اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الأدبية > منتدى الأدب العربي الفصيح
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-2012, 10:28 AM   رقم المشاركة : 1
طالب الحور
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
طالب الحور غير متواجد حالياً

 


 

icon33.gif حكمٌ مُختاراتٌ من عيونِ الشِّعرِ والأدبِ (1)

قال الشاعر:
وأفضلُ الخلق على الإطلاقِ
نبينا فمِلْ عن الشقاقِ


كان الشيخ محمد بن سبيل يستشهد بهذا البيت في درسه في الحرم المكي، ولم ينسبه.



وللفائدة فقد قرأت لأحدهم الأبيات التالية:
فاشكر فضائل صنع الله إذ جُعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
الناسُ بالناس ما دام الحياءُ بهم
والسعد لا شكَّ تارات وهبات
وأفضل الناس ما بين الورى رجلٌ
تُقضَى على يده للناس حاجات



ومعلوم أن أفضل الناس والخلق هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وليس في هذا خلاف، كما قال الشيخ محمد بن سبيل في البيت الذي استشهد به:
وأفضلُ الخلق على الإطلاق
نبينا فمِلْ عن الشقاقِ



ولا شك أن قضاء حاجات الناس من الأعمال الصالحة التي يؤجر عليها الإنسان أجرًا عظيمًا، خاصَّة إذا احتسب وأحسن وصبر على أذاهم، ولكن هذا الذي يقضي حاجات الناس لا يمكن أن يكون أفضل من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.



وقال الشاعر:
والقولَةُ المشهورةُ الصريحةُ
جوازه لكاملِ القريحة


هذا البيت استشهد به الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عند كلامه على حكم تعلم المنطق، ولم ينسبه، ومما قال الشيخ: لقد اختلف العلماء في جواز تعلم المنطق، والصحيح جوازه للإنسان الذي درس التوحيد وعقيدته راسخة.



ولا شك أن تعلم المنطق لا يجوز تعلمه إلا لمن كان متمكنًا في اللغة والعلم الشرعي والعقيدة؛ لأن فيه شبهات تخفى على الجاهل أو قليل التعلم.



قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: علم المنطق: لا يحتاج إليه الذكي، ولا يستفيد منه البليد.



وقال ابن القيم رحمه الله:
ثَقُلَ الْكِتَابُ عَلَيْهِمُو لَمَّا رَأَوْا
تَقْيِيدَهُ بِأَوَامِرٍ وَنَوَاهِي

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وحفيده شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهما الله تعليقًا على هذا البيت لابن قيم الجوزيه:



ومن المعلوم أنه لا يَقْبَلُ الحق إلَّا مَنْ طَلَبَهُ ورغب فيه، أما أهل البدع فقد أشربت قلوبهم حبّ بدعهم، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق، وأقفلوا عقولهم عن التفكير في غيره.



وقال الناظم:
علمٌ كتابةُ مولانا مشيئتُه
وخلقُه وهو إيجادٌ وتكوينُ


هذه أركان الإيمان بالقدر، وهي:

1- العلم.

2- الكتابة.

3- المشيئة.

4- الخلق.



وقال الشاعر:
إذَا شَاءَ رَبِّي الْكُفْرَ مِنِّي مَشِيئَةً
فَهَلْ أَنَا عَاصٍ فِي اتِّبَاعِ المَشِيئَةِ



هذا البيت جاء في قصيدة نظمها أحد العلماء الذميين معترضًا على القدر، قال في مطلعها:
أَيَا عُلَمَاءَ الدِّينِ ذِمِّيُّ دِينِكُمْ
تَحَيَّرَ دُلُّوهُ بِأَوْضَحِ حُجَّةِ
إذَا مَا قَضَى رَبِّي بِكُفْرِي بِزَعْمِكُمْ
وَلَمْ يَرْضَهُ مِنِّي فَمَا وَجْهُ حِيلَتِي
دَعَانِي وَسَدَّ الْبَابَ عَنِّي، فَهَلْ إلَى
دُخُولِي سَبِيلٌ بَيِّنُوا لِي قَضِيَّتِي
قَضَى بِضَلَالِي ثُمَّ قَالَ ارْضَ بالقضا
فَمَا أَنَا رَاضٍ بِاَلَّذِي فِيهِ شِقْوَتِي
فَإِنْ كُنْتُ بِالْمَقْضِيِّ يَا قَوْمُ رَاضِيَا
فَرَبِّي لَا يَرْضَى بِشُؤْمِ بَلِيَّتِي

إلى آخر ما قال في قصيدته.


