رمضان في هذا العام1434 هـ
جاء رمضان في هذا العام في وقت صيف وقيظ شديد في
جل أجزاء مملكتنا الحبيبة
وكانت النفوس متخوفة من العطش لاغير، ولكن الله لمّا عرف تصميم المخلصين في الصيام
واستقبال شهره الفضيل بالقبول والتسليم ، والامتثال لأمره بصوم الشهر كاملا من الهلال للهلال ..
قضت رحمته في هذه البلدة المباركة ، أن لايشعر الصائم بالعطش
وإن شعر به عامل البناء وأرباب المهن الذين يعملون تحت حرارة الشمس
فقد وجدوا أنّ العطش قد نال منهم ولكنهم تصبّروا واحتسبوا وأحسّوا بفرحة الفطوروقيمة الماء الذي أطفأ لهب الأمعاء المحترقة
فكان لهم الأجر على قدر المشقة
ولا نستثني من كان مسافرا ولم يفطر وإن كان في سيّارة مكيّفة فالسفر قطعة من العذاب وله إن شاء الله جزيل الثواب ..
وعندما يتأمل المؤمن شهور السنة وإن كان لكل شهر مزيّته التعبدية والوجدانية عند الناس إلا أنّ رمضان
تفرد على الشهور جميعا
بحدث عظيم وهو اكتمال نزول القرآن فيه ،وتفضيله على بقية الشهور بالصوم ، وإن عرف عند الناس جميعا السابقين من اليهود والنصارى واللّاحقين من أمة محمد أنّه شهر عبادة.
إلا أنه تميّز عندنا كمسلمين بشهر النصر وشهر الزكاة وشهر المصالحة بين الرجل ونفسه وبينه وزوجه وبينه وأولاده وجيرانه ومعارفه وأصدقائه ..
والدليل على صدق قولي هذا ، أنّه يجمعنا في وقت واحد على الفطور نحن وجيراننا عند سماع الأذان كما أنه يجمع الأسرة الواحدة على سماط طعام واحد والجميع سعداء وكل جار يهدي من فضول طعامه لجيرانه مما يدل على أنّ المسلمين إخوة فإن يكن الفطور والصلوات في التراويح والقيام جامعة لهم ،وكل واحد يطلب المغفرة والقبول بنفس يحدوها الأمل في عفو خالقها ونيل جائزة تسعده في آخرته وتثبته على الصراط المستقيم ، فهل ياترى سيخلف الله ماوعدهؤلاء جميعا من ثوابه على طاعتهم واستقامتهم
وقد أدوا شروط العبودية التى خلقوا من أجلها ..
وإنّك لاتعجب في رمضان حتى المجرمين تجدهم مخبتين مستكينين عارفين أنّ الجرم فيه ليس كغيره ، ولن يفعل الخطأ إلا من سفه نفسه
واتبع هواه
في رمضان يشمل العفو المساجين ويقضى دينهم ويعودون إلى ذويهم شاكرين لله الكريم ثم لبركة هذا الشهر الكريم الذي شملهم فيه العفوبإطلاق سراحهم من قبل الحاكم ووشملهم ببذل المحسنين وعطفهم..
هذا الشهر العجيب جعل أصحاب كل حي يتنافسون للذهاب للصلاة ويسلّم بعضهم على بعض ذهابا وإيابا
وهذا التآخي والتلازم لانجده إلا في رمضان رمضان
هذا الشهر آية من آيات الله علّمنا كيف نجوع لنحس بالفقراء واليتامى والمعوزين ، ونعطش لنحس أنّ هناك حساب وعقاب وأنّ هناك حوض يسمى الكوثر
لهذا علينا التحكم بنوازع الشهوة ،وكبح النفس عند الخصام
وعلينا بذل المال ما نقص مال من صدقة ..
علمنا هذا الشهر أنه شهر تحصيل وعمل فقد لا يعود
فيجدنا
علمنا الإيثار في لياليه الرمضانية العبقة بالهدوء والتراحم والتواصل والزيارات وصلة الأرحام
علمنا الرباط في المساجد وانتظار الصلوات بعد الصلوات وقراءة الذكر الحكيم ، وعندما يعلن الحاكم غدا يوم عيد نشعر بالحزن لفراقه والسرور للبس الجديد والصلاة في مكان العيد
والمرور على الأقارب والأصحاب والأحبة نقول لهم عشتم مديدا ولبستم جديدا ، وعيدكم مبارك ..