[c]كنت أتمنى أن أبدأ الحديث عن المقترحات والحلول بعد سردنا خلال الحلقتين الماضيتين عرضا وتحليلا لكل أطراف الاخفاق في الأزرق إلا ان ما استوقفني عن ذلك تلك المعلومات التي رشحت عن اجتماع لجنة التدريب باتحاد الكرة والمتضمنة بعض القرارات «الخنفشارية» ذات الصبغة «الترقيعية».
واعترف هنا انني لست من مؤيدي الحلول الترقيعية إلا انني في هذه المرحلة أجدها مطلبا ملحا وهذا ليس تراجعا وإنما تماشيا مع الواقع. والواقع يقول انه لا المكان ولا الزمان مناسبان للحلول الاستراتيجية والحديث عن الهرم من الصفر الآن كالسير بسرعة قياسية في طريق متعرج مليء بالمطبات والنتائج في هذه الحالة معروفة!!
فمن المؤسف حقا تلك القرارات الصادرة عن لجنة التدريب أمس الأول والتي كرست العقلية الاستخفافية التي تتعامل مع الجماهير وكل من له صلة بالإنس والجان!! إذ سعى الاتحاد أو سعت لجنة التدريب (لا فرق بينهما) للدخول في الأقنية غير الشرعية للبقاء فيما هي أو هو يصر على التلاعب بمشاعر 25 ألف متفرج كانت دموعهم سكابا وأهدابهم محمرة كالجمر حزنا وألما مع كل لحظة من لحظات خليجي 16 ومشاعر 800 ألف مواطن غصت بهم الحسرة والألم على حال الأزرق. فهل كانت القرارات المتخذة حلولا واقعية وإسقاطا حقيقيا معبرا عن الأزمات التي تسبب بها الاتحاد؟!
ان الحلول ـ إذا جازت تسميتها ـ التي هرولت إليها لجنة التدريب لم تقدم اعترافا بأخطاء أو احتراما للمشاعر ولم تعكس الاستفادة من جملة الأخطاء المرتكبة حاضرا وماضيا فاذا كان قرار كقبول استقالة سعد الهملان وعيسى الجساس فيه شيء من المنطق فإن الإعلان عن ضم أسماء جديدة وتعيين عبدالحميد محمد مديرا للمنتخب هي حلول «ترقيعية» هشة في مضمونها وأبعادها وتشكل مسوغات إضافية للبقاء كما هو واضح من سعي اللجنة إلى التنصل من مسؤولياتها.
فاذا كانت المرحلة تحتاج فعليا لحلول ترقيعية تفرضها أبعاد زمنية ووقتية مع قرب انطلاق تصفيات كأس العالم في 18 فبراير المقبل فإن الحلول المطلوبة يجب أن تتركز حول فكرة واحدة وهي إعادة ترميم الأزرق وبالأحرى نفسيات لاعبي الأزرق من خلال أطر محددة وواضحة تعالج سلبيات الإدارة وتعمق فلسفة إدارية جديدة تناسب المرحلة ونهجا استراتيجيا فنيا يضع عناصر الخلل في معصرة الفكر للخروج بحلول تمحو كل آثار المرحلة السابقة.
ولقد طرحنا في الحلقتين الماضيتين الخطوط العريضة لسلبيات الادارة السابقة للمنتخب والآن من واجبنا أن نقرأ بتفرس في متطلبات المرحلة وان نضع الشخص المناسب في الزمن المناسب فدعونا أولا نتفق على أن أحد إرهاصات الاخفاق المدوي للازرق «حالة نفسية متردية ومتشبعة للاعبين» والمطلوب هنا التعامل مع هذه الحالة بعقلية الطبيب المختص وليس المتطبب لاخراج هؤلاء اللاعبين من بوتقة الأحزان والانكسار الى محيط «الارتياح والنقاهة».
زمن عبدالحميد
فثمة سؤال مهم الآن وهو هل عبدالحميد محمد هو الشخص المناسب في الزمن المناسب؟!
شخصيا أعرف عبدالحميد محمد من خلال فترة عمله مع الاتحاد خاصة وأنه سبق أن عمل مديرا للمنتخب في عهد ماتشالا وهو شخص منضبط إلى درجة كبيرة. وربما يكون عمله الأساسي في السلك العسكري سببا في هذا الانضباط ويجيد عبدالحميد العمل الاداري من خلال وضع أجندة وروزنامة المشاركات وأمور إدارية أخرى ولكن هل نحن بحاجة إلى الانضباط وهل كانت مشكلتنا فقط في ذلك؟! فناهيك عن ان الانضباط الزائد عن حده يمكن أن يؤدي الى التوتر.
فان خلق أجواء من هذا النوع في محيط الفريق وفي هذه المرحلة ربما يكون عاملا سلبيا مضاعفا يعوق ما نسعى اليه في سبيل اعادة ترميم النفسيات.
ان هذا الزمن ليس زمن عبدالحميد انه زمن مدير من نوع اخر، مدير حازم في غير شدة، لين في غير ضعف، مدير تمرس على الخروج من مآزق من خلال تجارب سابقة كلاعب يمكن ان يفهم كيف يفكر هذا الجيل في هذا الزمن المنكسر، نحن لا نقول ان عبدالحميد مدير فاشل لكننا نصر على انه ليس الشخص المطلوب حاليا.
فلماذا لا يكون هذا المدير مثلا عبدالعزيز العنبري مدير الكرة بنادي الكويت؟!
قد يسألنا البعض لماذا العنبري اولا ونقول المتتبع حاليا لفريق الكويت يجده فريقا متميزا على الصعيد النفسي وخاصة في المشاركات الخارجية ويكفيه انه حصل على مركز الوصيف في بطولة النخبة العربية وهو مازال مستمرا في مشوار دوري أبطال العرب كممثل وحيد للكرة الكويتية.
