بسم الله الرحمــــن الرحيــــــم
إخواني وأخواتي في هذا المنتدى الرائع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعزائي هذا الموضوع هو أول موضوع أقوم بطرحه في هذا المنتدى الرياضي وأحببت أن تكون البداية من خلال هذه الكرة التي أعشقها ويعشقها معي الكثيرون من محبي كرة القدم الجميلة ألا وهي الكرة الهولندية التي إرتبط إسمها بالكرة الشاملة فماسر هذه العلاقة ؟
ما هي الكرة الشاملة؟
كثيرا ما نسمع عن الكرة الشاملة. وأن المنتخب الهولندي هو من أنشأ هذه الطريقة وطبقها. ولكن هناك الكثير منا لا يعرف حيثيات هذه الطريقة ولا ماهيّتها.
أترك لكم هذا الموضوع للتعرف أكثر على الكرة الشاملة وتطبيقها.
"الكرة الشاملة مع ضغطها الهجومي ... شيء خيالي ورائع جدا ... هذه الطريقة تحدد على من يطبقها من لاعبين ومدربين مسؤوليات وتحديات عديدة ... أحد أهم هذه التحديات والمتطلبات التي يجب أن تتواجد هي وجوب تواجد عقلية إيجابية لدى اللاعبين بما فيهم لاعبي الاحتياط"
هذا ما قاله (رينوس ميتشيلز) ..... الأب الروحي للكرة الشاملة.
حينما يأتي لأحد ذكر الكرة الشاملة أو ال Total Football ... يأتي في مخياتنا مباشرة الأسطورة الهولندي رينوس ميتشيلز وفريق الرعب أياكس أمستردام في السبعينات حينما إحتكر بطولة أبطال الدوري الأوروبية لثلاث سنوات متتالية ومنتخب الطواحين الهولندية أعوام 1974 و 1978 حينما وصل إلى المباراة النهائية لكأس العالم لمرتين متتاليتين ولم يسعفه الحظ بالظفر بالبطولة ... جيل كرويف ونسكنز وهان وغيرهم من المبدعين والمصنفين ضمن أفضل 100 لاعب على تاريخ كرة القدم حسب إحصاءات الإتحاد الدولي لكرة القدم .....
من خلال هذا الموضوع البسيط أحببت أن القي الضوء على هذه الطريقة المميزة لكرة القدم والنقاط الرئيسية في نجاحها وكيفية تميزها عن باقي الطرق والخطط الأخرى والمشهورة عالميا .
وسأبدأ السرد ببذور هذه الفكرة والخطة والتي نتجت من السيد جاك ريموندز مدرب نادي العاصمة الهولندية أياكس في أعوام 1915 قبل الحرب العالمية وإلى 1945 في أخر مرحلة تدريبية له هناك ... ومن هذه البذور تمكن العبقري رينوس ميتشيلز من تطوير هذه الفكرة وإضافة العديد من المزايا الأخرى ليخترع مايسمى بخطة الكرة الشاملة وذلك في مطلع السبعينيات حين أصبح مدربا لنادي أياكس أمستردام ومن خلال هذه الخطة إكتسح قارة أوروبا وإحتكر بطولاتها ل 3 سنوات متتالية ...
السمات المميزة لطريقة
الكرة الشاملة
معظم من طبق خطة الكرة الشاملة إتبع الطريقة الهولندية التقليدية في اللعب ألا وهي 4-3-3 المعروفة ... ولكن من الممكن تطبيق الكرة الشـــــاملة بخطة 4-4-2 كما فعل هيدينك حديثا مع منتخب هولندا عام 1998م
وفكرة الكرة الشاملة تتمحور في عدة نقاط رئيسية ومن هذه النقاط ما يكون عندما تكون الكرة في حوزة الفريق وهو الإحتفاظ بالكرة أكثر فترة ممكنة وتمرير الكرة بشكل متواصل وكثير بين اللاعبين خاصة بالخط الخلفي مع حارس المرمى وتبديل المراكز بين اللاعبين مع المحافظة على الشكل العام للخطة (من أهم المزايا) * فالمدافع بإمكانه أن يلعب بخط الوسط ويهاجم بحرية ويأتي من يغطي مركزه وعادة من خط الوسط أو الدفاع ... ومن المزايا أيضا التنويع في اللعب وتغير اللعب بين الجهات ... فتارة تجد اللعب محصورا بكرات قصيرة سريعة وتارة بكرات طويلة وتارة يعتمد اللعب بتسديدات بعيدة المدى أو عرضيات من الإجنحة المهاجمة. في حالة وجود الكرة عند الفريق الخصم تتلخص الخطة بالضغط على حامل الكرة خاصة في منطقة الوسط وإفتكاك الكرة منه بأسرع فترة ممكنة للمحافظة على التقسيم والهيكل العام للخطة الرئيسية وعدم إيجاد ثغرات نتيجة لتحرك اللاعبين من مراكزه.
