السلام عليكم ورحمة الله
عفوا سامي الجابر، عفوا نواف التمياط، عفوا محمد نور، عفوا مبروك زايد، عفوا حسين عبد الغني وبقية لاعبي المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، لم تعودوا النجوم المفضلة لدي ولم أعد أهتف بأسمائكم كما كنت أفعل دائما في كل مشاركة وطنية، عفوا لكل من رافقتهم في ألمانيا إعلاميين وإداريين وفنيين أبان المونديال الأخير، عفوا باكيتا البرازيلي الداهية يا من كلفت خزائننا الملايين وقدتنا إلى الإخفاق الأخير، عفوا لبعثة الملايين وكل التجهيزات والإمكانات التي سبقتهم ورافقتهم إلى ألمانيا.
البارحة فقط تشكلت ألمانيا من جديد لدي ولم تعد تلك الأرض التي زرتها أول مرة ترتبط في ذاكرتي بالحزن والإخفاق والخيبة، البارحة فقط تغيرت مفاهيمي لكل تلك الأمور، البارحة استبدلت النجوم بنجوم أخرى والبارحة أيضا أيقنت أن الملايين لا تجلب النصر ولا تصنع الإنجاز.
البارحة فقط تعلمت دروسا على أيدي هؤلاء الأبطال الذين كنا ننظر لإيهم بعين النقص الممزوجة بالرحمة، البارحة أيقنت أنني لا أفهم شيئا وأن مستوى ذكائي وذكاء من أهتف باسمهم أقل من المطلوب.
من علمني كل هذا بالطبع قد لا يعرفهم أحد ولم يسمع بأسمائهم أحد من قبل لم نكن ننظر حتى إليهم، إنهم أحد عشر كوكبا صنعوا المعجزة وفعلوا المستحيل، أحد عشر كوكبا تعلمنا منهم أننا كنا نجري خلف سراب من الأصحاء وبقربنا نهر يفيض إنجازا وإعجازا ويروي عطش المحبطين.
لا أعرف ماذا أكتب عنهم وأنا الذي سبق أن امتدحت وهتفت لغيرهم ممن لم يقدموا ربع عطائهم، لم يبلغوا مستوى حماستهم، ولم يصلوا إلى جزء يسير من تضحياتهم، بل لم يعانوا في حياتهم كما عانوا.
ماذا أقول عن هؤلاء وهم البارحة يرفعون علم بلادي عاليا في سماء ألمانيا في محفل عجزنا جميعا بصحتنا ونعم الله علينا أن نرفعه في المكان ذاته وقبل أشهر قليلة، ماذا أقول لهؤلاء وهم من أعاد البسمة لنا، ماذا أقول ونحن جميعا لم نقدم لهم حتى الآن ما يستحقون في الوقت الذي قدموا فيه لنا ما عجزنا عن تقديمه لأنفسنا.
لست مبالغا ولست مداحا لمن لا يستحق المديح ولكن ما فعله المعوقون أمس في ألمانيا بقيادة الداهية الحقيقي عبد العزيز الخالد يستحق أن نكتب فيه ملحمة شعر وأفضل أبيات القصيد، ما قدمه هؤلاء المعوقون غيّر المفاهيم وأكد أن لا مستحيل.
معوقونا أمس كانوا رجالا، أبطالا، وأسودا، كانوا أصحاء وكنا نحن ونجومنا السابقون المعوقين.
نعم كنا معوقين فمن قصر نظره مثلنا عما يستطيع أن يفعله مثل هؤلاء الأبطال يصبح معوقا، ومن أهمل مثل هؤلاء الأبطال كان معوقا، ومن لم يضعهم نجوما له وقدوة من الآن فهو معوق بلا جدال.
من الآن فصاعدا ومتى سألت ودون أن أسأل لم يعد لي نجوم أهتف باسمها سوى عمر الكسار، عبد الله عسيري، وعبد الله الدوسري وبقية الأبطال بقيادة مدربهم عبد العزيز الخالد، فمن ينقذ نفسه من الإعاقة وينضم معي؟
كلمة أخيرة:
قد يغضب البعض من إطلاق مصطلح المعوقين على هذه الفئة التي قدمت البارحة لنا درسا وقدمت لنا الأبطال، ويفضل البعض استبدالها بمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن ما لا يعلمه الكثير أن النظام الأساسي لرعاية المعوقين في المملكة الذي اعتمده مجلس الوزراء ينص في أحد بنوده أن المصطلح الدقيق لوصف هذه الفئة هو المعوقون وليس ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة يشمل الأرامل والأيتام والمسنين وحتى الأطفال، علما بأن من صاغ هذا النظام مختصون في الطب والإعاقة واللغة العربية ولذلك لزم التنويه.
منقوووول
الكاتب / عيد الثقيل - جريدة الاقتصادية
24/8/1427
مع الحب .... أبوتركي الحربي