فأجابه شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية بقصيدة مرتجلًا فقال:
سُؤَالُكَ يَا هَذَا سُؤَالُ مُعَانِدٍ
مُخَاصِمِ رَبِّ الْعَرْشِ بَارِي الْبَرِيَّةِ
فَهَذَا سُؤَالٌ خَاصَمَ الْمَلَأَ الْعُلَا
قَدِيمًا بِهِ إبْلِيسُ أَصْلُ الْبَلِيَّةِ
وَمَنْ يَكُ خَصْمًا لِلْمُهَيْمِنِ يَرْجِعَنْ
عَلَى أُمِّ رَأْسٍ هَاوِيًا فِي الْحَفِيرَةِ
وَيُدْعَى خُصُومُ اللَّهِ يَوْمَ مُعَادِهِمْ
إلَى النَّارِ طَرًّا مَعْشَرَ الْقَدَرِيَّةِ
سَوَاءٌ نَفَوْهُ، أَوْ سَعَوْا لِيُخَاصِمُوا
بِهِ اللَّهَ أَوْ مَارَوْا بِهِ لِلشَّرِيعَةِ


قول الذمي: (قضي بضلالي ثم قال: ارض بالقضا): هذا هو القضاء الجزائي المبني على الضلال الاختياري، لأن الله جعل العبد مختارًا، كما قال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف:٢٩]، فمن اختار الهداية زاده الله هدى، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد:١٧]، ومن اختار الغواية والضلال أضله الله، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف:٥].







رد مع اقتباس
قديم 08-09-2012, 11:37 AM   رقم المشاركة : 2
طالب الحور
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
طالب الحور غير متواجد حالياً

 


 

حكم مختارات من عيون الشعر والأدب (2)

وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله:
وهذا هو الحظُّ الذي قد رضيتَهُ
لِنفسكَ في الدارَيْنِ لو كنتَ تَفْهمُ
قَضَى الله رَبُّ العَالمينَ قَضيةً
بأنَّ الهَوَى يُعمِي القُلوبَ ويُبْكِمُ
بَخِلتَ بشيءٍ لا يَضُرُّكَ بِذْلُهِ
وجُدتَ بشيءٍ مثلهُ لا يُقوَّمُ


هذه أبيات من قصيدة طويلة لابن قيم الجوزية رحمه الله أوردها في كتابه طريق الهجرتين، ومطلعها:
فحيَّ على جناتِ عدنٍ فإنها
منازِلُك الأولى وفيها المخيَّم
ولكننا سبيُ العدو فهل ترى
نعودُ إلى أوطاننا ونسلّم
وحيَّ على روضاتِها وخيامها
وحيَّ على عيشٍ بها ليس يسأم
وحيَّ على يومِ المزيد وموعدِ ال
محبين طوبى للذي هو منهم
وحيَّ على وادٍ بها هو أفيحٌ
وتربتُه من أذفرِ المسكِ أعظم
ومن حولها كثبانُ مسكٍ مقاعد
لمن دونهم هذا الفخَارُ المعظَّم


• • • •

وقال أبو القاسم الشابي:
أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ
وَمَنْ يَسْتَلِذُّ رُكُوبَ الخَطَر
وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَانَ
وَيَقْنَعُ بِالعَيْشِ عَيْشِ الحَجَر
هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ، يُحِبُّ الحَيَاةَ
وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَبُر
فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ
وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَر


هذه أبيات من قصيدة للشاعر الشابي التونسي، مطلعها:
إذا الشّعْبُ يَوْمًا أرَادَ الْحَيَاةَ
فَلا بُدَّ إنْ يَسْتَجِيبَ القَدَر
وَلا بُدَّ لِلَّيْلِ أنْ يَنْجَلِي
وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِر



وقد أخطأ الشاعر في البيت الأول؛ حيث وقع في انحراف عقدي؛ لأنه أخضع استجابة القدر لإرادة الشعوب، ومعلوم أن القدر هو حكم الله، وهو سر من أسرار الله تعالى اختص العليم الخبير به، وضرب دونه الأستار، وحجبه عن عقول الخلق، فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب؛ ولكنه قال:﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، فمن دعا وألح وركب الأخطار وجاهد جدير بأن يستجيب له الله، فالله مع المحب المجاهد وفي سبيله.


والخلق هم الذين يخضعون لمشيئة الله عز وجل، وليس قدر الله الذي هو إرادته ومشيئته من يخضع لإرادة البشر، فالواجب على الإنسان إذا ذُكر القدر أن يمسك ولا يتخوض فيه حتى لا يقع فيما لا تحمد عقباه، والواجب على المسلم أيضًا التحذير والتنبيه من إشعار هذا البيت، أو الاستشهاد به، أو اتخاذه مثلًا يضرب، أو يتشبه به لتسلم له عقيدته، والله أعلم.


