التدريب الحركي
**************
عجز الكفيف عن الرؤية يجعله في مستوى الخبرات التي يحصلها عن العالم الذي يعيش فيه دون مستوى المبصر فهو بحكم هذا العجز لا يدرك من الأشياء التي تحيط به إلا الإحساسات التي تأتيه عن طريق الحواس التي يملكها, بمعنى أنه في مجال الخبرة لا يعتمد على البصر , بل على الحواس الأربع الباقية وهى: اللمس و السمع و الذوق و الشم. فيعتمد على حاسة اللمس في إدراك الحجوم و الأشكال, و شتان بين ما تؤديه حاسة البصر في هذا الميدان و بين ما تؤديه حاسة اللمس, لأن مدى ما تطلع عليه العين يفوق كثيرا ما تستطيع حاسة اللمس أن تدركه, علاوة على أن حاسة اللمس لا تستطيع إدراك المسافات البعيدة كالعين أو إدراك الحجوم الكبيرة و الألوان أو الأشياء المؤذية التي إذا لمسها الكفيف تعرض من لمسها إلى الأذى. و يتاح للكفيف بحاسة السمع تقدير المسافات وذلك بالربط بينه و بين الصوت الصادر عنها, إلا أنه يعجز عن إدراك طبيعة محدث الصوت. و يستطيع الكفيف أخيرا بواسطة حاسة الشم أن يعرف الأماكن إذا ما كانت مقترنة في ذهنه بروائح معينة.
و لهذا كان الكفيف في مجال الإدراك أقل حظا من المبصر, و العالم الذي يعيش فيه عالم ضيق محدود لنقص الخبرات التي يحصل عليها سواء من حيث النوع أو المدى.
وفي مجال الحركة, لا يستطيع الكفيف أن يتحرك بنفس السهوله و الخفة و المهارة التي يتحرك بها المبصر, ولذا كانت حركة الكفيف تتسم بالكثير من الحذر و اليقظة حتى لا يصطدم بعقبات أو يقع على الأرض نتيجة تعثره بشيء ما أمامه. ولذلك كانت حاجة الكفيف إلى الرعاية و المساعدة خارج البيت الذي يألفه, و يعتاد الكفيف أحيانا على قبول المساعدة من الاخرين حتى ولو كان قادرا على الإستغناء عنها, فيصبح بذلك أميل إلى الإععتماد على الآخرين في قضاء حاجته. و قد يتخذ الكفيف موقفا مغايرا من المساعدة التي تقدم إليه, فيرفضها.
و جدير بالذكر أن الحركة التي ينتقل بها الطفل المبصر من مكان إلى آخر, إنما تحمل أهداف الإستكشاف و التعرف و الإستزادة من الخبرات. و الطفل الكفيف يعجز عن مثل هذا, لأنه حتى ولو جازف في الحركة بقصد الإستكشاف فإن ما يحصله من خبرات أقل بكثير مما يحصله الطفل المبصر بنفس المجهود. وعلى هذا فالحركة ليست مجرد الإنتقال من مكان إلى مكان بقدر ما تتضمنه من تفكير و ربط علاقات بين الأشياء و الأماكن المختلفة التي يتحرك فيها الطفل.
و إذا ما أراد الطفل الكفيف أن ينتقل من مكان إلى مكان, فإنه يتوسل بكل حواسه, فبواسطة حاسة الشم يمكنه تمييز الروائح المختلفة التي يمر بها, و يتحسس الأرض بقدميه أثناء سيره ليعرف موطىء قدميه, و قد يستخدم عصى تساعده في إنتقاله ليتحسس بها ما أمامه, و بواسطة حاسة السمع يستطيع تمييز الأصوات و يستخدم التقدير الزمني لقياس المسافات. ومعنى هذا أن الكفيف يبذل طاقة و جهدا كبيرين أثناء إنتقاله تفوق بكثير ما يبذله الطفل المبصر,مما يؤدي إلى أن يكون أكثر تعرضا للإجهاد العصبي,و الشعور بعدم الأمن و خيبة الأمل التي ربما تسبب له التوتر و ربما تؤثر على صحته النفسية.
و تلعب البيئة التي يعيش فيها الطفل الكفيف دورها في نمو شعوره بعجزه, و هو دور يتراوح بين المواقف التي تغلب عليها سمات المساعدة و المعاونة المشوبتين بالإشفاق و بين المواقف التي تغلب عليها سمات الإهمال و عدم القبول. و تقع بين هذين الطرفين المتطرفين المواقف المعتدلة التي تغلب عليها سمات المساعدة الموضوعية التي تهتم بتنظيم شخصية الكفيف لتنمو في اتجاهات استقلالية سليمة. وتترتب على تلك المواقف الاجتماعية المختلفة إزاء الكفيف ردود أفعال تصدر عنه, و على أساس هذه الردود يتم الحكم فيما إذا كان الكفيف متكيف مع البيئة أم لا.
