«طيحني» أفضل من المخدرات
مقال للكاتب صالح إبراهيم الطريقي أعجبني! أتمنى الإستفاده منه!
إن أول بوادر انتقال الإنسان من مرحلة الطفولة لمرحلة المراهقة تبدأ في تصرفاته، فيصبح أكثر حدة واستفزازية في ردوده على الآخرين، ويميل للعناد أكثر، فنظن أنه يتمتع بإثارة حنقنا، لهذا يقوم بكل الأفعال التي تغضبنا.
وهذا التفسير خاطئ جدا، وإن تبناه أغلب الآباء والأمهات (الجيل السابق) وظنوا كل الظنون في أبنائهم المراهقين، فالقضية هنا ليست عنادا لإثارة غضبنا، بقدر ما هي محاولة لإثبات الوجود وأنه كائن مستقل وعاقل وقادر على فهم الحياة بعيدا عنا، أي هو يحاول الفكاك من رؤيتنا له بأنه ما زال طفلا غير قادر على اتخاذ قراراته وحيدا.
هذا الاستفزاز الذي يقوم به المراهق يمكن السيطرة عليه إن تفهم الآباء والأمهات هذه المرحلة التي يمر بها ابنهما، فهي مرحلة خطرة جدا؛ لأن المراهق في هذا السن يقوم بعدة أمور خطرة ليثبت أنه لم يعد طفلا، وأنه رجل لا يهاب شيئا.
أقول هذا كمقدمة لمناقشة خبر نشر قبل أيام مفاده: «إن الدوريات الأمنية وفرق البحث الجنائي وفروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سوف تمنع الشباب من ارتداء الملابس المخلة بالآداب في الأماكن العامة، وسوف تقبض على المخالفين وتحيلهم إلى القضاء في حال عدم استجابتهم للنصح، وإنهم سيلقون عقوبات تعزيرية، وإن شهاداتهم لن تقبل في المحاكم لأن ما فعلوه من خوارم المروءة».
وهذا الخبر بالتأكيد لا يتحدث عما هي الملابس التي ستكون مخلة للآداب، لكن الكثير تحدث عن الموضى الجديدة التي انتشرت منذ وقت والمسماة بـ «طيحني وسامحني يا بابا» وأنها هي المقصودة أو من سيطاردها رجال الأمن.
ويخيل لي: إن حدث هذا وصدرت تلك القوانين وتم تطبيقها، فنحن وكأننا سندخل في صراع بين جيلين، بين جيلنا القديم والجيل الجديد الذي يريد أن يتخلص من نظرتنا له بأنه ما زال طفلا غير عاقل.
وأعتقد أنه من المفترض أن يكون الجيل القديم هو الأكثر حكمة ويحاول احتواء الجيل الجديد ولا يدخله في عناد، بإصدار قوانين أرى أنها ظالمة، ولن تؤدي إلا لمزيد من العناد والتحدي، والمراهقون في أحايين كثيرة يعاقبون آباءهم وأمهاتهم بتدمير أنفسهم، بل بعض المراهقين يبدأون بتعاطي المخدرات ليعاقبوا آباءهم.
لهذا علينا أن نعيد النظر بهذه القوانين المستفزة للشباب لأن ملابسهم لا تروق لنا.
نعيد الذاكرة ونتأمل حياتنا السابقة، وكيف كان هناك صراع بين جيلنا والجيل السابق، الذي كانت تستفزه موضتنا القائمة على «إطالة الشعر والملابس المختلفة عنهم»، ومع هذا لم يحاول ذاك الجيل استصدار قوانين تلقي بنا إلى السجن قبل أن يتم جلدنا تعزيرا، ولم يتهمنا بفقدان المروءة بسبب ملابس.
تنويه: تخيل أن تدخل لسوق وتشتري ملابس، وما أن تخرج من هذا السوق المصرح له ببيع تلك الملابس، لتجد الأمن يلقي القبض عليك بتهمة شراء ملابس مخلة بالآداب، فيما ذاك السوق ما زال يبيع تلك الملابس، دون أن يتم القبض عليه بنفس التهمة الموجهة لك، ألن يثير هذا المشهد حنقك وستشعر أنك مضطهد، وستحاول الانتقام ممن اضطهدك؟
ممكن نناقش الموضوع بعقلانية وبعيد عن التعصب والانفعال واتمنى أن لانخرج عن فكرت الموضوع ....
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
