بعد ذلك تكلم عن الواجبات تجاه الوطن المزعوم فقال :
"واجبات تجاه الوطن:
أولاً: إعلاء كلمة الله في بلدك: يطمح الإنسان إلى إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى فوق كل الأرض، وفي جميع أنحاء العالم ولكن الأرض التي يعيش فيها هي أقرب إليه، وهو الأقدر على أن يمارس هذا الدور فيها، صحيح أن واجب الدعوة والهداية هو واجب الإنسان المسلم تجاه العالم كله، ولكنه يجب أن يبدأ بالأقرب إليه، { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ } { قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } فواجب الإنسان المسلم أن يحاول في إعلاء كلمة الله، أول ما يحاول في بلده ووطنه، فينشر فيه الخير والمعروف، ويدعو إلى الصلاح و الإصلاح
ثانياً: الدفاع عن الوطن أمام المعتدين: يجب على الإنسان إذا ما تعرض وطنه وبلده إلى الاعتداء، أن يتحمل كامل المسئولية في الدفاع عن أرضه، والذود عن حياضه، وإذا لم يدافع عن بلده ووطنه فمن الذي يدافع عنه، هل سيدعو الآخرين إلى أن يدافعوا عنه ويحموه، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يخاطب أولئك المتخاذلين عن الدفاع عن ديارهم وبلدانهم فيقول: ((أي دار بعد داركم تمنعون)) ، ويقول (ص): ((فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا))
ثالثاً: التعاون مع المشاركين لك والمشتركين معك في وطنك: لا يعيش الإنسان منا في وطنه وعلى أرضه وحيداً كفرد، ولكن هناك آخرون يعيشون ويشتركون معنا في ظلال هذا الوطن، لنا ما لهم، وعلينا ما عليهم، وهم يحبون الوطن كما نحب، وينشدون إليه كما نحن منشدون إليه، وعلاقتنا بأرض الوطن هي علاقتهم به أيضاً، وهي القاسم المشترك بيننا وبينهم، وأن كانت العقيدة هي القاسم الأكبر والأعظم في إطار علاقتنا جميعاً، ولكن حتى لو لم تكن العقيدة واحدة، فالاشتراك معهم في العيش على أرض واحدة ووطن واحد، يوجد علاقة معينة، وارتباطاً إنسانياً لا بد منه، مع اختلاف العقيدة والدين و لذلك نرى النبي محمد (ص) حينما هاجر إلى المدينة، وأقام المجتمع الإسلامي هناك، عمل صحيفة معروفة في السير والتاريخ (بصحيفة المدينة)، الصحيفة التي تحدثت عن علاقة المسلمين فيما بينهم ثم عن علاقتهم مع بطون اليهود المقيمين آنذاك في المدينة"
من يتكلم فى مسألة متعلقة بحكم الله ليس المطلوب منه أن يقول كلاما عاما مبهما لأنه فى تلك الحالة يعمل فى صالح الفساد فهنا المفروض أن يفصل الكلام فيقول ان هناك نوعين من الدولة دولة المسلمين وحاليا لا دولة لهم ودول الكفار وكل دول العالم تعتبر كافرة لقوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" ومن ثم فالدفاع عن الوطن ضد المعتدين يعنى وجوب أن يتبين المسلم من يتهمهم الوطن بالعدوان فغن كانوا جماعة من المسلمين فلا ينبغى عليه أن يحاربهم لأنهم دوما معتدى عليهم ومن أمثلة هذا ما حدث ويحدث فى روسيا الوطن المزعوم حيث يقوم الجيش الروسى بضرب الشيشان فالمسلم الذى يعيش فى روسيا سواء داخل الجيش أو خارجه لا يجب أن يوجه سلاحه ضدهم أو يقوم بعمل ضدهم وأيضا ما يحدث فى الهند من ضرب كشمير فالمسلم الذى يعيش فى الهند لا يجب أن يقاتل أهل كشمير أو يدهم حكومة الهند بأى شك وهناك مثل جنونى فى السياسة الدولية وهو أن معظم ما يسمى البلاد العربية بحكامها تدعم اليونان فى قضية قبرص وتدين تركيا مع أن تركيا العلمانية تدافع عن مسلمى قبرص بينما يقف فى صف اليونان النصرانية حكام يتسمون بأسماء المسلمين ويزعمون تطبيق الشريعة
