"لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا "فالضرر وهو الأذى هنا هو الكلام المسموع والمعنى لن يؤذوكم إلا كلاما وإن يحاربوكم يعطوكم الظهور ثم لا يغلبون ،يبين الله للمؤمنين أن أهل الكتاب وهم هنا اليهود لن يضروهم إلا أذى والمراد لن يؤذوهم سوى بالكلام ولو فرض وقاتلوهم أى وحاربوهم فالنتيجة هى أن يولوهم الأدبار والمراد أن يهربوا حيث يعطوا ظهورهم للحرب فيتركونها ومن ثم لا ينصرون أى لا يغلبون المسلمين وإنما ينهزمون .
"ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"وذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين"فيكفرون تعنى كذبوا ويعتدون تعنى غافلين والمعنى كتبت عليهم المهانة أين وجدوا إلا بسبب من الله وسبب من البشر وعادوا بسخط من الله وكتبت عليهم المذلة ذلك بأنهم كانوا يكذبون بأحكام الله ويذبحون الرسل (ص)دون جرم ارتكبوه ذلك بالذى خالفوا حكم الله أى كانوا يعصون حكم الله ،يبين الله للمؤمنين أن اليهود ضربت عليهم الذلة وفسرها بأنها المسكنة أى المهانة والمراد فرضت عليهم المهانة أين ما ثقفوا والمراد فى أى مكان يوجدوا فيه ويستثنى من الحكم أن يكون لهم حبل من الله أى قوة أى سبب من الله وهى إمدادهم بالأولاد والأموال كما فى قوله بسورة الإسراء"وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا "وحبل من الناس والمراد ضعف الخلق وتراخيهم مع اليهود ومن ثم يستقوى اليهود عليهم ومن ثم باءوا بغضب من الله أى عادوا بعقاب من النار والسبب فى ضرب المسكنة عليهم والغضب هو أنهم كانوا يكفرون بآيات الله والمراد أنهم كانوا يعصون أحكام الله ومن العصيان أنهم كانوا يقتلون الأنبياء بغير حق والمراد أنهم كانوا يذبحون الرسل(ص)دون جريمة يستحقون عليها القتل وفسر الله كفرهم بأنهم عصوا أى خالفوا حكم الله وفسره بأنهم كانوا يعتدون أى يخالفون حكم الله
"ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون كتاب الله أناء الليل وهم يسجدون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "لو أمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون"فالأمة القائمة هى المؤمنون والمعنى ليسوا متساوين فى الجزاء من أصحاب الوحى السابق جماعة طائعة يطيعون حكم الله استيقاظ الليل وهم يطيعون النهار ،يبين الله للمؤمنين أن أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق ليسوا سواء والمراد ليسوا متساوين عند الله فى الجزاء فمنهم أمة قائمة يتلون كتاب الله والمراد فمنهم جماعة مطيعة يطيعون حكم الله آناء الليل أى أجزاء الليل التى يستيقظون فيها وهم يسجدون أى يطيعون فى النهار وهؤلاء ثوابهم الجنة والخطاب وما بعده للمؤمنين والقول محذوف بعضه ومعناه ليس كفار أهل الكتاب سواء فى الجزاء مع مسلميهم
"يؤمنون بالله واليوم الأخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المؤمنون"والذين هم بآيات ربهم يؤمنون"فيؤمنون بالله تعنى يؤمنون بآيات الله وقوله بسورة التوبة"فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين "فالصالحين هم المهتدين والمعنى يصدقون بحكم الله ويوم القيامة ويعملون بالعدل أى يبعدون عن الظلم أى يسابقون إلى الصالحات وأولئك من المحسنين،يبين الله للمؤمنين أن الأمة القائمة من أهل الكتاب يؤمنون بالله أى يصدقون بوحى الله واليوم الأخر والمراد ويصدقون بيوم القيامة ويأمرون بالمعروف والمراد يعملون بالعدل وفسره بأنهم ينهون عن المنكر والمراد يبعدون عن عمل الظلم وهو الباطل وفسر هذا بأنهم يسارعون إلى الخيرات والمراد يتسابقون إلى عمل الصالحات ويبين الله أن الأمة القائمة من الصالحين أى المحسنين الذين يستحقون دخول الجنة.
"وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله"وقوله بسورة النحل"وهو أعلم بالمهتدين"فيفعلوا تعنى تقدموا وعدم كفره هو وجود ثوابه عند الله والمتقين هم المهتدين والمعنى وما يعملوا من صالح فلن ينقصوه والله خبير بالمطيعين ،يبين الله لنا أن الأمة القائمة ما يفعلوا من خير فلن يكفروه والمراد ما يصنعوا من عمل صالح فلن يضيع الله ثوابه وهو عليم بالمتقين أى خبير بالمطيعين لحكم الله يثيبهم بالجنة فى الآخرة والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده.
"إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الممتحنة "لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة"فتغنى تعنى تنفع والأموال هى الأرحام وقوله بسورة المائدة"أولئك أصحاب الجحيم "فالنار هى الجحيم وقوله الكهف"ماكثين فيها أبدا" فخالدين تعنى ماكثين والمعنى إن الذين كذبوا حكم الله لن تمنع عنهم أملاكهم ولا عيالهم من الله عقابا وأولئك سكان الجحيم هم فيها باقون ،يبين الله لنا أن الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا والمراد لن تمنع عنهم أملاكهم فى الدنيا ولا عيالهم من الله عقابا وهم أصحاب النار والمراد المقيمون فى الجحيم هم فيها خالدون أى باقون لا يخرجون منها .