و الكفيف يرغب في الخروج من عالمه الضيق و الاندماج في عالم المبصرين, وحتى يستطيع ذلك, فهو محتاج إلى الاستقلال و التحرر, ولكنه حينما ينالهما يصطدم بآثار عجزه التي تدفعه مرة أخرى إلى عالمه المحدود.إنه يشعر عندئذ بعجزه, فهو لا يستطيع الحركة بحرية, وانه لا يستطيع السيطرة على بيئته كما يسيطر عليها المبصر, كما أنه لا يستطيع إدراكها كما يدركها المبصر.و ينشأ عن هذا أن يقع في قلق مستمر. فهو قلق من الحوادث التي قد تقع له إذا ما حاول ممارسة حريته و استقلاله.و هو لذلك محتاج إلى الرعاية التي تولد عنده الشعور بالأمن. وقد تتوفر للكفيف الرعاية الموضوعية اللازمة, فينشأ في اتجاهات الشخصية السليمة, إلا أنه قد يحرم منها نتيجة المواقف التي يقفها منه الأبوان أو الأتراب و إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهمية الأبوين و الأسرة في مساعدة الكفيف و تنمية قدراته منذ بداية نشأة الطفل الكفيف من حيث تدريبه على المهارات و الاستعانة بحواسه بشكل صحيحو إعطاءه الثقة و الاستقلالية و عدم الاعتماد على الغير في كل أموره فإن هذا سوف ينعكس على شخصيته و يعطيه الجرأة و ينزع منه الخوف و الانعزال.
و إذا لم تبادر الأسرة على معالجة هذا الأمر و مساعدة الطفل الكفيف في تنمية قدراته و جعله اتكاليا في جميع أموره يعتمد عليها في الأكل و اللبس و المشي و قضاء جميع حاجاته ولم تبادر إلى تثقيفه وتزويده بالمعلومات التي لا يدركها إلا المبصر عن طريق العين, فإن الطفل الكفيف سوف يعاني من الخوف و يشعر بالعجز وقد تنبني شخصيته مستقبلا في هذا الإطار من الانطواء و الانعزال و الخوف.
و يأتي دور المدرسة في تدارك ما تم الإغفال عنه في تنمية قدرات الطفل الكفيف و تزويده بالمهارات و تتظافر جهود المعلمات و المشرفات مع معلمة الحركة المختصة في هذا المجال لتأدية هذه المهام و التي تنحصر في مجالات عديدة أهمها:
التدريب الحركي في مجالات تعليم السير بمفرده أو مع شخص مبصر و مهارات السير في الشوارع أو المنزل و استعمال العصى, و في هذا المجال يتدرب الكفيف على كيفية المرور في الممرات الضيقة و الدخول و الخروج من الأبواب و تغيير الاتجاه و هبوط درجات السلم و فتح الباب و دخول السيارة, و يتم التركيز على استعمال الحواس الأخرى مثل السمع لتمييز الأصوات و تجنب الاصطدام مع الانتباه الشديد و الفطنة و التحليل العقلي السريع .
تقوم مدربة الحركة بإعطاء الطالبات مبادىء على مهارات الطبخ و الحياكة البسيطة في إصلاح الملابس.
تقوم المشرفات بتدريب الأطفال على الاعتماد على أنفسهم في نظافة الجسم و ارتداء الملابس و استعمال الحمام و تناول الطعام و ترتيب فراش النوم و خزائن الملابس و المحافظة على نظافة المكان.
تقوم المعلمات و المشرفات بتدريب الطالب على النطق السليم و الامتناع عن أداء بعض السلوكيات السيئة التي يمارسها العديد من المكفوفين مثل هز الرأس أو الجسم بحركات مستمرة أو مص الإبهام أو قرط أظافر الأصابع أو القيام بحركات دوران للجسم أو تحريك اليدين أو التصفيق أو حك الجسم باستمرار أو هز وضرب الرجلين بالأرض أو فرقعة الأصابع أو الصياح أو القهقهة بصوت مرتفع أو إصدار أصوات غريبة.
تقوم المعلمات و المشرفات بتعويد الكفيف على تحمل المسؤولية في أداء العديد من المهام و القيام بتجارب و تطبيقات عملية على الدروس بمشاركة الطلاب و كذلك تعويد الطلاب على إلقاء القصائد و الكلمات و المشاركة في أداء الفقرات الفنية المسرحيات و الجلوس إلى التلفزيون و أشرطة الفيديو لاكتساب المهارات.
تقوم المعلمات و المشرفات بعمل مجسمات ووسائل توضيحية للأشكال كي يلمسها الطالب الكفيف و يدرك الأشكال.
تسهم المدرسة في مساعدة الكفيف على الاعتماد على نفسه و زرع الثقة بالنفس و نزع الخوف و التردد و الريبة التي يعني منها غالبية الأطفال المعوقون بصريا.
تهتم الجمعية على شراء التجهيزات و الوسائل المساعدة التي يحتاج إليها الكفيف في حياته اليومية كما تهتم الجمعية بتوفير الوسائل الترفيهية و الرياضية
لبرامج التربوية والنفسية المبكرة للأطفال المعاقين بصريا
**********************************
يستطيع الطفل المعوق بصريا تلقي الخدمات التربوية المختلفة من خلال الحضانة والروضة العادية، وان تعذر ذلك فيجب أن تتوفر في المجتمع 3 أشكال من البرامج، وهي:
***********************
1) برنامج الزيارات المنزلية: يقدم المختص من خلال هذا البرنامج جميع التدريبات المتعلقة ببرامج الاثارة الحسية والحركية والمعرفية واللغوية والاجتماعية والانفعالية. كما يدرب المختص الأم على بعض المهام الأساسية لتنفيذها مع الطفل.
2)برنامج التربية الخاصة المبكرة: ينفذ هذا البرنامج من خلال مركز متخصص في التربية الخاصة للأطفال المعوقين بصريا ممن هم دون سن السابعة، وهنا يتلقى الطفل خدمات تخصصية بشكل يومي من قبل متخصصين في التربية الخاصة، وهذا البرنامج يشبه برامج رياض الأطفال المنتشرة في المجتمع.
3) برنامج التربية الخاصة القائم على مشاركة الوالدين: وهو برنامج للتربية الخاصة المبكرة للأطفال المعوقين بصريا، ويقوم على الزام أحد الوالدين بالقدوم مع الطفل لملاحظة وتعلم الاجراءات التدريبية المتبعة مع الطفل لتنفيذها في المنزل.
وقد يتساءل الأهل عن امكنية التحاق الطفل ببرامج التربية الخاصة، وروضة أو حضانة عادية في نفس الوقت، والجواب هو نعم، وبالامكان تنفيذ ذلك وهذا هو الوضع الأمثل مع الطفل مع مراعاة التنسيق وعدم الازدواجية. ولهذا يلاحظ أن برامج التربية الخاصة تتمتع بمرونة كبيرة، لأن هدفها النهائي هو استقلالية الطفل في بيئته الطبيعية، ولكون الروضة أو الحضانة العادية تسعى لاتاحة فرص التعايش مع الآخرين بالشكل الطبيعي فيمكن ابداء النصائح التالية:
* يجب أن يتعرف الطفل وبمرافقته والدته الى كل المرافق والطرق والساحات المحيطة بالحضانة والروضة.
* يجب أن تعرف المعلمات والمربيات طبيعة الاعاقة البصرية وعليهن أخذ الفرص الكافية للتعرف على الطفل وطبيعة شخصيته.
* يجب التركيز على حاجات الطفل المشابهة لحاجات الأطفال الآخرين، بالاضافة الى الحاجات الفردية التي تتطلب اجراء تعديلات خاصة.
* يجب أن يشعر الطفل بالحنان والدفئ والاحترام والترحيب.
* يجب تزويد الطفل بالمثيرات السمعية واللمسية ليكتسب المعرفة.
* لا حاجة لاظهار الشفقة أو الانزعاج أو الرثاء لحال الأهل.
* يجب مساعدة الطفل لتفادي الاصطدام بالأشياء وتدريبه على كيفية التقاط الأشياء التي تقع منه على الأرض دون أن يؤذي نفسه.
* ان الأطفال المبصرين قد يستفسرون عن حالة الطفل، ويجب ألا يولد هذا حرجا، وعلى المعلمة الاجابة عن كل الاستفسارات مع التأكيد على أن الطفل المعوق بصريا يستطيع التعرف على الأشياء بيديه وسمعه عوضا عن بصره.
* يجب مناداة الطفل باسمه، وتعويد الأطفال الآخرين على عمل ذلك ان أرادوا منه شيئا
* تجنبا الشعور بالحسرة والألم لأن رثاء النفس والإحساس باشفاق الناس والأسف على ما حدث لطفلك يعد من أهم أسباب الإحساس بالعجز.
* تذكر بأن هذا الطفل قد يكون نموه مختلفا عن نمو الأطفال الآخرين ولكن هذا لا يجعله اقل قيمة وانسانية، فالطفل يأتي أولا ثم تأتي الإعاقة.