وأما حكاية التشارك فى الوطن فالمسلم مرتبط فيها بقوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" ومن ثم لا ينبغى له ان يؤيد المظاهرات التى تطالب بحقوق الزناة المسمين المثليين فى ممارسة الزنى ومثلا لا ينبغى أن يؤيد المظاهرات أو المطالبات بإلغاء قانون الإعدام لتعارضه مع الشرع وبالقطع الكلام هنا دولة الكفر التى يعيش فيها المسلم لأن دولة الإسلام ليست لحاجة للكلام عما جاء فى الفقرة
واستشهد الصفار بصحيفة المدينة المزعومة الصحيفة التى لا وجود لها فى كتب الحديث السنية وكتب الأخبار الشيعية كما انه لا وجود لها فى القرآن لأنها لم تكن موجودة لأنها تعارض كتاب الله فى الكثير من الأمور وبها تناقضات عديدة وقد قال الصفار:
"ومما جاء في تلك الوثيقة الصحيفة
قال ابن اسحاق: وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم واشترط عليهم(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم، فلحق بهم، وجاهد معهم إنهم أمة واحدة من دون الناس وانه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني جُشَم مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يُوتغ إلا نفسه وأهل بيته وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم، وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم))
قال الدكتور وليم سليمان قلادة المحامي ونائب رئيس مجلس الدولة المصري سابقاً في محاضرة ألقاها في مركز اتحاد المحامين العرب للبحوث والدراسات القانونية في القاهرة وطبعت ضمن كتاب (التسامح الديني والتفاهم بين المعتقدات) سنة 1986 م قال تعليقاً على صحيفة المدينة :
((هذا نص اعتقد أنه لا يختلف مطلقاً عن النص الذي يقول أن هناك وحدة وطنية مع تعدد الأديان)) ( )
وللعلامة المعاصر الشيخ محمد مهدي شمس الدين دراسة قيمة حول هذه الصحيفة تناولها فيها من حيث السند والمصادر ومن حيث المتن والفقرات ومن حيث المعاني والدلالات ضمن كتابه القيم (في الاجتماع السياسي الإسلامي) فمع كونهم يهوداً ولكن الرسول أجرى معهم عقداً وطنياً ملزماً لماذا ؟ لأنهم يشتركون مع المسلمين في وطن واحد يريد الرسول (ص) أن يجعل من هذا العيش المشترك على أرض المدينة محمياً من أي تصدع وخلاف، فألزم الجميع بتلك الوثيقة النموذج، للعيش المشترك على أرض المدينة لأنها وطن الجميع من مسلمين وغيرهم"
عهد المدينة المزعوم يهدم وجوده ما يلى:
أولا لا وجود للصحيفة أو العهد فيما يسمى كتب الأحاديث ومن قبلها القرآن وهم عند الناس مصادر الأحكام
ثانيا الصحيفة أو العهد موجودة فى كتب السيرة وهى كتب لا يعتمد عليها فى أخذ الأحكام بل إن ابن اسحاق وابن هشام والواقدى عند أهل الحديث من المجروحين
روى أهل التراجم أن الامام مالك بن أنس (ت: 179هـ ) رحمه الله تعالى، إمام دار أهل الهجرة كان يقدح في توثيق ابن إسحاق وعدالته ، ومثله هشام بن عروة ابن الزبير(ت: 146هـ )رحمه الله تعالى ، اضافة الى تهم التدليس، والتشيع ،والقول بالقدر، وانتحال الشعر، والخطأ في الأنساب ،والرواية عن المجهولين .