فعلى الرغم من ان فريق الكويت لا يضم نجوما لامعة على اديم المستطيل الأخضر الا انه قادر على الدخول في اجواء المنافسة وتحت اية ضغوط واية مؤثرات، وهو دليل على عمل اداري كبير.
وإذا لم يرغب الاتحاد بهذا الاسم او ذاك فعليه ان يبحث عن شخص بهذه الامتيازات ونعتقد ان الساحة الرياضية مليئة بالاسماء القديرة والقادرة على اداء المهمة مثل فيصل الدخيل الذي تميز بتحليلاته في خليجي 16 رغم انه كان عنيفا أحيانا.
نهج التردي!!
وإذا ما اتخذ الاتحاد هذه الخطوة فسيكون عليه التفكير فيما هو أهم بالشق المتعلق باللاعبين.
فلاعبو الأزرق يستحقون منا لحظات من التفكير والتأمل كما كانت لنا حقوق عندما وجهنا لهم أقسى الكلمات في لحظات الاخفاق.
وهنا يجب ان نتوقف عند نقطة مهمة وان كانت اعتراضية الا انها تلامس العمق فيما يخص اللاعبين، فلقد تفاجأنا بقيام الأندية باشراك لاعبي المنتخب مع الفرق خلال مباريات امس وأمس الأول في منافسات كأس ولي العهد ضاربة عرض الحائط بأولويات اعادة التأهيل النفسي للاعب قادم من خلف جدار البؤس مكبل بسلاسل الفشل، فلا أعلم حقيقة ما الذي ستجنيه الأندية من مشاركة بشار عبدالله وخالد عبدالقدوس وبدر المطوع وغيرهم من اللاعبين الأساسيين، ان هذا لعمري هو «النهج المتردي» القائم على تقديم الأنا على المصلحة العامة فما أحوج اللاعبين الان الى راحة طويلة تعيد ترتيب أوراق الذهن وتنشط بنات الفكر للعودة الى المواقع بحيوية ونشاط أكبر قبل الدخول في الاستحقاق المقبل.
ان ما يحتاجه هذا الجيل المنكسر اعادة ترميم لنفسياته ونقترح ان يتخذ اتحاد الكرة قرارا بايفاد الفريق بعد أيام الى معسكر خارجي يمكن ان يكون في لبنان او اي بلد مشابه لمدة لا تتجاوز العشرة أيام ويكون هذا المعسكر تدريبيا وليس تجريبيا جادا الهدف منه ابعاد اللاعبين عن كماشة الضغوطات وحمايته من الغيوم الملبدة بالحقد هنا في الكويت.
ولا مانع ان يلعب الأزرق مباراة ودية مع فريق متواضع هناك ليفوز بفارق كبير من الأهداف وبعدها يعود الى الكويت لينتظم مجددا بنفسيات جديدة وبنهج جديد ثم يبدأ مرحلة المصالحة مع جماهيره بخوض مباراتين وديتين جديتين قبل التوجه الى الصين لبدء مشواره بالتصفيات المونديالية.
العين الثالثة
ان الأمر لن يكون مكتمل الجوانب عند هذا الحد فهناك الشق الفني وآهاته، فلقد تحدثنا عن كاربجياني وحساباته وقلنا انه لم يكن مهيئا ذهنيا لبطولة الخليج وهذا لا يعني اننا نقترح ابعاده بل اننا نصر في هذه المرحلة على بقائه ولكن بشروط.
ان أول هذه الشروط ان يتم تعيين مساعد مدرب تنطبق عليه المواصفات التي ذكرناها في تحليل الأمس، مساعد يكون العين الثالثة لكاربجياني يمتلك صفتين متلازمتين هي القدرة الفنية والحنكة الادارية والبحث في حقل المدربين الوطنيين يمكن ان يأخذنا الى المدرب محمد ابراهيم مدرب القادسية الحالي، اما لماذا ابراهيم فنقول ان هذا المدرب، نجح خلال قيادته للأصفر لتحديد اطار فني واضح المعالم استطاع من خلاله ان يترك بصمة على صعيد الاداء تنظيميا وتكتيكيا وعلى الصعيد المعنوي ولم يكن مستغربا حصوله على لقب الدوري التكميلي هذا الموسم ولا ننسى قيادته السابقة للأصفر في بطولة الأندية الخليجية.
كما ان ابراهيم كان قائدا للمنتخب في فترة سابقة وبالتالي هو يملك الحس الاداري المطلوب في فهم نفسيات اللاعبين وخصوصياتهم ليست الفنية فقط وحتى الشخصية ومع مثل هذه الميزة يمكن ان تساعد المدرب في اختيار العناصر ووضع التشكيلة لكل استحقاق وكل مباراة وهو ما افتقده كاربجياني في خليجي .16
ولا ننسى هنا ان كاربجياني ذاته أشاد بفريق القادسية وباسلوب المدرب وبالتالي هناك افق واضح للعلاقة بين إبراهيم وكاربجياني.
مع اضافة ان ابراهيم أحد تلامذة فيليب لويس المدرب السابق للقادسية والمنتخب والحالي للبرتغال.
ولا يعني وضع ابراهيم ان يكون كصورة على غلاف بل لا بد ان يحدد اتحاد الكرة صلاحياته ويضع له خطوطا واضحة في التعامل مع المدرب ودعونا نتذكر النهج السعودي باختيار مساعدي المدربين منذ زمن خليل الزياني الى ناصر جوهر.
كتبه لطفي حنون من جريده الوطن الكويتيه[/c]
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