وقد رد الشيخ عبدالرحمن الدوسري رحمه الله على هذه الأبيات في قصيدة يقول في مطلعها:
إذا الشعبُ يومًا أراد الحيا
ةَ وجاء بمقتضياتِ القدر
من فعلِ ما قضى علينا ربنا
في شرعِه من يقظةٍ ومن حَذَر
وبغض من خالف دينَ أحمدٍ
مع امتيازٍ عنهمو بين البشر


• • • •

وقال أبو الفتح البُستي:
أَفِدْ طَبْعَك الْمَكْدُودَ بالْجدِّ رَاحَةً
يُجَمُّ وَعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَزْحِ
وَلَكِنْ إذَا أَعْطَيْتَهُ الْمَزْحَ فَلْيَكُنْ
بِمِقْدَارِ مَا تُعْطِي الطَّعَامَ مِنْ الْمِلْحِ


هذا البيت يُستشهد به لمن يريد أن يمزح فعليه أن لا يكثر منه، وأن يأخذ منه بقدرِ ما يبعد عنه السأم والهمّ، وعلى من أراد أن يتعاطى المزاح فليكن بمقدار الطعام من الملح.


ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزحُ ولكن لا يقول إلا حقًّا، ففي الحديث أنه قال: «إنِّي لَأَمْزَحُ وَلَا أَقُولُ إلَّا حَقًّا»[1]، وجاء في كتب السيرة أمثلة عدة على مزاحه صلى الله عليه وسلم، وقال سعيد بن العاص رضي الله عنه لابنه: اقتصد في مزاحك فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء، ويجرئ عليك السفهاء، وإن التقصير فيه يَفُضّ عنك المؤانسين، ويوحش منك المصاحبين، وقال بعض الحكماء : من كثر مزاحه زالت هيبتُه.


وقال محمود الزمخشري:
العلمُ للرحمنِ جلَّ جلاله
وسواه في جهلاتِه يتغمْغَمُ
ما للترابِ وللعلومِ وإِنما
يسعى ليعلمَ أنه لا يعلَمُ



هذه الأبيات قيلت في أناس أفنوا أعمارهم واشتغلوا في علم الكلام وطلب المحال، وخاضوا في أمور الغيب؛ كالبحث في صفات الله وذاته؛ فضلّت أقلامهم وأقدامهم، ولم يصلوا إلى مرادهم.


ولو أنهم ساروا على منهج السلف الصالح من هذه الأمة من الصحابة وما بعدهم من التابعين وتابعيهم، لسلموا وما وقعوا في هذه الضلالات والانحرافات.


• • • •

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
فَلا تَصحَبْ أَخا
الجَهلِ وَإِياكَ وَإِياهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى
حَليمًا حِينَ آخاهُ
يُقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ
إذا ما المَرءُ ماشاهُ


• • • •

وقال المتنبي:
وكلٌّ يرى طرقَ الشَّجاعةِ والنَّدَى
ولكنَّ طبعَ النَّفسِ للنَّفسِ قائدُ



وهذا غير صحيح في كل المواقع، وذلك لأن الطرق تتفاوت بحسب الأمكنة والأزمنة والشخصيات والأهواء والأغراض، فغالبًا ما تموت الضمائر وتضعف الديانة، وحينئذ يصدق قول الشاعر الفرزدق:
ليس الشفيعُ الذي يأتيكَ مُؤْتَزرًا
مثل الشفيعِ الذي يأتيك عُرْيانًا



وفي هذا تكون الطرقُ والأبواب ملتويةً وتكون غير رئيسة، وهي التي يعنيها شوقي في بيته السابق كما يظهر.



• • • •

وقال ابن أبي الصلت:
أُعَلِّمُهُ الرِّمَايَةَ كُلَّ يَوْمٍ
َلَمَّا اشْتَدَّ سَاعِدُهُ رَمَانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي
فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني


نعم، فكم وكم، ولكننا نرجو من الله الجزاء، وأن يهدينا جميعًا إلى الحق وإلى طريق مستقيم إنه جواد كريم.



• • • •

ومَدَحَتْ ليلى بقصيدة طويلة الحجاج وقالت فيها البيت التالي:
إذا سمع الحجاجُ رزءُ كتيبة
أعدَّ لها قبل النزولِ قِراها



لما سمع الحجاج هذه الأبيات قال: والله ما أحسن وصفي إلَّا هي، فوالله إنني لأعد للأمر المحتمل عدته، ولعله أن لا يقع طوال العمر، وأنا الآن سوف أحتاط، وكان ما كان بعد نقله، تضاعف مرضه وازداد حتى أصبح لا يتكلم إلا قليلًا وثقل حديثه.



• • • •

وقال الشاعر:
إذا لم تكن في حاجةِ المرء عانيًا
نسيت ولم يشغلك عقد الرتائم



الرتائم: والرَّتَمَةُ بفتحتين، ضرب من الشجر، والجمع: رَتَم.


وكان الرجل إذا أراد سفرًا عمد إلى شجرة فشد غصنين منها؛ فإن رجع ووجدهما على حالهما قال: إن أهله لم تخنه، وإلا فقد خانته، وقد كان هذا من أمور الجاهلية قبل الإسلام، وقد جاء الإسلام والحمد لله بمنع مثل هذه الخرافات، وأمر بمن شك في أهله أن يأتي ببينة، أو يتلاعنا أما القاضي، وأمرهما إلى الله.