قال الذهبي(ت: 748هـ ) رحمه الله تعالى : " كان في العلم بحرا عُجاجا ، ولكنه ليس بالمجوِّد كما ينبغي " ، وقال ايضا : " يروي الغرائب ، ويحدِّث عن المجهولين بأحاديث باطلة
ثالثا أخطاء الوثيقة:
1-وجود مؤمنين ومسلمين وهم هكذا فريقين" هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمّدٍ النّبِيّ r، بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ "وهو ما يناقض قول الوثيقة "إنهم أمة واحدة من دون الناس" فالنبى(ص)لا يخطىء فالمؤمنين هم المسلمين ومن ثم لو قال فسيقول واحدة منهم أو يقول المؤمنين المسلمين من غير الواو
2-التناقض بين القول "إنّهُمْ أُمّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النّاسِ" ومثله"وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ"فهنا الأمة كلها تفدى أو تعقل عن بعضها البعض وهو ما يناقض أن كال عائلة او قبيلة تفدى وتعقل عن أفرادها فقط فى النص التالى :
المهاجرون من قريش على رِبعتهم ( حالهم، من وردوا المدينة ) يتعاقلون بينهم، ويفْدون عانيَهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو عَوْف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو الحرث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وينو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيَها بالمعروف والقسط بين المؤمنين."
3-التناقض بين كون الإنسان يجنى على نفسه واهله بذنبه فى قول الوثيقة "وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسُهُمْ إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ" ومثله قولها"وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ، إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ" وهو ما يناقض كون الإنسان فقط من يحاسب على ذنبه فى قول أخر الوثيقة"وَإِنّ الْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ لَا يَكْسِبُ كَاسِبٌ إلّا عَلَى نَفْسِهِ"
4- التناقض بين وجوب الاستئذان من النبى(ص) عند الخروج من المدينة فى قول الوثيقة "وَإِنّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا بِإِذْنِ مُحَمّدٍ"وبين القول فى أخرها أن من خرج من المدينة حر ومن قعد فيها حر لا يحتاج لإذن أحد "وَإِنّهُ مَنْ خَرَجَ آمِنٌ وَمَنْ قَعَدَ آمِنٌ بِالْمَدِينَةِ، إلّا مَنْ ظَلَمَ أَوْ أَثِمَ " هذا عن تناقضات الوثيقة وإن كان من الممكن ان يكون فيها تناقضات أكثر وأما الأخطاء فمنها التالى :
1-المبدأ الإنسانى صاحب الجريمة يعاقب وحده وللتذكرة هو مبدأ من الوحى "ولا تزر وازرة وزر أخرى "والوثيقة تحمل أهل المجرم وهو قولها "إِنّهُ مَنْ فَتَكَ فَبِنَفْسِهِ فَتَكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ" وقولها أيضا "وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ"فالعقل وهو الدية يدفعها هنا غير القاتل
2-التفرقة بين الناس بسبب دينهم فى جريمة القتل وللتذكرة هو مبدأ من الوحى "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس"وهو قول الوثيقة "وَلَا يَقْتُلُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنًا فِي كَافِرٍ "فالمؤمن الذى قتل كافر من كفار المدينة لا يقتل كما هو عقاب الجريمة وأعلم أنك قرأت فيما يسمى الأحاديث أن النبى(ص) منع هذا التفرقة بين حيين من اليهود كان القاتل من إحداهما لا يقتل إذا قتل واحد من الفريق الأخر وإنما يأخذ أهله الديمة بينما لو كان القاتل من الفريق الأخر فإنه يقتل فهل تظن أن النبى(ص) الذى عدل بين الفريقين كما تقول الرواية يفرق بين المؤمنين وغيرهم فى جريمة واحدة ؟
