بقلم / أ- سطام النماصي *
تعاني معظم الوزارات والهيئات والمؤسسات لدينا من تخبط وفوضى وعشوائية وتفتقر للتخطيط المدروس والاستراتيجيات المناسبة لإيجاد حلول للمشاكل العديدة التي يعاني منها المجتمع وبعض الوزراء ومسؤولي الدولة لديه همة عالية وموهبة نادرة في ( التبرير) فكل الأخطاء والسلبيات يوجد لها مخرجا مناسبا ! .
وقد سنحت لي قبل عدة سنوات مشاهدة مقابلة مع مدير جامعة الإمام سابقا وكان طوال المقابلة التي امتدت لأكثر من ساعة كاملة يبرر الأخطاء وأحيانا ينفي وجود الخطأ جملة وتفصيلا . كذلك وزير التعليم العالي استدعي لمجلس الشورى لمناقشة سلبيات وزارته فحضر وألقى عليهم خطبة طويلة جدا ذكر فيها إنجازاته العديدة ثم ما لبث أن غادر المجلس ! .
مما يلاحظ أيضا التسرع في اتخاذ القرارات دون النظر في جدواها ومن ذلك مثلا إنشاء( المدن الاقتصادية) قبل أكثر من ثمان سنوات ولم يشعر المواطن بأي ثمرة لوجودها حتى أصبحت مثار للسخرية والتندر ومن شاهد البرنامج الذي عرضته إحدى القنوات عن ( مدينة حائل الاقتصادية) يعي هذا الكلام جيدا فقد أصبحت مرتعا للأغنام والجمال السائبة ! كذلك نظام ( الابتعاث ) بحسب ما نقرأ ونسمع عن المصائب التي تحدث لأبنائنا في الغرب ما يدل على الإهمال وعدم المتابعة ثم ما بعد التخرج هناك من لا يجد عملا ! .
ولا ننسى ( المخططات السكنية) وكلنا نتذكر بأسى وحرقة ( مأساة وكارثة سيول جده ) وقد قرأت مقالا نشرته جريدة عكاظ فيه إشارة لتقرير كامل عام 1415 هـ أي قبل خمسة عشر عاما من حدوث المأساة يحذر كاتبه من كارثة ستحل بجده ما لم يتم تدارك الموقف عاجلا ومع ذلك لم يحرك معالي ( الأمين العام ) ساكنا بل لم يعر التقرير أدنى أهمية حتى حدث ما حدث ! .
والذاكرة حبلى بأمثلة لا أحصيها عددا والتي يدفع المواطن من جرائها الثمن باهظا جدا . في المقابل هناك قرارات تنفذ بدقة ودراسة وافية ومعالجة دقيقة لا وجه القصور ما يعني سياسة ( الكيل بمكيالين) و ( ازدواجية المعايير)
مثل قرار( حافز) الذي طبق باحترافية عجيبة ويخضع لرقابة صارمة جدا وتقويم مستمر لماذا ؟
أترك الجواب لكم ! .
حتى رئيس ( هيئة مكافحة الفساد) أصابته العدوى بعد أن كان من أبرز محاربي الفساد عبر مقالاته الان سنحت له الفرصة لتطبيق الكلام على أرض الواقع ولكن . . . ! !
والأكثر ايلاما والأشد وقعا على النفس حينما يبادر البعض لعقد مقارنة بين المسؤول الأجنبي ومسؤولينا فنجد الفرق الشاسع على جميع الأصعدة .
مع أن ديننا الحنيف وشرعنا المطهر جاء بتعاليم واضحة المعالم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) . وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله كتب الاحسان على كل شيء ) .
وقبل ذلك الله جل وعلا وصف نفسه بالإتقان فقال تبارك وتعالى ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) .
إن المتهم الحقيقي في البلد هم المسؤولين على اختلاف مناصبهم التي يتسمونها فهم من جعلنا أضحوكة بين دول الخليج كذلك الأثرياء المتقاعسين الذين مابرحوا يتسابقون للتبرع لصالح الدولة في حين لا نكاد نجد لهم أي دور ملموس في مساعدة أبناء جلدتهم ولا ننسى هنا مجلس الشورى وأدائه المضحك المبكي إذ ما فتئ أعضاؤه يناقشون أمورا لا تقدم ولا تؤخر ويغفلون عن مصالح المجتمع !
وعندما نلقي نظرة سريعة على واقع الموظف العسكري نصاب بالدهشة والذهول من الواقع المزري الذي يرزح تحت وطأته يكفي أن نعلم جميعا أن رجل الأمن يمكث سنوات طويلة بلا ترقية وبعد نهاية خدمته يمنح راتب ثلاثة أشهر فقط . ثم يبدأ في التسول والسكن في البوفيهات بلا ماء ولا كهرباء ( مثل حسن العمري ) الذي عرضت قصته في إحدى القنوات .الذي يحمي الثغور ويذود عن حياض الوطن ويحمي الأعراض يسكن في الشارع ! .
الشجاع المقدام أصبح مطأطئ الرأس يمد يده للناس أعطوه أو منعوه في أغنى بلد في العالم ! . فهل يوجد إجحاف وهضم للحقوق أكبر من ذلك ؟ .
هنا سؤال وجيه وملح هل تصورنا وتأملنا ما هو شعور العسكري عندما يسمع موظفي الشركات وهم يتذمرون من عدم نيل حقوقهم لاسيما وهو لم ينل ربع عشر ما يأخذون ؟
صفوة القول لو أن هذه المعضلات مستعصية وتحتاج لجهود مضنية وشاقة وسنوات طويلة من الجهد لاقتنع الجميع بيد أن الحلول في غاية اليسر والسهولة كل ما هنالك استشعار مسؤولي الدولة وأعضاء مجلس الشورى للمسقؤوليات الجسام والأمانة العظيمة التي ألقيت على عواتقهم وقبلوا تحملها وبالتالي يتم استحداث وسن أنظمة جديدة أو تغيير أو تعديل لبعضها والتي عفى عليها الزمن ثم تفعيل المحاسبة و الرقابة والمتابعة لان تشكيل اللجان والغفلة عنها هذا ( ضحك على الذقون) وذكرياتنا معه سيئة جدا ! .
وأخيرا أقول لكل مسؤول إن الاستثمار الحقيقي هو في المواطن بمعنى منحه كافة حقوقه وتأمين متطلباته وإيجاد المحفزات لإبداعه وتهيئة الجو المناسب للإنتاج كما فعلت اليابان وألمانيا بشعبيهما بعد أن كانا يتعطشان للدماء و لا يفهمان إلا لغة الحروب والعنف أصبحا الآن أنجح شعوب العالم في العطاء والبذل والإبداع والتميز .
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى اللهم أجعل عمله في رضاك وهيئ له البطانة الصالحة التي تعينه على فعل الخير .