[frame="9 98"]
النهي عن الغيبة
قال الله تعالى : ( وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رحيمٌ ) ، وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : ( أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ؟ ) قَالُوا : اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ) قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ ، وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ )
فيجب الإهتمام بحفظ اللسان من الغِيبَةِ والنَّمِيمَة والإفك والبهتان ، فأن هذه من الصفات القبيحة ، فأما الغيبة: فهي ذكرُك الإِنسانَ بما فيه مما يكره، سواء كان في بدنه أو دينه أو دنياه ، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته بلفظك أو رمزتَ أو أشرتَ إليه أو نحو ذلك. أما البدن فكقولك: أعمى أعرج وغيره ، والدِّيْنُ فكقولك: فاسق سارق خائن، ظالم متهاون بالصلاة، ليس بارّاً بوالده، لا يجتنبُ الغيبة وغيرها. وأما الدنيا: فقليلُ الأدب، يتهاونُ بالناس، كثيرُ الكلام، كثيرُ الأكل أو النوم، وغيرها، أو تقول عن أبوه: فاسق، أو هندي، إسكافي أو غيرها ، وأما الخُلُق فكقوله: سيء الخلق، متكبّر ، عجول ، عاجز ، ضعيفُ القلب، عبوس، خليع، ونحوه ، أو الاستهزاء بثوبه ، وأما النميمة: فهي نقلُ كلام الناس بعضِهم إلى بعضٍ على جهةِ الإِفساد ، وأما حكمهما، فهما محرّمتان بالأدلة الصريحةُ من الكتاب والسنّة وإجماع الأمة، قال اللّه تعالى": وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً"، وقال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} ، وقال تعالى: "هَمَّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ "، ومعنى همَّاز: غيّاب، أو مغتاب للناس،وعن حذيفة رضي اللّه عنه عن النبيّ قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ " ، وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أنَّ رسولَ اللّه مرّ بقبرين فقال: "إنَّهُما يُعَذَّبانِ ومَا يُعَذَّبانِ في كَبير"،وعن أبي بكرة رضي اللّه عنه؛ أن رسولَ اللّه قال في خطبته يوم النحر بِمنىً في حجة الوداع: "إنَّ دِماءَكُمْ وَأمْوَالكُمْ وأعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا في شَهْرِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟"
و ما جاء في شدة النهي والزجر عن الغيبة ، عن عائشة رضي اللّه عنها قالتْ : قلتُ للنبيّ : حسبُك من صفيّة كذا وكذا ـ قال بعضُ الرواة: تعني قصيرة ـ فقال النبي : "لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ" قالت: وحكيتُ له إنساناً فقال: "ما أُحِبُّ أني حَكَيْتُ إنساناً وأنَّ لي كَذَا وكَذَا" ، قلتُ: مزجته: أي خالطته مخالطة يتغيرُ بها طعمُه أو ريحُه لشدّة نتنها وقبحها، وعن أبي الدرداء رضي اللّه عنه،عن النبيّ قال: "مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيامَةِ"، وفي حديث عِتبان قال : قام النبيّ يُصلِّي، فقالوا: أين مالك بن الدُّخْشُم؟ فقال رجل: ذلك منافق لا يُحِبّ اللَّهَ ورسولَه، فقال النبيّ : "لا تَقُلْ ذلكَ، ألا تَرَاهُ قَدْ قالَ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، يُرِيدُ بِذلكَ وَجْهَ اللَّهِ؟" ، وعن جابر بن عبد اللّه وأبي طلحة رضي اللّه عنهما قالا : قال رسول اللّه : "ما مِن امرئ يَخْذُلُ امْرَأَ مُسْلِماً في مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضَهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ في مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، ومَا مِنْ امرئ يَنْصُرُ مُسْلِماً في مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَك فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إلا نَصَرَهُ اللَّهُ في مَوْطِنٍ يُحِب نُصْرَتَهُ".[/frame]