تأثير شجار الأهل على الطفل
دائما ما قد يتشاجر الأب والأم أو يختلفان بسبب عدد من الأمور المختلفة، وهذا أمر طبيعى، ولكن عندما يكون الخلاف والشجار أمام الطفل فإن هذا الأمر يكون له تأثير سلبى عليه. إن الشجار والخلافات المتنوعة بين الأب والأم أمور لها تأثير شديد السلبية على صحة الطفل النفسية والعاطفية، وعلى علاقاته بكل من حوله فى المستقبل. يجب على كل من الأب والأم أن يكونا ناضجين كفاية ليدركا كيفية التعامل بطريقة عملية وهادئة مع مشاكلهما ولكن للأسف فإن هذا الأمر نادرا ما يحدث لأن الأب والأم كل منهما يلوم الآخر، ويدخل الأمر فى نطاق الدائرة المفرغة. إن الطفل لن يتمكن من التعامل مع خلافات أهله الشديدة مع الوضع فى الاعتبار أنه يستحق أن يعيش داخل عائلة متفاهمة ومتجانسة.
إن الخلافات بينك وبين زوجك بالتأكيد ليست بالأمر السهل عليك، وبالتأكيد أيضا فإنه لن يكون من السهل عليك تأديب طفلك إذا كان عنيدا أو يبكى، وبالتالى فإن الطفل لن يستوعب كيفية التعامل مع والده ووالدته وهما يتشاجران باستمرار ومع الوقت فإن الطفل يبدأ فى الشعور بعدم الأمان وبعدم الاستقرار. يبدأ الطفل فى الشعور بالغضب والإحباط على المستوى العاطفى والجسمانى عندما يرى أبويه يتشاجران وهو الأمر الذى قد يجعله يشعر بالخوف ويبدأ حتى فى البكاء، بل إنه قد يبدأ فى لوم نفسه والتفكير فى أنه كان من الممكن أن يمنع خلافات والده ووالدته حتى لو لم يكن له أى علاقة بالأمر. إذا كان خلاف الأب والأم يسبقه أى نوع من أنواع الحديث عن الطفل فإن الطفل سيظن أنه إذا كان قد تصرف بطريقة مختلفة، فكان من الممكن أن يمنع حدوث أى خلاف.
إذا نشأ الطفل داخل منزل يتشاجر فيه الأب والأم كثيرا فإنه مع مرور الوقت ومع تقدمه فى العمر لن يتمكن من نسيان تلك الذكريات أبدا، وسيظل يتذكر مشاهد تشاجر والده ووالدته مع بعضهما البعض. وبالإضافة للخلافات العادية فإن الضرب أمر سيظل محفورا فى ذاكرة الطفل ولن يجعل من السهل عليه التعايش مع تلك الأمور، بل إنه قد يسبب له مشاكل مثل عدم القدرة على التركيز وآلام المعدة والقرح وبعض صعوبات التعلم.
عندما ينشأ الطفل فى بيئة يتشاجر فيها أهله طوال الوقت، فإن الطفل عندما يكبر سيظن أن هذا الأمر طبيعى وسيدخل هو أيضا فى خلافات مع الجميع أو أنهم يحاولون تجنب الخلافات مع أى شخص تماما. وقد يصبح الطفل متنمرا لأنه يريد أن يشعر أن كل الأمور تحت سيطرته وعلى جانب آخر فقد تصبح شخصية الطفل ضعيفة ويصبح مستسلما لأى أمر يحدث لأنه يريد تجنب إثارة أى خلافات. ومع الوقت فإن الطفل قد يفتقد القدوة التى تعلمه كيفية التعامل مع الأمور بمنطق وكيفية حل مشاكله بسلمية. إن الطفل إذا رأى أهله يتشاجرون طوال الوقت فإنه لن يتمكن من التواصل والتفاعل بإيجابية مع الآخرين لأن والده ووالدته كان لهما تأثير سلبى عليه. إن الطفل قد يلجأ للتمرد كرد فعل تجاه خلافات والده ووالدته مع بعضهما البعض، وقد يبدأ فى إساءة التصرف وفى عدم القدرة على التحكم فى غضبه مع بعض السلوكيات العنيفة، كما أن هذا الطفل قد يشعر بالاكتئاب ويبدأ فى الانعزال عن أصدقائه مع الشعور بالصداع، وبألم فى المعدة. وبالإضافة لكل ما سبق فإن الطفل يكون مفتقرا للمهارات الاجتماعية. يجب على الأب والأم أن يبذلا جهدا حقيقيا للتعامل مع الآثار السلبية التى تركتها خلافاتهما على الطفل فيجب عليهما أن يكفا عن الشجار وأن يعتذرا لبعضهما البعض وأن يحاولا التعامل مع مشاكلهما بطريقة سلمية. وإذا لم يتمكن الأب والأم من التوصل لتفاهم مع بعضهما البعض فيمكنهما أن يقوما باستشارة طبيب نفسى متخصص.