للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 219
" كان يقبلني وهو صائم وأنا صائمة . يعني عائشة " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 381 :
أخرجه أبو داود ( 1 / 374 ) وأحمد ( 6 / 179 ) من طريقين عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله يعني ابن عثمان القرشي عن # عائشة # رضي الله عنها مرفوعاً .
قلت : وهذا سند صحيح على شرط البخاري .
ثم أخرجه أحمد ( 6 / 134 , 175 - 176 , 269 - 270 , 270 ) وكذا النسائي في " الكبرى " ( ق 83 / 2 ) والطيالسي ( 1 / 187 ) والشافعي في " سننه " ( 1 / 260 ) والطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 346 ) والبيهقي ( 4 / 223 ) وأبو يعلى في " مسنده " ( 215 / 2 ) من طرق أخرى عن سعد بن إبراهيم به بلفظ : " أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلني , فقلت : إني صائمة ! فقال : وأنا صائم ! ثم قبلني " .
وفي هذا الحديث رد للحديث الذي رواه محمد بن الأشعث عن عائشة قالت : " كان لا يمس من وجهي شيئاً وأنا صائمة " .
وإسناده ضعيف كما بينته في " الأحاديث الضعيفة " رقم ( 962 ) .
والحديث عزاه الحافظ في " الفتح " ( 4 / 123 ) باللفظ الثاني للنسائي .
وللشطر الثاني منه طريق آخر عن عائشة رضي الله عنها , يرويه إسرائيل عن زياد عن عمرو بن ميمون عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وأنا صائمة " .
أخرجه الطحاوي بسند صحيح , وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي , وأما زياد فهو ابن علاقة . وقد أخرجه أحمد ( 6 / 258 ) من طريق شيبان عن زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون قال : سألت عائشة عن الرجل يقبل وهو صائم ? قالت : " وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم " .
قلت : وسنده صحيح , وشيبان هو ابن عبد الرحمن التميمي البصري , وهو على شرط مسلم , وقد أخرجه في " صحيحه " ( 3 / 136 ) من طرق أخرى عن زياد دون السؤال وزاد " في رمضان " وهو رواية لأحمد ( 6 / 130 ) .
وفي أخرى له ( 6 / 292 ) من طريق عكرمة عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم , ولكم في رسول الله أسوة حسنة " .
وسنده صحيح , وعكرمة هو البربري مولى ابن عباس وقد سمع من عائشة وقد روى أحمد ( 6 / 291 ) عن أم سلمة مثل حديث عائشة الأول . وسنده حسن في " الشواهد " .
والحديث دليل على جواز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان , وقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من أربعة أقوال أرجحها الجواز , على أن يراعى حال المقبل , بحيث أنه إذا كان شاباً يخشى على نفسه أن يقع في الجماع الذي يفسد عليه صومه , امتنع من ذلك , وإلى هذا أشارت السيدة عائشة رضي الله عنها في الرواية الآتية عنها " .. وأيكم يملك إربه " بل قد روى ذلك عنها صريحاً , فقد أخرج الطحاوي ( 1 / 346 ) من طريق حريث بن عمرو عن الشعبي عن مسروق عنها قالت : ربما قبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وباشرني وهو صائم ! أما أنتم فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف . وحريث هذا أورده ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 263 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , بل جاء هذا مرفوعاً من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم يقوي بعضها بعضاً , بعضها عن عائشة نفسها , و يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " ولكن ينبغي أن يعلم أن ذكر الشيخ , ليس على سبيل التحديد بل التمثيل بما هو الغالب على الشيوخ من ضعف الشهوة , وإلا فالضابط في ذلك قوة الشهوة وضعفها , أو ضعف الإرادة وقوتها , وعلى هذا التفصيل نحمل الروايات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها , فإن بعضها صريح عنها في الجواز مطلقاً كحديثها هذا , لاسيما وقد خرج جواباً على سؤال عمرو بن ميمون لها في بعض الروايات . وقال : ( ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) وبعضها يدل على الجواز حتى للشاب , لقولها " وأنا صائمة " فقد توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرها ( 18 ) سنة , ومثله ما حدثت به عائشة بنت طلحة أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهو صائم , فقالت له عائشة ما منعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها ? فقال : أقبلها وأنا صائم ?! قالت : نعم .
أخرجه مالك ( 1 / 274 ) وعنه الطحاوي ( 1 / 327 ) بسند صحيح .
قال ابن حزم ( 6 / 211 ) : " عائشة بنت طلحة كانت أجمل نساء أهل زمانها , وكانت أيام عائشة هي وزوجها فتيين في عنفوان الحداثة " .
وهذا ومثله محمول على أنها كانت تأمن عليهما , ولهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 4 / 123 ) بعد أن ذكر هذا الحديث من طريق النسائي : " .. فقال : وأنا صائم , فقبلني " : " وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتأثر بالمباشرة والتقبيل لا للتفرقة بين الشاب والشيخ , لأن عائشة كانت شابة , نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فرق من فرق " .