كما نلاحظ أن البطون المذكورة فى الوثيقة تتعارض مع ما جاء فيما ترويه الأحاديث فالوثيقة جعلت الأوس بطن واحد بينما هى قبيلة تضم مثلا بنو النبيت وهم من قبيلة الأوس كما نلاحظ أنه لا ذكر للقبيلة الأخرى الخزرج التى ذكرت بطونها كبنى النجار وبعيدا عن القرآن كما طلبت فالمصادر متناقضة فأى منها سنصدق ؟
ثم تناول الصفار قضية الجوار فقال:
"وفي مثال آخر نجد قضية الجوار فحق الجار وحسن الجوار الذي هي في التشريع الإسلامي ليست مقيدة بالاتفاق في الدين، ويعني ذلك أن الجار له حقوق علينا بغض النظر إن كان مسلماً أو غير مسلم، فليس ضرورياً أن يكون جارنا يدين بنفس الدين لكي يصدق عليه ذلك العنوان، فحتى لو كان لنا جار غير مسلم فنحن ملزمون بعلاقة حسن الجوار وبكامل الحقوق له من قبلنا، فقد روي أن غلاماً لابن عباس ذبح شاة، فقال له ابن عباس: إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي ثم كررها حتى قال له الغلام: كم تقول هذا ؟ فقال: أن رسول الله (ص) لم يزل يوصينا بالجار، حتى خشينا أنه سيورثه فابن عباس بنص هذا الخبر كان مجاوراً ليهودي، وكان يهتم بالإهداء إليه، كما يهتم بسواه، مراعاة لحرمة الجوار، ومعنى هذا أن الإسلام لا يفرق في مكارم الأخلاق وحقوق الاجتماع بين مسلم وأي مخالف آخر فالكل في نظره سواء
فحتى لو خالفنا جارنا في الدين، إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون له نفس الحقوق التي للجار المسلم، إذ العيش المشترك على أرض واحدة، وفي جوار واحد، يوجب تلك العلاقة المشتركة في طبيعة التعاون والحقوق المتبادلة، وكلما كان الشعور بهذه العلاقة أكثر نضجاً، كان المواطنون أقدر على تحقيق الوحدة الوطنية، وبالتالي يكونون أكثر فاعلية في خدمة وبناء وطنهم، فبين أبناء الوطن الواحد تكون الآمال والآلام مشتركة ومتوحدة لذا نجد الإمام علي ابن أبي طالب يتألم للمرآة غير المسلمة -المعاهدة- كما يتألم للمرأة المسلمة على حد سواء وذلك حينما بلغه غزو جيش معاوية للأنبار واعتدائه على أهاليها يقول (ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعشها ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام "
فالإمام علي يذكر آلام المرآة المسلمة إلى جانب المرآة المعاهدة من غير المسلمين، لأن الإمام علي يريد أن يبين أن اشتراكهم في أرض واحدة ووقوعهم تحت نير ظلم وغزو واحد من قبل جيش معاوية، جعل مصير الآلام واحدة أيضاً، وإحساس الإمام تجاههم واحداً أيضاً، فالازم أن يكون شعورنا واحداً تجاه من يشتركون معنا في وطن واحد، مبنياً على التعاون الذي من شأنه أن يرفع عزة أوطاننا وبلداننا فالوطن للجميع، المصالح واحدة، والخطر مشترك، والوطن كالسفينة الواحدة التي إذا تعرضت لأي خطر فالخطر على الجميع والنجاة للجميع
إذاً ما دام الوطن للجميع والخطر والخير للجميع أيضاً، فهذا الشعور المشترك بالخير والخطر، يجب أن يجعل الجميع في حالة تعاون دائم لدرء الخطر والعمل من أجل حصد الخير والمكاسب الحسنة، ومن السخف بمكان أن يؤدي اختلاف الرأي أو اختلاف المذهب أو اختلاف التوجه، للانقسام والصراع داخل البلد الواحد، هذا غير صحيح وهو خلاف للدين والعقل، فالدين والعقل يدعوان للتعاون ولتظافر الجهود من أجل الخير، كما يدعوان أيضاً إلى التوحد والوحدة، ما دام هناك سبب مشترك، وحتى لو لم يكن هناك عقيدة كاملة مشتركة في كل التفاصيل، فالاشتراك في الأرض الواحدة والوطن الواحد لابد أن يخلق علاقة طيبة
