للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 205
" إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم , وخفت أماناتهم وكانوا هكذا : وشبك بين أصابعه , قال ( الراوي ) : فقمت إليه فقلت له : كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك ? قال : الزم بيتك , واملك عليك لسانك , وخذ ما تعرف , ودع ما تنكر , وعليك بأمر خاصة نفسك , ودع عنك أمر العامة " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 368 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 438 ) والحاكم ( 4 / 525 ) وأحمد ( 2 / 212 ) واللفظ له عن هلال بن خباب أبي العلاء قال : حدثني # عبد الله بن عمرو # قال : " بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذ ذكروا الفتنة , أو ذكرت عنده , قال " فذكره .
وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي .
وقال المنذري والعراقي : " سنده حسن " .
نقله المناوي في " الفيض " وأقرهما وهو كما قالا , فإن هلالا هذا فيه كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إلا إذا خولف , وقد توبع على أصل الحديث كما يأتي .
والحديث عزاه السيوطي للحاكم وحده بهذا اللفظ . وفيه مؤاخذتان :
الأولى : إيهامه أنه لم يخرجه أحد من أصحاب السنن ولا من هو أعلى طبقة من الحاكم , وليس كذلك كما هو بين .
الثانية : إيهامه أيضاً أن اللفظ للحاكم وهو لأحمد .
وللحديث عن ابن عمرو ثلاث طرق أخر :
الأول : عن أبي حازم عن عمارة بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن عمرو بلفظ : " كيف بكم وبزمان , أو يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة , تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فكانوا هكذا : وشبك بين أصابعه ...." الحديث مثله دون قوله " الزم بيتك واملك عليك لسانك " .
أخرجه أبو داود ( 2 / 437 - 438 ) وابن ماجه ( 2 / 467 - 468 ) والحاكم ( 4 / 435 ) وأحمد ( 2 / 221 ) .
وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا , فإن رجاله ثقات معروفون غير عمارة هذا فقد وثقه العجلي وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات .
الطريق الثاني : عن أبي حازم أيضاً عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً . " يأتي على الناس زمان يغربلون فيه غربلة يبقى منهم حثالة قد مرجت عهودهم ..." الحديث مثل الذي قبله .
أخرجه أحمد ( 2 / 220 ) وسنده حسن .
الطريق الثالث : عن الحسن عن عبد الله بن عمرو قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنت إذا بقيت فى حثالة من الناس , قال : قلت : يا رسول الله كيف ذلك ? قال إذا مرجت عهودهم وأماناتهم ..." الحديث مثله .
أخرجه أحمد ( 2 / 162 ) ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أن الحسن البصري في سماعه من ابن عمرو خلاف , وأيهما كان فهو مدلس وقد عنعنه . ومما يلاحظ أن هذه الطرق الثلاث , ليس فيها الزيادة التي فى الطريق التي قبل هذه " الزم بيتك واملك عليك لسانك " . فالقلب يميل إلى أنها زيادة شاذة لأن الذي تفرد بها وهو هلال بن خباب فيه كلام كما سبق , فلا يحتج به إذا خالف الثقات .
نعم قد جاءت هذه الزيادة فى حديث أبي ثعلبة الخشني نحو هذا , لكن لا يصح إسناده كما بينته فى المائة التي بعد الألف من " الأحاديث الضعيفة " .
وإن مما يؤيد شذوذها أنني وجدت لحديث ابن عمرو هذا شاهداً من حديث أبي هريرة مثله ليس فيه الزيادة , ولفظه : " كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس مرجت عهودهم وأماناتهم , واختلفوا فصاروا هكذا : وشبك بين أصابعه قال : قلت : يا رسول الله ما تأمرني ? قال : عليك بخاصتك , ودع عنك عوامهم " .