* اعتمدا على مساعدة مصادر ايجابية في حياتكم مثل احد الشيوخ إن احد افراد العائلة او صديقا حميما واطلبا منهم الدعم والتوجيه الذي تحتاجان إليه.
* تحدثا الى بعضكما البعض وشدا من آزركما، لأن هذه المرحلة قد تكون أحد مصادر القوة التي يمكن أن تساعدكما على تجاوز هذه الازمة. وكلما كثر التفاهم في هذه الأوقات الصعبة كلما تعززت قوتكم الجماعية وخيّم عليكم الشعور بالراحة بالنفسية.
* تحدث مع أسرة أخرى لديها طفل مصاب بنفس المرض لتكتسبا بعض الخبرات. ويمكن ان يتم مساعدتكم في ذلك عن طريق الاخصائية الاجتماعية المتابعة للحالة.
* ابحثا عن المعلومات الصحية والدقيقة ويجب ان لا تخجلا من السؤال. فالسؤال دائماً الخطوة الأولى لفهم ما يحدث لطفلكم.
* اظهرا مشاعركما واحاسيسكما وتحدثا عنها، فان ذلك سوف يساعد على التعامل مع الوضع بشكل افضل.
* القرار بانكما لستما وحدكما يمكنكما من التخلص من هذه المشاعر عندما تعرفان بان هناك آخرين قد عانوا قبلكم. ثم اعلما بان المساعدة والعلاج متوفر لطفلكم وان الكادر الطبي متفهم لمشاعركم وأحاسيسكم.
* ابحثا عن البرامج الجيدة والمفيدة لطفلكما واعلما بان الطب دائما يتجدد. ويمكنكما الاستفسار من الاخصائية الاجتماعية والتي تتابع حالة الطفل مع المراكز والبرامج المتوفرة في البيئة المحيطة.
* إن كلمات الرثاء عندما تقال عنه ولو كانت من أقرب الناس اليكم قد تؤدي الى احباط الوالدين وانعزالهما عن الآخرين وقد يخفيا الطفل عن اعين الناس. والطريق السليم هو تجاهل ما يقوله الآخرون واخبار الأصدقاء بانه طفل كغيره، له مقدرته الخاصة وإن رعايتكم له ستجعله في وضع أفضل.
* تجعلونه مدارا للحديث مع الآخرين ولو مع أقرب الناس. لا تبحثا عن طريقة المواساة من الآخرين واجعلا حياتكما طبيعية. ما امكن. ولا تجعلاه عذراً للتقوقع والانعزال عن الآخرين.
* لا تنسيا انفسكما، وخذا قسطا من الراحة الكافية، وخصصا وقتا للطفل واتصلا بالآخرين من اجل المساعدة.
[glint]واخيرا كلمة لام واب الطفل المعاق :[/glint]*********************
اخي الاب.... اختي الام..........
يجب عليكم الإيمان بالله تعالى ، وأنه العليم الخبير بما يصلح عباده ، وأنه الذي قدر معايشهم وأعمارهم وأرزاقهم ، وأنه لا يقدر أحد على نفع أو ضرر أحد إلا بما شاء الله وقدر بسابق علمه ، هذا الإيمان يعطي المسلم راحة نفسية تجعله راضيا بقضاء الله وقدره ، حريصا على اتخاذ الأسباب التي توصل إلى الأهداف، معلقا قلبه بالله الذي بيده مقادير الخلق جميعا.
إن إصابة الإنسان بالإعاقة نوع من الابتلاء للطفل ولأهله عليهم أن يصبروا ويتقوا ، قال تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون )، ومجرد معرفة المؤمن بأن الابتلاء قدر من الله لحكمة يعلمها جل جلاله فذلك يملأ نفسه بالعزاء ويمنحه طمأنينة النفس : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض أو في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرئها ، إن ذلك على الله يسير ، لكيلا لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور )، واليأس والقنوط والهروب من مسؤولية رعاية الطفل المعاق يتنافى مع روح الإسلام ، يقول الله تعالى : (إنه لا يأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) ، وفي ذلك حث على الرعاية ، وعدم وضعهم في مؤسسات الإيواء وغيرها
الوالدين هم المدرسة والمستشفى وكل شيء بالنسبة للطفل ، وعن طريقهما يمكن أن تتغير حياته ويكون فرداً نافعاً في المجتمع، والإعاقة هي نقص في أحد القدرات والأحاسيس، ولكن يمكن تخطى العقبة باستخدام القدرات الأخرى وتنميتها.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يبعد الشر عن جميع المسلمين والمسلمات