الإنسان ، فان الأعضاء تأمره كل يوم أن يتقي الله فيها فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رفعه قال: "إذا أصبح ابن آدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فان استقمت استقمنا، وان اعوججت اعوججنا "
إن اللسان نعمة منّ الله علي بني آدم إذ به يعبد الله وحده لا شريك له. ويذكر الله به كل الأوقات وقال تعالى : " الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) " ، و باللسان ينطق المؤمن الشهادتين. ويؤدي الصلاة وسائر الواجبات ويفعل باقي الفروض والسنن كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشهادة الحق ونشر العلم ، وعلى النقيض فإن إطلاق العنان للسان يوقع الإنسان في السوء و العصيان مثل الكذب والغيبة والنميمة والرياء والنفاق والفحش والخوض في أعراض الناس وقول الباطل وإيذاء الخلق وهتك العورات ، وفي القيل والقال والتي تؤدي بالإنسان إلى سوء المآل ، وجاء أن معاوية كتب إلى المغيرة: أن اكتب إليّ بحديث سمعته من رسول الله ، قال: فكتب إليه المغيرة: إني سمعته يقول عند انصرافه من الصلاة: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير). ثلاث مرات، قال: وكان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ومنع وهات، وعقوق الأمهات، ووأد البنات "، وإن الإنسان المؤمن يتقي الله في لسانه ، فيحفظه من كل صنوف الأذى ، ويبعده عن مهاوي الردى ، ويذود به عن ما حرمه المولى ، ويدفعه عن شرور النفس والهوى .
فاللهم اجعلنا ممن يحفظ لسانه ، ويتلو قرآنه ، ويعمل بمحكمه ، ويتجنب شبهه ، ويزيد من ذكره وشكره .
[/frame]