شفاء القلوب
لمحمد السيد عبد الرازق
نور القلوب وحياتها..
عافية الأبدان وشفاؤها..
متعة الروح وملاذها..
سكينة النفس وهدوؤها..
إنه كلام الله..
إنه القرآن..
هذا كتاب الله زاد قلوبنا وشفاؤنا من كل داء أرهقا
هذا هو القرآن مصدر عزنا فبه تبوأنا المكان الأسمقا
رسائل ربانية
إنه لشيء عظيم باهر أن يخص الإِله الكبير المتعال مالك الملك سبحانه هذا الإنسان الضعيف الصغير القليل بخطابه وكلامه ، وأن يحبوه ويمنحه شرف التحدث إليه ومناجاته.
فعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: (إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم ، فكانوا يتدبرونها بالليل ، ويفقدونها في النهار).
كرامة لم تعط للملائكة
وهنيئًا لكِ يا مرتلة القرآن ومتدبرته فأنت في كرامة لم تعطها الملائكة الكرام البررة كما قال ابن الصلاح (قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها البشر، فقد ورد أن الملائكة لم يُعطوا ذلك، وأنها حريصة على استماعه من الإنس) الإتقان في علوم القرآن.
أطنان من الحسنات
وأبشري مرة أخرى يا تالية القرآن، فلك بكل حرف تقرئيه حسنة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول "الم" حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)،
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: أصل صفة الصلاة - الصفحة أو الرقم: 1/368
خلاصة حكم المحدث: على شرط مسلم
فكم من حسنات تنتظرك في هذا الشهر الكريم إذا كنتِ لكتاب ربك من التالين ولآياته من المرتلين؟
علامة حبك لله
فالله تعالى أعطاكِ إذن مناجاته من خلال ترنمك بآيات الذكر الحكيم، وهو بذلك أعطاكِ سر محبته وكما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (من أحب القرآن، فهو يحب الله ورسوله) وتأملي كيف أحب الله عبدا لمجرد أنه أحب سورة من قصار سور القرآن، وهي سورة الإخلاص ، فكان يؤم قومه بها كل صلاة، فلما سئل عن ذلك قال: (لأن فيها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخبروه أن الله يحبه).
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7375
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
تجارة رابحة
قال الآجري رحمه الله (من تلا القرآن وأراد به متاجرة مولاه الكريم فإنه يربحه الربح الذي لا بعده ربح ويعرفه بركة المتاجرة في الدنيا والآخرة كما قال تعالى:{إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور} [فاطر: 29 – 30].
انزعي أقفال قلبك
حرري نفسك من قيود الدنيا وحلقي في سماء القرآن الرحبة وانزعي عن قلبك أقفاله التي تحول بينك وبين التدبر: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد, ولا تكوني أقل من الحجارة الجامدة التي لو أنزل عليها القرآن لتصدعت من خشية الله {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (21) سورة الحشر, واحذري أن تكون ممن اشتكى منهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه فقال: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان.
الوصية الجامعة
يوصيك بها طبيب القلوب الإمام ابن القيم رحمه الله (فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته : من تدبر القرآن وإطالة التأمل وجمع منه الفكر على معاني آياته فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما ... وتثبت قواعد الإيمان في قلبه وتشيد بنيانه وتوطد أركانه وتعطيه فرقانا ونورا يفرق به بين الهدى والضلال والغي والرشاد وتعطيه قوة في قلبه وحياة وسعة وانشراحا وبهجة وسرورا ... فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه ... وتثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق والتحويل وتسهل عليه الأمور الصعاب والعقبات الشاقة غاية التسهيل .. وفي تأمل القرآن وتدبره وتفهمه : أضعاف أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد)
رباعية التدبر القرآنية
ومن أراد التدبر والخشوع والانتفاع بالقرآن فعليه برباعية التدبر والانتفاع القرآنية التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم حين قال {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (37) سورة ق.
فتمام التأثر بالقرآن متوقف على هذه العوامل الأربعة ألا وهي:
1. وجود المؤثر المقتضي للتأثير
2. وجود المحل القابل لحدوث التأثر
3. وجود الشرط اللازم لحدوثه
4. انتفاء المانع الذي يمنع التأثر
(فقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} فهذا هو المؤثر؛ وقوله: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فهذا هو المحل القابل ، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله , وقوله تعالى {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} أي وجه سمعه ، وأصغي حاسة سمعه إلى ما يقال له ، وهذا شرط التأثر بالكلام ، وقوله تعالى {وَهُوَ شَهِيدٌ} أي : شاهد القلب والفهم ، ليس بغافل ولا ساهٍٍ ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير وهو سهو القلب وغيابه عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله.
فإذا حصل المؤثر – وهو القرآن – والمحل القابل – وهو القلب الحي – ووجد الشرط – وهو الإصغاء – وانتفى المانع – وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر – حصل الأثر ، وهو الانتفاع والتذكير)
[زاد المعاد].
قبل الرحيل
يحب الله أهل القرآن فهم أهله وخاصته، ولا يرضى عن هاجري التدبر وإن كانوا من حفظته، ويرضى عن التالين الذاكرين المتدبرين ويشملهم بعطفه ورحمته، فهلا فررت من غضبه وتعرضت لكرمه ورحمته؟
فالبشريات النبوية تقول: (الحديث ضعيف).
زاد اليوم
1. حافظي على ورد يومي من كتاب الله واحرصي على أن تختميه ولو مرة واحدة في هذا الشهر الكريم.
2. احرصي قبل القراءة على تهيئة نفسك للخشوع بالطهارة واستقبال القبلة واستعمال السواك والسكينة والهدوء.
3. اقرئي القرآن ترتيلا بقدر استطاعتك ولا يكن همك آخر السورة ولكن اقرئي بتأني واستحضري أن الله عز وجل يكلمك.
4. توقفي عند كل آية فإن كان فيها تسبيح فسبحي وإن كان فيها نعمة فاشكري الله وإن كان فيها نعيم فاسألي الله من فضله وإن كان فيها عذاب فتعوذي بالله منه كما كان يفعل سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
5. ليكن بجوارك وريقات تكتبين فيها خواطرك التي تتراءى لكِ أثناء التلاوة.
6. قبل القراءة استعيذي بالله من الشيطان الرجيم واطلبي منه أن يفتح عليكِ وأن يرزقك الفهم ثم العمل.