وإيجابية، والحكومات الواعية المخلصة لمصلحة الوطن ووحدته، هي التي يجب أن تعزز من شأن التعاون والوحدة بين المواطنين، تدعيما لأمن الوطن من الخلافات الداخلية، ولاستقراره الدائم، الذي ينعكس على عزة ونمو البلد ورفعته وتقدمه، ورد في الحديث (خير الولاة من جمع المختلف، وشر الولاة من فرق المؤتلف)"
قضية الجوار قضية لحاجة بنا إلى ضرب أمثلة عليها لأن الله هو من أنزل الأحكام فيها كقوله تعالى "" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين" وقوله "وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب"
وتحدث الصفار عن عمل الإنسان في سبيل تقدم وطنه ورفعة شأنه فقال:
"رابعاً: أن يعمل الإنسان في سبيل تقدم وطنه ورفعة شأنه:
الأوطان تعز بأبنائها، وتتقدم بهممهم وسواعدهم، فإذا ما تحرك أبناء الوطن وتفجرت طاقاتهم المبدعة، وكفاءاتهم العالية وخدموا وطنهم فلابد أن يتقدم الوطن ويعلو شأنه، أما إذا بخل أبناء الوطن، وتخلفوا عن ذلك، فسيؤدي ذلك التخلف، إلى التأخر والانحدار على المستويين الخاص والعام فالواجب يحتم أن يتقدم الإنسان بعمله، لأجل أن يتقدم بلده ووطنه في شتى المجالات، فالعالم لا بد أن يظهر علمه ويعمل به من أجل خدمة وطنه وأبناء وطنه، والتاجر وصاحب المال لا بد وأن يستثمر أمواله وثروته لصالح بلده ووطنه، فإنشاء المشاريع وسد الاحتياجات الاقتصادية التي يحتاج إليها الوطن من تصنيع وإقامة الأعمال الناجحة والفاعلة كل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى خير الوطن اقتصادياً وصناعياً، أما إذا تكدست الأموال وتجمدت في المصارف والبنوك، فسيؤدي ذلك إلى تخلف وتأخر هذا الوطن، إذاً فعلينا جميعاً أن نسعى كأفراد وجماعات لإجادة العمل وإتقانه، ورفع كفاءتنا المتخصصة علمياً وفنياً في جميع المجالات، من أجل ذلك الهدف النبيل السامي وهو خدمة الوطن والمساهمة الحقيقية والناضجة في رفعته وتقدمه"
وهذا الكلام كما قلنا مبهم فالمسلم يعمل ما يطيع به الله وليس ما يجعل الوطن المزعوم متقدم فالمسلم لا يجب عليه أن يدعم الوطن الكافر باختراع أسلحة يستخدمها ضد المسلمين أو اختراع أجهزة أو أمور تستخدم فى إضرار الناس فيما بعد
وأما دولة المسلمين فالمسلم يعمل فيها بنفس الأمر وهو طاعة الله ومنها أن يخترع الأسلحة لاستخدامها ضد المعتدين
وتكلم الصفار عن حقوق المواطن فقال:
"حقوق المواطن:
أولاً: الكرامة: إذا توفرت للإنسان أسباب ومدارك الكرامة، وشعر بأن كرامته محظية بالاحترام، يكون ذلك سبباً في انشداده إلى تراب وطنه ويعمق إحساسه بالانتماء إليه والولاء للجماعة فيه إذ يقر لهم بالاحترام مقابل احترامهم له، القرآن الحكيم يتحدث عن أولئك الناس الذين تصادر كرامتهم في أوطانهم، ولا يكونون قادرين على الدفاع عن حرياتهم الأساسية في بلادهم، فهم مخيرون بين العيش في الوطن أذلاء مهانين أو الهجرة عنه طلباً لأجواء الحرية والكرامة، وحينئذ فالخيار الثاني هو المطلوب يقول تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
فالإنسان يجب أن لا يرضى لنفسه الإذلال والاستضعاف، وأن تصادر كرامته، إنما ينشد إلى وطنه، حينما تتوفر له الكرامة فيه، واحترام الآخرين له
