° العقيده البابيه :
° في البدايه اعلن ميرزا انه الباب الذي يبشر بظهور المهدي المنتظر . لكن طموحه دفعه الى تطوير مفهوم الباب ليصبح هو ذاته المهـــــدي المنتظر الذي سيهدي العالم للحق . يقول في كتابه البيان " واني انــا القائم الذي ينتظرون يومه وكل به يوعدون وقد خلقني الله بامــــــــره وجعلني قائما على كل نفس بما قد اتاني الله من الآيات والبينات انــه هو المهيمن القيوم ولعمري اول من سجد لي محمد ثم علي ثم الذين
هم شهداء من بعده ثم ابواب المهدي " .
° وربما كانت عقيدة الامام والمهدي المنتظر هى العقيده الوحيده التي
احتفظت بها البابيه من عقائد الشيعه الاماميه كما انها نقطة الالتقــــاء الوحيده بينها وبين الاسلام . اما فيما عداها فليس ثمة علاقة بيـــــــن البابيه والمبادىء الاسلاميه .
° لقد استلهم الباب غلاة الشيعة وخاصة الاسماعيليه الباطنيه لوضـــع
نظريته , ولم يقف عند هذا الحد بل ترك لقب الباب وادعى انه النقطـــه
وتفسير للنقطه عجيب يقول في البيان " ان محمدا كان بمقام الالــــف وانا بمقام النقطه " والنقطه عنده ليس مجرد نبي بل هو تشخيـــــص او تجسيد لله . وعندما بلغت به الجرأة هذا الحد واصبح يلقب نفســـــه بالنقطه تخلى عن لقب الباب لاحد اتباعه وهو ملا حسين بشرويـــــــه الخرساني الذي سيصبح فيما بعد بهاء الله .
° ومن الالقاب التي هذا الميرزا لقب الذكر مدعيا انه المراد من الايـــــة
" انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " الحجر 9 " ومن الآية " فاسئلـوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون " النحل 43" . ومن العقائد التي اخذ بهـــا
الباب عقيدة البداء . الا ان الباب كعادته حرف هذه العقيده الشيعيـــــة الاساسية تحريفا كبيرا بحيث اصبحت على يده مختلفة تماما عما كانت عليه اصلا . لقد اصبحت البداء عنده قدرة الله على الرجوع عن اوامـــره
السابقة . ومن الجلي ان الاسلام لايحوي مثل هذه العقيده الفاســده .
ويعتقد الكثير من المؤرخين ان الباب قال بهذه العقيده ليبرر كل مـــــــا يتناقض في مذهبه مع ما جاء في الاديان السماوية الثلاثة .
° وادعى الباب ان الله واحد تماما كما هو واحد في الاسلام وفي سائر
العقائد السماوية . الا ان المدقق في هذا الادعاء يتضح له ان وحــــدة الله عنده ليست وحده حقيقيه بل هى وحدة بين جوهرين : الجوهــــر الالهي وهو الله . والفيض الصادر عنه الذي يخلق كل شيء . وماهــذا الفيض الا النقطه كما ذكر في البيان . خالق الكون عند الباب ليس هـو الله اذن . انما هو النقطة أي نقطة بدء الخلق . وهكذا جعل البــــــــاب نفسه هو الخالق , وهو الذي بعث بكل الرسل الى البشرية وهو الـذي
تجسد فيهم على التوالي . تجسد " على حد قوله " في ادم ثــــــــــم ابراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم في سيدنا محمد . بل وليس هنـــاك ما يمنع تجسده في المستقبل في كل خلفائه .
° وهكذا ابتعدت البابيه تمام عن المفهوم الاسلامي للنبوة , فالانبيـــاء لديها ليسوا بشر كما تقول العقيده الاسلاميه . وتصر على ذلك . بــــل هم تجسيدات مختلفه للفيض الالهي . وليس غريب قول الباب بذلــــك المفهوم الاقرب الى مفهوم التناسخ . اذ ان هذا الاخير كان مـــــــــــن المعتقدات الباطنية التي انتشرت في بلاد العجم منذ بدء التشيع . ولذا لم يكن غريبا ان يدعي بعض اتباع الباب اسنغلالا لهذا المفهوم التراثي الراسخ في نفوس الفرس . ان الباب هو الحسن وان يدعى بعضهــــم انه الحسين وان يدعي بعض ثالث انه غيرهما من الائمة . وهكــــــــذا نسبت البابيه كل صفات الالوهيه للفيض او النقطه , وسلبتها مــــــــن مفهوم الله . فاصبح عندها جوهرا بلا أس ولا وظيفه .
° وميرزا علي محمد . لايعترف بالبعث ويوم الحساب بالمعنى الـــــذي جاءا به القرآن . وانما عنده بعثان اولهما ساعة اعلن رسالته كمهـــدي منتظر والتي حدد لها الساعة الثانيه والدقيقة الحادية عشر من غروب شمس اليوم الرابع . الموافق الخامس من جمادي الاول سنة 1260 هـ . اما قبل هذا البعث فكان الناس يجهلون الحقيقة ويعيشون بلا هدف
حياة جسمانيه تشبه عنده الموت , وبظهوره ظهرت الحقيقة ولم يعــد هؤلاء الناس جهلا انما هم بعثوا للحياة الحقيقية بعد ان كانوا امواتــــا .
والناس بعبادتهم للباب ° فيما ادعى هو ° يحققون الهدف من وجودهم ويستمتعون بمباهج هذا الوجود اما اذا تجاهلوا الباب فسيحكم عليهـم
بمواصلة حياة الجهل التي لاهدف لها ولا مباهج فيها وانما حيــــــــــاة جسمانيه هى اشبه بالموت . اما البعث الثاني فهو ذلك الذي يتجســد فيه هو مرة اخرى في صورة انسانية جديده بعد ان يكون انهى وجوده
الارضي الاول . وهذا البعث هو اذن بعثه هو وليس بعث البشر جميعا.
وكما جعل البعث بعثين جعل الحساب حسابين الاول الحساب الصغير ويتمثل في محاسبة كل نبي للناس في عصره على مواقفهم مـــــن النبي السابق عليه . ومعنى هذا ان الباب جاء في الارض ليحاســـــب الناس على موقفهم من سيدنا محمد " " الــذي كان قد جاء بدوره ليحاسب الناس على موقفهم من عيسى . وهكـــــذا
اما الحساب الكبير فسيكون يوم ان يبعث الباب مرة اخرى كما سبـــق ان بينا عند الحديث عن البعث الثاني .
الى لقاء في الحلقة الثالثة .