• • • •

وقال بشار بن برد:
إذا كنت في كلِّ الأمورِ معاتبًا
صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتِبُه
فعِش واحدًا أو صِلْ أخاك فإنه
مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانبه
إذا أنت لم تشربْ مرارًا على القذى
ظمِئتَ وأيُّ الناسِ تصفو مشاربُه


• • • •

وقال الشاعر:
إذا العشرونَ من شعبانَ ولَّتْ
فَواصِلْ شُرْبَ ليلِك بالنهارِ
ولا تشرب بكاساتٍ صِغارٍ
فإن الوقت ضاقَ عن الصّغارِ


قال ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف في الكلام على النهي عن صوم آخر شعبان:

ولربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل لتأخذ النفوسحظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام، ولهذا يقولون: هي أيام توديع للأكل،وتسمى تنحيسًا، واشتقاقه من الأيام النحسات، وذُكِر أن أصل ذلك مُتلقى من النصارى، فإنهميفعلونه عند قرب صيامهم، وهذا كله خطأ وجهل ممن ظنه، ولربما لم يقتصر كثير منهم على الشهوات المباحة؛ بل يتعدى إلى المحرمات، وهذا هو الخسران المبين، وأُنْشِدَ لبعضهم:
إذا العشرونَ من شعبانَ ولَّتْ
َواصِلْ شُرْبَ ليلِك بالنهارِ
ولا تشرب بكاساتٍ صِغارٍ
فإن الوقت ضاقَ عن الصّغارِ


وقال آخر:
جاء شعبان منذرًا بالصيام
فاسقياني راحًا بماء الغمام



ومن كانت هذه حاله فالبهائم أعقل منه، وله نصيب من قوله تعالى‏: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].


وربما كره كثير منهم صيام رمضان، حتى إن بعض السفهاء منالشعراء كان يسبه، وكان للرشيد ابن سفيه فقال مرة شعرًا:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر
ولا صمت شهرًا بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقدرة
على الشهر لاستعديت جهدي على الشهر


فأخذه داء الصرع؛ فكان يصرع في كل يوم مرات متعددة، ومات قبل أنيدركه رمضان آخر.


وهؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه؛ فكثير منهملا يصلون إلا في رمضان، ولا يجتنب كبائر الذنوب إلا فيه، فيشق على نفسه مفارقتهالمألوفها؛ فهو يعد الأيام والليالي ليعود إلى المعصية، ومنهم لا يقوى على الصبر عنالمعاصي فهو يواقعها في رمضان أ‏.‏ هـ‏[2].

[1] أخرجه أحمد (2/340)، والترمذي برقم (1990)، والبخاري في الأدب المفرد (رقم 265)، عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الألباني في الأدب المفرد برقم (265).

[2] انظر: لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي (1/197).








رد مع اقتباس
قديم 08-09-2012, 11:40 AM   رقم المشاركة : 3
طالب الحور
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
طالب الحور غير متواجد حالياً

 


 

حكم مختارات من عيون الشعر والأدب (3)

قال الأعشى المازني:
يا سَيِّدَ الناسِ ودَيَّانَ العَرَبْ
إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً من الذِّرَبْ
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ
فخَلَفَتْنِي بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وتَرَكَتْنِي وَسْطَ عِيصٍ ذي أَشَبْ
تَكُدُّ رِجْلَيَّ مَسامِيرُ الخَشَبْ
وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ


روى الإمام أحمد في مسنده وغيره بأن رجلًا اشتكى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجته وأنشد عليه هذه الأبيات، فأُعجب النبي -صلى الله عليه وسلم- بها وأخذ يردد: «وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ»‏[1]، ولكن هذه القصة ضعفها أهل الحديث لجهالة أكثر من راوٍ فيها.

• • • •

وقال دعبل بن علي الخزاعي رحمه الله تعالى:
ما أكْثر النَّاسَ! لا بلْ ما أقَلَّهم!
الله يَعلَمُ أَنّي لَم أَقُلْ فَنَدا
إنِّي لأفْتَحُ عيني حِين افتَحُها
على كثير ولكنْ لا أرى أَحدا


الفَنَد هو الكذب، والمعنى: ما أكثر الناس عددًا ولكن أين الصادق والمخلص لأهله وإخوانه؛ بل ولدينه، إنهم قليل جدًّا عندما تحتاجهم، أما كثرتهم فقد وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث فقال: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ»[2]، بسبب بعدهم عن تعاليم دينهم وسنة نبيهم، فهم يتعاملون مع الناس على أساس المصالح الدنيوية والله المستعان.



