أضاء الأبيض الإماراتي سماء الإستاد الوطني في البحرين إبداعاً وقتالاُ في الملعب بروح عالية وعزيمة لا تلين، وإنتزع لقبه الثاني التاريخي في كأس الخليج من أمام أسود الرافدين العراقيين في نهائي درامي ماراثوني مثير وعامر بالفنون والتكتيكات والروح العالية والمنافسة الساخنة المتكافئة حتى الختام ، ليفوز بالمباراة النهائية لعباً ونتيجة 2/1 ويهدي اللقب لأكثر من 30 ألف متفرج إماراتي داخل الملعب و30 ألفاً أخرين لم يتمكنوا من الدخول ، لإمتلاء الاستاد عن آخره ، وقد جاء الكثير من هؤلاء على متن الجسر الجوي والذي ترواحت الأقوال أنه تضمن ما بين 50 إلى 70 طائرة ، ، وجاء آخرون في مئات وربما آلاف السيارات عبر الطريق البري وقد كتبوا على سياراتهم عبارات طريفة وبارزة تفخر بالأبيض وتربط بروح وطنية خليجية ما بين الامارات والبحرين وكافة شعوب الخليج.
■■ عشت هذه الأجواء أمس بالاستاد الوطني بالبحرين وكنت وسط هذه الحشود أشفق عليهم من أية إحتمالات كروية لا ترحم مشاعرهم ، ولكن الابيض لم يكن سيرد هذه الجماهير المخلصة التي تركت بيوتها وأعمالها ومصالحها وخرجت وراءه ، تشد من أزره وترفع معنوياته وتشجعه من القلب حتى النصر، لم يكن سيردهم خائبين ويعودوا منكسرين ، بل كان عند مستوى طموحهم وكان الفوز هدية بسيطة لهم ، ولدولة الإمارات التي وقفت خلفهم قيادة وحكومة وشعبا، وحركت جسراً جوياً عبر عشرات الرحلات في ظاهرة لا تحدث في عالم الرياضة إلا نادراً ، وتحدث لأول مرة في الوطن العربي والشرق الأوسط .
■■ المباراة كانت بالفعل مباراة قمة للبطولة وخرجت بشكل يليق بالنهائي وبذل لاعبو الفريقين جهداً رهيباً على مدى أوقاتها حتى صافرة النهاية ، وكانت صراعاً تكتيكيا بين صاحبي قبعة البيسبول، الإماراتي مهدي علي بالقبعة الحمراء والعراقي حكيم شاكر بالقبعة السوداء وبفضل الزخم الجماهيري وحماس اللاعبين ، فرض لاعبو الأبيض إيقاعهم الهادر على أسود الرافدين من البداية وسيطروا وترجموا ذلك من خلال تقدمهم بهدف لصانع اللعب الفنان عمر عبد الرحمن الذي إنتزع بفنه وأناقته لقب أحسن لاعب في البطولة .
■■ ورغم قلة عدد الجماهير العراقية التي بلغت عدة آلاف ، فإنهم وقفوا بحماس خلف فريقهم وألهبوا حماسه وخاصة مع بداية الشوط الثاني حيث صال وجال وضغط على المرمى الأبيض ، وعند ذلك شعر صاحب القبعة الحمراء بضرورة التدخل لتأمين دفاعه والاحتفاظ بهدف الفوز خاصة مع إقتراب المباراة من النهاية ، ولكن القدر كان بالمرصاد للابيض ، فبعد إخراج المهاجم على مبخوت والدفع بإسماعيل الحمادي الذي يميل للعب في خط الوسط ، وفي الدقيقة 80 وعند سحب مهدي لمهاجمه الثاني أحمد خليل والدفع بالمخضرم إسماعيل مطر ، لتجديد الدماء ، فوجئنا بهدف عراقي مباغت للنجم يونس محمود ، لتنقلب المباراة والأجواء ويهتز الأبيض، في مواجهة تحفز عراقي وموجات هجومية قادها يونس محمود بدعم المهاجم الموهوب همام طارق وضرغام وحسام إبراهيم ولكن نجوم الأبيض صمدوا حتى نهاية الوقت الأصلي، ليعيد المهندس مهدي هندسة خطته وفق متطلبات الوضع الجديد بمحاولة الهجوم وإستعادة التفوق رغم خروج علي مبخوت وأحمد خليل أبرز المهاجمين.
■■ وفي الوقت الإضافي ، فوجئت في الإستاد الوطني بحالة جديدة في المدرجات البيضاء حيث إشتعل الحماس الجماهيري لمشجعي الأبيض مع تصاعد الإيقاع وإشعالهم المصابيح الكهربائية ، فسرت مشاعر الحماس والدفء إلى إسماعيل ومطر وعمر عبد الرحمن "عموري" وإسماعيل الحمادي وزملائهم رغم البرودة ، فبدوا وكأنهم في مباراة جديدة ، نجحوا خلالها في إبطال سيطرة وتفوق الهجوم العراقي والرد عليه بهجمات منظمة أو مرتدة ، ومنها اللعبة الثلاثية لمطر وعمر والحمادي والتي انتهت بهدف الحسم الذي أعاد السيطرة البيضاء وملحمة الصمود رغم المحاولات الشجاعة لأسود الرافدين ، لكن صافرة خليل جلال حسمت الأمر وأعلنت عودة كأس الخليج من جديد إلى أرض الأمارات في طفرة كروية جديدة قد تكون مرحلة ذهبية جديدة في السجل التاريخي للأبيض .
■■ أخيراً ألف مبروك للأبيض الإماراتي ولمنتخب أسود الرافدين العراقي الحظ الأوفر في المناسبات القادمة ، لكن التهنئة للدولتين واتحادي الكرة ولمدربي قبعات البيسبول الأنيقين مهدي علي وحكيم شاكر .. التهنئة لأن الامارات والعراق أصبحتا تملكان قوام أساسي لجيل جديد واعد ورائع لمستقبل الكرة في البلدين .. مرة أخرى ألف مبروك.
بقلم : عزالدين الكلاوي