العوامل الرئيسية المطلوبة في إنجاح طريقة الكرة الشاملة
"في المبارة النهائية لعام 1974 في ميونخ ونحن في الممرات المؤدية للملعب الكل توقع فوز هولندا, وحاولنا من جهتنا ان ننظر إليهم (لاعبي هولندا) فقط لنثبت بأننا أقوياء مثلهم ... لقد كانوا يشعرون أنهم فريق لا يقهر, يمكنك أن تلاحظ هذا من عيونهم ونظراتهم وكأنهم يقولون لنا (كم هدفا تريدوننا أن نسجل عليكم في مباراة اليوم !) وأنتظرنا بالممر حتى دخلنا الملعب وحاولت النظر إليهم مباشرة في تلك اللحظة ولم أستطع ذلك, لقد جعلونا نشعر أننا أصغر منهم "
هذا ما قاله وينجر هوليزبن ... لاعب ألمانيا الغربية سابقا .
تتطلب طريقة الكرة الشاملة عدة شروط من اللاعبين لتتمتها وتنفيذها بالطريقة المثالية وعدم توفر أو الإخلال بشرط واحد من هذه الشروط يقلل من كفاءه وقدرة هذه الطريقة المتكاملة :
1- التوقع للنتيجة يحدد الإختيار
على جميع اللاعبين الأخذ بعين الإعتبار والإيمان بطريقة اللعب وذلك حسب الظروف المصاحبة للتوقع ... مثلا إذا كان التوقع بأن تهزم الخصم برباعية نظيفة, فعليك القيام بكل ما يريدك الخصم أن تقوم به, والعكس في حال وجود خصم قوي نسبيا فيجب على الفريق ككل أن يؤمن بترسيخ وقت أكبر في عملية بناء الهجمات المرتدة السريعة وعدم التهاون في التمريرات في خط الوسط.
2- الثقة
يجب على اللاعبين الثقة "مطلقا" بقدرات زملائهم بالملعب في تأدية واجباتهم على أكمل وجه وهذا النوع من الثقة لا يتولد إلا عندما يلعب اللاعبين مع بعض فترة طويلة, لهذا يصعب إيجاد هذه السمة في أفرقة الناشئين. لهذه فالكرة الشاملة سلاح ذو حدين فيجب على اللاعبين عدم التفكير بأن الخطة ستفشل أيا ماكان في حال تطبيقها.
3- درجة عالية من اللياقة و التواصل داخل الملعب
في حال مواجهة فريق ضعيف أو قوي, فاللياقة العالية مطلوبة في تطبيق طريقة الكرة الشاملة, فعلى اللاعبين تحريك الكرة بشكل متواصل طوال وقت المباراة وعدم إعطاء المجال للخصم للسيطرة على الكرة لفترة طويلة, والركض بشكل كبير في أرجاء الملعب خاصة من لاعبي الوسط والأجنحة, لهذا تجد أن نسبة الاستحواذ للكرة للفرق المطبقة للطريقة الشاملة دائما تتفوق بشكل ملحوظ على الفريق الخصم ولو كانت النتيجة ليست من صالحهم. إذا كان الخصم يتفوق في بعض النواحي الفنية, فعلى اللاعبين عدم الإفراط بالهجوم لكن عليه الإكثار من التمريرات والجري بالملعب حتى يتم إيجاد ثغرة بالفريق وبالتالي يقوم بعض اللاعبين بالتواصل مع بعضهم وتسريع وتيرة اللعب ببعض الحركات التي قد تنجم عن هدف, لهذا فالتواصل بين اللاعبين من الأمور المهمة جدا باللعب, وهدف هولندا على ايرلندا في ملحق تصفيات بطولة أوروبا عام 1996 م هو مثال بسيط على تطبيق هذا الشرط, حيث سجل كلويفرت وقتها هدفا بعدما تناقل لاعبي هولندا الكرة بينهم 21 مرة قبل تسريع اللعب وتمرير الكرة لكلويفرت المنفرد.