• • • •

وقال عبد الله بن المبارك:
العلم صيدٌ والكتابةُ قيده
قيِّد صيودَك بالحبالِ الواثقة
فمن الحماقةِ أن تصيدَ غزالةً
وتتركها بين الخلائقِ طالقة


• • • •

وقال عمرو بن معدي كرب عندما ارتد عن الإسلام:
وإِنَّك لو رأيتَ أبا عميرٍ
مَلأْتَ يديك من غَدْر وَخَتْر



مناسبة هذا البيت: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-استعمل أبا عمير (فروة) على مراد وزبيد ومذحج وكلها في اليمن، فارتد عمرو بن معدي كرب عن الإسلام، وقال يهجو أبا عمير:
وجدنا مُلْكَ فروةَ شرَّ مُلْكٍ
حِمارٌ سافَ مِنْخَرَه بقَذْرِ


• • • •

ومن شعر حسان بن ثابت في مرثيته للرسول -صلى الله عليه وسلم-قال:
وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمّدٍ
وَلَا مِثْلُهُ حَتّى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ


• • • •

وقال الشاعر:
أَهْوَى هَوَى الدِّينِ وَاللَّذَّاتُ تُعْجِبُنِي
فَكَيْفَ لِي بِهَوَى اللَّذَّاتِ وَالدِّينِ؟



قال الفضيل بن عياض رحمه الله: من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه مواد التوفيق، وقال بعض العلماء: الكفر في أربعة أشياء: في الغضب، والشهوة، والرغبة، والرهبة، ثم قال: رأيت منهن اثنتين رجلًا غضب فقتل أمه، ورجلًا عشق فتنصر.



وكان بعض السلف يطوف بالبيت فنظر إلى امرأة جميلة فمشى إلى جانبها ثم قال هذا البيت، فقالت له المرأة: دع أحدهما تنل الآخر، وفي روضة المحبين للإمام ابن القيم: لكل عبد بداية ونهاية، فمن كانت بدايته اتباع الهوى كانت نهايته الذل والصغار والحرمان والبلاء المتبوع.

• • • •

وقال الشاعر:
وحقيقةُ الإخلاصِ توحيدُ الم
رادِ فلا يزاحِمُه مرادٌ ثاني



الإخلاصُ: هو خلوصُ القلب من تأله من سوى اللهِ وإرادته ومحبته فخلص لله؛ فلم يتمكن الشيطان من إغوائه، وأما إذا صادف قلبًا فارغًا تمكن منه بحسب فراغه وخلوه فيكون جعله مسيئًا مذنبًا في هذه الحالة عقوبة على عدم هذا الإخلاص، وقد قيل: الإخلاص: هو ما لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا عدو فيفسده، ولا يعجب صاحبه فيبطله.



• • • •

وقال الشاعر:
من عرفَ اللهَ أزال التُّهْمَةْ
وقال كلُّ فِعْلِه للحِكْمَةْ



استشهد فضيلة الشيخ محمد بن سبيل بهذا البيت في إحدى دروسه في الحرم الكي، ولم ينسبه، واستشهد به على أن كل ما يقدِّره الله ويعمله لحكمة، والشيخ محمد بن سبيل لديه ثقافة أدبية واسعة، ويقول الشعر، وله قصائد ممتازة، هذا مع أنه ضليع في الفقه والقواعد والتفسير وجميع العلوم الشرعية، ودائمًا في كلّ درس من دروسه يستشهد بأبيات وبأقوال الأئمة والأدباء والمفسرين.

• • • •

قال الشاعر:
آلُ النبيِّ همُ أتباعُ مِلَّتِهِ
من الأعاجمِ والسودانِ والعربِ


استشهد الشيخ ابن عثيمين بهذا البيت ولم ينسبه عند التعليق على قول: (اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد)، ثم قال: إن (آله) هم: أتباعه.



• • • •

وقال الشاعر:
فما هو إلا الاستعاذةُ ضارعًا
أو الدَّفْعُ بالحُسنى هما خيرُ مطلبِ
فهذا دواءُ الدّاء من شرّ ما يُرى
وذاك دواء الدّاء من شرّ مُحْجَبٍِ


استشهد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب بهذه الأبيات في تلخيصه لزاد المعاد عند الحديث عن الوساوس المشككة في الله أو في النار أو الجنة أو الأمور الغيبية، فقال: إذا استحكمت هذه الوساوس وأشغلت الشخص فعليه بالاستعاذة، ثم ذكر هذين البيتين.



وهذا البيت أظنُّ أن قائله أراد به حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: «يأتي الشيطانُ أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته»[3]، وفي رواية: «فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله، فإن ذلك يذهب عنه» [4].



• • • •

قال الشاعر:
ارفعْ حياءَكَ فيما جئتَ طالبَه
إنَّ الحياءَ مع الحِرْمانِ مَقرونُ


هذا البيت استشهد به معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه.



وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن مما أدرك الناسُ من كلامِ النبوة الأولى: إذا لم تستَحِ فاصنع ما شئت»[5].