ثانياً: الأمن: كلما شعر الإنسان بالأمن على نفسه وماله وعرضه، كلما زاد ذلك في حبه وانشداده وتعلقه بوطنه بل وأصبح أعمق وأكثر، وروي عن رسول الله (ص): (لا خير في الوطن إلا مع الأمن والسرور)
والإمام علي يؤكد ذلك بالقول: (شر الأوطان ما لم يأمن فيه القطان) فإذا لم يشعر الإنسان بالأمن في هذا الوطن ومع كل انشداده النفسي والطبيعي، سيكون مضطراً إلى الخروج منه، لأن عدم الأمن يحرمه نعمة الاستقرار المكفولة لإنسانيته فالمسلمون الأوائل لماذا اضطروا للهجرة إلى الحبشة، لأنهم افتقدوا الأمن في مكة، فإيذاء قريش بلغ حداً كبيراً جعلهم يهاجرون إلى الحبشة، ولذلك أيضاً هاجر رسول الله (ص) من مكة بعد أن فقد الأمن على نفسهإن هذا المثال في فقدان الأمن في الأوطان لا زال يتكرر في كل زمان ومكان مادام الصراع بين الحق والباطل قائماً، وكما نرى في عالمنا المعاصر كم من الناس يعيشون مشكلة اللجوء في بلدان أخرى غير بلدانهم، بسبب عدم توفر الأمن والسلامة على أنفسهم وأموالهم أهلهم، وذلك إما لسيطرة عدو ظالم أو وجود فتن ومظالم فيضطرهم ذلك إلى ترك أوطانهم والبعد عنها ... فنعمة الأمن في الوطن نعمة كبيرة يطمح إليها لإنسان ويطلبها ويحافظ عليها، ولذلك يبتهل المؤمن إلى ربه طالباً منه توفير نعمة الأمن له في وطنه كما نقرأ في دعاء سحر رمضان المبارك للإمام زين العابدين علي ابن الحسين (اللهم واعطني السعة في الرزق والأمن في الوطن)
ثالثاً: الكفاية الاقتصادية: للإنسان في حياته متطلبات واحتياجات مادية، والمفروض أن تتوفر له كفاية المعاش في بلاده لينعم بالعيش فيها وليصرف جهده وطاقته في عمرانها وتقدمها، لكنه حينما يفتقد ذلك في بلاده لأسباب مختلفة فهو إما أن يعيش الفقر والحاجة، وإما أن يغادر وطنه بحثاً عن لقمة العيش ومتطلبات الحياة إن توفر فرص العمل للمواطن، وقدرته على تحصيل متطلبات الحياة في بلده مظهر من مظاهر السعادة كما يقول الحديث الشريف عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده)
بينما حياة الفقر في الوطن فيها من القسوة والعناء، ما يوازي ألم الغربة عن الوطن يقول الإمام علي (عليه السلام): (المقل غريب في بلدته)
وقال (الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة) فإذا ما ضاق على الإنسان رزقه في بلده فسيعيش كأنه غريب، وفي المقابل إذا ما توفرت له كفاية المعاش في بلد آخر فسيكون له ذلك البلد الذي اغترب إليه وطناً بديلاً، ونحن نرى الآن كم أيدٍ عاملة وخبرات علمية تضطر إلى الاغتراب عن أوطانها بحثاً عن رزقها وكفايتها الاقتصادية انهم كأي بشر يعشقون أوطانهم ولا يرغبون في فراق ذويهم لكن الحاجة تضطرهم إلى ذلك
من هنا كانت دعوة نبي الله إبراهيم لمكة المكرمة بعد بنائه البيت الحرام تنص على مطلبي الأمن وكفاية المعاش كما ينقلها القرآن الكريم (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات) "
الحقوق التى تكلم عنها الصفار لا يعرف المرء فى أى دولة تكون فهذه الحقوق موجودة فى المبادىء الحاكمة للدساتير فى كل الدول الكافرة ولكن من يطبقها؟
لا أحد فكل دولة تطبقها على هوى حكامها فالدستور مجرد حبر على ورق فى كل الدول الكافرة بدليل أن الفقراء يشكلون
حوالى تسعين فى المئة من سكان العالم سواء كانت دولا تسمى متقدمة أو متخلفة أو متوسطة فكما قلنا النظام واحد فى كل تلك الدول وهى وجود النخبة التى تحكم وتملك