4- التأقلم في عدة مراكز
على اللاعبين بخطة الكرة الشاملة أن يكونوا متأقلمين باللعب في عدة مراكز, نظرا لانهم قد يتبادلوا مراكزهم في بعض أوقات المباراة فالمدافع قد يهاجم والمهاجم قد يبادل مركزه مع اللاعب الجناح فعلى اللاعب في هذه الخطة أن يكون مستعدا لهذه الأمور.
5- التركيز
على كل لاعب التركيز بشكل كبير باللعب داخل الملعب وأي لاعب ضمن ال 11 لاعب يفقد تركيزه قد يسبب كارثة للفريق المطبق للكرة الشاملة, وهذا عادة يحدث عند دخول لاعب بديل غير مهيأ وليس مركزا لسرعة اللعب والطريقة المطبقة بالملعب.
6- الهجوم يبدأ عندما تكون مستحوذا على الكرة, ولا تفقد الكرة عند أخذها مباشرة
الكرة الشاملة تعتمد على الهجوم المتواصل في حال الكرة بحوزتك, ولا تطبق الكرة الشاملة الفكر الدفاعي بتاتا في حال الحصول على الكرة لهذا فجميع الافرق المطبقة لهذه الخطة تمتاز باللعب الهجومي السلس و الإستعراضي (كما يحلو للبعض تسميته), ولكن من النقاط المهم في الكرة الشاملة هي عدم فقدان الكرة في حال قطعها مباشرة, فالخطة الشاملة تدفع بلاعبين أو 3 للضغط على حامل الكرة وبحالة فقدان الكرة في هذه الحالة فتكون هيكلة الفريق غير منظمة وسهلة للإختراق.
تاريخ جميل
يوهان كرويف كان من أبرز ن طبق هذا النظام وهو ممن يؤيده بشكل كبير في مسيرته الكروية أيام كونه لاعبا أو مدربا فقد قام يوما بوصف الكرة الشاملة بشكل مختصر حينما قال:
" الكرة الشاملة هي الكرة البسيطة والسهلة وهي الإجمل على الإطلاق, ولكن تطبيق هذه الكرة السهلة هو الأمر الصعب "
الكرة الشاملة كافأت مطبيقيها بعدد من البطولات والذكريات الجميلة ... فنذكر على سبيل المثال أياكس أمستردام الذي نال بطولة الأبطال الأوروبية 3 مرات متتالية أعوام 1971, 1972, و 1973 بقيادة رينوس ميتشيلز ولعل اجمل نهائي من بين هذه النهائيات كان نهائي عام 1972 عندما تمكن أياكس من هزيمة الإنتر ميلان بثنائية نظيفة وأداء راقي غنت له الصحف الأوروبية بعدة عنواين قد يكون أبرزها هو : " موت الكاتيناتشو بقوة الكرة الشاملة " .... " الإنتر يهوي , والأسلوب الدفاعي يدمر "
وفي عام 1974 دخلت هولندا لكأس العالم بهذه الطريقة والأسلوب وكسبت إحترام الجميع رغم خسارتها للنهائي من المنظمة ألمانيا الغربية ... فهولندا ومن خلال هذه البطولة أبرزت للعالم أجمع معني الكرة الشاملة واكتسحت الأرجنتين برباعية نظيفة وتخطت ألمانيا الشمالية والبرازيل ببساطة وبهدفين نظيفين قبل أن تصل إلى نهائي ميونخ المشهود ... وأعادت الكرة عام 1978 ولكنها خسرت النهائي مرة أخرى ....
وعادت عام 1988 بقيادة ميتشلز وفي أخر محطة تدريبية له حيث حققت هولندا بالطريقة الشاملة بطولة أمم أوروبا 88 وظفرت بها وكانت هذه آخر مكافأة لمتشلز ... ولا ننسى النادي الكاتلوني برشلونة الذي طبق هذا الأسلوب وحقق عدة بطولات كان آخرها بطولة الأبطال الأوروبية عام 2006 م ... ذكريات عديدة وجميلة عاشتها خارطة كرة القدم بفضل فكرة الكرة الشاملة وأنتجت هذه الطريقة عدة فطاحل وكبار في عالم الكرة كلاعبين ومدربين لعل أبرزهم بالوقت الحالي : فرانك رايكارد, جوس هيدينك, ولويس فان جال ..
وتقبلــــوا تحياتي ،،، .