والبيت معناه: أن حاجات النفس المشروعة من: علم، أو تعلم، أو طلب حق، أو أداء واجب، ونصح من يستحق، فينبغي أن لا يمنعه من هذه الأمور الحياء، فالحياء نعمة وجمال وخير، لكن لا حياء في أداء الواجب أو طلب العلم ونصح المسلمين ونحو ذلك.



فالحياء كله خير إذا حال بين الشخص وبين القبائح، كما قال الشاعر:
وَرُبَّ قَبِيحَةٍ مَا حَالَ بَيْنِي
وبينَ ركوِبها إِلا الحَياءُ

[1] أخرجه أحمد في المسند (2/201) رقم (6885)، والبيهقي في السنن (10/240)، عن الأعشى المازني رضي الله عنه. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم (5712)، وقال محقق المسند: إسناده ضعيف لجهالة حال صدقة بن طيسلة ومعن بن ثعلبة، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير عبدالله بن أحمد فمن رجال النسائي، وهو ثقة.

[2] أخرجه أحمد (5/278)، وأبو داود برقم (4297)، عن ثوبان رضي الله عنه. وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (8183).

[3] أخرجه مسلم برقم (134) ـ (214)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[4] أخرجه مسلم برقم (134) ـ (212ـ 213)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[5] أخرجه البخاري برقم (3483)، عن عقبة رضي الله عنه.







رد مع اقتباس
قديم 08-09-2012, 11:41 AM   رقم المشاركة : 4
طالب الحور
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
طالب الحور غير متواجد حالياً

 


 

حكم مختارات من عيون الشعر والأدب (4)

قال الشاعر:
ثلاثٌ يعِزُّ الصبرُ عند حُلولها
ويذهبُ عنها عقلُ كلِّ لبيبِ
خروجُ اضطرارٍ من بلادٍ تحبها
وفرقةُ إخوانٍ وفقدُ حبيبِ



• • • •



قال أبو مسلم الخراساني:
أَدْرَكْتُ بالحَزْمِ والكِتْمان ما عَجَزَتْ
عنه مُلُوكُ بني مَرْوانَ إِذْ حَشَدُوا
مازِلْتُ أَسْعَى عليهمْ في دِيارهُمُ
والقَوْمُ في مُلْكِهِمْ في الشَّام قَدْ رَقَدُوا
حتَّى ضَرَبْتُهُم بالسَّيفِ فانْتَبَهُوا
مِن رَقْدَةٍ لَمْ يَنَمْها قَبْلَهُمْ أَحَدُ
ومَنْ رَعَى غَنَماً في أَرْضِ مَسْبَعَةِ
ونامَ عَنْها تَوَلَّى رَعْيَها الأَسَدُ


قيل لأبي مسلم الخرساني: بأي شيء أدركت ما أدركت؟ قال: ائتزرت بالحزم، وارتديت بالكتمان، وحالفت الصبر، وساعدني القدر، فأدركت مرادي، وحزت ما في نفسي، ثم أنشد هذه الأبيات.



ومعلوم أن أبا مسلم الخراساني خدم العباسيين طويلًا وساعدهم في القضاء على الأمويين وهيأ لهم الحكم، وبعد أن استبد لهم الأمر خافوا منه فأمنوه ثم قتلوه، ولذا قال الشاعر:
وأمَّنتني ثم عاقبتني
فكان أمانَ أبي مسلمٍ!


وعندما قتل استشهد المنصور بالبيت التالي:
فألقت عصاها واستقرَّ بها النوى
كما قَرَّ عينًا بالإيابِ المسافرُ



• • • •

قال ابن هرمة:
قد يدرك الشرفَ الفتى ورداؤه
خَلِقٌ وبعضُ قميصِه مرقوعُ



كان المنصور ذات يوم لابسًا ثوبًا مرقوعًا، فرأته إحدى جواريه، فقالت: خليفة وقميص مرقوع، فقال: ويحك! أما سمعت ما قال ابن هرمة، ثم أنشد هذا البيت، ولكن قال الشاعر:
قد يعقِلُ القُلّ الفتى دون هِمَّةٍ
وقد كان لولا القُلُّ طَلَّاعَ أنجدِ



• • • •

وقال الشاعر:
ما أنت إلا كسارٍ غَرّة قمرٌ
أو رائدٌ أعجبتْه خضرةُ الدِّمَنِ



وأقول تعليقًا:
ما أنت إلا كزرعٍ عند خضرتِه
بكلِّ نوع من الآفاتِ مقصودُ
فإن سلمتَ من الآفاتِ أجمعِها
فأنت عند تمامِ الزرعِ محصودُ



وقال قطري بن الفجاءة:
وما للمرء خير في حياة
إذا ما عد من سقط المتاع



هذا الكلام ينطبق على الكفار وأهل الجاهلية، أما في الإسلام فإن المصطفى ﷺ يقول: «خيركم من طال عمره وحسن عمله»[1].



