قَالَ أَبُو الُبَرَاءِ: سَأَعْرِضُ لَكُمْ حِوَاراً شِعْرِياًّ بَيْنَ نَاصِرِ الثُّنَيَّانِ وَصَدِيقِهِ الشَّاعِرِ الرَّاحِلِ الْأَخِ /
فَهْدِ بْنِ جُمُعَةَ بْنِ مُسَلَّمِ الْعِيدِ-رَحِمَهُ اللَّهُ-،وَقَدْ جَرَى هَذَا الْحِوَارُ الشِّعْرِيُّ عَبْرَ رَسَائِلِ الْجَوَّالِ.
وَلِلْعِلْمِ فَقَطْ عُنْوَانُ هَذَا الْحِوَارِ الشِّعْرِيِّ ( شَوْقٌ وَ حَنِينٌ ) هُوَ مِنِ اخْتِيَارِ الشَّاعِرِ فَهْدٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.كُنْتُ فِي الدَّوَادِمِي فِي
بِدَايَةِ حَيَاتِي الْعَمَلِيَّةِ عَامَ 1423.
فَهْدُ الْعِيدِ :
هُنَا مِنْ عُيُونِ الْخَيْرِ مِنْ أَرْضِيَ الَّتِي نَشَأْتَ بِهَا مُنْذُ الطُّفُولَةِ وَ الصِّبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
سَلَامِي لَهَا مِنْ أَرْضِ ( دَاوُرْدَ ) مُرْسَلٌ مِنِ ( ابْنِ ثُنَيَّانَ ) الَّذِي بَاتَ مُعْجَبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
سَلَامٌ تَغَنَّى بِالْحَنِينِ وَ بِالْمُنَى فَأَهْلاً بِمَنْ فَاضَ اشْتِيَاقاً وَ مَرْحَبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
لَكَمْ بِيَ أَشْوَاقٌ لِأَهْلِيَ فِي الْعُيُونْ وَ مَكْتَبَةٍ فِيهَا مِنَ الْكُتْبِ مَا سَبَى
فَهْدُ الْعِيدِ :
وَ نَحْنُ بِنَا شَوْقٌ لِأَنْ تَأْتِيَ لَنَا لِيَلْتَمَّ شَمْلٌ بِالْمَحَبَّةِ قَدْ رَبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
أَلَا بَلِّغِ الْأَحْبَابَ عَنِّي رِسَالَةً بِأَنْ يَذْكُرُوا صّباًّ أَرَاهْ مُعَذَّبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
أُخَيَّ ، فَإِنَّ الْكُلَّ مّا غَابَ عَنْهُمُ شُعُورٌ مِنَ الْأَشْوَاقِ فِيهِمْ وَ مَا خَبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
وَ إِنَّ الْأَسَى وَ الْحُزْنَ عِنْدِي بِضَاعَةٌ وَ سَلْوَايَ أَنَّ الْوَصْلَ بَاقٍ وَ مَا كَبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
وَ إِنَّ الْفِرَاقَ ابْتَاعَهَا وَ قَدِ اشْتَرَى وَ دِرْهَمُهُ سَعْدُ اللِّقَاءِ الْمُجْتَبَى
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
عَبِيرُ الزُّهُورِ السَّوْسَنِيَّةِ قَدْ ذَوَى وَ لَمْ أَلْقَ فِي ظِلِّ اغْتِرَابِيَ مَهْرَبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
فَلَا شَكَّ فِي هَذَا فَتِلْكَ هِيَ الْعُيُونْ فَمِنْ مَائِهَا قَدْ نَالَ رِيقُكَ مَشْرَبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
زُرِ الْقَلْبَ -يَا فَهْدَ بْنَ عِيدٍ- تَجِدْ بِهِ حَدَائِقَ حُبٍّ لِلْعُيُونِ وَ مَلْعَبَا
فَهْدُ الْعِيد :
وَ لَوْ زُرْتَ أَنْتَ الْعَقْلَ -خِلِّي أَبَا الْبَرَا - فَسَوْفَ تَجِدْ لَكْفِيهِ شِعْراً مُرَتَّبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
غَرِيبٌ أَنَا فِي كُلِّ شَيْءٍ فَهَلْ أَرَى لِغُرْبَةِ رُوحِي بَلْ وَ جِسْمِيَ مَغْرِبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
لِكُلِّ زَمَانٍ دَاؤُهُ وَ دَوَاؤُهُ وَكُلُّ بَعِيدٍ كَانَ يَوْماً مُقَرَّبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
وَ بِالصَّبْرِ نَالَ الصَّابِرُونَ مُرَادَهُمْ وَ فَازَ بِهِ مَنْ كَانَ عَفاًّ مُهَذَّبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
وَ لَيْسَ عَجِيباً حَيْثُ إِنَّ نَبِيَّنَا تَحَلَّى بِهِ بَلْ كَانَ فِيهِ مُرَغِّبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
فَقُلْ لِلَّذِي قَدْ ضَاقَ ذَرْعاً بِصَبْرِهِ : أَلَا فَاتَّئِدْ حَتَّى تُحَقِّقَ مَطْلَبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
وَ إِنَّ الْأَمَانِي بِالْمَقَاصِدِ تُجْتَنَى وَ لَا شَيْءَ يُؤْتِيهَا وَ لَوْ كَانَ مَنْصِبَا
نَاصِرُ الثُّنَيَّانِ :
يَقُولُونَ : سَافِرْ وَ اغْتَرِبْ ، تَجْنِ يَا فَتَى فَوَائِدَ لَا تُحْصَى ، وَ تَصْعَدُ كَوْكَبَا
فَهْدُ الْعِيدِ :
وَ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّشِيدُ ، وَ إِنَّنِي أَرَاهُ سَدِيداً -يَا أٌُخَيَّ- وَ صَائِبَا
سَلَامٌ مِنَ الْأَعْمَاقِ أُهْدِيهِ لِلَّذِي سَيَغْدُو قَرِيباً حَاضِراً لَيْسَ غَائِبَا
18رَمَضَانَ1423
---------------------------------------------------
(1) دَاوُرْدُ : الِاسْمُ الْقَدِيمُ لِلدَّوَادِمِي .
(2) سَبَى : أَسَرَ .
(3) يَلْتَمُّ : يَجْتَمِعُ .
(4) الصَّبُّ : الْعَاشِقُ.
(5) خَبَا : خَمَدَ وَ سَكَنَ .
(6) كَبَا : نَقُولُ : كَبَا يَكْبُو كَبْواً وَ كُبُواًّ : انْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ .
(7)الْمُجْتَبَى: الْمُخْتَارُ .
(8) ذَوَى : ذَبُلَ وَ نَشَفَ مَاؤُهُ.وَ الْمَعْنَى -هُنَا-: ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ.
(9) حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ فِي " أَبَا الْبَرَاءِ" ؛ لِلتَّخْفِيفِ.
الْأَصْلُ هُوَ رَفْعُ الْفِعْلِ " تَجِدُ "وَ فَتْحُ الْكَافِ فِي " لَكَ " ، وَ لَكِنَّ الضَّرُورَةَ الشِّعْرِيَّةَ اضْطَرَّتِ الشَّاعِرَ إِلَى تَسْكِينِ الدَّالِ وَ
الْكَافِ .
(10) اتَّئِدْ : تَمَهَّلْ