"مثل ما ينفقون فى هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم "فيظلمون تعنى يهلكون أنفسهم والمعنى شبه ما يعملون فى هذه الحياة الأولى كشبه هواء فيه ضرر نزل زرع جماعة خسروا أنفسهم فدمرته وما نقصهم الله ولكن أنفسهم ينقصون ،يبين الله لنا أن مثل أى شبه ما ينفقه وهو ما يعمله الكفار فى الحياة الدنيا كشبه التالى :الريح التى فيها الصر وهى الهواء المتحرك الذى فيه أذى والتى أصابت حرث قوم فأهلكته والمراد والتى نزلت على زرع ناس فدمرته والقوم قد ظلموا أنفسهم أى قد أهلكوا أنفسهم أى نقصوا حق ذواتهم بعملهم السيىء ،فالإنفاق وهو العمل السيىء يشبه الريح الضارة والعمل السيىء أصاب أصحابه كما أصابت الريح الضارة الزرع وهو عمل القوم ،ويبين الله لنا أنه ما ظلم الناس والمراد ما أضاع حقهم ولكنهم أنفسهم يظلمون أى يضيعون حقهم فى الجنة بعملهم السيىء.
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين"فالبطانة هى الأولياء ودونكم تعنى دون المؤمنين وهم الكافرين وقوله بنفس السورة "ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم"فما عنتم هو الضلال وقوله بنفس السورة"ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا"فالبغضاء البادية من الأفواه هى الأذى المسموع من الكفار وقوله بسورة البقرة"قد بينا الآيات لقوم يوقنون"فتعقلون تعنى يوقنون والمعنى يا أيها الذين صدقوا بحكم الله لا تجعلوا أنصار من غيركم لا يقصرونكم تخبطا أحبوا الذى عصيتم قد ظهرت الكراهية من كلامهم والذى تكتم نفوسهم أعظم قد وضحنا لكم الأحكام إن كنتم تفهمون،يطلب الله من الذين آمنوا أى صدقوا بوحى الله ألا يتخذوا بطانة من دونهم والمراد ألا يجعلوا الكفار أولياء من سوى المسلمين إلا أن يأخذوا منهم التقاة وهى الحذر كما قال فى نفس السورة "إلا أن تتقوا منهم تقاة "ويبين الله لهم السبب فى عدم اتخاذ الكافرين أنصار وهو أنهم لا يألون المسلمين خبالا والمراد أنهم لا يزيدونهم إلا تخبطا أى حيرة وهذا يعنى أن نصيحتهم هى من أجل ضرر المسلمين فى نهاية المطاف حتى لو بدت فى صالحهم أولا،ويبين الله لهم أنهم ودوا ما عنتم والمراد أرادوا الذى رفض المسلمون قبوله منهم وهو الكفر،ويبين لنا أن البغضاء وهى الكراهية قد بدت من أفواههم والمراد ظهرت من حديثهم مع المسلمين وما تخفى صدورهم أكبر أى والذى تكتم نفوسهم أعظم من الذى أظهروا من الكراهية ،ويبين الله لهم أنه قد بين لهم الآيات والمراد قد وضح لهم الأحكام إن كانوا يعقلون أى يفهمون فيطيعون حكم الله ،والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا أمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الممتحنة"تسرون إليهم بالمودة"فالحب هو المودة والمعنى ها أنتم تودونهم ولا يودونكم وتصدقون بالحكم جميعه وإذا قابلوكم قالوا صدقنا بالحكم وإذا انفردوا مع بعضهم ضغطوا عليكم الأصابع من الغضب قل اهلكوا بغضبكم إن الله خبير بنية النفوس،يبين الله للمؤمنين أنهم يحبون أى يودون أى يحسنون للكفار مع أن الكفار لا يحبونهم أى لا يحسنون إليهم ويبين الله لهم أنهم يؤمنون بالكتاب أى يصدقون بحكم الله كله بينما المنافقون يقولون للمؤمنين:آمنا أى صدقنا بحكم الله وهم لا يؤمنون إلا ببعض ما يروق لهم من حكم الله وإذا خلوا أى انفرد المنافقين مع بعضهم عضوا الأنامل على المسلمين والمراد ضغطوا بأسنانهم على أصابعهم من الغيظ وهو الكراهية ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم :موتوا بغيظكم والمراد اهلكوا بكراهيتكم أى تألموا بسبب غضبكم على المسلمين إن الله عليم بذات الصدور والمراد إن الله خبير بنية النفوس والغرض من القول إخبار المنافقين أن عضهم أناملهم مع أنه أمر يعملونه فى السر إلا أن الله علم به وهو هنا يخبر المسلمين به لأن لا شىء يخفى عليه ونلاحظ أن القول فى معظمه حتى قل خطاب للمؤمنين كسابقه وأما من عند قل فخطاب للنبى(ص)والظاهر والله أعلم أنه جزء أخر يتحدث عن غيظ الكفار فى موقف أخر بدليل أن الخطاب فى الآية التالية للمؤمنين أيضا .
"إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"إن تصبك حسنة تسؤهم"فتمسسكم تعنى تصبكم وقوله بسورة النور"والله بما تعملون عليم"فالمحيط هو العليم والمعنى إن يصبكم خير يحزنهم وإن يمسكم شر يسروا به وإن تطيعوا أى تتبعوا لا يؤذيكم مكرهم بأذى إن الله بالذى تفعلون خبير ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين إن تمسس المسلمين حسنة والمراد إن يأتى لهم خير من الله تسؤهم أى تحزنهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها والمراد وإن يمسكم ضرر يفرحوا بها والمراد يسروا به ،ويبين لهم أنهم إن يصبروا أى يتقوا والمراد إن يطيعوا حكم الله لا يضرهم كيد المنافقين شيئا والمراد لا يؤذيهم مكر المنافقين أى أذى،ويبين الله لهم أن الله بما يعملون محيط والمراد أنه بالذى يصنع الكفار خبير
"وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأنفال"كما أخرجك ربك من بيتك بالحق"فالغدو من الأهل هو الخروج من البيت والمعنى وحين أتيت من عند أزواجك تنزل المسلمين أماكن للحرب والله خبير محيط،يبين الله لنبيه(ص)أنه غدا من أهله والمراد خرج من بيوت أزواجه والسبب لكى يبوىء المؤمنين مقاعد للقتال والمراد لكى يحدد للمجاهدين المهام فى أماكن الحرب التى يدافعون عنها أو يهاجمون منها ويبين له أنه سميع أى عليم أى خبير بكل شىء والخطاب للنبى)ص)
"إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "بل الله مولاكم وهو خير الناصرين "فالولى هى خير الناصرين وقوله بسورة إبراهيم"وعلى الله فليتوكل المتوكلون"فالمؤمنون هم المتوكلون والمعنى حين أرادت جماعتان منكم أن تخسرا والله ناصرهما وعلى الله فليعتمد المصدقون ،يبين الله للمؤمنين أن النبى(ص) لما أنزل المسلمين فى أماكن الحرب حدث أن همت طائفتان أى جماعتان من المسلمين أن تفشلا أى تتحاربا أى تخسرا أخرتهم والله وليهم أى ناصرهم أى دافع الفشل وهو الخلاف بينهما ،ويبين الله أن المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله يتوكلون على الله والمراد يعتمدون على طاعة حكم الله فى حمايتهم من كل ضرر والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "واتقوا الله لعلكم تفلحون"وقوله بسورة الأعراف"فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون"فاتقوا أى اذكروا آلاء الله والمعنى ولقد أعزكم الله فى بدر وأنتم ضعفاء فخافوا عذاب الله لعلكم تطيعون ،يبين الله للمؤمنين أنه نصرهم أى أيدهم على الكفار فى معركة بدر وهم أذلة أى مستضعفين مهانين ،ويطلب الله منهم أن يتقوا الله لعلهم يشكرون والمراد أن يخافوا عذاب الله لعلهم يطيعون حكم الله.
"إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين"المعنى حين تقول للمصدقين :ألن ينصركم أى يؤيدكم إلهكم بثلاثة آلاف من الملائكة مرسلين ،يبين الله لرسوله(ص)أنه قال للمؤمنين وهم المصدقين بالوحى:ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم والمراد هل يمنعكم من الهزيمة أن يزودكم إلهكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين أى حاضرين من السماء إلى الأرض ؟وهذا يعنى أن الرسول(ص)أبلغ المسلمين بوجود مدد من الله حتى ينصرهم به على الكفار والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للمؤمنين وأوله محذوف ومعناه حديث عن قلة عددهم وحاجتهم للمدد
"بلى إن تصبروا وتتقوا يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"المعنى حقا إن تطيعوا أى تتبعوا يجيئوكم من وقتهم هذا يؤيدكم إلهكم بخمسة آلاف من الملائكة مجهزين ،يبين الله لنا أن المؤمنين سألوا الرسول(ص) عن وقت المدد وبينوا أنه لا يكفيهم فرد الله عليهم :بلى إن تصبروا أى تتقوا والمراد إن تطيعوا حكم الله يأتوكم من فورهم والمراد يجيئوكم من لحظتهم هذه يمددكم ربكم والمراد يزودكم إلهكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين أى مجهزين ونلاحظ أن هناك شىء محذوف فى أول القول وهو سؤال المؤمنين للنبى(ص)المزيد من المدد فإن لم يكن هذا هو المحذوف فإن قوله يمددكم ربكم بخمسة آلاف هو قول فى حرب أخرى .
"وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين"يفسر القول قوله تعالى بسورة الأنفال"ويقطع دابر الكافرين"فقطع الطرف هو قطع الدابر وقوله بسورة المجادلة "إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا "فالذين كفروا تعنى الذين يحادون الله ورسوله(ص) والمعنى وما بعث المدد الله إلا رحمة لكم ولتسكن نفوسكم به وما العز إلا بسبب من الله القوى القاضى ليذل جمعا من الذين كذبوا حكم الله أى يهزمهم فيعودوا خاسرين ،يبين الله للمؤمنين أن المدد جعله الله بشرى لهم والمراد أرسله الله رحمة بهم والسبب الأول للمدد أن تطمئن قلوبهم أى أن يسكن الخوف من كثرة الكفار به فى نفوسهم،ويبين لهم أن النصر يكون من عنده والمراد أن العز يكون بسبب من لديه وهو حكمه الذى يطيعه المسلمون ودفاعه عنهم والله هو العزيز أى القوى الذى يعز من يريد بقوته وهو الحكيم أى القاضى بالحق والسبب الثانى هو أن يقطع طرف من الذين كفروا وفسره بأنه يكبتهم والمراد أن يقهر بعض من الذين كذبوا وهم المقاتلين أى يهزمهم حتى ينقلبوا خائبين والمراد حتى يرجعوا ديارهم خاسرين .
"ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الرعد "بل لله الأمر جميعا"فمعنى أن النبى(ص)ليس له شىء فى الأمر وهو الحكم هو أن الأمر كله لله وقوله بسورة المائدة"إن تعذبهم فهم عبادك وإن تغفر لهم "فيتوب تعنى يغفر والمعنى يا محمد ليس لك من الحكم بعضا إن يعفو عنهم الله فهم مؤمنون أو يعاقبهم فهم كافرون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الأمر وهو الحكم فى كل القضايا ليس له فيه شىء أى بعض لأن الله هو الحاكم بكلامه المنزل وحكم الأسرى هنا هو إما أن يتوب عليهم أى يعفو عنهم إن أسلموا وإما أن يعذبهم أى يعاقبهم بالقتل لأنهم ظالمون أى كافرون والخطاب للنبى(ص) والأمر هنا محذوف ومعناه حكم الأسرى والله أعلم.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فالذى لله هو ملكه وقوله بسورة العنكبوت "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"فيغفر تعنى يرحم والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض يرحم من يريد ويعاقب من يريد والله عفو نافع ،يبين الله لرسوله(ص)أن له ملك الذى فى السموات والأرض من المخلوقات وما دام هو الملك فهو حر التصرف فى خلقه حسب ما شرع من الأحكام وهى أن يغفر لمن يشاء أى أن يرحم من يريد وهم المطيعون له ويعذب من يشاء والمراد يعاقب من يريد وهم العاصين له وهو الغفور أى العافى عن الذى يتوب إليه وهو الرحيم أى النافع للتائب إليه والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون "يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"فاتقوا تعنى أطيعوا وتفلحون تعنى ترحمون والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تأخذوا الربح أمثالا كثيرة وأطيعوا حكم الله لعلكم ترحمون ،يطلب الله من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله ألا يأكلوا الربا أضعافا مضاعفة والمراد ألا يأخذوا الربح فى التجارة أمثالا كثيرة وهذا يعنى حرمة زيادة الربح فى التجارة عن الضعف أى أن السلعة تباع بثمنها الحقيقى ومعه جزء زائد لا يبلغ مقدار الثمن الحقيقى ،ويطلب منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله خوفا من عذابه والسبب أن يفلحوا أى يرحموا أى يفوزوا بجنة الله،والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"واتقوا النار التى أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"يفسر القول قوله تعالى بسورة الإنسان"والظالمين أعد لهم عذابا أليما"فالكافرين هم الظالمين والنار هى العذاب الأليم وقوله بسورة آل عمران "واتقوا الله لعلكم تفلحون "فأطيعوا تعنى اتقوا وترحمون تعنى تفلحون والمعنى وخافوا عذاب الله جهز للظالمين أى اتبعوا حكم الله والنبى(ص)لعلكم تفلحون ،يطلب الله من المؤمنين أن يتقوا النار والمراد أن يخافوا عذاب الله الذى أعد للكافرين أى جهز للمكذبين بحكم الله بطاعة حكم الله وفسر هذا بأن يطيعوا الله والرسول(ص)أى أن يتبعوا حكم الله المنزل على النبى(ص)من أجل أن يرحموا أى يفوزوا برحمة الله وهى جنته.
"وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحديد"وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين أمنوا بالله ورسله"فسارعوا تعنى سابقوا والمتقين هم الذين أمنوا بالله ورسله(ص)والمعنى واسعوا إلى عفو من إلهكم أى حديقة مساحتها السموات والأرض جهزت للمطيعين لله ،يطلب الله من الناس فيقول سارعوا إلى مغفرة من ربكم أى اسعوا بطاعتكم لله لعفو من الله ويفسر الله المغفرة بأنها جنة عرضها السموات والأرض والمراد أن الحديقة مساحتها قدر مساحة السموات والأرض وهى قد أعدت للمتقين أى جهزت للمطيعين لحكم الله ،والخطاب للناس هو وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده لأنه لو كان للمؤمنين كسابقه لقال أعدت لكم.
"الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس"فالذين ينفقون هم الصابرين فى السراء وهى وقت البأس وقوله بسورة المائدة"إن الله يحب المقسطين"فالمحسنين هم المقسطين والمعنى الذين يطيعون حكم الله فى وقت النفع ووقت الأذى أى التاركين الشر أى التاركين طاعة الخلق والله يثيب المطيعين ،يبين الله للناس أن المتقين ينفقون فى السراء والضراء والمراد يطيعون حكم الله فى وقت نزول خير الله لهم ووقت نزول الأذى من الله لهم وفسرهم بأنهم الكاظمين الغيظ أى التاركين لطاعة الشر وفسرهم بأنهم العافين عن الناس والمراد التاركين طاعة حكم الخلق ،ويبين لهم أنه يحب المحسنين والمراد يرحم المطيعين لحكمه دنيا وأخرة .
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون "فالفاحشة أى ظلم النفس هو الطائف الشيطانى واستغفار الله هو البصر والمعنى والذين إذا عملوا ذنبا أى نقصوا حق أنفسهم أطاعوا الله فاستعفوا لسيئاتهم ومن يمحو السيئات سوى الله ولم يداوموا على ما أذنبوا وهم يعرفون ،يبين الله للمؤمنين من هم المتقين وهم الذين إذا فعلوا فاحشة أى إذا صنعوا سيئة أى ظلموا أنفسهم أى أخطئوا فى حق أنفسهم ذكروا الله أى أطاعوا حكم الله فاستغفروا لذنوبهم أى فطلبوا العفو عن سيئاتهم من الله لأنه هو الذى يغفر الذنوب أى يمحو السيئات أى يترك عقاب الذنوب المستغفر لها أصحابها ويبين الله لنا أنهم لا يصرون على ما فعلوا أى لا يداوموا على عمل الذنب وهم يعرفون حرمتها وهذا يعنى أن المرتد لابد أن يكون مصرا على الخطأ وهو الذنب عالما بحرمته .
"أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار"فالجنات هى الغرف المبنية وقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"فخالدين تعنى ماكثين وقوله بسورة النحل "ونعم دار المتقين "فأجر هو دار والعاملين هم المتقين والمعنى أولئك ثوابهم عفو من إلههم أى حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها وحسن ثواب المطيعين لله،يبين الله للمؤمنين أن جزاء وهو ثواب المتقين هو مغفرة من الله أى رحمة من الرب وهو الله وفسرها بأنها جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير فى أرضها العيون ووصفت الأنهار بأنها من تحت الجنات لكون أرض الجنات أعلى من مجارى الأنهار وهم خالدين فيها أى باقين فيها لا يخرجون ولا يموتون وهو نعم أجر العاملين أى أحسن ثواب للمطيعين لحكم الله.
"قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الرعد "وقد خلت من قبلهم المثلات"فالسنن هى المثلات وهم الأقوام الهالكة وقوله بسورة ق"فنقبوا فى البلاد"فانظروا تعنى نقبوا والأرض تعنى البلاد وقوله بسورة النمل"فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين" فالمكذبين هم المجرمين والمعنى قد مضت من قبلكم أمم فارتحلوا فى البلاد فاعلموا كيف كان جزاء الكافرين ،يبين الله للناس أن السنن وهى الأمم السابقة قد خلت أى هلكت بسبب الكفر ويطلب منهم أن يسيروا فى الأرض والمراد أن يسافروا عبر البلاد فينظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمراد فيعلموا كيف كان جزاء الكافرين حتى يأخذوا مما حدث لهم العظة والعبرة .
"هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة إبراهيم "هذا بلاغ للناس"فالبيان هو البلاغ وقوله بسورة الجاثية"هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون"فالبيان هو البصائر والموعظة هى الرحمة والمتقين هم الذين يوقنون والمعنى هذا بلاغ للخلق و إرشاد أى علامة للمطيعين لله،يبين الله للناس أن القرآن هو بيان للناس والمراد حكم يوضح لهم الحق من الباطل و هو هدى أى معرفة ترشد الخلق للحق وفسره بأنه موعظة أى علامة تعلم المتقين أى المطيعين لله الحق من الباطل فتؤدى بهم للرحمة وهى الجنة والخطاب للنبى(ص).
"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة محمد"فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم "فالوهن هو الدعوة للسلام وقت النصر وقوله بسورة البقرة"إن كنتم صادقين"فمؤمنين تعنى صادقين والمعنى ولا تضعفوا أى لا تخافوا من الكفار وأنتم المنتصرون إن كنتم مصدقين بحكم الله ،يطلب الله من المؤمنين ألا يهنوا أى ألا يحزنوا والمراد ألا يضعفوا فيطلبوا السلام من الكفار وهم الأعلون والمراد وهم المنتصرين على الكفار إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكم الله ومن هنا يحرم على المسلمين أن يطلبوا الصلح مع الكفار وقت انتصارهم على الكفار والخطاب للمؤمنين.
"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها"فالقرح هو المصيبة ومس تعنى أصاب وقوله بنفس السورة "فإن الله لا يحب الكافرين "فالظالمين هم الكافرين والمعنى إن يصبكم ضرر فقد أصاب الكفار ضرر مشابه وتلك الأوقات نديرها بين الخلق وليعرف الله الذين صدقوا منكم ويجعل منكم شهداء والله لا يرحم الكافرين،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يمسسهم قرح والمراد إن تصبهم هزيمة فقد مس القوم قرح مثله والمراد فقد أصابت الكفار هزيمة مماثلة لها فى بدر ،ويبين لهم أن الأيام يداولها بين الناس والمراد أن الإنتصارات فى الحرب يديرها بين الخلق فليس هناك أمة تنتصر بإستمرار فقد تنتصر اليوم أمة ثم تنهزم فى الغد وهكذا ،ويبين لهم أن الجهاد شرع ليعلم أى ليعرف الله الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله من الذين كفروا به ،ويبين لهم أنه يتخذ منهم شهداء والمراد ويجعل بعض المؤمنين قتلى فى سبيل الله ،ويبين لهم أنه لا يحب الظالمين أى لا يرحم الكافرين فى الدنيا والأخرة والخطاب للمؤمنين.
"وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين"المعنى وليرحم الله الذين صدقوا بحكمه ويعذب المكذبين بحكمه،يبين الله للنبى(ص) أنه يمحص الذين آمنوا أى يرحم أى ينصر الذين صدقوا به فى الدنيا والأخرة ويمحق الكافرين والمراد ويهزم أى ويعذب المكذبين بحكمه فى الدنيا والأخرة والخطاب للنبى(ص).
"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" المعنى هل ظننتم أن تسكنوا الحديقة ولما يعرف الله الذين حاربوا منكم أى يعرف المطيعين له،يسأل الله المؤمنين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة والمراد هل خلتم أن تقيموا بالجنة ولما يعلم الذين جاهدوا منكم أى الصابرين والمراد ولما يعرف الذين حاربوا منكم فى سبيل الله أى المطيعين له من العاصين له ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن دخول الجنة متوقف على الجهاد وهو الصبر وهو طاعة حكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون "المعنى ولقد كنتم تطلبون الوفاة من قبل أن تقابلوها فقد شاهدتموها وأنتم تعلمون ،يبين الله للمؤمنين أنهم كانوا يتمنون الموت أى كانوا يطلبون الوفاة وهى الشهادة فى سبيل الله من قبل أن تأتى لهم أسباب الشهادة وهى الحرب التى رأوها أى شاهدوها وهم ينظرون أى وهم يرون مصير غيرهم من القتل والجرح .
"وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين "يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة المرسلات"إنا كذلك نجزى المحسنين"فالشاكرين هم المحسنين والمعنى وما محمد(ص)إلا مبعوث قد ماتت من قبل المبعوثين أفإن توفى أو استشهد رجعتم إلى أديان الكفر ومن يرجع إلى كفره فلن يؤذى الله أذى وسيرحم الله المطيعين ،يبين الله للمؤمنين أن محمد(ص)ليس سوى رسول قد خلت من قبله الرسل(ص)ليس سوى نبى قد ماتت الأنبياء(ص)الذين تم بعثهم قبله ومن ثم فهو يموت مثلهم ويسأل الله :أفإن مات أى توفى أو قتل أى استشهد فى القتال انقلبتم على أعقابكم أى عدتم إلى أديان الكفر التى كنتم عليها سابقا ؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن موت الرسول (ص)أو قتله لا يعنى إنتهاء الإسلام والعودة لأديان الكفر وإنما يعنى التمسك بالإسلام سواء كان حيا أو ميتا ،ويبين لهم أن من ينقلب على عقبيه والمراد من يرجع إلى كفره فسيعاقبه الله ولن يضر الله شيئا والمراد لن ينقص من دين الله بعضا ويبين لهم أنه سيجزى الشاكرين أى سيرحم المطيعين لحكمه فى الدنيا والأخرة والخطاب للمؤمنين.
"وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الأخرة نؤته منها وسنجزى الشاكرين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الإسراء" من كان يريد العاجلة عجلنا له منها ما نشاء لمن نريد"فالدنيا هى العاجلة ونؤته تعنى عجلنا له وقوله بسورة الشورى"من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه"فثواب تعنى حرث ونؤته تعنى نزد له وقوله بسورة النحل"كذلك يجزى الله المتقين"فالشاكرين هم المتقين والمعنى وما كان لمخلوق أن يتوفى إلا بأمر الله موعدا محددا ومن يطلب متاع الأولى نعطه منها ومن يطلب جنة القيامة نعطه منها وسنرحم المطيعين لله ،يبين الله لنا أن النفس والمراد المخلوق لا يمكن أن يموت أى يتوفى إلا بإذن الله والمراد بأمر الله وأمر الله يكون فى الكتاب المؤجل والمراد الموعد المحدد لموت المخلوق فى الكتاب عند الله،ويبين لنا أن من يرد ثواب الدنيا والمراد من يطلب متاع الحياة الأولى يؤته الله منها والمراد يعطى الله له فيها الذى يريد الله وليس هو ومن يرد ثواب الآخرة يؤته منها والمراد ومن يطلب جنة القيامة بطاعة حكم الله يعطه جزء منها هو جنتان كما قال بسورة الرحمن"ولمن خاف ربه جنتان"ويبين لنا أنه سيجزى الشاكرين والمراد سيدخل الله المطيعين لحكمه الجنة والخطاب للناس .
"وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأنعام"ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا"فعدم الوهن هو الصبر على التكذيب والأذى وقوله بسورة آل عمران "والله يحب المحسنين"فالصابرين هم المحسنين والمعنى وكم من رسول حارب معه مسلمون كثيرون فما ضعفوا للذى أذاهم فى نصر دين الله أى ما وهنوا أى ما سكتوا والله يرحم المطيعين لله ،يبين الله أن عدد المرات التى قاتل أى جاهد فيها النبيون (ص)مع الربيون وهم أتباع الرب أى المطيعين لحكم الله كانت كثيرة وكان أتباع الرب كانوا كثيرين وهم لم يهنوا أى يضعفوا أى يستكينوا والمراد لم يسكتوا على الكفار بسبب ما أصابهم أى ما مسهم من الأذى والضرر فى سبيل الله وهو نصر دين الله والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الجهاد واجب وأن الوهن وهو الضعف مرفوض محرم ،ويبين لنا أنه يحب الصابرين والمراد أنه يرحم المطيعين له بإدخالهم الجنة والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "كفر عنا سيئاتنا"فاغفر تعنى كفر وذنوبنا تعنى سيئاتنا وقوله بسورة هود"ما نثبت به فؤادك "فتثبيت الأقدام هو تثبيت الفؤاد وقوله بسورة الصف "فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم "فانصرنا تعنى أيدنا والكافرين هم العدو والمعنى وما كان ردهم إلا أن قالوا :إلهنا كفر عنا سيئاتنا أى تفريطنا فى إسلامنا ورسخ قلوبنا و أيدنا على الناس المكذبين بحكمك ،يبين الله لنا أن الصابرين وهم الربيون قالوا :ربنا اغفر لنا ذنوبنا أى كفر عنا سيئاتنا أى اترك عقابنا على جرائمنا وفسروا الذنوب بأنها إسرافهم فى الأمر أى تفريطهم فى طاعة حكم الله فهى عصيانهم لحكم الله وهذا يعنى أنهم يطلبون من الله العفو عن الخطايا التى ارتكبوها ،وقالوا وثبت أقدامنا أى رسخ أنفسنا أى انصر قلوبنا على وساوس الشهوات بطاعة حكمك فهم يطلبون أن يجعلهم الله مستمرين فى إسلامهم حتى الموت ،وقالوا وانصرنا على القوم الكافرين والمراد أيدنا على الجماعة المكذبين بحكم الله وهذا يعنى أنهم يطلبون التأييد على الظالمين .
"فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة غافر"إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا"فثواب الدنيا هو نصر المسلمين على الكفار وقوله بسورة المائدة "فأثابهم الله بما قالوا جنات "فأتاهم تعنى أثابهم وثواب الآخرة تعنى الجنات وقوله بسورة آل عمران "والله يحب الصابرين"فالمحسنين هم الصابرين والمعنى فأعطاهم الله حكم الأولى وخير جزاء القيامة والله يرحم المطيعين لحكمه،يبين الله لنا أنه أعطى الربيين ثواب الدنيا وهو حكم الأولى بحكم الله وهذا هو نصرهم على الكفار وحسن ثواب الأخرة وهو خير جزاء القيامة وهو الجنة ،ويبين لنا أنه يحب المحسنين أى يرحم المتبعين لحكمه بإدخالهم الجنة ونصرهم فى الدنيا.
"يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين"فالأعقاب هى أديان الكافرين وقوله بسورة آل عمران"فينقلبوا خائبين "فخاسرين تعنى خائبين والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله إن تتبعوا حكم الذين كذبوا حكم الله يرجعوكم إلى كفركم فتصبحوا معذبين إن الله ناصركم أى هو أفضل المؤيدين ، يبين الله للذين آمنوا أى صدقوا حكم الله أنهم إن يطيعوا الذين كفروا والمراد إن يتبعوا حكم الذين كذبوا حكم الله يردوهم على أعقابهم والمراد يعيدوهم إلى أديان الكفر التى كانوا عليها فينقلبوا خاسرين والمراد فيصبحوا هالكين معذبين فى الدنيا والأخرة ،ويبين الله لهم أنه مولاهم أى ناصرهم على عدوهم وفسر هذا بأنه خير الناصرين أى أحسن المؤيدين للمسلمين فى الدنيا والأخرة والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده.
"سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"فبئس مثوى المتكبرين" فالظالمين هم المتكبرين وقوله بسورة فصلت"فالنار مثوى لهم"فمأوى تعنى مثوى والمعنى سندخل فى نفوس الذين كذبوا الخوف بما جعلوا لله الذى لم يوح به وحيا ومقامهم جهنم وقبح مقام الكافرين،يبين الله للمؤمنين أنه سيلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب والمراد أنه سيدخل فى نفوس الذين كذبوا بوحى الله الخوف من حرب المسلمين والسبب فى إدخال الخوف فى نفوسهم هو أنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا والمراد أنهم جعلوا لله أندادا لم يوحى فيهم وحيا أى بألفاظ أخرى أنهم جعلوا لله شركاء دون أن يصدر بهم حكم يبيح عبادتهم مثله ،ويبين لهم أن مأوى الكفار وهو المقام الذى سيقيمون فيه هو النار وأنه بئس أى ساء أى قبح مقام الكافرين.
"ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الأخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأنفال"وإذ يعدكم إحدى الطائفتين أنها لكم "فالوعد الصادق هو إحدى الطائفتين وقوله بسورة البقرة"فتاب عليكم "فعفا تعنى تاب والمعنى ولقد حقق لكم الله قوله حين تقتلونهم بأمره حتى إذا خبتم أى اختلفتم فى الحكم أى خالفتم من بعد ما عرفكم ما تريدون منكم من يرجو الدنيا ومنكم من يرجو الجنة ثم شغلكم عنهم ليختبركم ولقد صفح عنكم والله صاحب نعمة على المصدقين ،يبين الله للمؤمنين أن الله صدقهم وعده والمراد أن الله نفذ لهم قوله إذ تحسونهم بإذنه أى حين تقتلوهم بأمر الله والمراد أن الله حقق لهم قوله بقتل الكفار فى بداية معركة أحد حتى اللحظة التى فشلوا أى تنازعوا فى الأمر أى عصوا والمراد اللحظة التى خابوا فيها أى اختلفوا فى حكم الغنائم أيتركونها أم يأخذونها فى وسط المعركة أى خالفوا أمر الرسول(ص)بالثبات من بعد ما أراهم ما يحبون والمراد من بعد ما أشهدهم الذى يودون وهو قتل الكفار ،ويبين الله للمؤمنين أن ساعة الخلاف منهم من يريد الدنيا والمراد منهم من يطلب متاع الأولى وهو هنا غنائم المعركة ومنهم من يريد الآخرة والمراد ومنهم من يسعى لنيل ثواب القيامة ،ويبين لهم أنه صرفهم أى شغلهم عن الكفار بالغنائم والسبب أن يبتليهم أى يختبرهم بالضرر الذى أصابهم من الكفار ،ويبين لهم أنه عفا عنهم أى تاب عليهم أى غفر لهم ذنب الخلاف ،ويبين لهم أنه ذو فضل على المؤمنين والمراد أنه صاحب رحمة بالمصدقين لحكم الله.
"إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم فى أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون "يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة الحديد"لكيلا تأسوا على ما فاتكم"فتحزنوا تعنى تأسوا وقوله بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فخبير تعنى عليم وتعملون تعنى تصنعون والمعنى حين تعرجون ولا تجيبون على أحد والنبى(ص)يناديكم فى مؤخرتكم فجازاكم هما بهم لكيلا تغتموا بما سبقكم ولا ما أذاكم والله عليم بالذى تصنعون ،يبين الله للمؤمنين أنه شغلهم عن الكفار بالغنائم حين يصعدون والمراد حين يذهبون لأخذها من أماكنها وهم لا يلوون على أحد أى لا يجيبون على أحد ممن نادى عليهم بالثبات فى مواقعهم ،كما يبين لهم أن الرسول(ص)كان يدعوهم فى أخراهم والمراد أنه كان يناديهم فى مؤخرتهم أن يثبتوا فى مواقعهم ولا يذهبوا لأخذ الغنائم ،ويبين للمؤمنين أنه أثابهم والمراد عاقبهم على غمهم وهو همهم أى عصيانهم بغم هو عقاب ممثل فى إضرار الكفار بهم وعدم أخذهم الغنائم والسبب فى هذا العقاب هو ألا يحزنوا أى ألا يغتموا وألا يخافوا على ما فاتهم وهو ما سبقهم والمراد الغنائم وما أضرهم وهو ما وصلهم من أذى الكفار من جرح وقتل ،ويبين لهم أنه خبير بما يعملون أى عليم بكل ما يصنعون وسيحاسبهم عليه والخطاب للمؤمنين.
"ثم أنزل من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شىء قل إن الأمر كله لله يخفون فى أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم فى بيوتكم لخرج الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلى الله ما فى صدوركم وليمحص ما فى قلوبكم والله عليم بذات الصدور"المعنى ثم أرسل لكم من بعد الهم طمأنينة نوما يصيب جماعة منكم وجماعة قد أحزنتهم أنفسهم يعتقدون فى الله غير العدل اعتقاد الكفر يقولون هل لنا من الحكم من بعض قل إن الحكم كله لله يكتمون فى قلوبهم ما لا يظهرون لك يقولون لو كان لنا من الحكم أمر ما ذبحنا ها هنا قل لو كنتم فى مساكنكم لخرج الذين فرض عليهم الذبح إلى مراقدهم وليختبر الله الذى قلوبكم أى ليميز الذى فى نفوسكم والله محيط بنية النفوس ،يبين الله للمؤمنين أنه أنزل أمنة والمراد أرسل إليهم سكينة أى طمأنينة هى النعاس أى النوم الذى غشى أى أصاب طائفة أى جماعة من المسلمين وذلك من بعد الغم وهو العقاب الممثل فى الهزيمة،ويبين لهم أن منهم طائفة وهى جماعة قد أهمتهم أنفسهم والمراد قد غمتهم قلوبهم فشغلتهم بالباطل فهم يظنون فى الله غير الحق والمراد يعتقدون فى الله الباطل وهو ظن الجاهلية أى اعتقاد الكفر وهذا الإعتقاد هو أن الله ليس بيده الحكم بدليل أنه تركهم يهزمون ولم ينصرهم ومن ثم قالوا هل لنا من الأمر من شىء والمراد هل لنا من الحكم من بعض ؟وهذا يعنى أنهم يريدون بعض الحكم لهم ،ويطلب الله من رسوله(ص)أن يقول للطائفة المغتمة إن الحكم كله لله مصداق لقوله تعالى بسورة يوسف"إن الحكم إلا لله" وهذا يعنى أن ليس لهم من الحكم بعض كما يريدون كما يعنى أن ما حدث لهم هو بأمر الله كعقاب على عصيانهم له ،ويبين الله لرسوله(ص)أنهم يخفون فى صدورهم ما لا يبدون والمراد يكتمون فى قلوبهم الذى لا يظهرون ولهذا قالوا:لو كان لنا من الأمر وهو الحكم بعض منه ما قتلنا أى ما ذبحنا فى هذا المكان وهذا يعنى أنهم يعترفون أن الحكم كله لله ولكنهم يعترضون على حدوث القتل فيهم وهو الذى أعلنوه ،ويطلب الله من رسوله(ص)أن يقول للطائفة المغتمة :لو كنتم فى بيوتكم أى مساكنكم لخرج الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم والمراد لذهب الذين قدر لهم الذبح إلى مقاتلهم وهى أماكن قتلهم وهذا يعنى أن لا أحد يمنع الموت حتى ولو بعد عن مكان موته ،ويبين الله للمؤمنين أنه يبتلى ما فى صدورهم وفسر هذا بأنه يمحص ما فى قلوبهم فيبتلى تعنى يمحص والصدور هى القلوب والمعنى أنه يختبر الذى فى نفوس المؤمنين حتى يعلم المؤمن الحقيقى من المنافق وهو عليم بذات الصدور والمراد عارف بنية النفوس ويحاسب عليها والخطاب للمؤمنين فى مواضع وللنبى(ص)فى مواضع ردا على أقوال المؤمنين والخطاب بعده لهم .
"إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"قد كان لكم آية فى فئتين التقتا"فالجمعان هم الفئتان وقوله بسورة المجادلة "استحوذ عليهم الشيطان "فاستزلهم تعنى استحوذ عليهم وقوله بسورة التوبة "ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم "فعفا عنهم تعنى تاب عليهم والغفور هو الرءوف والحليم هو الرحيم والمعنى إن الذين فروا منكم يوم تقابلت الفئتان إنما أضلتهم الشهوة ببعض الذى عملوا ولقد تاب الله عليهم إن الله تواب رحيم،يبين الله للمؤمنين أن الذين تولوا منهم يوم التقى الجمعان وهم الذين هربوا من القتال يوم تقاتل المسلمون والكفار إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا والمراد إنما أوقعتهم شهوة جمع المال فى المعصية وهى الهروب من القتال ببعض الذى كسبوا أى عن طريق بعض ما أخذوا من الغنائم ،ويبين الله أنه قد عفا عنهم أى غفر لهم ذنب الهروب من القتال لإستغفارهم إياه وهو الغفور أى التواب أى الرءوف الحليم أى الرحيم بالتائبين.
"يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا فى الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة فى قلوبهم والله يحى ويميت والله بما تعملون بصير"يفسر الآية قوله تعالى بنفس السورة "ولا تكونوا كالذين تفرقوا "فكفروا تعنى تفرقوا فى الدين وقوله "يقولون لو كان لنا من الأمر شيئا ما قتلنا هاهنا " يعنى يزعمون لو كان لهم من الحكم بعضا لمنعنا موتهم أو قتلهم وقوله بسورة البروج"إنه هو يبدىء ويعيد"فيحيى تعنى يبدىء وقوله بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فيعملون تعنى يصنعون وبصير تعنى عليم والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله لا تصبحوا كالذين كذبوا وحى الله فقالوا لأصحابهم عندما سعوا فى البلاد أو كانوا مقاتلين :لو كانوا لدينا ما توفوا وما استشهدوا ،ليضع الله غم فى نفوسهم والله ينشىء ويهلك والله بالذى تصنعون عليم ،يطلب الله من الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله ألا يكونوا كالذين كفروا أى كذبوا حكم الله وقد قالوا لإخوانهم وهم أصحابهم إذا ضربوا فى الأرض والمراد عندما سعوا فى البلاد وراء الرزق أو عندما كانوا غزى أى مقاتلين للعدو:لو كانوا عندنا أى لو كانوا مقيمين معنا ما ماتوا أى توفوا وما قتلوا أى ذبحوا فى القتال وهذا يعنى أنهم يقولون أن السبب فى الموت أو القتل هو الخروج من بلدهم التى يعيشون فيها مع الكفار ،ويبين الله لهم أنه سيجعل قولهم حسرة فى قلوبهم والمراد أنه سيضع بسبب قولهم غم وحزن فى نفوسهم ويبين لهم أنه يحيى أى ينشىء الخلق ويميت أى ويتوفى الخلق كيف أراد وفى أى مكان أو زمان ويبين لهم أنه بما يعملون بصير والمراد أنه بالذى يفعلون فى الدنيا عليم وسيحاسبهم عليه ومن ثم عليهم أن يأخذوا حذرهم من مخالفته والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده.
"ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"لمثوبة من الله خير"فالمغفرة هى المثوبة هى الرحمة والمعنى ولئن استشهدتم على نصر دين الله أو توفيتم لعفو من الله أى مثوبة أفضل مما يلمون ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن قتلوا أى استشهدوا أو ماتوا أى توفوا فى سبيل الله والمراد وهم على نصر دين الله فالجزاء هو مغفرة أى رحمة أى ثواب من الله وهو الجنة التى هى خير مما يجمعون والمراد التى هى أحسن من الذى يتمتع به الكفار فى الدنيا .
"ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون" يفسر الآية قوله تعالى بسورة السجدة "ثم إلى ربكم ترجعون"فتحشرون تعنى ترجعون والمعنى ولئن توفيتم أو ذبحتم فإلى جزاء الله تعودون ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن ماتوا أى توفوا أو قتلوا أى ذبحوا فى الحرب فإنهم يحشرون إلى الله والمراد يعودون إلى جنة الله ثوابا لهم