• • • •

وقال الشاعر:
شر المواهب ما تجود به
في غير محمدة ولا أجر



• • • •

وقال الشافعي لتلميذه الربيع:
إلى اللهِ أشكو لا إلى الناسِ إنني
أرى الأرضَ تبقى والأخلاءَ تذهبُ
أخلّاي لو غيرُ المماتِ أصابكم
عتبتُ ولكن ما على الدهر معتبُ
إذا ما مات بعضُك فابكِ بعضَك
فإن البعضَ من بعضٍ قريبُ



لما دخل الربيع على أستاذه الشافعي وهو مريض زائرًا فقال له: قوى الله ضعفك يا إمام، فقال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني، قال الربيع: لم أقصد، فقال الشافعي: لو شتمتني صراحًا علمت أنك لم تقصد ذلك، ثم أنشد هذه الأبيات.



• • • •

قال عمرو بن معد يكرب:
وكلُّ أخٍ مفارقُه أخوه
لعمر أبيك إلا الفرقدانِ

والصحيح: أن كل واحد سيفارق الآخر حتى الفرقدين.

والفرقدان: هما أبعد نجمين عن النجم القطبي.



• • • •

وقال الشاعر:
قتلُ امريءٍ في غابةٍ جريمةٌ لا تُغتفَر
وقتلُ شعبٍ كاملٍ مسألةٌ فيها نظر

هذا مذهب المستعمرين والمحتلين المجرمين في كل زمان ومكان.



• • • •

وقال الشاعر:
رويدكِ حتى تنظري عمَّ تنجلي
عمايةُ هذا العارضِ المتألقِ



هذا البيت استشهد به الإمام أحمد حينما سأله سائل عن معنى حديث، وكان الإمام مسجونًا ومكبلًا وممتحنًا في قضية القول: بخلق القرآن من قبل الهادي.



• • • •

وقال الشاعر:
يومًا يمانِ إذا لاقيتَ ذا يمنٍ
وإن لقيتَ معديًّا فعدناني

يعني أنه يجري حسب ما تجري الريح، أي: مع من يصادف، وهذا يعني: أنه لا مبدأ له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ

[1] أخرجه أحمد (4/188، 190). وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3297).








رد مع اقتباس
قديم 08-09-2012, 11:43 AM   رقم المشاركة : 5
طالب الحور
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
طالب الحور غير متواجد حالياً

 


 

حكم مختارات من عيون الشعر والأدب (5)

وقال الشاعر:
ولو أن نفسي مُذْ براها مليكُها
قضتْ وقتَها في سجدةٍ لقليل


أما أنا فياليتني أقوم بالواجبات.



• • • •

وقال الشاعر:
علمٌ يقينٌ وإخلاصٌ وصدقُك مع
محبتةٍ وانقيادٍ والقبولِ لها



هذه شروط لا إله إلا الله، وزاد ثامنًا لها: وكفر بالطاغوت ووجوب البراءة من الكفر والكفار.



• • • •

وقال طرفة بن العبد في معلقته:
لَعَمرُكَ ما الأيّامُ إلاّ مُعارَةٌ
فما اسْطَعْتَ مِن مَعرُوفِها فَتَزوّدِ
ولا خيرَ في خيرٍ تَرَى الشَّرَّ دُوْنَهُ
ولا نائلٌ يأْتيكَ بَعْدَ التَّلدُّدِ
عَنِ المَرْءِ لا تَسْأَلْ وَأَبصِرْ قَرينَهُ
فإنَّ القَرينَ بالمُقارِنِ مُقتَدِ
لَعَمرُكَ ما أَدري وإنّي لَواجِلٌ
أَفي اليَومِ إقْدامُ المَنيّةِ أَمْ غَدِ
فإنْ تَكُ خَلفي لا يَفُتها سَوادِيا
وإنْ تَكُ قُدّامي أَجِدْها بِمَرْصَدِ
إذا أَنتَ لم تَنفَعْ بوُدِّكَ أَهْلَهُ
ولم تَنْكِ بالبُؤسىَ عَدوَّكَ فابْعَدِ


• • • •

وقال المتنبي:
إلَيْكِ فإنّي لَسْتُ ممّنْ إذا اتّقَى
عِضاضَ الأفاعي نامَ فوقَ العقارِبِ


في هذا البيت يزجر المتنبي عاذلته على اقتحام المهالك، فيقول لها: (إليك)، أي: كفى لومك؛ فإنى لا أصبرُ على الصغير من الأذى، فرقًا من العظيم؛ وإن كان أيسر من الموت؛ كما أن سم العقارب أخفٌّ من سم الأفاعى.


وقوله:(إليك) كلمة تبعيد وتحذير، أي: تباعدي عني فإني لست ممن إذا اتقى الهلاك صبر على الذل والهوان، فجعل عض الأفاعي مثلًا للهلاك لكونه قاتلًا، وجعل لسع العقارب مثلًا للعار؛ لأنه لا يقتل.


