بسم الله الرحمن الرحيم
الموهبة هي إتصاف الفرد بشيء خاص ، يجعله مبدعاً في مايعمله مساهما في تحقيق صناعة فردية
فريدة من نوعها ، تتحكم وتتسم في بروز شخصية الفرد .
فقد قال عنها " لانج وإيكيوم " :
( إن المواهب قدرات خاصة ذات أصل تكويني لا ترتبط بذكاء الفرد، بل أن بعضها قد يوجد بين ذوي الحاجات الخاصة )
لا أريد في مقالي هذا أن أتشعب في مصطلح " الموهبة " ، بل أريد أن أحصر ما أريده في جانب مهم
في حياتنا ، يرتبط بالموهبة الشخصية و ما هي آفاقها ودواعي استمرارها من عدمها ؟
كلنا لديه موهبة ، سواء قوليه أو فعليه ، وهي تشخص كل شخص يتصف بها ، فنقول فلان لديه موهبة
تقليد الأصوات ، أو فلانه لديها موهبة الكتابة ، وتصبح هذه الموهبة في كل منا بصمة وراثية واضحه تتعلق بالفرد وتصبح مثل ظله .
نحن هنا في مجتمعنا في الحقيقة مواهبنا مدفونه بل مقتوله ، لا مراكز ترعاها ولا نشاطات تهتم بها ، صحيح أننا نرى ونقرأ في الإعلام عن جمعيات ومؤسسات للموهبة والإبداع ولكنها لاتكفي ولا تنتج العدد المطلوب ، بل لا تحقق مفهوم موهبة الجيل لـ الشباب والبنات ، فما يحدث لدينا هو إنتاج موهبة من إجتهاد شخصي بحت ، تعتمد الموهبة حالياً على الشخص نفسه أو إذا رآه أحد من أهله أو معلمه في المدرسة ، بينما المفروض أن يكون هناك هيئات حكومية متخصصة لكل المواهب وتحضير المواهب ، ابتداءاً ببروز الموهبة ( طلبة المدارس ) ، إلى مراحل العمر المتقدمة .
تذكرت حالنا وإتجاهات ميولنا التي تدعم مصطلح الموهبة في فكرنا ، عندما نتخرج من الثانوية العامة ، فغالبية طلابنا وطالباتنا ( تقريباً 90% ) اتخذوا ميول وتخصص لم يتوقعه ويريده في السابق ، ولنا تجارب في السابق في ذلك ، أتذكر مدرج التخصصات بجامعة الملك سعود وعندما يأتي دورك عند الموظف يقول لك : ( ها وش تبي ؟ تخصص تغذية ولا فنية ؟ اختر تخصص زراعة تراه حلو وزين )
أصبحت مواهبنا وتخصصاتنا وإتجاهاتنا مثل طلبات الأكل في المطاعم !!
تترادف مشكلة الموهبة أيضاً مع نظام التعليم لدينا ، فليس من المعقول أن يتخرج الطالب والطالبة وعمره 18 سنة ولا يعرف ماذا يريد أو ماهي موهبته ، فنظام التعليم الماليزي يجبر الطلاب وبطريقة ترغيبيه علمية بأن يحدد مصير مجاله وموهبته ( وفق معايير ومقاييس علمية بحته ) في سن دراسية مبكرة لكي يبدع ويرى مجاله عن قريب ويهتم به ليكوّن مسيرته في حياته العلمية والعملية .
الطالب يضيع عندما يتخرج من الثانوية ، لايدري أين يذهب ، بل لا يدري ماذا تريد نفسه وموهبته لكي يقدم لها تخصصاً ومجالاً علمياً ييبدع فيه وينتج في عمله عندما يتوظف ، فلا يوجد بدائل وتخصصات جديدة عصرية تساهم في زيادة المواهب وتعددها والزيادة من تخصصات المجتمع ، مواهبنا للأسف أصبحت مدفونه ، إذا ما كانت ليست موجوده من قبل .
لنقول أن هناك عدد كبير في مجتمعنا لديه موهبة أو أكثر من موهبة ، يكون هناك أشخاص لديهم مواهب متعددة ولا يقتصرون على موهبة واحده ونحن نراهم دائماً ، هؤلاء هم من صنعوا لنفسهم الموهبة ( إجتهاد شخصي ) ، وساهموا في تطوير أنفسهم ، وأفكارهم الموهوبة تكون في منظور ضيق وصغير جداً في مساحة عمل لا تتعدى مساحة الموهبة الحقيقة ، بمعنى أنها لا تأخذ حقها الكافي وتساهم في إبرازها .
بالقريب كنت مع أشخاص ، لو تقول أنهم موهبين هذا قليل بحقهم ، لديهم من العلم والموهبة الشي الكثير ، ولديهم من الطاقات الشي الأكثر ، وتخصصاتهم دقيقة جداً ولكن هيهيات مع إندفان المواهب ، فكل واحد منهم سيذهب لوظيفته الجامده التي ستجمد على نشاطه وموهبته بمرتب وقدره (......) وإدارة إدارية وفقط !!
يجدون جو الإبداع وتحقيق وتدعيم الموهبة في مكان دراستهم ( بالخارج ) وعندما يرجعون محملين بالموهبة والإبداع وخطابات الشكر والإعجاب ، ينصدمون مع بيئة العمل المتجمدة تحت الصفر !!
الإبداع في الموهبة لايتقصر فقط على الإعلان أن فلان أو فلانه مبدع في موهبة معينه ، بل الإبداع في ذلك هو المساهمة العملية لتبني تلك المواهب التي تدفن وتصبح موهبة شخصية في محيطها فقط ولا تتعدى المحيط الخارجي الذي يحتك بها وينتج مواهب أخرى تحتذي بهذه الموهبة ، ويصبح حالها بخير .
كنت معكم
عامر عبدالعزيز