• • • •

وقال بشار بن برد:
الشّيبُ كُرهٌ وكُرْهٌ أنْ يفارِقَني
أعْجِبْ بشيءٍ على البغضاءِ مَوْدودِ



وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه؛ بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: «حُفّت النارُ بالشهوات، وحفت الجنةُ بالمكاره»[1]، وقال تعالى" ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه»[2].


فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبًا للحق محبًّا له، يتقرب إليه أولًا بالفرائض وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة؛ بحيث يحب ما يحبه محبوبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محابّ محبوبه.


والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه، فالربّ مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مرادًا للحق من وجه مكروهًا من وجه، وهذا حقيقة التردد وهو: أن يكون الشيء الواحد مرادًا من وجه مكروهًا من وجه، وإن كان لا بد من ترجح أحد الجانبين، كما ترجح إرادة الموت، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته)[3].


• • • •

وقال الشاعر:
رَأَيْت الْهَوَى دَعْوَى مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ
فَلَسْت أَرَى وُدًّا صَحِيحًا مُسَلَّمَا



*****

وقال عبدالعزيز بن زرارة:
قد عشتُ في الدهر أطوارًا على طرقٍ
شَتَّى فصادفتُ منها اللينَ والبشعا
كلَّا بلوتُ فلا النعماءُ تُبطِرُني
ولا تخشعْتُ من لأوائها جَزِعا


عندما أوغل المسلمون في بلاد الروم، حتى بلغوا القسطنطينية، والتقوا بالروم، واقتتلوا واشتدت الحرب بينهم في بعض الأيام؛ فكان عبدالعزيز بن زرارة لم يزل يتعرض للشهادة ولكنه لم يقتل، ثم أنشأ هذه الأبيات.


• • • •

وأنشد أبو الفضل الرياشي:
لا خَير في المَرْءِ إذا ما غَدا
لا طالبًا عِلمًا ولا عالمًا


• • • •

وأنشد جعفر بن محمد:
ولا تَظْنُنْ بربِّك ظنَّ سوء
فإن الله أولى بالجميل
وظنَّ بنفسك السوءَ تجدها
كذاك وخيرُِها كالمستحيل
وما بك من تُقًى فيها وخير
فتلك مواهبُ الربِّ الجليل
وليس لها ولا منها ولكن
من الرحمن فاشكر للجميل


• • • •

وقال هدبة بن خشرم:
رَأيْتُ أخا الدُّنْيا وإنْ كانَ ثَاويًا[4]
أخا سَفَرٍ يُسْرَى بِه وهْوَ لاَ يَدْرِي
وللأرْضِ كم من صالحٍ قد تلمَّأت
عليه فوارَتْه بلمَّاعةٍ قفرِ


• • • •

وقال قيس بن الملوح (مجنون ليلى):
ألاَ لاَ أُحِبُّ السَّيرَ إلاَّ مُصَعِّدًا
وَلاَ البَرْقَ إلاَّ أنْ يَكُونَ يَمَانِيَا


[1] أخرجه البخاري برقم (6487)، ومسلم (2823)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظ البخاري: «حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكارة»، وأخرجه مسلم برقم (2822)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

[2] أخرجه البخاري برقم (6487)، ومسلم برقم (2823)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[3] انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (18/129-131).

[4] ثاويًا: يعني: مقيمًا ثابتًا، قال تعالى لنبيه في سورة القصص: ﴿ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ﴾ [القصص: 45]، أي: مقيمًا ثابتًا تدعوهم.








رد مع اقتباس
قديم 08-09-2012, 07:13 PM   رقم المشاركة : 6
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

مختارات جمييييييله

الله يعطيك العافيه







التوقيع :










.
.

رد مع اقتباس
قديم 08-09-2012, 11:49 PM   رقم المشاركة : 7
شموخيے غير
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية شموخيے غير
الملف الشخصي






 
الحالة
شموخيے غير غير متواجد حالياً

 


 

يع ـطيكـ الع ـافيه ع الطرح







التوقيع :
جآهلي ..{يحسب كلآمي .. فيه من ضرب الغرور~
وَ


وعـآرفي ..{يعرف اني .. لآمشيت أمشي بهيبة ملكـ~

رد مع اقتباس
قديم 09-09-2012, 10:11 PM   رقم المشاركة : 8
طالب الحور
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
طالب الحور غير متواجد حالياً

 


 

الله يعافيكم
شكرا جزيلا على المتابعة والمرور







رد مع اقتباس
قديم 26-03-2013, 01:58 PM   رقم المشاركة : 9
الدووووخي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الدووووخي
الملف الشخصي







 
الحالة
الدووووخي غير متواجد حالياً

 


 

الله يعطيك العافيه ..







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 15-04-2013, 08:25 PM   رقم المشاركة : 10
ليث العقيدة
رائدي ذهبي
الملف الشخصي






 
الحالة
ليث العقيدة غير متواجد حالياً

 


 


الله يعطيك العافيه






التوقيع :





رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



الساعة الآن 07:53 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت